يوم اعتقل صديقنا المرحوم والروائي محسن الخفاجي في سجن بوكا .
قررنا ( أنا وزيدان حمود وزكي عطا العزاوي وجواد ساهي ) زيارته في معتقله وقد أستأجرنا شابا مقيما في السويد من اهالي مدينة سوق الشيوخ كان لديه سيارة حديثة.
وكنا طوال الطريق نعيش خيال ليالي استوكهولم في حكايات السائق وتمنيت ان يسمعها محسن بدلا عنا لانها تنسجم تماما مع اخيلته الفنتازية ورومانسيات عالمه المفتوح الى الابد كسماء زرقاء.
يقع سجن بوكا في ضواحي مدينة ام قصر بأتجاه مدينة البصرة وقد اختاره الامريكان في ذات المكان الذي كان معسكرا لجنود الكركه الهنود ( السيخ ) الذين جاءوا كمقاتلين مع الانكليز في الاحتلال الأول .
تم اعتقال محسن بتهمة غامضة تحدث عنها بعدة اوجه ومبررات ، ويبقى اصل التهمة معه وحده وقد دفن سرها معه يوم اتته المنية بعد سكتة قلبية وهو قريب من جهاز الحاسوب يدون اخر احلامه عن تلك الاماني السريالية التي كانت تسكنه وهو في معتقله.
لم اتحدث عن مشاعرنا يوم التقيناه وكيف نحب جواد ساهي بكاءً وهو يشاهد محسن الوحيد من ابناء سلالات سومر معتقلا مع حشد لا يحصى من ابناء المنطقة الغربية .
لم يعانقنا ويتقدم صوب لهفتنا اليه ، بل سأل وهو على بعد متر عنا وقال :قبل السلام هل جلبتم سكائر.
انفرجت اساريره حين علم اننا جلبنا له ثلاثة كروصات سجائر ( فايسوري ).
تأمل فايسروي ثم ضحك وقال :سأنتصر عليهم في النهاية.
لا نعرف سر معركته مع الامريكان ، لانه ربما لم يرم طلقة واحدة في حياته ، ولكنه الآن في معتقلهم وسجينهم.
الآن استعيد مشاعر الوقوف في بوابة السجن قبل نقلنا بالباصات الى داخل السجن لمواجهة محسن حيث وقف مترجم قميء الوجه بلهجة خليجية ومعه اخر يمني وقال : الان انتم مجرد ارقام تخرجون وتدخلون برقم.
في تلك اللحظة شعرت ان الوصول الى محسن لابد أن يمر عبر بوابة الذل وتخيلت كم من الذل يعاني هو داخل معتقله.؟
وكل الذين معه في سجن بوكا لايعرفون انه من كتب تلك الاساطير الثلاث :
شارع الزواج في لكش ، طغراء مدينة القمر ، وقناع بورشيا.
مقالات اخرى للكاتب