سبق ان كتبت مقالاً في جريدة الزمان العدد 5381 في 31 آذار 2016 بعنوان حكومة نص حية ونص جرية إشارةً الى حكومة النص تكنوقراط التي اقترحها أحد السياسيين أوضحت فيه معنى هذا الحيوان النهري وهو من فئة الأسماك والذي يتكون من نصفين نصف يشبه سمك الجري ونصفه الآخر يشبه حية وهذا الحيوان النهري يشبه في التوصيف هيئة الإعلام والاتصالات في بلدنا وهي هيئة من الهيئات المستقلة ولكنها كباقي أخواتها من الهيئات ليست مستقلة لان مناصبها ومسؤولياتها موزعة بطريقة المحاصصة الحزبية والطائفية شأنها شأن كل وزارات ومؤسسات الدولة التي بنيت على هذه الأساس المدمر وما رافقه من اخفاقات وأخطاء كبيرة بل كوارث وفساد وإفساد وسرقات لأموال الشعب ولثروات الوطن وهدر كبير لموارد الدولة وإمكانياتها المادية والبشرية أدى الى تخلف بلدنا في جميع الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والخدمية والتعليمية والصحية بالإضافة الى التدهور الأمني والعسكري وما نتج عن ذلك من احتلال داعش لثلث مساحة العراق ونزوح أكثر من أربعة ملايين عراقي عن مدنهم وارتكاب داعش لأبشع جرائم القتل والإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب العراقي واستفحال جرائم الإرهاب والعصابات المسلحة والسبب في هذا كله هو تبؤ أشخاص غير مهنيـــين وغير متخصصين وليسوا من أصحاب التجربة والخبرة ومن مزورين الشهادات للمناصب الوزارية والمناصب العليا والمهمة في الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية فكان اللي كان.
ونعود الى عنوان موضوعنا فهيئة الإعلام والاتصالات تجمع بين اختصاصين لا رابط علمي وعملي حقيقي بينهما صحيح إن الإعلام له علاقة بالاتصالات لأن الاتصالات هي من توصل الإعلام الى المتلقين في بعض الحالات وكما للعلوم المختلفة علاقة مع بعضها في بعض الجوانب لكنها تختلف معها في حيثيات عملها ونظرياتها وفنونها ونتائج أبحاثها فما الرابط بين الإعلام والاتصالات في العمل المهني وفي التخصص وحتى العمل الوظيفي حتى يتم تشكيل هيئة مستقلة للإعلام والاتصالات فالإعلام له أدواته ووسائله وله أنواعه كالإعلام المقروء والمسموع والمرئي ولكل نوع إعلاميين مختصين فيه وعاملين متخصصين به كاختصاص ومهنة وهناك متخصصون بأدوات الإعلام ووسائله أما الاتصالات فهو علم قائم بذاته له نظرياته وأبحاثه وفنونه ووسائله وقد شهد في العقود الأخيرة تطوراً كبيراً بل قفزات كبيرة بعد دخول الأقمار الاصطناعية والرادارات الحديثة وشبكات ووسائل الاتصالات المتطورة السلكية واللاسلكية ووسائل اختراق الاتصالات أو الحماية من الاختراق وغيرها من العلوم التي تدخل في عالم الاتصالات الواسع فما الرابط بين الاثنين في العراق حتى يتم تشكيل هيئة الإعلام والاتصالات وعندنا وزارة خاصة للاتصالات الأولى أن تأخذ على عاتقها كل ما يتعلق بالاتصالات في البلد بضمنها شبكات وشركات الاتصالات الخاصة التي تعمل من خارج العراق والتي تهيمن على كل ما يتعلق بالاتصالات في البلد بضمنها اتصالات الدولة ومؤسساتها في مخالفة صريحة وخرق لأمن المعلومات والاتصالات للدولة العراقية فما الضير من ربط هيئة الإعلام والاتصالات بوزارة الاتصالات وتكون إحدى مديرياتها بدل من هذا المؤســـــــسة غير المتجانسة وظيفياً وعملياً أو ربط ما يخص الإعلام بوزارة الثـــــــقافة وربط الاتصالات بوزارة الاتصالات وفي هاتين الوزارتين من الكوادر والإمكانيات المتخصصة في هاذين المجالين مما يمكنهما من العمل المهني والعلمي فما الداعي لهذه الهيئة وفيها رئيس هيئة وأمناء عامون ومدراء وموظفين وحمايات وموظفي خدمة وسكرتاريات وعجلات ومقرات وأبنية عديدة وغير ذلك من الإمكانيات التي تعادل وزارة إن لم تكن تفوقها أليس هذا هدراً كبيراً لموارد الدولة وأموالها ؟
وما الداعي لهيئة (نص حية ونص جرية) نص إعلام ونص اتصالات وعندنا وزارات لها نفس التخصص ولها القدرة على إدارة هذين المجالين بكفاءة ومهنية واقتصاد بالإمكانيات والموارد المالية والبشرية والاهم من ذلك الحفاظ على أمن اتصالاتنا وأمننا القومي وكفانا هدراً لأموال العراق وموارده انه مجرد اقتراح نضعه أمام السيد رئيس الوزراء ما دام قد باشر بعملية دمج بعض الوزارات ذات الاختصاص المتشابه ثم أليست هذه الهيئة باباً من أبواب الفساد المالي والإداري للدولة العراقية فكم يكلف رئيس الهيئة و الأمناء العامون والموظفين والحمايات وموصفو الخدمة من رواتب ومخصصات ؟ وما هي صرفيات المؤتمرات والايفادات وصرفيات العجلات والأجهزة وصيانتها وصرفيات والوقود والضيافة لهذه الهيئة ؟ وكيف تجري عمليات منح الرخص لشركات الهاتف النقال ومنح الترددات للقنوات الفضائية ؟ وكيف تجري عملية أمن الاتصالات لوزارات الدولة ومؤسساتها ومن المسؤول عن ذلك ؟
ان ربط هذه الهيئة بوزارة الاتصالات وما يخص الإعلام بوزارة الثقافة يوافـــــــق توجهات الدولة في تقليص الوزارات والهيــئات ودمجها وسيضع الحلول لمـــــــشاكل هذه الهيئة وشبهات الفساد فيها وينهي الهدر الكبير لأموال وموارد البلد والاهم من ذلك هو حماية أمن الاتصالات لوزارات الدولة ومؤسساتها التي هي الآن ومخترقة من قبل دول الجوار التي تتخذها شركات الهاتف النقال مقرات لشركاتها ومن قبل شركات الهاتف النقال نفسها ووضع اتصالات البلد والترددات وأطيافها وأجواء العراق تحت مسؤولية وزارة من وزارات الدولة عندها سنقضي على كل هذه السلبيات والخروقات الأمنية لأهم مفصل من مفاصل الدولة وهو الاتصالات ونقلل الهدر الكبير في موارد وأموال الدولة.
مقالات اخرى للكاتب