من يتابع الاخبار اليومية يصاب بخيبة امل كبيرة,ولعل احد اعراض هذه الخيبة هو شعور المواطنين بان الاوضاع تزداد سوءا يوما بعد اخر.ومع كل محاولات التغيير والتظاهر فان هناك رغبة عند كثير من السياسيين ان يظل الوضع على ما هو عليه.وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة,وخطيرة في الوقت نفسه.وعلى الرغم من ان اكثر الشخصيات التي تشارك في حلم السلطة تتمتع بمزاج ديني الا انها لم تنجح في خلق مناخ انساني جديد يجعل الناس يؤمنون بالمستقبل على اقل تقدير.
العراقيون يعيشون باسلوب بدائي,ويتحملون كل ضغط الحياة وكأنهم ما زالوا في كهوف الزمن العتيق.فما معنى ان يحرم الانسان من الماء النظيف..؟ومن الكهرباء,ومن الصحة ومن التعليم الجيد.ومن الامان الذي يحفظ حياة الناس.
وما معنى ان يسرق البلد بشهوة لا تشبع دون محاسبة احد..؟وما معنى ضخامة الامتيازات لاعضاء مجلس النواب ورجال الحكومة,والبلد يعاني من ازمة مالية..؟ الاسلوب البدائي اهم منجز حققته لنا السياسة.وقبل ايام عرضت قناة “البغدادية” تقريرا عن منطقة القبلة في البصرة,ومعاناة الناس من مسطحات المياه الاسنة والثقيلة.تغرق المنطقة في مثل هذا الصيف ببحيرات صغيرة تعلوها طحالب,واسراب من البعوض في مشهد لا يمكن ان يصادفه احد حتى في افريقيا. القبلة واحدة من عشرات المناطق التي تشترك بالقدر نفسه من البؤس.هناك اخوة عراقية لتقاسم الهم والالم.فمن القبلة الى قرية “ال ملال” الى “الحسينية”الى “حي الكاطون”في بعقوبة تكتمل اللوحة التي تتشكل بالوان الموت الذي لا يحس به السياسيون,ولا يخطر على بالهم. اذن الحكومة نجحت في صناعة واحدة واجادت صنعها وهي:البؤس.والطريف ان لا احد من هذه الحكومة يشعر بتانيب الضمير.وهذا في رايي قمة البطولة.ان تكون بطلا يعني ان تتجاهل مصائب الناس وتنام مرتاح البال.هذه هي البطولة بمعناها العراقي الجديد.فمع ازدياد البؤس والحرمان يزداد اطمئنان سياسيو هذا البلد.صناعة البؤس لا تحتاج الا الى لصوص يعرفون كيف ينامون رغم صراخ الامهات والاطفال.
مقالات اخرى للكاتب