بفشل مجلس النواب في عقد جلسته المؤجلة "المفتوحة"، يوم الثلاثاء 8 تموز، يكون قد اضاف ازمة جديدة، وهكذا بدلا من ان يسهم المجلس في إيجاد مخارج للازمات التي تدفع بالعراق الى المجهول، وكما توقع كل من يبحث بحلول دستورية، بدلا عن ذلك خلق وسيخلق تداعيات ستضيف اوجاعا اخرى وصراعات جديدة، سيبرع في اداراتها المتنفذون، الذين يسعون من كل ذلك الى تأمين مصالحهم الشخصية والفئوية، على حساب مصالح الشعب، والعراق الذي يتمزق تحت انظارهم ونتيجة لصراعاتهم الانانية. وليس من المعلوم ان يتمكن مجلس النواب بتامين جلسته في يوم 13 تموز وهو الموعد الجديد الذي عدله رئيس السن في البيان الذي صدر عنه، بعدما تراجع عن الموعد الذي اعلنه بنهاية شهر رمضان، اثر حملة اعتراضات مصحوبة بامتعاض من طريقة تعاطي النخبة المتنفذة في مصير العراق الذي يمر بلحظات خطيرة تهدد امنه وسيادته ووحدة ارضه وشعبه.
لقد بينت الوقائع ان النخبة المتنفذة لا تحترم التوقيتات والمواعيد والاتفاقات، وتعمقت ازمة الثقة في ما بينهم، ويبدو انهم لم يكترثوا للمسؤوليات التي وضعها ناخبوهم على كواهلهم، لذا فهم غير مبالين بالتوقيتات الدستورية لانتخاب الرئاسات الثلاث، رئيس مجلس النواب، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء.
واثبت ذلك عجز مجلس النواب في تأدية واجبه الدستوري المطلوب منه في الجلسة الأولى ما ولد خيبة امل كبيرة بقدرة المجلس في انجاز مهماته، وساهم بفتح اسئلة كبيرة عن الخطوة المناسبة والإجراء الملائم الذي يجب ان يتخذ في حالة تكرار تأجيل الجلسات، او عند عدم انجاز المهمة السياسية الاساسية له في انتخاب الرئاسات، سيما وان هناك فراغاً دستورياً لا يجيب عن هذه الثغرة، كما لا يوجد قانون يعالج هذه الحالة.
ازمة اخرى يفتحها علينا نظام المحاصصة الطائفية، وذلك باعتماده معيار الطائفية، حيث قسم الشعب العراقي على اساسها. ودفع بالبلاد الى المجهول. ورغم كل الخراب والمخاطر الذي خلفه ويخلفه النظام المذكور، مازالت النخبة الحاكمة تعيد انتاجه، وتمارس الحكم من خلاله، ونجح مهندسوه في حصر الوعي به، وكأن لا خيار غيره، ورسخوا خيارات التفاضل وحصروها بين كتلهم الطائفية، بين زعماء الطوائف، وكأن المحاصصة قدر لا مفر منه. وانجرَّ، مع بالغ الاسف، بعض العلمانيين والمدنيين، بينهم قيادات وكوادر مهمة، الى منطق المحاصصة ذاته، متناسين ان هناك اتجاهاً اخر، وان كان ضعيفا الان، لكنه الخيار الذي ينقذ بلدنا وشعبنا من هذا الدمار، اتجاه المواطنة، المساواة في الحقوق والواجبات، اتجاه الدولة المدنية الديمقراطية، الاتجاه الذي يؤمن الوحدة الوطنية، ويحقق المساواة بين العراقيين، ويحترم الحريات العامة والخاصة، ويوفر الضمانات، ولا يتجاوز على الحقوق. انه الاتجاه الـذي سيكون المستقبل له، شرط ان نعمل معا لاشاعة الامل ورفع الهمم، وذلك عبر وضع خطة عمل طموحة للخروج من الواقع البائس الذي نعيشه، والذي اوصلنا اليه نظام المحاصصة الطائفية.
مقالات اخرى للكاتب