لا يزال البعض يعتقد ان القيادات الكوردية المتنفذة لا تزال تمتلك المشروع القومي الكوردي , الكفيل بالنهوض الحقيقي بفيدراليته الديمقراطية لتحقيق الحلم الكردي المشروع في دولته القومية , ويطالبون هؤلاء المتنفذين بضرورة لم شمل القوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية بقائمة انتخابية واحدة تستطيع ان تحصل على قوة مؤثرة في دورة البرلمان القادمة . وفاتهم ان المتنفذين الاكراد لا يختلفون عن المتنفذين الآخرين من الشيعة والسنة , وان قيادات الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني قد تجاوزت المشروع القومي الكوردي الذي نادت به في فترات النضال السابقة لاستلامهم السلطة , وحالهم حال حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى وباقي التنظيمات الشيعية الاخرى , التي رفعت راية مظلومية الشيعة سابقا واليوم ترفع راية الاستئثار بالمال والسلطة والجاه , وقد تبعتهم التنظيمات السنية التي نشأت عن تفسخ البعث ومعهم الحزب الاسلامي في الحصول على حصصهم , ما دام العراق اصبح شركة وليس وطن .
انتهت مرحلة المبادئ والشهداء , وجاءت مرحلة الاستئثار والتعويضات . القيادات المتنفذة الكردية والعربية انشغلت بإدارة مصالحها وتطوير امكانياتها المادية لتشكل طبقة رأسمالية تخضع باقي طبقات المجتمع لإرادتها . ومن هنا يتوضح التناغم السياسي بين هذه الاطراف التي تدعي الصراع لكي يشغلوا جماهيرهم به , فمن مصلحة القيادات الكوردية ان يهاجمها اسامة النجيفي , ومن مصلحتها ايضا ان يستمر المالكي في نهجه الذي يدعي فيه انه ضد الطمع الكردي ومحاولاته المتكررة لتظهير استقلال الاقليم على حساب وحدة المصلحة الوطنية . ومن مصلحة المالكي وباقي المتنفذين الشيعة ان يدعي البرزاني انه متعصب قوميا , والأحزاب السنية تبدي تعايشها مع القاعدة وباقي المنظمات الارهابية , وهي الوسيلة الوحيدة التي تقبل فيها جماهير كل الاطراف باستمرار استغلالها خوفا على حياتها .
المشكلة الاهم اليوم في الاقليم هو ما افرزته انتخابات الاقليم الاخيرة , وتراجع اليكيتي مما يستوجب اعادة تقسيم النفوذ . ويعتقد الكثيرون ان اليكيتي الذي استمر طيلة هذه السنوات بتقاسم النفوذ والإدارة التنفيذية مع البارتي , سواء بالنزاع المسلح الذي سمي ( اقتتال الاخوة ) واستمر لعدة سنوات , او بالتراضي الذي توج ب( الاتفاقية الإستراتيجية ) منذ سنوات ايضا , سوف لن يتمكن من التنازل لغريمه المنشق عنه ( التغيير ) برئاسة نوشيروان مصطفى . ولو حدث ان اتفق نوشيروان مع الطرفين على اسس ( ادارتهما ) المتمثلة بالاستئثار بميزانية الاقليم البالغة السبعة عشر في المائة من الميزانية العامة , واستجاب ايضا في الحصول على اقطاعيته التنفيذية , فستكون النتائج اكثر سلبية على مصلحة الجماهير الكردية اولا , وثانيا الجماهير العراقية التي تتطلع لنجاح تجربة الاقليم كي يؤمل منها انتشال بغداد من الدرك الذي سقطت فيه . وفي كلا الحالتين لا يعرف مصير الصراع الحالي الذي هو اهم من ( الصراع ) مع باقي الاطراف العراقية .
جميع القيادات العراقية المتنفذة تتوافق تماما على ابقاء العراق فاقدا للمشروع الوطني , وهو ما يضمن استمرارهم في السلطة , وهو ما يتناغم ايضا مع مشروع ( المحررين ) الامريكان الذين صدعوا رؤوسنا بالديمقراطية , ورغبة الجار الايراني الذي صدع رؤوسنا ايضا بوحدة المذهب والمصالح ( المشتركة ) . والجميع ابرياء من المشروع الوطني , والديمقراطية , ووحدة المذهب ,والمصلحة القومية , هذه القيادات وعرابيها من الامريكان والايرانيين , وعمليتهم السياسية ليست اكثر من سراب للمشروع الوطني , فعلام المطالبة والتعويل عليهم اذن ؟!
مقالات اخرى للكاتب