يشيع في معظم الاحيان عند الكثيرين استخدام لفظ التطرف للدلالة على الارهاب واطلاق المتطرفين على الارهابيين . رغم ما بين هذين المصطلحين من فارق كبير في المدى , الامر الذي يستلزم توضيح العلاقة بين المفهومين ورسم الحدود الفاصلة بينهما , ذلك لان طرق علاج الارهاب والتعامل معه تختلف بلا شك عن طريق محاربة التطرف , وعلى هذا الاساس سوف نحاول تحديد مفهوم التطرف وعلاقته بالارهاب , اذن فما المقصود بالتطرف ؟ وما حدود العلاقة بينه وبين الارهاب ؟
اولا : مفهوم التطرف
1- التطرف في اللغة والاصطلاح :
التطرف في اللغة :هو الوقوف في الطرف عكس التوسط والاعتدال ومن ثم فقد يقصد به التسيب او المغالاة , وان شاع استخدامه في المغالاة و الافراط فقط , والتطرف كذلك يعني الغلو وهو ارتفاع الشيء ومجاوزة الحد فيه , وفي المصباح المنير : غلا في الدين غلواً من باب تعد اي تعصب وتشتت حتى جاوز الحد ,فالتطرف هو الميل عن المقصد الذي هو الطريق الميسر للسلوك فيه , والمتطرف هو الذي يميل الى احد الطرفين :1) –التطرف في الاصطلاح : يرتبط بافكار عديدة عن ما هو متعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون ان ترتبط تلك المعتقدات بسلوكيات مادية متطرفة او عنيفة في مواجهة المجتمع او الدولة
2) – يرى البعض ان التطرف يحمل في جوهرهِ حركة في اتجاه القاعدة الاجتماعية او القانونية او الأخلاقية , يتجاوز مداها (أي الحركة ) الحدود التي وصلت اليها القاعدة وارتضاها المجتمع .
3) – على هذا الاساس فان التطرف هو مجموعة من المعتقدات والأفكار التي تتجاوز المتفق عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا فالتطرف هو دائما يكون مرتبطا بما هو فكري بالأساس .
2 – خصائص التطرف :
تتعدد خصائص التطرف لتشمل كل تصرف يخرج عن حد الاعتدال وذلك في كافة صور السلوك ومنها :
تعصب المتطرفين لرأي بحيث لا يتم السماح للاخرين بمجرد إبداء الرأي , أي الايمان الراسخ بأنهم على صواب والآخرين في ضلال عن الحقيقة لأنهم وحدهم على حق والآخرون في متاهات وضلال .
العنف في التعامل والخشونة والغلظة في الدعوة والشذوذ في المظهر .
النظرة التشاؤمية والتقليل من أعمال الآخرين والاستهتار بها .
الاندفاع وعدم ضبط النفس .
الخروج عن القصد الحسن والتسيير المعتدل .
ثانياً : الفرق بين الإرهاب والتطرف
ان التفريق بين الإرهاب والتطرف هو مسألة جد شائكة , وذلك لشيوع التطرف والإرهاب كوجهين لعملة واحدة , ومع ذلك متفرقة ضرورية , ويمكن رسم أوجه الاختلاف بينهما من خلال النقاط التالية :
التطرف يرتبط بالفكر والإرهاب يرتبط بالفعل كيف ذلك ؟
ان التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون ان ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع او الدولة , فالتطرف دائما في دائرة الفكر اما عندما يتحول الفكر المتطرف الى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات او الممتلكات او الأرواح او تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول إلى إرهاب .
التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبر جريمة بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون , فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة والقانونية ومن ثم يصعب تجريمه , فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الاخير لا يعاقب على النوايا والأفكار ,في حين ان السلوك الارهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ون ثم يتم تجريمه .
يختلف التطرف عن الإرهاب أيضا من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر , تكون وسيلة علاجه هو الفكر والحوار اما اذا تحول التطرف الى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر الى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة واسلوبها . اذن من خلال هذه الميزات بين الإرهاب والتطرف تطرح الأسئلة التالية :
هل التطرف هو دائماَ مقدمة حتمية للإرهاب ؟ الا يمكن لشخص ان يتطرف في فكرة دونما اللجوء الى العنف لتطبيق أفكاره على ارض الواقع ؟ ومن جهة اخرى الا توجد مجموعة من الاشخاص يمارسون الارهاب مقابل المال فقط ولا يرتبطون باي منظومة فكرية ؟
ان محاولة الاجابة عن هذه الاسئلة سوف توضح لنا بجلاء بان التطرف يمكن ان يكون احد اسباب الارهاب وليس هو الإرهاب نفسه .
مقالات اخرى للكاتب