أن الامة العربية، تعيش واقعاً مهزوزاً غير مدركة للمتغيرات.
التي عصفت بالمنطقة العربية، وكنست بعض رموز الردة من حكامها الشموليين, الذين آثروا الصمت تجاه القمع، والقهر، والجوع، وفقدان الحرية والعدالة للمجتمع العربي وما انفك يعيش حالة من الفوات، يتخبط واقعها بعشوائية، من غير يقين بما ينتظره في الآتي من الايام.
في ظل صراع مقيت، ونزاع طائفي مبلل بالتشنجات الدينية، مهتريئاً، مزرياً مهنياً، مستباحاً، عاجزاً، متخاذلاً، مؤلماً، تخيم عليه سحب الحزن والآسى، ينتابه غم عميق، وقلق محيق، ومزيداً من الضعف والغبن، والهوان، يموج بأحزاب كثيرة متنوعة الافكار في خضم صراع سياسي يتعرض لهجمة شرسة، وحرب ضروس، تشكل هزيمة شنعاء له، وآقامة هزات دينية في أرضية خصبة قابلة مآذونة للآشتعال، من غير الدواء والداء..
فأبصرت هذه الرموز بعيون شاخصة لهذا الواقع العربي كفيف الرؤية ضرير الاستبصار للغد الذي لم يرقه غير التخلف في بعض جنباته المصابة بأمراض معدية في عدواها، لتصيب شخوصه بالدرن السياسي.
والفكر المرضي، فتراءئ لي جابآنه واقع مجزاً شديد الخطورة.
في مجتمع مركوب طائفياً من شعوب تنصهر برغبات جامحة في توارث اجتماعي جلاله وقداسه لا يجرؤ احد على تفكيكها، في أمة تمتلك جميع عناصر القوة في تمكنها من التحكم في مصائرها.
بحيث تصبح أحد مراكز الاستقطاب الرئيسية في السياسة الدولية، غير انها مبعثرة في تضاريس جغرافية ذات تاريخ مشترك، وآرث حضاري متوج بالمعرفة، والبعد الانساني، ونجد مع ذلك ترهلاً وسلبية وفشلاً يميز سياساتها، وواقعها العربي تسوده الحروب، وتنخره الضغوطات الخارجية، من خلال تقطيع اوصاله، وتمزيق نسيجه الاجتماعي في ما يجري فيها من تأمر رخيص موبوء بطواعين مرضية ذهب ضحيتها خلق عظيم في نزاع وصراع توسعت رفقته لينفك بعدم الاستقرار في بلدان العالم العربي، ليواجه أزمة مؤامرة، أكبر من ان يفك عقدها العقل العربي بعلامات فارقة، في مفترق طريق غير موصل بالعقول المدركة، لما ينتهي اليه هذا الواقع.
فالمؤامرة، اكبر من يتحمل نظرياتها العقل السياسي المعروف عنه، بعسف حكامه، وعدم ادراكها مفاهيم السياسة ومصطلحاتها وتغيراتها، وأن سياسييه ذوي عقول نتنة عفنة لا تجيد قراءة لعبة الدومينو السياسية، التي تتساقط رقعها واحجارها تباعاً.
أن الواقع العراقي، كجزء من واقع الامة، لا يزال قادراً على الأخصاب والأنجاب في لحظة تاريخية، يقاوم شراسة عوامل التفتت، التي يمر بها حتى لحظة لم تستطع ان تجهض الوعي الوحدوي لشعب، مازال يعيش اجواء التاريخ، ويغظ في نوم عميق تحت ظلال الماضي المقدس، يستعيد ذاكرته المأزومة بعوامل ضعف، ويأس، وآحباط، مدغوماً بأفتراءات بعض من مؤرخي التاريخ دون ان تكون صفحاته تنبري بدحض الاخطاء والاقوال المأثورة السمجة، التي لا بتقوى الراشد السياسي على مواجهتها..
فكيف بالعقل السياسي المخترق بالجهل والخرق، والتمارض بممارسة التنظير في اجواء مشحونة سياسياً وطائفياً، واجتماعياً، وبمناكفات سياسية بتقاعس عربي، وفرقة عربية، يفتح الباب واسعاً أمام خطر المداهمات المذهبية التي يعاني منها المجتمع العربي المعاصر، ومن شتم، ورجم في شرفه المهان، والمهدور يحاول أحترام النار في نفسه لعدم القدرة على الأضطلاع بأعباء المرحلة، وخضوعه لعملية التسمم الفكري والسياسي التي تعيشها المنطقة في أطار تغلب فيه الأمية، والجالة السياسية، وتسوده المزايدات في محاولة أجهاض حالة النهوض القومي العربي والحضاري، فكانت النزاعات والمشاحنات العربية في الماضي، يمكن الحد من أتساعها، والوقوف على حالة من اليقظة العربية واثبتت الأحداث، والآيام تجاوزها في اي تهديد يتعرض له أي عربي بعينه، يشكل حالة مقلقة للاقطار العربية الأخرى، وذلك بحكم الاتصال المكاني والتشابك والتعانق الروحي في تجمع الصف العربي، التي فرضتها المصالح المشتركة، بعناصرها الجغرافية، والتاريخية، والدينية واللغة، والدم بترابط من خلال الاحداث والآزمات التي يشهدها الواقع العربي.
مما يساعد في حل المشاكل، والوقوف مع البلد المهدد في حالات الاستيقاظ القومي، اما في حواضرنا وبعد التغييرات، التي شهدتها المنطقة العربي، المخنوقة بالمآسي، والانغلاق على النفس، من غير التفكير لما يحصل لبلد عربي آخر من آمة او الاعتلال بحادثة، يتدثر بالاحزان، والاضطرابات ينهكه التمزق، ويعج بتيارات اسلامية اصولية راديكالية في الغلو الديني وبخطاب متشدد يجتاح البلد ليفيق على افكار فقهاء اسلاميين من قرون منصرمة تصدع صدغ الجماهير وتعرض البلد الى اصوليات دينية منغلقة مؤمنة بالحقيقة المطلقة، تحترس من سطوتها على مقدرات الدولة بسلطة دينية في الحكم في متاجرة في الدين من خلال الخلط بالسياسة، والشرنقة حول آراء مغلقة، لا يمكن للوسطية فيها أن تجد مكاناً لها مع الآخر في جدلية المناظرة الفكرية، في حوار هادئ يقود الغير الى الابتعاد عن مقارعة الاصوليات في غلوها وسقوطها في متاهات التضليل الديني وهذا يتعارض بما جاء به الاسلام من سماحة وعدل، وخلق عظيم مما جعل كل قطر عربي يجابه الخطر الداهم الذي يهدد مصيره بمعزل عن الآخر وبمقاومة التشققات في جداره الداخلي بالترقيع لمنع الأزمات الخانقة التي قد تدفع به الى الهاوية، والوقوف بوجه الجماهير المحتشمدة فكرياً في اسقاط هذا البلد او الحاكم المبلول بالقهر الانساني وايقاف نزف قدراته، وامكاناته التعبوية، والسوقية في مجتمع تخنقه الأمية، والجهل الاعمى في الكثير من قواعده الفاقدة البصيرة والتبصر في سياسة تغيير في خارطته السياسية..
وهنا يبدأ الانقسام العربي الذي روج له الاحتلال الامريكي للعراق تعرض الى هدم مرتكزاته الاسياسية للدولة العراقية، وان هذا الغزو قد أمتد لهيبه ليحرق ارجاء الوطن العربي، فأنطلقت شرارة الثورة في بلدان المنطقة العربية فأشعل لهيباً حارقاً، استوقد نارها الواقع العربي الذي يعاني من اهتراء ومعاناة من سياسات حكامه، التي لم تع بأن الليل له آخر..
ووجدت الجماهير العربية نفسها وسط الازمة المشتعلة والتي طال نارها الكثير من ابناء طوائف المجتمع العربي، فحدث التغيير في العقل الجماهيري، التواق للثورة العربية لمقارعة سلطة شمولية مبشرة بالتفكيك النهائي لإرث معاهدة سايكس- بيكو، فالذي كان لم يكن ربيعاً عربياً بمفهومه السياسي العربي بقدر ما هو مأخوذ من مصطلح اطلق سابقاً على احداث بودالبست، وجيكوسلفاكيا، التي سميت بريع المجر، واطلق الغرب على هذه الانتفاضات في تحولاتها التاريخية بالربيع العربي تمنناً بتلك الاحداث التي صاحبتها القوة المفرطة، التي انتهت بعسكر الاتحاد السوفيتي، وليس العرب لهم شأن بهذه التسمية على ما حصل من تغيير في بعض بلدان المنطقة العربية ابتداءً في ما حصل في تونس.
فالتغيير الربيعي، قد أعطى فرصة تاريخية للجماهير للانطلاق من قاع المجتمع العربي لبناء دولة المواطنة والعدالة والحرية بنهوض قومي، بوجه قيادات شاخت على واقعها المرير في زمن يرفض حرسه القديم، المؤمن بآفكار باليه، لم تجد نفسها وسط محطات حضارية، قابلة للمواءمة مع المتغيرات، والحداثة في الفكر، فقدت القدرة على ازاحت المعوقات من طريق يشهد تحولاً جذرياً، يلزمه بالعودة لصياغة افكاراً تتواءم والضرورات الملحة في آباحة المحضورات في التواصل العربي بشريعة تؤمن بقيادات عربية، تسمو فوق الجراح في خلافاتها لمواجهة المنظور من التراكمات والترسبات السياسية الفجة والتفكير معاً، بوضع لمسات جادة تستطيع محاربة هذا الزخم من عتف دموي، متوحش، لا يرعوي، متمثلاً بتطرف اسلامي، يأخذ في الأتساع في رقعته الجغرافية، ويمتد افقياً زاحفاً نحو اسقاط مدن عربية وحواري قوته بالدعة والطمأنينه، بشكل مخيف في واقع وجد نفسه اسيراً، لا يعبر عن تقاليد سياسية عريقة لامة العرب، التي تميزت بوضوح تاريخي، في مختلف عصور النهضة والازهار والتطور، ونسيان المغوصات والتنهيدات لتحديات مصيرية..
وهنا نتساءل عن دور الحكام العرب في تجاوز قدرتها في صادمة حادة مع جماهير التغيير، في سقوطها الدراماتيكي لتوهم نفسها، أن خطر داهم يحيق بها أنما مآله الزوال؟
هل الاضطرابات والازمات القاتلة التي تمر في الوطن العربي يمكن تجاوزها بالقمع وتصفيه رموزها او الحد منها؟
عوامل السيطرة
هناك اعتقاد ثابت بعدم امتلاك هذه السلطة عوامل السيطرة على تلك الموجة الحارة، بهبوب رياح عاتية تجتاح واقعاً مصاباً بدوامة فكرية، وأوبئة سياسية، وأوبال اجتماعية ودينية وخراب يعصف بالمجتمع العربي بشكل ساخن، وعنيف أجج المنطقة بحرق طائفي، وبتوتر أرهابي، يتسلل إلى عمق الواقع المسكون بالدمار في ظاهرة غير مسبوقة، جراء التغيير الحاصل في مناطق ساخنة شملت ثورة الجماهير، أفرزت سلوكيات شائنة ذات طابع متطرف متشدد بالطروحات الدينية في غلومبني على افكار واجتهادات قديمة لرجال لهم مكانتهم الدينية والفقهية في التشريع في عصر يواجه الردة من البعض.
وبعقلية تستجيب للتخلف، وتستمتع بالجهل.
ولعل أخطر التحديات التي تواجه الوطن العربي في وضعه الحالي، التحدي الأسرائيلي، والارهاب في مسوغ فاعل في ارضية خصبة قابلة للاحتواء والحضانة من خلال التعاون الامريكي الغربي، في صياغة موجات العنف الدموي الديني وبلورتها للقيام بعمل تخريبي تقوده امريكا بسيناريو يهودي فاضح والمستكن بمجال حيوي لاستنوافه مادياً، ونفسياً، وعسكرياً مما يسهل لها التدخل في شؤونه الداخلية لخلق قيادات هشة، لا تفقه من علم السياسة غريبها خدمة لاغراض الطاغوت الامريكي الجاثم على صدر هذا الواقع المعين بالأحداث، مرافقاً تحدي اقليمي آخر كهذا، له يهدفان معاً الى تجزئة الاوطان العربية وتحويلها الى جزيئات هزيلة، تحكمها النعرات الطائفية، بتخطيط اسرائيلي ينشد الى تقسيم المنطقة العربية وتشذيها بسيناريوهات عديدة لتطبيق ما يلائم الستراتيجية العدائية للامة العربية في تحطيم أركان البيت العربي، وتفريغه من عناصر قوته، ومقاومته لمشاريعها، واسقاط نظرية الانبعاث العربي في اقامة دولة العرب التي تطمح اليها، الجماهير، وتسويرها بأنظمة عبثية مترهلة، متخلفة، غير واعية لما حولها، ساهية لا تقرأ الأحداث بأسترخاء عقلي. لمعرفة ما يحاك لها من مؤامرات، بتعالي على سطوح الجماهير التي فقدت الكثير من بشائر النصر، الذي لاح لها بعد التغيير بمحاربة بعضها البعض في قصور فكري ورؤية قصيرة النظر لا تجيد استقراء التاريخ في حاضره، الذي شهد تفسخاً لأنظمة فقدت القدرة على احتواء الجماهير، بمنظار الخلوة الى النفس لأستبصار العداء ضد وجودها، واسقاطها في وحول الهزيمة والاستسلام، تليها طبقة وصولية من الأعوان، أو الفئة المختارة التي تحيط بالحاكم في تقديم النصيحة والمشورة ارضاءً له، ثم وعاظ السلاطين الداعمة لاخطاء الحاكم وفشله في الكثير من القرارات المهمة التي تمس الجماهير، والتي لا زالت تميز السياسة العربية في عدم القدرة على قراءة ما وراء الابواب المغلقة، في واقع منخور، تغذيه ثقافات غربية مؤثرة بشكل سلبي على عقليات الشباب العربي، القابع في رحم المعاناة تفتيت مقومات المجتمع وفكره كأحد دائم هذا الغزو في طرح بعض من نخبه الثقافية المتأثرة بتلك الثقافات بما تحمله من بصمات التخلف العقلي، تشويه السلبيات لتشويه هذا المجتمع وتاريخه الانساني في أبهى صوره، واجهاض كل ما قدمه الفكر العربي للأنسانية، خلال قرون مضت..
فكان القدح المعلى لكل اوربا التي كانت تعيش في دياجير الظلام لقرون غابرة، وهذا لا يجعلنا نتناسى ما قدمته لنا اوربا في عصور من الزمن السالف من سحر الفلسفة ونورها الوهاج والمعرفة العلمية والثقافية وعلوم آخرى اضاءت العقل العربي في بعض جهله بهذه العلوم بعد أن تم تشذيها.
والأخذ ما يوائم الفكر الانساني واحتياجاته من قبل الفلاسفة، والعلماء، والمفكرين العرب في الاستفادة من ايجابياتها في العصري الاموي والعباسي، في ما قدمته من علوم القت بظلالها في النهضة العربية، وما رفدته بطون الكتب التاريخية، والفلسفة، والعلمية في الطب والفلك لتشمل كل العلوم التي ارست بتقاليدها، واعرافها بدعائم تؤسس نهضة فكرية من خلال ما تناقلته المصادر العربية من قيام العلماء والمفكرين العرب في عصور فائتة في ترجمتها لتلك العلوم الرومانية والبيزنطية والهندية الى العربية في استلاب ما يفيد العقل العربي ويغنيه بأثمار طيبة اشجار تلك الامبراطوريات المنقرضة في سالف الزمان الزاخرة بالافكار في تنشئة العقل الانساني بما تناقلته بعثات عربية وما ترجم منها عن طريق العلماء العرب في آوائل القرن الماضي الى العربية بما جاءت به من غزائر المعرفة في الفلسفة والعلمية والانسانية في مجالات مختلفة ساعدت بالنهوض الثقافي والعلمي للوطن العربي.
ولنا أسوة حسنة في فلاسفة، وعلماء النهضة الآوائل، اغنت الفكر الأنساني العربي بنضائر مشعة من الفكر العربي، الذي حمل معه بعض ايجابيات تلك المصادر المهمة للوجود العربي والاسلامي ومفردات نهوض الثقافي، بأضاءت بقع مظلمة في الوجدان العربي، الذي كان بحاجة الى قناديل المعرفة في مجالات كان العربية تفتقد الى بعض مصادر علومها في حاضر آلت اليه الأمور بفنتازيا ثقافية، تنتج بواكبر تخريب الواقع العربي، ومجتمعه، وأغراقه بثقافات فجة سمجة بعيدة عن ثقافة القومية العربية وتيارها العروبي في مجتمع يغرز أوباراً من تقاليد، وعادات، واعراف مجتمعية، ذات بعد عربي وأسلامي مغسول بتراث يدوي وحضري، لا يمكن أنكاره، أو محو اشراقاته تحرس تاريخه تميمة تبعد عند حسد هدم جداره الثقافي، وادحاض فكره الوثاب ورؤيته المشرقة في نهضته العلمية بثقافات شاذة، مرموزة بظلام ثقافي، وعلمي، في غزوة فكرية، مبتورة مشوشة الرؤية، لا تجد منها غير الانقلاب على الذات، وعلى الانسانية العربية، وأبجديتها الراهبة في اديرة التخريب والعودة بالامة بسلوكيات تطمر الايجابيات التي جاء بها الاسلام في سابق عهده، لأجتثاث منابت الجهل والأمية والتخلف، في نزق اهوج طفيلي بكتابات توحي بواطنها بطقوس، وشعائر طائفية، وعنصرية..
وفشل التغيير وربيعه الوقاد في صياغة افكاره، بتعابير لاعادة هيكلة الدولة ونظمها في بناء مؤسساتها في ظروف موأتية لتحقيق دولة المواطنة..
فجاء الواقع الجديد يحمل على اعتاقه أزاميل من خطابات دينية تتضمن تعابير متطرفة، ومتشنجة، ساعده على ظهور السلفيات الجهادية وبأكثر الاعمال بشاعة أو دموية، ومأساوية، ووبالاً على المجتمع العربي، الذي يعاني اصلاً من هذا التطرف منكفاً على الذات الجماهيرية بعذاباتها وألامها، ومعاناتها..
وهنا نتسائل هل غادرنا التاريخ لنضيع في متاهات العصر الساجي بالأزمات والصراعات والتخطيط والارتباط؟
أم نحن خارج التاريخ نفرد بسربه بغنوة حزينة تركت شجنها في وجدان الانسان العربي يستمرأ وحدة الاوطان الغارقة بدنس المآسي ليزداد تفاقماً وبؤساً..؟
فهذه مجتمعة ساعدت على ظهور الغول الاسرائيلي وخروجه من قمقمه، لتطول يداه بغداد.
مدينة الحضارة العربية، في سرقة تراثه الحضاري والانساني، والوصول الى اضرحة انبياء بني صهيون وهي الأسمى بتحقيق نبوءاتها، التي كانت تراود ضغائن احلامها.
غياب تقاليد الامن القومي
فالأرادة الصهيونية استهدفت الامة العربية في تحويلها الى ساحة دمار وفوضى من خلال تشققات الجدار القومي العربي، وتفكيك خلايا المجتمع العربي البنيوية وتمزيق النسيج العربي..
لينتهي الامر بنظرية العدو بالاتجاه صوب مضادات الفكر القومي العربي بتياره العروبي، وحركة القومية العربية في مصيرها المشترك، وتشتيت اجماع الأمة في تحقيق أسمى امنياتها في وحدتها، وهنا لابد من التحرك المضاد بزخم كبير يعضد السواعد العربية بظهيرها الشعبي.
في ضرب الاهداف العدوانية، وبيان زيف الادعاءات المغرضة ضد النضال العربي، وكشف النقاب عن ملامح تلك الستراتيجية في تمزيق المشرق العربي، وتحويله الى دويلات متناهرة تفرز فوبيا السقوط، وتفتح المجال واسعاً امام واقع ينجب ولادات من رحم الازمة الداخلية وبروح الأخوة الاعداء..
فأصل الصراع في المنطقة العربية يعود الى قرارات كارثية منذ وعد بلفور عام 2/11/.1917
ومعاهدة سايكس- بيكو، التي طرحت عام .1916
حسب مامدون في مذكرات السيناتورجورج ميتشل، حيث جرت مباحثات بين الدبلوماسي الفرنسي جورج بيكو، والبريطاني مارك سايكس، بمباركة الامبراطورية الروسية من أجل تقاسم منطقة الهلال الخصيب، والتي تقف وراء هذه المباركة في تمزق الجسد العربي شركات النفط العالمية في مسعاها بتحقيق مصالحها واهدافها ويقول:(دين هندرسون)- الخبير الأمريكي في الشؤون الايرانية..
أن استمرار الشرق الاوسط غارقاً بالفتن الداخلية، والنزاعات الخارجية يلقي بظله على الواقع العربي، وفق هدف أساس يعمل الامريكيون جاهدين في ايقاد حطب النيران التي تساعد على تسجير النزاعات الطائفية، وابقائها مستعرة لتحرق المجتمع العربي، وفق القرار القضائي الامريكي الاسرائيلي في تهييج لهيب المد الأسلامي الطائفي ليتطاير شراره في قضاء الامة العربية الملبد بدخاضين الفوضى، والفتن الدينية، ومصدراً دائماً للقلاقل، والاضطرابات والتوترات المجتمعية.
فالاسلام السياسي هو خدمة طائفية جاء في ضوء النظرة الاستعمارية الامريكية يقدمها التيار الاسلاموي من حركات واحزاب سياسية تؤمن بمرجعية الارهاب والرهاب في اغتصاب المجتمع بفكر ماضوي، استنبطته من مظان كتب الأسلاف، تنشد الغلو في الدين، والتشدد في السلوكيات، والتطرف في الافعال، ويعتقد البعض من السياسيين، والباحثين في مجال الشأن الديني والمجاميع الاسلامية التي تجول الارض المعمورة، بأن الذي يحدث هو صناعة او اليغارشية منوط بها تقسيم الوطن العربي الى اوطان ودويلات صغيرة ذات كيانات طائفية وعرقية مصابة بعدوى الارهاب، وبرزت ملامح مفاهيمه وطروحاته في اكثر من موقع عربي، ضاعت حدوده، وفواصله، ولا تجد امريكا والغرب الاوربي غضاضة، من استمرار الصراع الديني في المنطقة العربية..
فالقوى الطامعة بموقعها الستراتيجي المهم من ناحية، والاستفادة من خصائصها الجيويوليتيكية من ناحية أخرى، الموقع والطبيعة الجغرافية للامة العربية، وأهميتها الجيوستراتيجية الاقتصادية، تساعد هذا الاستعمار في غمط مقدرات الشعوب العربية، وسرقة ثرواتها الطبيعية، وثرائها التاريخي بأنماط من تراث أنساني، وناحية جغرافية كرابط بين المشرق والمغرب العربي، لم يهمل الجيوستراتيجيون هذه المكانة..
وألوج هنا بعد ان دحضني الواقع العربي المتكأ على ازماته والخراب والتشظي، وما رأيته من هجرة البعض من الشباب العربي منفرداً أو مع عائلته من ارضه الطيبة الوارفة الخصب والنماء في غربة قسرية فرضت عليه قسوة الحياة، وثقل اوجاعها وغياب سلطته في مدارات شؤونه في خلوة التمتع بالثراء المالي والمعنوي في خصومة مع جيل فقد اليقين بحكوماته ابغضني، ودفعني في احتباء فكري الوذ بقدر تجاه هذا النفر الذاهب الى غربة لا رجاء فيها..
نفوس الجماهير
ومجتمع مسكون بالصراع الديني، الفوبيا تجتاح نفوس الجماهير، تتعرض الى التأكل في هجرتها الى اوربا بحثاً عن لقمة العيش والحرية في الرأي والمعتقد بعد ان فقدتها في وطنها المقموع بالذل والعوز والحاجة، معلقاً بالحيرة والتجوال يحمل همومه واوجاعه والظلم..فهذا العراق مثلاً احتذت به مجتمعات عربية بالقهر والاحتلال وتحطم بعد تسعة عقود من الاستعمار البريطاني في احتلال بغداد بقيادة الجنرال سير فريدريك مود- في 17 آذار 1917 ليدشن بعدها القوس الاستعماري الامريكي (الصورة القديمة) لذلك الاستعمار في غزوه للعراق عام 2003 بقيادة (جورج دبيلو بوش) لكون العراق محوراً للارتكاز في الستراتيجية الامريكية، ونقطة الشروع في تفكيك، أو اعادة تركيب منطقة الشرق الاوسط، وقد فصلت السياسات الامريكية فصلاً تعسفياً، ويعزى السبب في اعتقادنا الى تأثيرات الفكر الصهيوني، وضغوطاته على صنع القرار الامريكي، الذي يعمل في خدمة العقل الاسرائيلي لتكريس الواقع العربي اقليمياً وقطرياً، وتهشيم تضامنه وتأجيج حروب الطوئف وملوكها المنتشرة رأياتها في ارجاء المعمورة العربية بردة مذهبية وطائفية، لتصفيه عناصر قوتها.
فالمؤامرة هي خلق حالة من الهذيان السياسي المصحوب ببذور التوتر والتفرقة والتشنج بتقولات مصحوبة بمنطق الأدانة، والاستنكار ليضيع بعدها البلد بسيطرة امريكية بأبعادها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وتطويع المجتمع العربي بتوجهاتها المرسومة بمنظار يهودي لتطويق الشعب العربي بأفساد حكامه بظل السترخاء الشمولي في الحكم والتاكيد على القطرية الضيقة، والمركزية بسلطة تجعل الحياة تدور حول القائد الضرورة في همة تكريس هيمنة التطفل الامريكي في شؤون البلدان وتهميش الواقع بهويات اقليمية، وطائفية، ومناطقية، وعرقية، كنوع من الفصام الروحي بين الاشقاء وبفضيحة كبرى مجلجلة في تكريس تقسيم الارث الجغرافي والتاريخي والاقتصادي، استناداً للقرار الشرعي بوثيقة جديدة ممضاة بأحفاد القاضيين (سايكس وبيكو.. وهنا لا املك لهذه القسمة غير العزاء في وداعنا الخير بكلمة قلبي معك يا وطن..
مقالات اخرى للكاتب