من المؤكد أن أغلب المهتمين من العراقيين بقضية تنظيم البصرة لبطولة خليجي 22 لم يستغربوا القرار الذي اتخذه رؤساء اتحادات دول الخليج، والأدق ملوك وأمراء وشيوخ دول الخليج الذين قرروا فيه سحب حق استضافة بطولة كأس الخليج العربي الثانية والعشرين من مدينة البصرة وإقامتها في جدة بالسعودية، فقد كانت " تباشير" القرار واضحة المعالم منذ عام، أو أكثر، لكننا على يقين تام أن جميع العراقيين استغربوا أن يُتخذ هذا القرار بالاجماع، أي باجماع رؤساء الاتحادات ومن ضمنهم ممثل العراق ناجح حمود رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم.
لن نتحدث هنا عن أن بعضنا كان يعول على موقف الكويت " الداعم جدا " لتنظيم هذه البطولة في البصرة مع أن جميعنا يتذكر التصريحات التي خرجت من بعض المسؤولين الكويتيين ومنها " نأتي الى البصرة زحفا" وغيرها من التصريحات الرنانة، تلك التصريحات التي سبقت انتخابات الاتحاد الآسيوي والتي كان فيها الكويت داعما ومروجا للمرشح البحريني سلمان آل خليفة على حساب المرشح الاماراتي يوسف السركال. ولن نتحدث هنا عن أن بعضنا كان يعول على موقف البحرين الذي دعمه العراق في تلك الانتخابات فنحن نعلم ايمانهم بالمثل العربي القائل: " أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب "، ومن المؤكد أن العراق هو الغريب في هذه المعادلة . ولن نتحدث عن موقف اليمن الذي لا حول له ولا قوة، ومثله عُمان، ولا عن موقف الامارات التي كان لابد لها من أن ترد الصفعة للعراق بعد الموقف غير المتوقع في الانتخابات الآسيوية بالرغم من مواقفها المعروفة اتجاه الكرة العراقية، ومن المؤكد أننا لن نتحدث عن موقف السعودية فهي خصم العراق وشعبه وكرته في الأحوال كلها. مَن تبقى إذن؟
لم يتبق الا صوت العراق، أو بالأدق، وكما أكد التصويت، لم يتبق الا صوت ناجح حمود، ويبدو أن هناك فرقا كبيرا بين صوت العراق وصوت ناجح حمود. لقد كان الفرق واضحا بعد اعلان القرار الذي أتخذ " بالاجماع " من طرف رؤساء الاتحادات ومن ضمنهم ناجح حمود، إذ أصدرت الحكومة العراقية ممثلة في وزارة الشباب بيانا أكدت فيه رفضها للقرار وزادت فيه قرارها بالانسحاب من هذه البطولة، وقد أكد هذا البيان التصريح الذي أصدره رئيس وزراء الحكومة العراقية والذي وصفه "بالمجحف بحق الشعب العراقي"، وكذلك عن رعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية العراقية. وفضلا عن الحكومة العراقية واللجنة الأولمبية فقد رفض الشارع العراقي، الرياضي منه وغير الرياضي، هذا القرار جملة وتفصيلا، وهو الأمر الذي يعني أن هناك فرقا كبيرا بين صوت العراق وصوت حمود الذي لم يصوت مع المصوتين بسحب حق استضافة البصرة لهذه البطولة حسب، بل خرج صوته رافضا بيان وزارة الشباب التي تمثل رأي الحكومة العراقية، بل وأكد على أن الاتحاد " لم يطرح فكرة الانسحاب ولم يفكر فيها مطلقا".
لم نستغرب مطلقا هذا الموقف من ناجح حمود، أي عدم طرح فكرة الانسحاب وعدم التفكير فيها، مثلما لم نستغرب مطلقا التصويت بالرفض ضد قرار رؤساء اتحادات دول الخليج بنقل البطولة من مدينة البصرة الى مدينة جدة، أو "تحفظه"، على أقل تقدير، لأن الذيول لا تفعل الا بما تأتمر من قبل أسيادها.
أما عن تصريحه " نحن مع الاجماع الخليجي والعربي " فذلك نكتة تافهة من جانبين، أولهما أن الخليجيين اتخذوا قرارا فيه من الاجحاف على العراق بشكل لا يحتمل، فكيف لمواطن عراقي أن يكون معهم، أما ثانيهما فان الخليجيين والعرب لم يقفوا قبل أيام قليلة مع العراق في اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم حينما أصدر قرار عدم رفع الحظر الكروي عن العراق. نحن نقول أن ذلك نكتة تافهة، أو أن ناجح حمود لا زال يؤمن بشعار : أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.