العراق تايمز: د. فوزي العلي
عرف العلماء “الإشاعة” على أنها خبر أو مجموعة من الإخبار الزائفة التي تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتداولها بين العامة ظنا منهم علي صحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة و مثيرة، و تفتقر هذه الإشاعة عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحتها، وتمثل هذه الشائعات جُزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها، وتهدف هذه الإخبار إلي التأثير على الروح المعنوية وزرع بذور الشك، وقد تكون هذه الإشاعة “عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، تنتشر الاشاعة بصورة أكبر في المُجتمعات غير المُتعلمة أو غير الواعية, وذلك لسهولة انطلاء الأكاذيب عليهم, و قلما يُسأل عن مصدر لتوثيق ما يُتداول من معلومات, فالمجتمع الجاهل يكون بيئة خصبة ومناسبة لإراجة الشائعات.
وأتفق العلماء والمختصون في هذا المجال علي ان الإشاعة تعد من أحد أساليب الحرب النفسية فقد ورد في جميع كتب الحرب النفسية أن الإشاعة أسلوب من أساليبها، أو وسيلة من وسائلها مثلها مثل الدعاية وغسل الدماغ وافتعال الفتن والأزمات وغير ذلك من الأساليب الكثيرة.
ولعل من اهم انواع الاشاعات هو إشاعة الخوف التي تستهدف أثارة القلق والخوف والرعب في نفوس أفراد المجتمع وتعتمد هذه الشائعة في نشرها على خاصية موجودة لدى الناس جميعا وهي أن الناس قلقون وخائفون وفي حالة الخوف والقلق يكون الإنسان مستعد لتوهم أمور كثيرة ليس لها أساس من الصحة وتنتشر هذه الشائعات بين الناس أكثر شيء في الحروب وإثناء الأزمات الاقتصادية والسياسية، وفي بعض الاحيان تسمى بشائعات العنف وتنتشر انتشار النار في الهشيم، وهذا النوع من الشائعات يغطي جماعة كبيرة جداً في وقت بالغ القصر. ومن نمط هذا النوع تلك التي تروج عن الحوادث والكوارث أو عن الانتصارات الباهرة أو الهزيمة في زمن الحرب. ولأن هذه الشائعة تبدأ بشحنة كبيرة فانها تثير العمل الفوري لأنها تستند إلى العواطف الجياشة من: الذعر، والغضب، والسرور المفاجئ.
وما يجري في العراق منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية الان يعد من اخطر مراحل التحول السياسي التي مر بها، وشهد احداث سياسية واقتصادية وامنية كبيرة جدا كان للاشاعة دور كبير في توجيه مسار الاحداث فيها.
ولعبت مؤسسات اعلامية كبيرة مثل البي بي سي البريطانية واولادها من قناة الجزيرة والعربية وقنوات اخرى مثل السي ان ان ، لعبت دورا كبيرا في ترويج الاشاعات وتسيير الراي العام وفق ما تريد المؤسسة الصهيونية العالمية التي ترعى جميع هذه المؤسسات الاعلامية.
فقد اتفقت هذه المؤسسات مع الاعلام السلفي الوهابي الارهابي التابع لتنظيم القاعدة و وليده الصغير ما يسمى بداعش الذي نتج عن تزاوج بين اجهزة مخابرات عربية مع القاعدة وبرعاية ومباركة من قبل المخابرات البريطانية والامريكية والايرانية، اتفقت هذه الاطراف على ترويج كل ما يروع ابناء الشعب العراقي ويبث في انفسهم الخيبة والاحباط ، مرة بتهويل الامور والنفخ فيها وتكبير ما هو صغير، ومرة اخرى بتجاهل ما هو كبير ومحاولة تسخيفه، وكله لغرض حجب الحقيقة.
فها هي البي بي سي تبث اخبارا وتقارير غالبيتها مكذوبة، يبدو انها تلقتها من مرتزقتها في ما يسمى داعش ، حاولت من خلالها تبيان ان المسلحين يفرضون سيطرتهم على جميع مناطق شمال وغرب العراق، وتوضح من خلالها ان مرتزقتها في داعش يحققون انتصارا تلو الاخر في مناطق مختلفة من العراق.
وعلى غرار البي بي سي تسير كل من قناتي الجزيرة القطرية والعربية السعودية المملوكتين لمؤسسة الصهيوني مردوخ، فهي تصف المجاميع الارهابية المسلحة بالثوار او المجاهدين ، وتحاول ان تصور الجيش العراقي بانه جيش طائفي تابع لحزب الدعوة الحاكم وزعيمه نوري المالكي، الذي لا يفرق شيئا عن هذه المؤسسات في ترويج الاكاذيب وشحن الشارع العراقي بالطائفية السياسية المقيتة.
ونقلت وسائل اعلام ومواقع الكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي انباءا مفادها ((اليوم بل منذ أمس تحديدا بدأت زمر المالكي وغيره من قادة العراق الجديد من بدء تفريغ منظم للبنك المركزي وبقية البنوك العراقية بشكل علني وارهاب وتهديد بل مشاركة بعضهم من موظفي ومسؤولي البنوك العراقية والبنك المركزي وهذا أخذ يحدث منذ يومان تحديدا بأشراف مباشر من قبل مسؤولون ايرانيون وصلوا الى بغداد أمس ليستلموا كامل العراق عسكريا وأمنيا واقتصاديا وهذا يحدث امام صمت العالم وامريكا والأمم المتحدة والأشقاء العرب اسفا ؟؟))
هذه السياسات الاعلامية الرخيصة لم تنطلي على الشعب العراقي، وهب الشعب العراقي بجميع طوائفة ليقف وقفة واحدة مشرفة بوجه العدو والخطر الحقيقي الذي يحيق به، تاركين جميع مشاكلهم واختلافاتهم السياسية مع الحكومة واحزابها وراء ظهورهم الى ان يحققوا النصر على عدوهم المشترك المتمثل بالجماعات الارهابية المسلحة التابعة لبريطانيا وامريكا وايران ومن لف لفهم.
ودفع هذا الامر بالناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العراقية اللواء قاسم عطا الى دعوة البي بي سي الى توخي الحذر واعادة النظر بسياستها الاعلامية تجاه العراق، حيث اتهما، بنشر تقارير كاذبة ومشوشة ومفبركة، داعيا اياها الى اعادة النظر بسياستها الاعلامية تجاه العراق، فيما هدد باتخاذ "الاجراءات اللازمة"بحقها..
وقال عطا خلال في مؤتمر صحافي عقده في بغداد يوم امس السبت، إن "مؤسسة الـبي بي سي نقلت قبل أيام تقارير كاذبة ومشوهة تسلمتها من تنظيم داعش وبثتها وهي مفبركة"، داعيا "جميع وسائل الإعلام ومؤسسة الـبي بي سي، بإعادة النظر بسياستها الإعلامية تجاه العراق".
وأضاف عطا أن "الظرف الراهن يتيح للقوات الأمنية اتخاذ ما تراه مناسبا مع وسائل الإعلام للحفاظ على امن المواطن بالعمل مع أي شيء"، مبينا أن "تعامل وسائل الإعلام يجب أن يتم عن طريق الجهات الرسمية المخولة التي ستكون مستعدة لاستقبالها من اجل تغطية الأحداث".
من جانب اخر حذر عطا، من الشائعات "المغرضة والقذرة" التي تعمل المجاميع المسلحة التابعة لتنظيم "داعش" على بثها، داعيا وسائل الاعلام الى توخي الدقة في نقل المعلومة، فيما أوضح أن المقاتل العراقي محصن منها.
وقال عطا، ان "الشائعات أسلوب لجأت إليه المجاميع الإرهابية لإضعاف الروح المعنوية للمقاتل والمواطن"، مشددا على ضرورة "التأكيد على منع الشائعات المغرضة أو الترويج لها".
وتابع عطا أن "هذه الشائعات تؤدي الى نتائج غير جيدة في المعارك المتعارف عليها، ولذلك يجب ان يكون المواطن متحصنا ضدها"، داعيا وسائل الإعلام أن "لا تكون وسيلة لنقل الشائعات المغرضة لأنها تلحق ضررا كبيرا بالبلد والفعاليات الأمنية".
واعتبر عطا الشائعات "أسلوب قذر تلجأ إليه بعض المجاميع الإرهابية، وهذا هو ديدن البعث الكافر والدواعش ومن لف لفهم".
من جانب اخرحذرت الحكومة المحلية في البصرة، امس السبت، من محاولات لإرباك الوضع الامني في المحافظة عن طريق ترويج شائعات، فيما أعلن فرع نقابة الصحفيين عن تشكيل خلية لمكافحة الشائعات تضم نخبة من الصحفيين والباحثين الإعلاميين.
وقال المحافظ ماجد النصراوي خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الحكومة المحلية بحضور عدد من قادة الأجهزة الأمنية إن "الزمر الإرهابية تحاول عكس ما يجري في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى على المحافظات الجنوبية الآمنة من خلال ترويج شائعات خبيثة تهدف الى إضعاف معنويات المواطنين"، مبيناً أن "على المواطنين عدم تصديق وتداول تلك الشائعات لان البصرة محافظة مستقرة أمنياً وستبقى عصية على الإرهاب".
ولفت النصراوي الى أن "المعلومات التي تفيد بوجود تحركات مريبة قرب الحدود العراقية هي غير صحيحة تماماً، والقوات العراقية تفرض سيطرتها الأمنية على الحدود بشكل كامل"، معتبراً أن "الحكومة المحلية والأجهزة الأمنية بجميع تشكيلاتها في طور تنفيذ خطة أمنية جديدة ومتكاملة تضمن الحفاظ على الاستقرار الذي تتمتع المحافظة".
وفي سياق متصل، أعلن فرع نقابة الصحفيين العراقيين في البصرة في بيان عن تشكيل (خلية مكافحة الشائعات) بهدف رصد وتحليل الشائعات المخلة بالوضع الأمني في المحافظة ودحض ما يستحق التفنيد منها عبر وسائل الإعلام، وأشار البيان الى أن "عدداً من الصحفيين والباحثين الإعلاميين الذين يمتلكون خبرة في مجال الإعلام الأمني أخذوا على عاتقهم تشكيل نواة الخلية، فيما تطوع عشرات الصحفيين من أجل إبداء المساعدة".
وأكد البيان أن "الإهتمام بالشائعات جاء لانها من أسلحة التحطيم المعنوي الفتاكة التي أصبحت قوى الإرهاب تستخدمها على نطاق واسع وبمهارة لا يستهان بها بدافع إضعاف الروح المعنوية لقواتنا المسلحة الباسلة وغرس القلق والخوف في نفوس المدنيين، ولهذا وجدت النقابة أن الواجب الوطني يملي عليها التحرك في سبيل التعامل مع تلك الشائعات، خاصة وان محافظتنا شهدت ترويج عدد من الشائعات الخبيثة في غضون الأيام الماضية".
يشار الى أن من أخطر الشائعات التي إنتشرت في البصرة خلال الأيام القليلة الماضية ما يفيد بوجود أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين يستعدون لاجتياح المحافظة عبر دولة الكويت، فيما ظهرت شائعة أخرى تفيد بوجود سيارات مفخخة على وشك أن يتم تفجيرها في بعض أقضية المحافظة، ومعظم الشائعات وجدت طريقها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي قبل أن تقوم شركات الاتصالات بحجبها بشكل مفاجئ تنفيذاً لأمر وزارة الإتصالات.
سياسة العمالة وترويج الاشاعات التي اتبعتها بعض القنوات العربية ادت بكوادر مكاتبها في بغداد الى اتخاذ قرار جرئ بالاستقالة الجماعية احتجاجا عليها، حيث
قدم كوادر مكاتب ثلاث قنوات فضائية عربية في العاصمة بغداد، امس السبت، استقالاتهم وبشكل جماعي، بسبب ما وصفوه بعدم حيادية قنواتهم في التعامل مع الاوضاع في العراق.وأوضح مدير مكتب قناة (اي ان بي) في العراق زياد عبد الله ، إن كادر مكتبه في بغداد "قدم استقالة جماعية من العمل احتجاجاً على سياسة القناة تجاه الوضع في العراق
".الى ذلك نشرت قناة العراقية الحكومية خبر عاجلا جاء فيه، إن "كوادر مكتب قناتي العربية والعربية الحدث، في بغداد، قدموا استقالاتهم بشكل جماعي احتجاجاً على سياسة القناتين ونهجهما غير الحيادي" تجاه الاوضاع الراهنة في العراق
. .
هذا ولم تؤثر الفبركة الإعلامية التي انتهجتها بعض الفضائيات العربية والمحلية من خلال تغطيتها المشوهة للأحداث الجارية في العراق في إحباط الروح المعنوية لمقاتلي الجيش العراقي في ساحات المعركة ضد جماعة "داعش" الإرهابية، إذ فشلت وسائل الإعلام المغرضة في خلق صورة جديدة لا تمت للواقع بصلة للمعارك الجارية بين القوات الأمنية والتنظيمات الإرهابية التي تكبدت خسائر جسيمة.