منذ أكثر من ستة أشهر والتظاهرات الشعبية تتواصل مطالبة بإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والخدمية للبلد وكشف الفاسدين وسراق المال العام ونهابي ثروات الوطن من السياسيين والمسؤولين وأبنائهم ومقربيهم ومحاسبتهم عن جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب والوطن لكن الحكومة الحالية كسابقتها راهنت على الوقت حتى يخبو صوت المتظاهرين فتركتهم يتظاهرون كل جمعة دون أن تحقق أياٌ من مطالبهم ودون أن تتخذ خطوات جادة للإصلاح ومحاسبة الفاسدين من السياسيين وتقديمهم للعدالة كما مارست التسويف والمراوغة والوعود الكاذبة من أنها ستقوم بإصلاحاتها الموعودة قريباٌ لكن أي إصلاح حقيقي لم يتحقق وأي حقوق للشعب لم تستحصل وأية مطالب لم تنفذ وفعلاٌ كسبت الحكومة الرهان على الوقت حيث بدأت التظاهرات تفقد زخمها وتقل أعداد المشاركين فيها خصوصاٌ بعد الاعتداءات المتكررة على المتظاهرين وآخرها ما تعرض له متظاهرو الناصرية من اعتداءات بالإضافة الى التهديدات التي تعرض لها الناشطون في التظاهرات وعمليات الاعتقال والخطف التي طالت رموزهم ،لكن تظاهرات جامعة المثنى والتظاهرة الكبيرة التي قادها السيد مقتدى الصدر بعثت الحياة من جديد في التظاهرات وزادتها زخماٌ وقوةٌ وتصميماٌ على المطالبة بالإصلاحات الحقيقية ومحاسبة الفاسدين وسراق المال العام وتزامنت هذه التظاهرات مع إعلان السيد العبادي نيته تشكيل حكومة تكنوقراط تحقق الإصلاحات المطلوبة وتعالج مشاكل البلد المتفاقمة، وبدأنا نسمع دعوات من جميع الكتل تؤيد الإصلاح وتريد تحقيقه وكأن سبب الفساد والفشل وسوء الخدمات والسرقات الكبرى لأموال الشعب والنهب المستمر لثروات الوطن ليست هذه الكتل التي استحوذت على كل المناصب في الدولة والحكومة طوال الثلاثة عشر عاما الماضية وكأن السراق والمفسدون والخونة الذين دمروا البلاد والعباد ليسوا هؤلاء السياسيين وأحزابهم التي استأثرت بالسلطة والنفوذ وتقاسم المناصب والمكاسب والغنائم فسرقت كل أموال العراق وأسست لها إمبراطوريات اقتصادية وشركات كبرى في العديد من دول العالم وأرصدة مالية بملايين الدولارات لكل السياسيين وعوائلهم وضعت في بنوك العواصم المختلفة وعقارات تقدر أثمانها بملايين الدولارات اشتراها هؤلاء السياسيون وعوائلهم في لندن ودبي وبيروت وأمريكا ، فدعوة الكتل السياسية والسياسيين للإصلاح هي نكته حقيقية ،إصلاح من وممن ؟ ومن يصلح من؟ هل السياسي الفاسد والفاشل والسارق والمرتشي هو المصلح وهو الذي يتولى عملية الإصلاح ؟ وهذا السياسي الفاسد والسارق والفاشل والخائن يصلح من ؟ يصلح نفسه أو حزبه أو كتلته ؟ أو يصلح أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والمالية والخدمية والأمنية التي دمرها هو وحزبه وكتلته ؟ إن عملية الإصلاح إذا صدقت النوايا يجب أن تبدأ بإبعاد كل السياسيين الحاليين والسابقين وأحزابهم وكتلهم عن العملية السياسية وعن جميع المناصب في الدولة والحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية من الكفاءات الوطنية العراقية المتخصصة والمهنية ذات الخبرة والتجربة والاهم من ذلك المخلصة والأمينة والنزيهة ولا مكان لأي حزب سياسي من الأحزاب التي دمرت البلاد ولا مكان لأي سياسي حتى وان كان تكنوقراط فيها وتحدد لهذه الحكومة فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات تعمل خلالها على وضع خطط أنية ومستقبلية لمعالجة الأوضاع المتردية للبلد في كل الجوانب السياسية وخصوصاٌ إعادة النظر في الدستور بل كتابة دستور جديد وتعديل قوانين الأحزاب والانتخابات ومعالجة الجوانب الاقتصادية والمالية والعلمية والتعليمية والصحية والخدمية والصناعية والزراعية والثقافية وحتى الفنية والرياضية ووضع الحلول الكفيلة بتجاوزها كما تعمل على تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة التعايش السلمي بين فئات الشعب المختلفة وتحقق الأمن والأمان للشعب الذي اكتوى بنيران الحروب والمعارك وجرائم الميليشيات والعصابات والقضاء على الفقر ومحاربة الأمية ومعالجة ظاهرة البطالة وتوزيع موارد الدولة يشكل عادل على كل فئات الشعب وتفعيل قوانين جديدة للرعاية الاجتماعية والصحية وإعادة جميع النازحين والمهجرين داخل وخارج الوطن بسبب المعارك أو لأسباب سياسية وإلغاء قوانين الاجتثاث والإقصاء والعقوبات الجماعية وإطلاق سراح المعتقلين دون أوامر قضائية وإصلاح القضاء ومنع تسييسه ، وبغير ذلك فلا إصلاحات حقيقية إنما مناورات سياسية لإلهاء الشعب ومحاولة إسكاته وعدم تنفيذ مطالبه وإعطائه حقوقه ، مناورة تبقي الأحزاب والكتل السياسية ووجوهها الكالحة في مناصبها ومسؤولياتها في الدولة والحكومة
مقالات اخرى للكاتب