احيانا نذهب الى مكان محدد فنكتشف شيئا كان غائبا عنا,او نعيش شعورا جديدا لو لم نذهب الى ذلك المكان.وقد حدث شخصيا معي هذا الشيء.اذ لم اكن اتوقع اني ساعثر على هذه الكلمات التي اكتبها الان.فالدورة التي اقامتها التجهيزات كانت دورة تعليمية خاصة بالحاصدات الزراعية,وبالتحديد الحاصدة الهولندية.ولاني فضولي جدا فقد قررت ان احضر الى الدورة مطبقا مبدئي الذي اؤمن به جدا وهو:اذهب حتى اقرب نقطة من الجحيم وتفحص المكان لكن لا تحاول الدخول الى الجحيم.
كان محاضر الدورة مهندس شاب احب تعقيد المكننة الزراعية اسمه “عبد الله”.شاب طموح يشرح بتفصيل مبسط الية عمل الحاصدة التي تقوم بخطوات معقدة للغاية اثناء الحصاد.فهناك مثلا وحدة تسمى وحدة القطع,وهناك وحدة الدياسة التي تتكون من اصابع ضم مدببة.كما ان سكين الحاصدة تتالف من جزئين ثابت ومتحرك يعملان عمل ماكنة الحلاقة العادية. اغرب ما في الحاصدة هو العمليات الداخلية التي تنظف الحبوب,وتطرد القش الى الخارج.وعند مشاهدة حقل كبير ممتليء بسنابل الحنطة سنعرف دور الحاصدة وبطولتها التقنية في الاتيان على كل السنابل بدقة وتنظيم. حين كنت اشاهد – في التقارير- الحقول وهي ترضخ للمرواح اللاقط السداسي الشكل الذي يدور قاطعا بساط السنبل برشاقة كنت اشعر ان في السياسة يحدث الشيء نفسه.مثلا هذا التنظيم المعقد لعملية الحصاد في اي حقل يشبه السرقات او العمولات او الصفقات التي تعقد ثم لا نعرف كيف انتهى المشروع الى التوقف دون معرفة المتسببين في حالات الفساد او التلكؤ.حصاد سياسي فاسد ومعقد لا نعرف كيف نحاربه لان المفسدين يختفون بسهولة وخفة. كنت اتمنى لو اني اعرف كيف “افصخ” وعي السياسيين عندنا واصل الى قطع غيار عقولهم كما يفعل صديقي المهندس عبد الله مع الحاصدة الهولندية..ولو عرفت نوعية قطع غيار عقول بعضهم لعرفنا كيف نتعامل معهم,او كيف نواجههم.
تشابه كبير بين الحاصدة واي سياسي فاسد.فالماكنة الهولندية شديدة التعقيد وتقوم بمهام في دقة متناهية.والسياسي ايضا يعمل بدقة ويخطط ويسرق خيرات كل حقولنا بقوة غير متناهية.انه جسد مزود بعنف المادة الصلبة..باختصار انه حديدي الملمس.
مقالات اخرى للكاتب