Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
شيء من التاريخ ... تاريخ الكويت
الاثنين, تموز 15, 2013
د. جميل عبدالله

 

 

 

 

 

 

التاريخ القديم 

الهيلينستيون  الاسكندر المقدوني

 

العهود الاسلامية الاولى 

الخلفاء الراشدين  الخلفاء الامويين  الخلفاء العباسيون  الخلفاء العثمانيون 

المرحلة الحديثة 

تأسيس المدينة  عهد الشيخ صباح بن جابر  عهد الشيخ عبد الله بن صباح جابر عهد الشيخ جابر بن عبد الله بن صباح جابر عهد الشيخ صباح جابر الصباح  عهد الشيخ عبد الله بن صباح الصباح عهد الشيخ محمد بن صباح الصباح

 

 

 

اتفاقية الحماية البريطانية 

عهد الشيخ مبارك الصباح  عهد الشيخ جابر المبارك الصباح عهد الشيخ سالم المبارك الصباح عهد الشيخ احمد  الجابر الصباح

 

المرحلة المعاصرة 

الاستقلال  عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح  عهد الشيخ صباح السالم الصباح عهد الشيخ جابر الاحمد الصباح الاحتلال العراقي للكويت 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التاريخ القديم 

كشفت أعمال التنقيب التي تمت في مناطق مختلفة في الكويت عن وجود اثأر تاريخية بالغة في القدم . فمثلا وجدت في منطقة برقان أدوات حجرية كرؤوس سهام وأزاميل تعود الى العصر الحجري الوسيط وعثر في منطقة الصلييخات على أدوات صوانيه تعود الى العصر الحجري الحديث . كما ان بعض الآثار التي وجدت في جزيرة فيلكا وجزيرة ام النمل تعود الى العصر البرونزي حيث تأثر سكان الكويت في تلك الفترة بالحضارة الدلمونية والحضارة الكاشية .

في القرن السادس قبل الميلاد عاش الهيلينستيون في جزيرة فيلكا , في تل يسمى باسم تل خزنة .

كان اول ظهور للكويت في التاريخ في عهد اليونانيين في القرن الثالث قبل الميلاد , بعد ان استولت قوات الاسكندر الأكبر على جزيرة فيلكا , واسماها اليونانيون باسم ايكاروس , وقد كانت الجزيرة الجزيرة سكناً لبعض اليونانيين وبعض التجار الأجانب وبعض السكان المحليين , وقد قام تنافس بين البيزنطيين في سوريا والبتراء وملوك مصر ادى الى تقليل اهمية الجزيرة , ويوجد في فيلكا معبد يوناني لخدمة الاله أبولو , تسمية الجزيرة مختلف عليها , فهناك من يقول بأن التسمية يونانية , وهناك من يقول بان التسمية برتغالية وهناك من يقول بان التسمية عربية , وقد كانت تسمى الجزيرة باسم أفانا , وقد سميت باسم فيلكا وهي تعني في اللغة اليونانية الجزيرة البيضاء ويحتمل ان تكون اللفظة محرفة من كلمة فيلكس في اللغة اليونانية وهي تعني الجزيرة السعيدة , في عام 1958 تم اكتشاف حجر ايكاروس الذي به تم التأكد ان الجزيرة كانت تسمى بهذا الاسم في أيام الاسكندر الأكبر , وسميت الجزيرة باسم فيلكا او فيلجا بلفظ السكان المحليين , وهي كلمة مأخوذة من كلمة فلج بمعنى الماء الجاري والأرض الطينية الصالحة للزراعة وقد سميت بهذا الاسم في العصور الإسلامية الأولى .

حدثت معركتان في جبل واره , فكانت الأولى هي يوم واره الأول والثانية هي يوم واره الثاني , المعركة الأولى كانت بين المنذر بن ماء السماء وقبيلة بكر بن وائل التي خرجت عن طاعته , فسار إليهم ليرجعهم الى طاعته فأبوا , فقاتلهم وهزمهم وكان قد اقسم بأن يقتلهم في أعلى جبل ورآه حتى يسيل  دمهم الى الوادي , فبدأ في قتلهم في قمة الجبل , ولكن الدم جمد فقيل له لو صببت الماء لوصل الدم الى الوادي , فصبوا الماء وصل  ووصل الدم الى الوادي , وفي المعركة الثانية أعلنت قبيلة تميم العصيان على عمرو بن هند ملك الحيرة , فقاموا بالإغارة على إبله , فقام بقتالهم فهزمهم , واسر منهم الكثير وأمر بقتلهم وحرقهم في جبل واره .

في عام 12 هـ وقعت معركة ذات السلاسل في كاظمة بين المسلمين والفرس , وقد انتهت المعركة بانتصار المسلمين 

تأسيس مدينة الكويت 

تأسست مدينة الكويت في عام 1613  وازدهرت كمدينة تجارية على سواحل الخليج العربي وقد عرفت بالكويت والقرين الا ان اسم الكويت طغى عليها لاحقا ويعني القلعة او الحصن الصغيرة بتصغير كلمة " كوت " .

استوطنت الكويت من قبل قبائل العتوب الذين كانوا قد هاجروا من نجد في القرن السادس عشر الى سواحل الخليج العربي في الزباره وسموا بالعتوب , بسبب عتوبهم من نجد بعد القحط الشديد فانتقلوا الى الزبارة .

انتقل العتوب بعدها الى الكويت , واستوطنوها وامتهنوا الغوص لجمع اللؤلؤ , والتجارة البحرية من والى الهند , فازدهرت أعمالهم وتكاثر السكان في المدينة , ثم اختير الشيخ صباح بن جابر كأول حاكم لهم في عام 1752 م .

 

عهد الشيخ صباح بن جابر 

اختير صباح بن جابر ليصبح اول حاكم لهم وذلك بسبب حاجتهم الى من يأمر عليهم  ويكون مرجعاً لهم في حل المشكلات والفصل في القضايا والخلافات فوافقهم , وكان حكمه يرتكز على استشارة كبار قومه في اهم الأمور , وله السمع والطاعة بما يقضي به من امور وفق الشريعة الإسلامية .

 

 

عهد الشيخ عبد الله بن صباح بن جابر 

بعد وفاة صباح بن جابر عام 1762 , استلم ابنه عبد الله بن صباح الاول الحكم , والذي حكم لفترة طويلة استمرت حتى عام 1812 , وفي فترة حكمه تم رفع اول علم للامارة وهو العلم " ألسليمي " وذلك لتمييز السفن الكويتية بعد ان أصبح للإمارة أسطول بحري , وفي فترة حكمه خاض الكويتيين اولى معاركهم عام 1783 , وهي معركة الرقة البحرية , وقد جرت أحداثها بالقرب من جزيرة فيلكا , وكانت بين الكويتيين وقبيلة بني كعب التي كانت تريد الاستيلاء على الكويت , وقد انتهت المعركة بانتصار الكويتيين , وفي نفس العام تم بناء اول سور حول مدينة الكويت , وقد بلغ طوله 750 متراً ليحمي المدينة من الغزو الخارجي بعد معركة الرقة البحرية , ويقال ان السور الاول كان عبارة عن الكوت الموجود في الكويت , في مارس 1811 خاضت الكويت معركة خكيكرة مع البحرين بقيادة عبد الله بن احمد آل خليفة وجابر بن عبد الله الصباح من الكويت ضد حاكم الدمام رحمة بن جابر الجلهمي بدعم من سعود بن عبد العزيز بين محمد نجد , وانتهت المعكرة بانتصار البحرين والكويت .

 

عهد الشيخ جابر بن عبد الله بن صباح 

بعد وفاة عبد الله بن صباح الاول في عام 1812 , تسلم ابنه جابر بن عبد الله الصباح الحكم , وفي عام 1815 تم بناء السور الثاني حول مدينة الكويت , وذلك بسبب نية السعدون شيخ قبائل المتفق ان يغزو الكويت , وقد كان طول السور 2300 متراً , وفي حزيران 1831 انتشر مرض الطاعون في الكويت , وقد مضى على الآلاف من أهل الكويت وقد سميت تلك السنة سنة الطاعون , وقد تم عمل مسلسل تاريخي كويتي للتذكير بما حصل في تلك السنة , وقد سمي المسلسل باسم مسلسل الدروازة , وقد تم عرضه في عام 2007 .

 

 

 

عهد الشيخ صباح جابر الصباح 

في عام 1859 توفي الشيخ جابر بن عبد الله الصباح , وتولى ابنه صباح جابر الصباح الحكم , وفي عهده اتسعت التجارة وكثرت اموال الكويت , واراد ان يحدث رسوماً جمركية على البضائع الخارجة من الكويت فقال له تجار الكويت : لاتجعل على اموالنا مالم يجعله ابوك ولاجدك من قبل , ولم يستطيع إقناعهم , ولكنهم قالو له : ستكون اموالنا وقفا على ماتحتاج اليه الكويت , فوافقهم على ذلك , توفي عام 1866 م .

 

عهد الشيخ عبد الله بن صباح الصباح 

بعد وفاة صباح جابر الصباح في عام 1866 تولى ابنه عبد الله بن صباح الصباح الحكم , وقد اشتهر باسم عبد الله الثاني الصباح , وفي عام 1866 اصدر اول عملة كويتية , ولكنها لم تستمر طويلا , وقد كان اسمها البيزة . في عام 1867 حدث مايعرف باسم سنة الهيلق , حيث عم الجوع الكويت وقد كان الناس يأكلون باقي الذبائح وقد استمروا على هذا الحال حتى عام 1870 , وفي عام 1871 شهدت الكويت حادثة الطبعة , وقد كانت تسمى باسم طبعة اهل الكويت , لاختلافها عن الطبعات التي حدتث في دول الخليج اعوام 1910 و 1916 و 1925 , حيث غرقت العديد من السفن الكويتية بعد اعصار مدمر حدث في الطريق بين الهند وعمان , وفي عهده رفع العلم العثماني الاحمر في سنة 1871 م على السفن الكويتية بدلا من العلم السلمي بعد مضايقة الحكومة العثمانية لهم ولامور رآها الشيخ في صالحه وتعود عليه وعلى اهل بلدته بالخير من الاعفاء الجمركي والضرائب وعدم مصادرة ممتلكاتهم في البصرة والسيبة والفاو والزبير تعبيرا عن التبعية للخلافة العثمانية , وفي عام 1871 قام بمساعدة الدولة العثمانية على السيطرة عللا اقليم الاحساء , حيث تولى قيادة ثمانين سفينة بالاضافة الى تسيير جيش بري بقيادة اخيه الشيخ مبارك الصباح كما سكت اول عملة كويتية نحاسية في عام 1886 .

 

 

عهد الشيخ محمد بن صباح الصباح 

في 17 ايار 1892 توفي الشيخ عبد الله بن صباح , وتولى الحكم بعده اخوه الشيخ محمد بن صباح الصباح , ولكنه لم يلبث طويلا في الحكم حتى اغتاله اخوه مبارك الصباح في عام 1896 .

 

اتفاقية الحماية  البريطانية 

الشيخ مبارك الصباح 

تولى الشيخ مبارك الصباح سدة الامارة في الكويت في 13 مارس 1896 خلفا لأخيه الشيخ محمد بن صباح الصباح امير الكويت .

وبسبب الخلاف مع العثمانيين طلب مبارك الصباح الحماية البريطانية في ايلول من عام 1897 الا ان طلبه قوبل بالرفض معللة بأن بريطانيا لا ترى ضرورة في التدخل في شؤون المنطقة , الا انها غيرت موقفها و وافقت على ابرام الاتفاقية في 23 كانون الثاني 1899 بسبب خشيتها من امتداد النفوذ الالماني الذي كان يسعى لمد سكة حديد من برلين الى كاظمة شمال جون الكويت .

وكان من بنود الاتفاقية ام لا يقبل الشيخ مبارك وكيلا او قائم مقام من جانب اي حكومة وان يمتنع عن منح او بيع او رهن او تأجير  اي قطعة ارض من اراضي الكويت لدولة اخرى بغير ان يحصل على اجازة من بريطانيا 

في عام 1901 هاجم الشيخ حمود الصباح والشيخ جابر المبارك الصباح قبائل ابن رشيد من شمر في الرخيمة وغنموا غنائم عديدة .

 

في عام 1901 قام الشيخ مبارك بحشد قوات كبيرة للخروج الى حائل عاصمة دولة آل رشيد والتقى مع عبد العزيز بن متعب بن عبد الله الرشيد في معركة الصريف في شمالي غرب بريده انتهت بانتصار قوات عبد العزيز الرشيد , وفي عام 1903 اغارت قوات مشتركة بقيادة كل من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والشيخ جابر المبارك الصباح على سلطان الدويش في جو لبن بالصمان بسبب ميله لابن رشيد وغنموا 5000 رأس من الابل , وفي عام 1910 حدثت معركة هدية بين مبارك الصباح وعبد العزيز بن سعود امام ابن سعدون زعيم المنتفق , وقاد القوات الكويتية الشيخ جابر المبارك الصباح , وقد أغار على جيش السعدون الذي كان اكثر منهم , فانهزموا وتركوا الكثير من الأمتعة والإبل والخيل للسعدون , وقد سميت بذلك المعركة باسم معركة هدية .

أنشئت أول مدرسة نظامية في الكويت في عهده عام 1911 سميت بالمدرسة المباركية نسبة الى اسمه .

وفي عام 1912 قام الشيخ مبارك الصباح برفع قيمة الضرائب على  التجار في الكويت ومنع الغواصين من الغوص معلالا بحاجته للرجال للدفاع عن المدينة والظهور بمظهر القوي , واحتج كبار التجار على هذا القرار وقاموا بالهجرة الى البحرين وهم هلال فجحان المطيري وابراهيم المضف وشملان بن علي , وندم مبارك على هجرة التجار فأرسل وفدا يحمل رسالة تتضمن الاعتذار لهم وحثهم للرجوع للكويت الا انهم رفضوا , فارسل ابنه سالم المبارك الصباح وقام بالاعتذار لهم فرجعوا الى الكويت عدا هلال فجحان المطيري فقام مبارك بالذهاب الى البحرين بمركبة البخاري مشرف وقابل شيخ البحرين عيسى بن على آل خليفة ورجع هلال معه الى الكويت .

وفي عام 1914 م قرر مبارك الصباح رفع علم خاص به , وهو علم احمر وفي وسطه كلمة كويت , واختار من العلم ثلاثة اشكال , مثلثا للامارة ومربعا للدوائر الحكومية ومستطيلا للسفن , وقد مرت على هذا العلم بعض التعديلات الطفيفة ولكنه استمر حتى عام 1961 م .

 

عهد الشيخ جابر المبارك ( 1915 – 1917 ) 

بعد وفاة الشيخ مبارك تولى ابنه الشيخ جابر المبارك الصباح الحكم غير انه لم يلبت في الحكم طويلا وتوفي فأسندت الإمارة الى أخيه الشيخ سالم المبارك الصباح في كانون الثاني من سنة 1917. 

 

 

عهد الشيخ سالم المبارك الصباح (1917-1921) 

تولى الشيخ سالم المبارك الحكم بعد وفاة اخيه الشيخ جابر المبارك الصباح شهدت خلالها الكويت بناء ثالث سور في تاريخها في عام 1920 الذي شيد بعد وقعة حمض . كما تم في عهده هجوم الاخوان على الجهراء في 10 اكتوبر 1920 فحدثت معركة الجهراء وفي عام 1921 توفي الشيخ سالم الصباح .

عهد الشيخ احمد الجابر الصباح (1921 – 1950) 

تولى الشيخ احمد الجابر الصباح الحكم في الكويت بعد وفاة عمه الشيخ سالم الصباح , وفي 2 كانون الاول  1922 تم توقيع بروتوكلات العقير التي ترسم الحدود بين سلطنة نجد ومملكة العراق والكويت , وقد اقتطع اكثر من ثلثي المساحة التي تسيطر عليها الكويت وتم اعطاءها لسلطنة نجد عشوان عند ابار الرقعي , وقد سميت المعركة باسم معركة الرقعي , وقد شهدت الكويت في عهده نهضة سياسية تمثلت في تأسيس اول مجلس شورى في الكويت عام 1938.

اكتشف اول بئر نفطي في الكويت في عام 1937 في بحره الا ان النفط لم يصدر بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية بعدها صدرت اول شحنة نفط في 30 حزيران 1946 .

اسست مدينة الاحمدي في عام 1948 في عهد الشيخ احمد الجابر الصباح , وسميت كذلك تيمنا بأسمه . وفي عام 1950 توفي الشيخ احمد الجابر الصباح .

 

 

 

 

 

 

استقلال الكويت 

عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح ( 1950 – 1965 ) 

تولى الحكم الشيخ عبد الله السالم الصباح في 25 شباط 1950 , وقد سمي لاحقا باسم " ابو الدستور " لانه هو الذي امر بصياغة دستور لتنظيم الحياة السياسية في الكويت , وتم في عهده التوسع العمراني الكبير , حيث بدأ الناس بالخروج من داخل السور , وفي عام 1957 تم هدم السور مع الابقاء على البوابات الخمس , وفي 19 حزيران 1961 تم الغاء معاهدة الحماية البريطانية التي وقعت في 23 كانون الثاني 1899 , وتم اعلان استقلال دولة الكويت , وفي 11 تشرين الثاني  1962 تم اصدار دستور دولة الكويت , وفي تاريخ 7 ايلول 1961 م صدر قانون جديد بعد الاستقلال بشأن العلم الوطني لدولة الكويت ليكون العلم الجديد رمزا ً لاستقلال البلاد , فتم استبدال العلم القديم بالجديد في صبيحة يوم 24 تشرين الثاني 1961 م , ويتكون من اربعة الوان : الاحمر والاخضر والابيض والاسود وهذه الالوان مستوحاة من بيت الشعر العربي 

                         بيض صنائعنا سود مواقعنا 

                                                      خضر مرابعنا حمر مواضينا 

وفي 29 كانون الثاني 1963 تم افتتاح اول جلسة لمجلس الامن , وقد ترأس المجلس عبد العزيز حمد الصقر حتى استقال في عام 1965 , وبعده تراس المجلس سعود عبد العزيز العبد الرزاق ومن اهم منجزات هذا المجلس هو تشكيل الوزارات وعدم الجمع بين العمل التجاري والوزاري , وفي 14 ايار 1963 انضمت الكويت الى الامم المتحدة , وفي عام 1965 توفي الشيخ عبد الله السالم الصباح .

 

عهد الشيخ صباح السالم الصباح ( 1965 – 1977 ) 

تولى الحكم الشيخ صباح السالم الصباح بعد وفاة اخيه الشيخ عبد الله السالم الصباح , واستمر في الحكم حتى 31 كانون الاول 1977 حيث توفي , وكان اول وزيرا للخارجية بتاريخ الكويت وذلك بالوزارة الاولى من عام 1962 , وفي عهده تم عقد الانتخابات الثانية لمجلس الامة الكويتي , وقد بدات جلسات مجلس الامة الكويتي 1967 في 7 شباط 1967 , وقد انتهت اعماله في 30 كانون الاول 1970 , وترأس  المجلس احمد زيد السرحان حتى عام 1970 ومن اهم منجزات هذا المجلس قانون دعم الدول العربية في حربها ضد اسرائيل وقانون انشاء محكمة امن الدولة , وفي 10 شباط 1971 تم بدأ اعمال مجلس الامة الكويتي 1971 وانتهت اعماله في 8 كانون الثاني 1975 وترأس المجلس خالد صالح الغنيم حتى عام 1975 ومن اهم منجزات هذا المجلس هو قانون انشاء المحكمة الدستورية , وفي 11 شباط 1975 بدأ اعمال مجلس الامة الكويتي 1975 , وقد انتهت اعماله في 19 تموز 1976 بعد ان حل الامير مجلس الامة الكويتي , وكان رئيس المجلس ان ذاك خالد صالح الغنيم , ومن اهم منجزات المجلس قانون الخدمة العسكرية الالزامية وقانون تأميم النفط .

 

عهد الشيخ جابر الاحمد الصباح ( 1978 – 2006) 

تولى الحكم الشيخ جابر الاحمد الصباح في 31 كانون الاول 1977 , وفي يوم 8 شباط 1978 عين الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح وليا للعهد وذلك بعد ان قامت اسرة الصباح بتزكيته كولي للعهد بين ثلاثة منافسين وهم صباح الاحمد الصباح وجابر العلي الصباح , في يوم 9 مارس 1981 عاد مجلس الامة الكويتي للعمل , والشيخ جابر هو صاحب فكرة انشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية , والذي وقع على انشائه في ابو ظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 25 ايار 1981 .

في صيف عام 1982 حدثت ازمة سوق المناخ , حيث كانت احدى اكبر الهزات في تاريخ الكويت الاقتصادي , حيث عجز العديد من المتداولين في بورصة الكويت من دفع بعض الشبكات المؤجلة , وقد كان العديد من المستثمرين يشترون ويبيعون الاسهم بالاجل , مما ادى الى ارتفاع قيمة الاسهم ثم انخفاضها بشكل كبير مما آل الى حدوث اكبر ازمة اقتصادية في الكويت , وقد حلت الحكومة المشكلة بعد شراءها اسهما بقيمة 2,5 مليار دولار امريكي .

في 19 كانون الثاني  1985 انتهت اعمال دورة مجلس الامة الكويتي 1981 , وقد تراس المجلس في هذه الدورة محمد يوسف العدساني ومن اهم منجزات المجلس قانون تعديل بعض احكام قانون الجنسية وقانون بالموافقة على تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية , وفي 9  مارس 1985 بدات دورة مجلس الامة الكويتي 1985 اعماله , وفي 2 تموز 1986 تم حل مجلس الامة الكويتي من قبل الامير , وقد كان رئيس المجلس في هذه الدورة احمد عبد العزيز السعدون , ومن اهم منجزات المجلس قانون جرائم المفرقعات .

في 25 ايار  1985 تعرض الشيخ جابر الاحمد الصباح الى محاولة اغتيال  فاشلة , وقد توفي شخصين من الحرس المرافق في الحادثة , وقد اعترضت سيارة موكب الامير من قبل احد المتشددين , وقد تم اتهام حزب معارض من الاحزاب العراقية بتنفيذ هذه العملية .

في عام 1988 اختطفت طائرة تابعة للخطوط الجوية الكويتية اسمها الجابرية وقام المختطفون بقتل بعض الركاب فيها .

الاحتلال العراقي للكويت 

في 2 أب 1990 عبر الجيش العراقي الحدود الكويتية باتجاه العاصمة الكويتية ونشبت معارك غير متكافئة بين القوات العراقية والجيش الكويتي استمرت يومين ثم أعلن بعدها 4 أب حكومة كويتية مؤقتة برئاسة العقيد في الجيش الكويتي علاء حسين استمرت الحكومة عدة ايام حتى 8 أغسطس حيث تم اعلان ضم الكويت للعراق , واعتبارها المحافظة التاسعة عشر للعراق وعين عزيز صالح النومان محافظا للكويت , الا ان القرار لم يعترف بها الأمم المتحدة وطالبت العراق بالانسحاب من الكويت .

استمر الاحتلال العراقي 7 شهور , وبدون مقاومة وهرب على أثره العائلة الحاكمة  , ففي يوم 24 شباط 1991 قام الجيش العراقي بمهاجمة بيت كان يحتوي على 19 من المقاومين , الذي عرف لاحقا باسم بيت القرين , قتل أثناء الهجوم العراقي 12 فرد من المقاومين بينما دمر البيت بشكل جزئي , وحاليا هو متحف لعرض أحداث احتلال الكويت , وحيث قامت حرب الخليج الثانية بين العراق وتحالف دولي من 32 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق استخدام الأراضي السعودية ,  وفي هذه الاثناء انسحب الجيش العراقي من الكويت من خلال الاتفاقية بين الامم المتحدة والحكومة العراقية . وقد قامت المملكة العربية السعودية باستضافة المواطنين الكويتيين أثناء الحرب .

اثناء احتلال الكويت  بأيام , قام الجيش العراقي بتدمير أبار البترول , ودمرت ما يقارب من 1073 بئر نفطي في الكويت , وقد قال الخبراء بان الآبار لن تطفئ قبل ثلاثة سنوات , وبدا العمل في إطفاء الآبار في 3 مارس 1991 اي بعد أسبوع واحد من انسحاب الجيش العراقي  , وفي 6 تشرين الثاني  من نفس العام تم إخماد أخر بئر مشتعل في الكويت .

بعد التحرير 

كان الشيخ سعد العبد الله الصباح من أوائل القادمين للكويت بعد الانسحاب , والذي أصبح حاكم البلاد بعد تطبيق الأحكام العرفية , وقد رفعت في 26 حزيران 1991 بعد أربعة أشهر من تطبيقها .

في 20 تشرين الاول 1992 عادت الحياة النيابية مرة أخرى في مجلس الأمة الكويتي 1992 , وقد انتهت أعمال المجلس في 5 تشرين الاول  1996 , وقد ترأس المجلس احمد عبد العزيز السعدون , وفي 20 تشرين الاول 1996 بدأت أعمال مجلس الأمة الكويتي 1996 , وقد انتهت أعمال المجلس في 4 ايار 1999 بعد ان حل الأمير المجلس , وقد ترأس المجلس احمد عبد العزيز السعدون , وفي 17 تموز 1999 بدأت أعمال مجلس الأمة الكويتي 1999 , وانتهت أعماله في 30 حزيران 2003 , وقد ترأس المجلس جاسم الخرافي .

وفي 15 كانون الثاني 2006 توفي الشيخ جابر الأحمد ونودي بالشيخ سعد العبد الله اميرا للكويت بحسب الدستور حيث كان ولي العهد , وبسبب ظروفه الصحية وظروف مرضه , تم عزله بقرار من البرلمان , وبويع الشيخ صباح الأحمد الصباح أميراً لدولة الكويت وقد كان في وقتها رئيس مجلس الوزراء .

عهد الشيخ صباح الأحمد الصباح (2006 – الى ألان ) 

في 29  كانون الثاني 2006 بويع الشيخ صباح الأحمد الصباح أميرا للكويت , وأدى اليمين الدستورية في 29 كانون الثاني 2006 , في 12 تموز 2006 بدأ مجلس الأمة الكويتي 2006 أعماله , ومن اهم منجزات المجلس هو أقرار قانون أعطاء المرأة الحق في الانتخاب والترشح .

 

شيء من التاريخ – الجزء الاول-

 

التاريخ يعيد نفسه

ترسيم الحدود بين العراق والكويت

لعبت بريطانيا دوراً رئيسا ً في ترسيم الحدود الفاصلة بين العراق والكويت والسعودية والاردن وكان دافعها الأساسي في تحديد حدود العراق يكمن في أبراز العراق كدولة ذات كيان وحدود لكي توقع في المقابل اتفاقيات نفطية لصالحها .

 

منذ إنشاء دولة العراق كان موضوع حدودها مع الكويت يثير نزاعات تعود جذورها الى فترة الحكم العثماني وبعدها فترة الانتداب البريطاني على العراق التي ابتدأت في 20 / تشرين الأول 1920 . ثم نال العراق الاستقلال في 3 تشرين الأول 1932 وانضم إلى عصبة الأمم ثم إلى الأمم المتحدة كونه عضوا ً مؤسسا ً فيها عام 1945 . وكانت الكويت مشيخة في عهد الإمبراطورية العثمانية وضمن ولاية البصرة التي تشكل إحدى ولايات العراق . وفي عام 1913 عقدت الحكومة البريطانية والإمبراطورية العثمانية اتفاقاً اعترف للكويت بوضع تتمتع فيه بما يشبه الحكم الذاتي داخل الإمبراطورية . ولكن هذا الاتفاق لم يصدق من الطرفين نظراً لوقوع الحرب العالمية الأولى التي أعقبها تفكك الإمبراطورية العثمانية وتولت الحكومة البريطانية أدارة الكويت كمحمية بريطانية تتمتع بالحكم الذاتي . وفي عام 1923 وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف بالحدود التي طالبت بها الكويت مع العراق وكانت تتطابق مع الحدود المنصوص عليها في اتفاق عام لم يصدق عليه بين الحكومة البريطانية والإمبراطورية العثمانية .

 

وعندما دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا في شهر آب 1914 طلبت بريطانيا مساعدة أمير نجد والشيخ خزعل أمير المحمرة في منع القوات العثمانية من الوصول إلى البصرة . وأعلم المقيم البريطاني في الخليج الشيخ مبارك أمير الكويت بتاريخ 8 آب 1914 عن خطر وقوع الحرب في أوربا . وأعلن الشيخ مبارك بتاريخ 21 آب 1914 ولاءه لبريطانيا وانه يضع بلاده تحت تصرف بريطانيا لإخراج الحامية العثمانية من الجزر الواقعة على الشاطئ الكويتي . 

وبتاريخ 3 تشرين الثاني 1914 اي قبل يومين من إعلان بريطانيا الحرب على الإمبراطورية العثمانية , أرسل المقيم السياسي البريطاني في الخليج رسالة الى الشيخ مبارك أقترح فيها احتلال أم قصر وصفوان وبوپياف , ووعد الشيخ مبارك كونه حكومته تحت الحماية البريطانية .

 

وفي ما يتعلق بالمركز  القانوني للكويت فقد كانت تعتبر من قبل بريطانيا ( قضاء ) ضمن التقسيمات الإدارية العثمانية ثم أضحت تعتبرها ( حكومة مستقلة تحت الحماية البريطانية ) . وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بموجب معاهدة لوزان لسنة 1924 أصبحت الكويت ودول الخليج الأخرى تحت الحماية البريطانية .

 

 

  

 

 

شيء من التاريخ – الجزء الثاني –


قبل استقلال العراق عام 1932 عمدت الحكومة البريطانية كونها تمارس الانتداب على العراق والحماية على الكويت , إلى وضع المؤشرات الجغرافية لتحديد الحدود بين العراق والكويت , أتخذ شكل رسائل متبادلة بين رئيس وزراء العراق تحت الانتداب وحاكم الكويت تحت الحماية البريطانية .

فقد وجد نوري السعيد رئيس وزراء العراق , حينذاك رسالة مؤرخة في 21 تموز 1932 إلى الحاكم البريطاني للكويت جاء فيها ما يلي :

 

من نوري باشا الى السير – همفرين                                                                                                                                      مكتب مجلس الوزراء

اعتقد ان سعادتكم توافقون على انه بات من المستصوب ألان التأكيد من جديد على الحدود القائمة بين العراق والكويت . ولهذا أرجو اتخاذ الإجراء اللازم للحصول على موافقة السلطات او السلطات المختصة في الكويت على الوصف التالي للحدود القائمة بين البلدين : " من تقاطع وادي العوجة مع الباطن ثم باتجاه الشمال على طول الباطن الى نقطة جنوب خط العرض الذي يمر بصفوان مباشرة , ثم باتجاه الشرق لتمر جنوبي أبار صفوان وجبل سنام وأم قصر تاركة هذه المواقع للعراق وذلك حتى التقاء خور الزبير بخور عبد الله . اما جزر وربة وبوبيان ومسكان ( او مشجان ) فيلكا وعوهه وكبر وقاروة وام المردام فإنها تتبع الكويت " 

ورد حاكم الكويت على هذه الرسالة في 10 أب 1932 جاء فيها : 

 

علما ً بمحتوياتها واستلمنا كذلك ترجمة رسالة مؤرخة 25 تموز 1932 وموجهة من سعادة المندوب السامي في العراق الى سعادة المقيم السياسي في الخليج الفارسي , وترجمة الرسالة المؤرخة 21 تموز 1932 والموجهة من دولة نوري السعيد , رئيس وزراء العراق بشأن الحدود العراقية الكويتية , ولاحظنا أيضا من رسالة سعادة المقيم السياسي المؤرخة في 30 تموز 1932 ان الحدود التي اقترحها رئيس وزراء التي قد حظيت بموافقة جلالته . وعليه نود إبلاغكم بأننا نوافق على إعادة تأكيد الحدود القائمة بين العراق والكويت وفق ما هي موصوفة في رسالة رئيس وزراء العراق .

من الواضح من رسالة رئيس الوزراء العراق انه الحدود الواردة في رسالته هي تأكيد للحدود والمقصود بها ولاشك الحدود التي كان قد تم الاتفاق عليها عام 1913 بين بريطانيا والدولة العثمانية لعدم وجود أي اتفاق أخر او تحديد للحدود غيرها قبل عام 1932 وان هذه الحدود قد اقترنت بموافقة الحكومة البريطانية كما ورد في رد الحاكم البريطاني تم الاتفاق في 19 حزيران 1961 بين المملكة المتحدة والكويت على سحب القوات البريطانية من الكويت , وبمجرد سحب القوات البريطانية , حشد العراق قواته مطالب باعتبار الكويت جزء من العراق , وذلك ابان حكم عبد الكريم قاسم . وأدى ذلك الى عودة القوات البريطانية إلى الكويت في الأول من تموز عام 1961 .

وطلبت الكويت من مجلس الأمن عقد اجتماع عاجل بتاريخ 1/7/1961 عملا بالفقرة 2 من المادة 35 من الميثاق الأمم المتحدة , كونها غير عضو في الأمم المتحدة حينذاك , وأيدت المملكة المتحدة طلب الكويت .

 

وفي 2 تموز 1961 طلب العراق عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن للنظر في التهديد المسلح من جانب المملكة المتحدة لاستقلال العراق وأمنه ما يتحمل ان يعرض للخطر صون السلام والأمن الدوليين . كما عارض العراق طلب الكويت كونها ليست دولة مستقلة ولم تكن قط دولة مستقلة , وعقد مجلس الأمن جلسات أيام 2, 5 , 6 , 7 تموز 1961 للنظر في الشكوتبن , وأكد العراق التزامه باستخدام الطرق السليمة , غير ذلك انه كرر إعلان عزمه على استعادة حقوقه المشروعة في الكويت وأيد الاتحاد السوفيتي موقف العراق وأكد انه حشد القوات البريطانية في المنطقة يشكل تهديد السلام .

ومن الواضح ان العراق لم يكن يستقر على موقف ثابت من مسألة حدوده المشتركة مع الكويت , بل ذهب في كثير من المناسبات الى رفض الاعتراف بدولة الكويت وبالتالي طالب بضمها إليه وتحويلها الى إحدى مقاطعاته على اعتبار أنها كانت من الناحية التاريخية تابعة لولاية البصرة إحدى محافظات العراق كما كان بينا سابقا .

  

 

شيء من التاريخ – الجزء الثالث –


طلبت الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسورية ) تسوية النزاع من خلال هيئة تمثل جامعة الدول العربية . وبينما كان مجلس الامن مجتمعاً اجتمع مجلس الدول العربية في 5 تموز عام 1961 وصدرت الموافقة على انضمام الكويت الى الجامعة , شريطة ان تطلب الكويت انسحاب القوات البريطانية . كما وافق المجلس على نشر قوة تابعة للجامعة العربية على طول الحدود العراقية الكويتية . وقضت الجامعة العربية بأن يتعهد العراق بعدم استخدام القوة ضد الكويت . كما وافقت على مساعدة الكويت في الانضمام الى الامم المتحدة . وعلى الكويت بعد قبولها ان تطلب القوات البريطانية ومرابطة القوة للجامعة العربية على طول الحدود . وتم قبول الكويت عضواً في الجامعة الدول العربية في 30 تموز عام 1961 رغم اعتراضات العراق .

وفي 6 تموز 1961 طلبت الكويت رسميا الانضمام كعضو دائم الى الامم المتحدة . وفي اليوم نفسه تقدمت بريطانيا بمشروع قرار يدعو فيه مجلس الامن جميع الدول الى احترام استقلال الكويت وسلامة اراضيها . بينما تقدمت الجمهورية العربية المتحدة بمشروع قرار يحث المجلس على حل المسألة بالطرق السليمة ويدعو بريطانيا الى سحب قواتها من الكويت على الفور . ويتم التصويت على المشروعين في 7 تموز 1961 ولم يعتمد المشروع البريطاني في نظرا لاعتراض الاتحاد السوفيتي , كما لم يعتمد مشروع الجمهورية العربية المتحدة لعدم حصوله على سبعة اصوات ( لان المجلس كان يتألف حينذاك من 11 عضواً والاكثرية المطلوبة لاعتماد القرار 7 اصوات ).

 

وفي 12 اب 1961 توصلت جامعة الدول العربية الى اتفاق لتنظيم انتشار قوات الامن التابعة لجامعة الدول العربية في الكويت . وبدأت هذه القوات تتخذ مواقعها منذ 10 سبتمبر 1961 وكانت تتالف من وحدات من الاردن والجمهورية العربية المتحدة والسودان والمملكة العربية السعودية . وتمركزت هذه القوات على طول الجانب الكويتي من الحدود . وبدأت القوات البريطانية سحب قواتها من الكويت واكتمل الانسحاب في 19 تشرين الاول 1961 .

تقدمت الكويت مرة اخرى بطلب الانضمام الى عضوية الامم المتحدة في 20 نيسان 1963 بعد انقضاء اكثر من عام على الاستقرار العام على طول الحدود العراقية الكويتية , وبعد انسحاب القوات التابعة لجامعة الدول العربية . وعقد مجلس الامن جلسة بتاريخ 7 ايار 1963 للنظر في طلب الكويت وحضر مندوب العراق الذي كرر موقف العراق من ان الكويت جزء لايتجزء من راضيه وطلب تأجيل النظر في طلب الكويت . غير ان المجلس وافق بالاجماع على ان يوصي الجمعية العامة بقبول طلب الكويت . وأيدت الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية الرابعة تلك التوصية بالتزكية بتاريخ 14 ايار 1963 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 1872 (د أ-4 ) .

على الرغم من التبديل الحاصل في نظام الحكم في العراق بتاريخ 8 شباط 1963 لم يتبدل موقف العراق من الكويت , كما ذكرنا , عند بحث مجلس الامن لطلب الكويت الانضمام الى الامم المتحدة . ولكن هذا الموقف تبدل بعد عدة اشهر , حيث عقد في بغداد بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 اجتماع رفيع المستوى بين العراق والكويت , وقع الطرفان في نهايته على محضر متفق عليه تضمن اعتراف العراق وفق الحدود المذكورة في الرسائل المتبادلة بين رئيس وزراء العراق وحاكم الكويت عام 1932 كما وردت سابقا . ونظرا لاهمية هذا المحضر نورد نصه الكامل : 

استجابة للرغبة التي يحس بها الطرفان في أزالة ما يشوب العلاقات بين البلدين , اجتمع الوفد الكويتي الذي يزور الجمهورية العراقية بدعوة من رئيس وزرائها , بالوفد العراقي وذلك في بغداد في اليوم 4 من شهر تشرين الاول عام 1963 وكان الوفد العراقي يتألف من رئيس اللواء احمد حسن البكر , والفريق الركن صالح مهدي عماش وزير الدفاع ووزير الخارجية بالوكالة , والدكتور محمود محمد الحمصي وزير التجارة والسيد محمد كيان وكيل وزير الخارجية . وكان الوفد الكويتي يتألف من : سمو الشيخ صباح سالم الصباح , ولي عهد ورئيس الوزراء – وسعادة الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح , وزير الداخلية ووزير الخارجية بالوكالة . وغيرهم من الشخصيات .

 

وقد جرت المباحثات بين الوفدين في جو مفعم بالود الاخوي والتمسك برابطة العروبة والشعور باواصر الجوار وتحسين المصالح المشتركة . وتأكيدا من الوفدين المجتمعين عن رغبتهما الراسخة في توصيد العلاقات لما فيه الخير للبلدين بوحي من الاهداف العربية العليا وايمانيا بالحاجة الى الاصلاح ما طرأ على العلاقات العراقية الكويتية نتيجة موقف العهد القاسمي المباد تجاه الكويت قبل اشراق مايسمى ثورة الرابع عشر من رمضان . ويقينا بما يمليه الواجب القومي من فتح جديده من العلاقات بين الدولتين العربيتين تتفق وما بينهما من روابط وعلاقات ينحسر عنها كل ظل لتلك الفجوة التي اصطنعها العهد السابق في العراق وانطلاقا من ايمان الحكومتين بذاتية الامة العربية وحتمية وحدتها وبعد ان اطلع الجانب العراقي على بيان حكومة الكويت الذي القي بمجلس الامة الكويتي بتاريخ 9 نيسان 1963 والذي يتضمن رغبة الكويت في العمل على انهاء الاتفاقية المعقودة مع بريطانيا في الوقت المناسب , اتفق الوفدان على مايلي :

 

اولا , تعترف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبنية بكتاب رئيس وزراء العراق بتاريخ 21 تموز 1932 والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابة المؤرخ في 10 آب 1932 .

ثانيا , تعمل الحكومتان على توطيد العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين يحدوهما في ذلك الواجب القومي والمصالح المشتركة والتطلع الى وحدة عربية شاملة .

ثالثا , تعمل الحكومتان على اقامة تعاون ثقافي وتجاري واقتصادي بين البلدين وعلى تبادل المعلومات الفنية بينهما . وتحقيقا لذلك يتم فورا تبادل المعلومات الفنية بينهما . وتحقيقا لذلك يتم فورا تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على مستوى السفراء . واشهادا على ذلك وقع كل من رئيسي الوفدين على هذا المحضر . اللواء احمد حسن البكر رئيس الوفد العراقي , وصباح السالم الصباح رئيس الوفد الكويتي . وقامت حكومة الكويت بإيداع هذا المحضر لدى الامانة العامة للامم المتحدة بموجب المادة 102 من الميثاق التي تنص على ان كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده اي عضو من اعضاء الامم المتحدة , بعد العمل بهذا الميثاق , يجب ان يسجل في امانة الهيئة وان تقوم بنشره باسرع مايمكن . وليس لاي طرف في معاهدة او اتفاق دولي لم يسجل وفقا لهذه المادة ان يتمسك بتلك المعاهدة او ذلك الاتفاق امام اي فرع من فروع الامم المتحدة . ولم يعترف العراق على هذا النشر لكون المحضر لم تكتمل اجراءاته الدستورية العراقية لانه لم يقترن بموافقة السلطة التشريعية في العراق .

 

الجزء الرابع – شيء من التاريخ –

 

شكلت لجنة مشتركة بين العراق والكويت لمناقشة مسألة الحدود وبدأت هذه اللجنة أعمالها عام 1964 وعقدت عدة اجتماعات بين 1964 وحتى 1967 وكان موقف الوفدين العراقي والكويتي متعارضا حول مهمة هذه اللجنة . فبينما كان موقف الكويت بان مهمة اللجنة تختصر في مناقشة تخطيط وترسيم الحدود وليس مناقشة مشروعيتها وصحتها لان هذا الموضوع كان قد حسم باتفاق سابق بين البلدين . كان موقف العراق انه ليس ملزما بقبول مشروعية الاتفاقات السابقة لانها عقدت عندما كان العراق تحت الانتداب البريطاني , كما انم اعقد من اتفاقات اخرى لم تتم المصادقة عليها . ورفض الوفد الكويتي موقف العراق لانه يتجاوز صلاحية اللجنة المشتركة , وبناء على ذلك فقد علقت اجتماعات اللجنة المشتركة الى اجل غير مسمى في عام 1967 . وبعد قيام نظم الحكم الجديد في العراق 1968 الذي يقوده حزب البعث العربي الاشتراكي طلب العراق عام 1969 من الكويت السماح له بان ترابط قواته على طرفي الحدود العراقية الكويتية لحماية ام قصر , ويتم ذلك فعلا . وجرت عدة محاولات حتى يسحب العراق قواته في عام 1973 والتفاوض على تسوية مسألة الحدود . وقد أصدت حكومة العراق لقبولها الحدود كأمر واقع ان تلحق جزيرة وربة بالعراق ا وان تأجر له . ورفضت الكويت اي تعديل على الوضع الراهن . وفي عام 1977 سحب العراق قواته من منطقة الحدود الكويتية على ان يبقى الباب مفتوحا لمفاوضات تستهدف تسوية نهائية للخلاف على الحدود .

وبعد نشوب الحرب بين العراق وإيران وانتهائها عام 1988 تصاعدت الأهمية الإستراتيجية لجزيرة وربة ويوبيان بالنسبة للعراق الذي طلب من الكويت حل مشكلة الحدود . وقام الشيخ جابر الصباح أمير الكويت بزيارة الى بغداد عام 1989 وتلتها زيارة الشيخ سعد الصباح رئيس الوزراء من دون ان تبحث مسألة الحدود .

بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية في آب 1988 كشف عن خلاف بين العراق والكويت والأمارات العربية المتحدة بشأن الحدود وأبار النفط المتعلقة بها , تصاعد حتى عام 1990 , حيث وجه السيد طارق عزيز وزير الخارجية ( العراق ) رسالة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية بتاريخ 15 تموز 1990 حول خلاف العراق مع كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة بشأن الحدود والنفط . ونقتبس المقتطفات المهمة ذات العلاقة بمسألة الحدود في هذه الرسالة :

ان الذي دعانا الى كتابة هذه الرسالة , اننا مع عميق الأسف بتنا نواجه الان من جانب حكومة الكويت حالة تخرج عن إطار المفاهيم القومية . بل تتناقض معها وتهددها في الصميم . وتتناقض مع ابسط مقومات العلاقات بين الأقطار العربية . ان المسؤولين في حكومة الكويت وبرغم مواقفنا الأخوية الصادقة في التعامل معهم في جميع القضايا وبرغم حرصنا على مواصلة الحوار الأخوي معهم في كل الأوقات . وفي هذا الشأن هنالك رسائل موثوقة أرسلتها الحكومة العراقية للخروق الكويتية من خلال استغلالها للحرب العراقية – الإيرانية وفي أثناء سنوات الحرب الطويلة , وبصورة خاصة استغلت حكومة الكويت وبشكل مبرمج تنفيذ مخطط في تصعيد وتيرة الزحف التدريجي باتجاه ارض العراق فصارت تقيم المنشات العسكرية والمخافر والمنشات النفطية والمزارع على ارض العراق , ولكن تلك الإجراءات استمرت وبأساليب ماكرة وإصدار يؤكد التعمد والتخطيط . ومن الجانب الاخر اشتركت حكومة الإمارات العربية المتحدة مع حكومة الكويت , ومن الجانب الأخر اشتركت حكومة الإمارات العربية المتحدة مع حكومة الكويت , فقد نفذت حكومتا الكويت والإمارات عملية مدبرة لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج خارج حصتهما المقررة في الأوبك بمبررات وأهمية لا تستند الى اساس من المنطق او العدالة او الإنصاف . وبذرائع لم يشاركهما فيها اي من الأشقاء من الدول المنتجة . وقد إضافة حكومة الكويت الى هذه الإساءات المتعمدة إساءة اخرى مستهدفة الإضرار بالعراق بالذات . لقد نصت منذ عام 1980 وخاصة في ظروف الحرب منشات النفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي . وأضحت الحكومة العراقية لكل من الأشقاء العرب وبعد ان طلبنا مباشرة من هاتين الحكومتين الكف عن السياسة الظالمة والمدمرة وشرحنا لهما ما نتعرض اليه من إضرار كبيرة , قبل قمة بغداد وفي اثناء القمة وبعدها . وأرسلنا المبعوثين وكتبنا الرسائل لذلك فأننا ندين ما فعلته حكومة الكويت والإمارات بالعدوان المباشر على العراق فضلا عن عدوانهما على الأمة العربية .

ورد على هذه الرسالة الشيخ صباح الأحمد وزير خارجية الكويت بمذكرة مؤرخة في 18 تموز 1990 نورد اهم ما ورد فيها في الجوانب المتعلقة بالحدود العراقية – الكويتية .

ان ما ورد في المذكرة من ادعاءات تتعلق بموضوع الحدود بين العراق والكويت , ومن ان الكويت قامت بتصعيد الزحف التدريجي والمبرمج تجاه الأراضي العراقية وذلك بإقامة المنشآت العسكرية والمخافر والمنشآت النفطية والمزارع على الأراضي العراقية , ان ذلك بعد تزييفا للواقع وعرضا للحقائق معكوسة , حيث ان للعراق سجلا حافلا في تجاوزاته على الأراضي الكويتية وهو سجل مدعم بالواقع لدى الجهات المعنية .

كما ردت الإمارات العربية المتحدة بمذكرة مؤرخة في 19 تموز 1990 ونظرا لأنه الموضوع لا يتعلق أصلا بمسالة الحدود العراقية – الكويتية فلا ضرورة لإيراد نص الرد الامارتي .

وبتاريخ 21 تموز 1990 وجه وزير خارجية العراق مذكرة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية تعقيبا على رد وزير خارجية الكويت , نورد اهم ما ورد في هذه المذكرة في ما يتعلق بمسألة الحدود : 

تقول المذكرة ان العراق كان يرفض " ترسيم الحدود " بينه وبين الكويت وهذه مغالطة تدحضها الحقائق والوثائق والواقع . اولا ان المسالة بين العراق والكويت , وكما جاء في رسالة نائب رئيس الوزراء الدكتور سعدون حمادي الموجهة الى وزير خارجية الكويت بتاريخ 30/4/1990 ( التي نرفق منها طيا ) , ليست مسألة ترسيم كما  تدعي المذكرة الكويتية , ان وضع بلدين متجاورين تجمعهما أواصر القربى الوثيقة لم يتوصلا حتى الان الى اتفاق حول تحديد حدودها في البر والبحر .

وبما يلفت النظر ان الحكومة الكويتية لم تكتف بالرد على رسالتنا في مذكرة موجهة الى الجامعة العربية وانما ابغلت يوم الخميس 19/7/1990 رسالة حول الموضوع الى رئيس مجلس الامن والأمين العام للأمم المتحدة . فهل تقصد حكومة الكويت تدويل هذه المسألة في الوقت الذي ملئت فيه مذكرتها بالكلمات الإنشائية الطنانة عن الجامعة العربية وميثاقها وعن العلاقات بين العرب . ولم تنتج الجهود العربية في تسوية الأزمة بين العراق والكويت . وعلى العكس من ذلك فقد تصاعد التوتر بين العراق والكويت حيث قام العراق باحتلال الكويت بتاريخ 2 آب 1990 واصدر مجلس الأمن عدة قرارات أدانت الاحتلال .

 

الجزء الخامس – شيء من التاريخ -

وبعد انتهاء العمليات العسكرية التي قامت بها قوات التحالف ضد العراق بموجب التفويض الممنوع لها بقرار مجلس الامن 678 / 1990 , اصدر مجلس الأمن القرار 687 / 1991 الذي يشكل معاهدة سلام فرضت على العراق كما بينا سابقا .

وقد أولى القرار المذكور مسألة الحدود أهمية خاصة وافرد لها القسم - أ – من القرار كونها كانت احد اهم جذور النزاع بين العراق والكويت . كما اعتبر المجلس ان الحل الذي فرضه لموضوع الحدود بين العراق والكويت يساهم في استعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة , كما ان المجلس ضمن الحدود التي فرضها .

معالجة القرار 687 / 1991 للحدود بين العراق والكويت , جاء في الفقرتين 6 و 7 من ديباجة القرار 687 / 1991 ما يلي : وإذا يلاحظ ان العراق والكويت , بوصفهما دولتين ذواتي سيادة , قد وقعنا في بغداد في 4 تشرين الأول 1963 على محضر متفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة , معترفين بذلك رسميا بالحدود بين العراق والكويت وبتخصيص الجزر , وقد سجل هذا المحضر لدى الأمم المتحدة وفقا للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة , واعترف فيه العراق باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة المبينة في رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 21 تموز عام 1932 والتي وافق عليها حاكم الكويت في رسالته المؤرخة في 10 تموز 1932 . و إدراكا منه لضرورة تخطيط الحدود المذكورة . وجاء في القسم - أ – من القرار وفي الفقرة العاملة 2-4 ما يلي :

الفقرة الثانية : يطالب بان يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر , على النحو المحدد في " المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات علاقة " الذي وقعاه ممارسة منهما لسيادتهما , في بغداد في تشرين الأول 1963 وسجل لدى الأمم المتحدة .

الفقرة الثالثة : يطلب الى الأمين العام ان يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بين العراق والكويت , مستعينا بالمواد المناسبة , بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة 28 آذار 1991 الموجهة اليه من الممثل الدائم للملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية لدى الأمم المتحدة وان يقدم الى مجلس الأمن تقريرا عن ذلك في غضون شهر واحد .

الفقرة الرابعة : يقرر ان يضمن حرمة الحدود الدولية المذكورة أعلاه وان يتخذ جميع التدابير اللازمة حسب الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية وفقا لميثاق الأمم المتحدة .

ملاحظات حول الجوانب القانونية لمسألة الحدود العراقية – الكويتية وطرحها في قرار مجلس الأمن 687 / 1991 .

يلاحظ من مسيرة الأحداث ان مسألة تخطيط الحدود العراقية – الكويتية قد تم الاتفاق عليها بمبادرة من المملكة المتحدة منذ عام 1932 ثم جاء توقيع المحضر المتفق عليه بين العراق والكويت في 4 تشرين الأول 1963 . وأودعت الكويت هذا المحضر لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة ولم يعترض العراق على هذا الإيداع بسبب عدم مصادقة الجهات الدستورية العراقية على المحضر , اذا كان يفترض ان يعترض العراق على هذا الإيداع ليطعن في القوة القانونية للاتفاق . وعلى الرغم من ذلك فان عدم الاعتراض العراق لا يكسب المحضر صفة المعاهدة او الاتفاق الدولي قانونا , لذلك ان الأمانة للأمم المتحدة عند نشرها اي اتفاق بناء على طلب الدول فهذا لا يعني بانها تتبنى رأي او موقف الدولة التي طلبت النشر . وقد استقرت ممارسة الأمم المتحدة على هذا النمط , بحيث يجوز للدولة المعينة أبداء جميع دفوعها القانونية المتعلقة بالاتفاقية بعد نشرها . 

ولكن الملفت للنظر في سياق المراحل التمهيدية للاحتلال العراقي للكويت ولا سيما عبر الرسائل الموجهة من وزير خارجية العراق الى أمين عام جامعة الدول العربية والرد عليها من وزير خارجية الكويت في شهر تموز 1990 , بأن الطرفين قد أهملا ذكر المحضر المتفق عليه بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 الذي تناول موضوع الحدود , بحيث لم يورد ذكره لا الجانب الكويتي في رده على ما جاء في رسالة وزير الخارجية العراق من ان مشكلة الحدود من المسائل المعلقة بين البلدين . كما لم يتطرق اليه الجانب العراقي وعلى العكس من ذلك ورد في رد وزير الخارجية العراقي على رسالة الوزير الكويتي ان البلدين لم يتفقا على تحديد الحدود البرية والبحرية بينهما .

وقد تمت الإشارة في الرسالة الكويتية الى ان أبار النفط تقع ضمن أراضيها جنوب خط الجامعة العربية , وعلى مسافة كافية من الحدود الدولية وفقا للمقاييس العالمية .

وبمعنى اخر , فان الكويت تعتبر خط الجامعة العربية حيث كانت متمركزة قوات الأمن العربية عام 1961 معيارا فنيا لتحديد الحدود , ما يؤكد عدم الإشارة الى المحضر المتفق عليه عام 1963 .

كما ان رسالة الجانب العراقي لم تشر الى اي اتفاق على الحدود وانما ورد فيها : وقد تجاهلت المذكرة الكويتية مبادرتنا التي اشرنا إليها في رسالتنا في 15/ 7 /1990 , ففي إثناء حضورنا قمة الجزائر في أيار 1988 أبلغت انا شخصيا وزير الكويت برغبة صدام حسين في حسم مسألة الحدود بين البلدين . غير ان الجانب الكويتي وبعد عدد من الاتصالات التي جرت حول الموضوع تهرب من الأمر . وابلغنا بان ظروفه لا تسمح ببحث هذه المسألة وطلب منا تأجيل بحثها . كما ان مسؤولين كويتيين اتصلوا بنا وابلغونا عن رغبتهم في تحويل ملف الحدود من مسؤول كويتي الى أخر . وان صدام حسين هو الذي اقترح ثانية على سمو امير الكويت إثناء زيارته الى العراق في شهر سبتمبر 1989 , معاودة البحث في الموضوع وحله ومن العودة الى مناقشات مجلس الأمن عند اعتماد القرار 660 / 1990 لم يتطرق الجانب الكويتي او اي عضو من الأعضاء مجلس الأمن الى اتفاق السابق بين العراق والكويت والمودع لدى الأمم المتحدة والذي يقضي بالاعتراف باستقلال الكويت وتحديد الحدود بينهما . ثم صدرت عدة قرارات عن مجلس الأمن حول الحالة بين العراق والكويت وأهمها القرارات 660 و 661 و 665 و 670 و 678 / 1990 وأخيرا القرار 686 / 1991 بعد انتهاء المعارك التي خاضتها قوات التحالف ضد العراق ولم يرد ذكر الاتفاق على الحدود بين العراق والكويت .

  

شئ من التاريخ – الجزء السادس – 

الطرح المفاجئ للمحضر المتفق عليه عام 1963 والخريطة المقدمة من بريطانيا في مشروع القرار 687 / 1991 .

عند صدور قرار مجلس الأمن رقم 686 / 1991 بتاريخ 2 آذار 1991 الذي مهد للوقف الرسمي للإطلاق النار لم يرد فيه اي ذكر لمسألة الحدود بين العراق والكويت او اي اتفاق متعلق بها , وانما ورد في ديباجة تأكيد التزام جميع الدول الأعضاء باستقلال العراق والكويت وسلامة أراضيها .

ويبدو ان الدول التي كانت تعد صياغة مشروع القرار 687 / 1991 قد جوبهت باعتراضات من بعض الدول الأعضاء في المجلس حول موضوع اختصاص المجلس في تخطيط الحدود وضمانها ودرست هذه الدول وخاصة بريطانيا تطورات مسألة الحدود بحيث جاء ذكر المحضر المتفق عليه كونه مستندا قانونيا يبنى عليه تصرف مجلس الأمن الذي يستهدف تنفيذ هذا السند القانوني ليس الا . والطلب من الأمانة العامة للأمم المتحدة المساعدة الفنية في ذلك , اي تخطيط الحدود . 

لذلك وبغية تغطية الثغرات القانونية في مشروع القرار وردت الى مجلس الأمن والأمانة رسالتان : الأولى من الممثل الدائم للملكة المتحدة بتاريخ 28 آذار 1991 مرفقة بعشر خرائط للحدود العراقية الكويتية أعدها المدير العام لدائرة المساحة العسكرية في المملكة المتحدة . وقد أعدت هذه الخرائط , كما ورد في الرسالة , على أساس رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 31 تموز 1932 ورسالة حاكم الكويت المؤرخة في 10 أب 1932 في الوثيقة رقم (22412/ S) . واعتبرت هذه الخرائط من المواد المناسبة لتخطيط الحدود العراقية الكويتية بموجب الفقرة العاملة الثالثة لقرار مجلس الأمن 687 / 1991 .

الثانية : رسالة  وردت من الممثل الدائم للكويت بتاريخ 2 نيسان 1991 وبعد ان قدمت الدول مشروع القرار 687 / 1991 لان مشروع القرار اتخذ الوثيقة رقم (22430 / S) بينما اتخذت رسالة الكويت الوثيقة رقم (22432/ S) وقبل يوم من مناقشة مشروع القرار وجاء فيها : أود ان أشير الى مجموعة معاهدات الأمم المتحدة رقم 7063 التي تتضمن نص محضر متفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات الصلة . وسأغدو ممتنا اذا اتخذتم الترتيبات اللازمة لتعميم هذا النص . بحيث جاءت هذه الرسالة من ثم نوعا من التدارك لمنح مشروع القرار الأساس القانوني في ما يتعلق بما ورد في الديباجة او الفقرات العاملة عن تخطيط الحدود .

اذا جاء في الفقرة السادسة من الديباجة لأول مرة في وثائق مجلس الأمن ذكر للمحضر المتفق عليه بين الكويت والعراق في 4 تشرين الأول 1963 . كما جاء في الفقرة العاملة الثانية نص يطالب بان يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية . وطلبت الفقرة العاملة الثالثة من الأمين العام ان يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة لتخطيط الحدود مستعينا بالمواد المناسبة بما فيها الخرائط المرفقة برسالة الممثل الدائم للمملكة المتحدة بتاريخ 28 / آذار 1991 .

والسؤال المشروع الذي يطرح هنا : من هي الجهة التي أتت على ذكر المحضر المتفق عليه وأرفق الخرائط التي قدمتها المملكة المتحدة بتاريخ 28 آذار 1991 وأرسلت رسالة مندوب الكويت بعد تقديم مشروع القرار بتاريخ 2 نيسان 1991 ؟

وكنا قد اشرنا الى المبادرة البريطانية لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في عام 1932 , وتعود نفس الجهة لتقدم الى الأمم المتحدة مجموعة خرائط لتطبيق محضر لم تورد ذكره الكويت نفسها طيلة فترة مناقشة مجلس الأمن للموضوع .

وقد ورد ذكر هذا المحضر لتسويغ صلاحية مجلس الأمن في تخطيط الحدود التي تعود أصلا الى اتفاق الدول الإطراف او اللجوء الى محكمة العدل الدولية . بحيث يقال ان مجلس الأمن لن يخطط الحدود بين العراق والكويت وانما يساعدهما بصورة تقنية في تنفيذ ما اتفقنا عليه سابقا .

وقد ورد ذلك على لسان أكثر من مندوب من متبني مشروع القرار . فقد قال مندوب المملكة المتحدة " ان القرار لا يحاول  تسوية الحدود بين هذين البلدين وانما قام بهذا فعلا اتفاق عام 1963 بينهما , الذي سجل لدى الأمم المتحدة . الا  ان عدم وضع تلك الحدود وعزم العراق على أثارة دعاوى إقليمية لا تتحاشى مع اتفاق عام 1963 أنما يمثلان جذور ذلك النزاع ويجب علاجهما .

وجاء في كلمة مندوب الولايات المتحدة الأمريكية : ان المجلس لن يضع الحدود بين العراق والكويت وإنما ينفذ الاتفاق الموقع بين الطرفين عام 1963 والذي سجل في الأمم المتحدة . وان العراق لم يحتج قط على هذا الاتفاق و لا على تسجيله في الأمم المتحدة ولكن العراق غزا الكويت في أب 1990 واحتلها وحاول ضمها . ومهمتنا ألان , وفقا لمسؤولياتنا بموجب الفصل السابع من الميثاق , تتمثل في إرساء السلم بحيث لا يقوم العراق مرة أخرى بتهديد سيادة الكويت وسلامتها الإقليمية . ولذلك يطلب القرار ان يحترم العراق والكويت حرمة حدودها الدولية المتفق عليها في عام 1963 , ويطلب الى الأمين العام ان يساعد في اتخاذ الترتيبات  اللازمة لترسيم الحدود بين العراق والكويت , ويقرر ان يضمن حرمة الحدود الدولية المذكورة .

وتطرق مندوب الصين الى هذا الموضوع فقال : اننا نحترم الأنفاق المتعلق بمسألة الحدود الذي توصلت اليه الكويت والعراق في عام 1963 من خلال المفاوضات , وفي رأينا , ان المحاضر المتفق عليها , والتي سجلت لدى الأمم المتحدة منذ امد طويل , تشكل وثيقة قانونية وسارية المفعول .

وعندما رد مندوب الكويت على مندوب العراق في نهاية الجلسة قال : ان الحدود التي يشير اليها القرار لم تفرض على العراق ولم تفرض على الكويت انما هي حدود تمت الموافقة عليها بين البلدين يوم الرابع من تشرين الأول عام 1963 . فالحدود ليست موضوع خلاف ويتضح من الوثيقة (22432/ S) التي عممت على المجلس حقيقة الاتفاق بين العراق والكويت على موضوع الحدود . كل ما نتناوله هو عملية ترسيم الحدود . اي إننا نتناول عملية فنية في صلب القرار ومن خلال ترسيم الحدود يمتحن مجلس الأمن صدقيه العراق واحترامه القوانين والمواثيق .

وإزاء هذا الوضع وضمن البيئة الدولية  السائدة عند اعتماد  القرار 687 / 1991 لم يعد إمام العراق من خيار الا الموافقة على القرار بما فيه القسم – أ – المتعلق بتخطيط الحدود . لان القرار المذكور صدر بموجب الفصل السابع ويتوقف على قبول العراق الاذعان له , وقف إطلاق النار .

وان ما ذكرناه من جوانب قانونية تتصل بمسألة الحدود ليست الا من قبل التذكير بآليات وظروف اعتماد القرار 687 / 1991 والقوى المؤثرة في صياغته وسد الثغرات القانونية التي اكتنفت الصياغة الأصلية , ما يؤكد ان قرارات مجلس الأمن تعد في مطبخ الدول الكبرى المؤثرة وتصدر باسم المجتمع الدولي الممثل بالأمم المتحدة .

 

 

شيء من التاريخ – الجزء السابع – 

مرت خطوات تنفيذ القسم – أ- من القرار 687/ 1991 وفق مراحل وكان موقف العراق متحفظاً عليها ثم رفعت هذه التحفظات بصورة مماثلة للتحفظات التي كانت تتصل بالقرار 687 بأكمله كما بينا سابقاً . ذلك ان القرار المذكور وضمن البيئة التي صدر فيها شكل معاهدة إذعان للعراق. 

تنفيذا ً  للفقرة العاملة الثالثة من القرار 687 / 1991 اصدر الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 2 أيار 1991 تقريره عن الآلية المقترحة لتشكيل لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت .

وتضمن التقرير 8 فقرات ومرفقين , الأول رسالة صادرة عن الممثل الدائم للكويت والثاني رسالة عن الممثل الدائم للعراق . ونعرض في هذا الفرع نصوص اهم فقرات التقرير . فقد جاء في الفقرة الثالثة من التقرير : بعد أجراء مشاورات مع حكومتي العراق والكويت , ستكون من ممثل واحد لكل من العراق والكويت وثلاثة خبراء مستقلين سأتولى تعيينهم , وسيتولى احدهم الرئاسة . وسيجري أبلاغ المجلس بذلك فور أنشاء اللجنة . وستتمثل اختصاصات اللجنة في تخطيط الحدود الدولية بالإحداثيات الجغرافية لخطوط  العرض والطول , وذلك على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه بين الكويت والعراق . وان اللجنة ستتخذ أيضا الترتيبات اللازمة للتعيين المادي للحدود . والإحداثيات التي تحددها اللجنة ستشكل التخطيط النهائي للحدود الدولية بين العراق والكويت وفقاً للمحضر المتفق عليه والمؤرخ 4 تشرين الأول 1963 . وستودع في محفوظات كلتا الحكومتين وستقدم نسخة الى نسخة منها . مصادقاً عليها , حيث سأبلغ بها مجلس الأمن وسأبقيها لدي وديعة في محفوظات الأمم المتحدة . وجاء في الفقرة الخامسة (5) : وفور تشكيل اللجنة , وبعد اجراء تقييم أولي للموارد المطلوبة لتخطيط الحدود . ستحيل اللجنة إلي تقريراً للتكاليف وسأبلغ به مجلس الأمن , وفي الوقت نفسه , سأتقدم باقتراح بأن يتم تقاسم جميع التكاليف , بما في ذلك التكاليف الأولية للجنة بين الطرفين المعنيين .

موقف الكويت ; أرفق بالتقرير المرفق الأول وهو رسالة مؤرخة في 19 نيسان 1991 موجهة من الممثل الدائم للكويت لدى الأمم المتحدة الى الأمين العام وجاء فيها :

أود ان أشير الى التقرير بشأن الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 687 / 1991 وان ابلغ عن موافقة حكومة الكويت على البنود الواردة في التقرير وعن استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة في تنفيذ تلك البنود .

موقف العراق ; عقد اجتماع بتاريخ 17 نيسان 1991 بين الممثل الدائم للعراق والمستشار القانوني للأمم المتحدة السيد فلايشهاور . ووجه بعد هذا الاجتماع وزير خارجية العراق رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 23 نيسان 1991 أرفقها الممثل الدائم للعراق برسالة الى الأمين العام في التاريخ نفسه واعتبرها الأمين العام المرفق الثاني لتقريره , وتضمنت هذه الرسالة مقدمة و4 فقرات وخاتمة نعرض أهمها : ان ما ورد بشأن الحدود بين العراق والكويت في الوثيقة المسماة " محضر متفق عليه بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة " المؤرخة 4 تشرين الأول 1963 لم يستكمل الإجراءات الدستورية بتصديقه من قبل السلطة التشريعية ورئيس الدولة في العراق ما أبقى مسألة الحدود معلقة من دون حل . وفرض المجلس على العراق الحدود مع الكويت . ان الحكومة العراقية لا تزال تعتقد بالطبيعة المشروعة لموقفها الذي تعكسه الملاحظات المبينة آنفاً , وعلى هذا الأساس تود حكومتي ان تبدي الملاحظات التالية :  ان حكومتي تساءل عن الأساس القانوني الذي استند الية المجلس في القرار 687 / 1991 وسيادتكم في مشروع تقريركم , في اعتبار الخريطة الواردة في الوثيقة 22412/ S الصادرة بتاريخ 28 آذار 1991 بطلب من البعثة الدائمة للملكة المتحدة , والتي وصفها مستشاركم القانوني بكونها خريطة بريطانية . ان المذكرة لم تشر الى اية خريطة كما هو واضح من النص المنشور في مجموعة معاهدات الأمم المتحدة , المجلد 485 , الوثيقة رقم 7063 . ان أبداء المساعدة من سيادتكم لوضع تدابير ترسيم الحدود بين العراق والكويت ينبغي ان يوفر التوازن الكامل بين ما يمكن ان يذهب اليه اي من الطرفين في سياق تنفيذ عملية الترسيم وان يؤمن لحسم الخلافات التي يمكن ان تطرأ بينهما في المواقف الفنية أسلوب يحقق العدالة والإنصاف . ومن هذا المنطلق ترى الحكومة العراقية ان تشكل اللجنة الذي اقترحتموه للقيام بعملية الترسيم لا يمكن ان يحقق العدالة والإنصاف . ورد في تقريركم ان بوسع اللجنة " استخدام التكنولوجيا المناسبة ( الفقرة 4 من المشروع ) . وانها ستتولى اتخاذ التدابير اللازمة لتشخيص وفحص المادة ذات العلاقة بترسيم الحدود ( الفقرة 6 من المشروع ) . ان الحكومة العراقية تعتقد بضرورة توضيح مفاهيم " المواد المناسبة " و " التكنولوجيا المناسبة " . تقترح سيادتكم في الفقرة 5 من مشروع التقرير بأن يشترك الطرفان في تحمل نفقات عملية الترسيم . ان الحكومة العراقية لا تستطيع ان تتفهم الأساس الذي يقوم عليه هذا المقترح طالما ان محتوى المقترحات التي وردت في مشروع التقرير بمجملها تكاد ترقى , كما يبدو لحكومتي , الى كونها " عقد إذعان " ليس للعراق اي حرية إرادة في الاتفاق ألرضائي على مضامينه . 

أود في الختام ان اوكد لسيادتكم ان حكومة العراق على كامل الاستعداد للتشاور معكم في شأن الملاحظات التي تتضمنها رسالتي سواء في نيويورك او في مكان اخر . وبهذه المناسبة تود ايضا ان أشير الى اننا مثلما قبلنا بالقرار 687 / 1991 رغم اعتراضنا عليه ونقدنا لمضامينه . 

فاننا سوف نتعاون معكم ونسمي من يمثل حكومتنا في لجنة الترسيم حتى ان لم تأخذوا بالاعتبار ما أوردناه انفا من آراء وملاحظات . ونحن نفعل ذلك بسبب استمرار نفس الظروف التي تفرض علينا للقبول . ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 30 نيسان 1991 الى وزير خارجية العراق , ورد نصها كونه المرفق الثالث لتقرير الامين العام وفي مايلي اهم ماورد فيها :

التعليق الاول لحكومتكم هو ان تخطيط الحدود بين دولتين لا يمكن الاضطلاع به في القانون الدولي الا بأتفاق بين الطرفين وان مجلس الامن ليس لديه اي صلاحية لغرض تخطيط الحدود هذا . وفي هذا المصدر اود الإشارة الى رسالتين متطابقتين مؤرختين 6 نيسان 1991 موجهتين الي والى رئيس مجلس الامن (22456/S) قامت حكومتكم بالاخطار رسميا عن قبولها لاحكام ذلك القرار . ولذلك فان الإخطارات الرسمية الصادرة عن حكومتكم بالقبول توفر عنصر الاتفاق في مايتعلق بالعراق .

التعليق الثاني : تذكر حكومتكم ان اشارة محددة الى خريطة أتاحتها المملكة المتحدة موصفها المستشار القانوني , وفقاً لما جاء في الرسالة بكونها " خريطة بريطانية ورد ذكرها في مذكرة التفاهم لعام 1963 " تمثل حكماً مسبقاً على تخطيط الحدود المقترح , ومن وجهة نظر وقائعية محضة . تم إبلاغ ممثلكم الدائم بأن الخريطة المقصودة هي " خريطة من إعداد المملكة المتحدة " .

التعليق الثالث :  تثير حكومتكم تساؤلات حول استقلال الجزاء الذي سأتولى تعيينهم للعمل في لجنة الحدود , وتبدي تعليقات على الاقتراح بأن تتخذ القرارات الأغلبية .

وأؤد ان أؤكد لكم إنني , كما افعل دائماً , سأتخذ قراراتي , عند تعيين الجزاء المستقلين للجنة على أساس الحاجة الى كفالة الاستقلال والكفاءة والنزاهة . وفي ضوء ما أبدته حكومتكم من استعداد للتعاون معي , فإنني اعتزم الشروع على الفور , في أنشاء اللجنة , وسأحيل تبعاً لذلك اقتراحاتي هذه , وهذه المراسلات المتبادلة الى مجلس الأمن .

 

شيء من التاريخ – الجزء الثامن – 

بناءا على ما تقدم وتنفيذا للفقرة الثالثة من قرار مجلس الأمن 687/ 1991 , شكلت لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت من السادة , السيد مختار كوسوما وزير خارجية اندونيسيا السابق رئيسا للجنة . وقد استقال من منصبه في 30 تشرين الأول / 1992 وعين الأمين العام بدلاً عنه السيد نيكولاس فالتيكوس , المدير العام المساعد لمكتب العمل الدولي وعضو معهد القانون الدولي . السيد أيان بروك المدير الفني بهيئة المساحة السويدية – خبير مستقل .

السيد وليم روبرتسون , مدير المساحة ومدير عام هيئة المساحة ومعلومات الأراضي في نيوزلندا – خبير مستقل . 

السفير رياض القيسي – ممثلا للعراق , السفير طارق رزوقي – ممثلا للكويت – والسيد ميكلوس بنثر – كبير الخرائط في الأمانة العامة للأمم المتحدة وامنيا للجنة . 

اعتمدت اللجنة نظامها الداخلي , وبموجبه يكتمل نصاب اجتماعات اللجنة بحضور ثلاثة أعضاء على الأقل بمن فيهم الرئيس وممثل واحد على الأقل ( المادة 3 ) وتعقد اجتماعات اللجنة بصورة مغلقة ( المادة 4 ) وان قرارات اللجنة  تتخذ بالأغلبية ( المادة 5) .

وعقدت اللجنة 11 دورة وضمنها 82 اجتماعا وقامت بجولات ميدانية وفنية لموضع الخرائط . وكانت الدورة الأولى يومي 23 و24 أيار 1991 . ولم يحضر ممثل العراق الدورات اللاحقة للدورة التي عقدت في 15 تموز 1992 .

وكان موقف العراق من أعمال اللجنة , وجه وزير خارجية العراق بتاريخ 21 / 5/ 1992 رسالة الى الأمين العام تضمنت وجهة نظر العراق في آليات عمل اللجنة وتبع ذلك امتناع ممثل العراق عن حضور دورات اللجنة اللاحقة لهذه الرسالة كما بينا سابقا ً .

بعد تسلم الأمانة العامة رسالة وزير خارجية العراق صدر عن رئيس مجلس الأمن بيان بتاريخ 17 حزيران 1992 تضمن قلق المجلس من رسالة وزير خارجية العراق التي تبدو بأنها تثير تساؤلات حول التزام العراق بقرار مجلس الأمن 687 / 1991 . كما قد تفسر بأنها رفض لنهائية قرارات لجنة تخطيط الحدود رغم قبول العراق بقرار مجلس الأمن . ويذكر أعضاء المجلس العراق أيضا بقبوله قرارات المجلس المتخذة وفقا للفصل السابع من الميثاق التي يقوم على أساسها وقف أطلاق النار . 

اصدر مجلس الأمن بتاريخ 26 / آب / 1992 القرار رقم 773/ 1992 الذي أعرب عن تقريره لإعمال لجنة تخطيط الحدود بشأن الحدود على الأرض البرية ويرحب بعزمها على استكماله الحدود البحرية . ورحب المجلس باعتزام الأمين العام ان يجري إعادة تخطيط المنطقة المنزوعة السلاح المشار إليها في الفقرة 5 من القرار 687 / 1991 لكي تتوافق مع الحدود الدولية التي خططتها اللجنة مع ما يترتب على ذلك من أزاله مراكز الشرطة العراقية .

أنجزت اللجنة أعمالها وتقدمت بتقريرها النهائي بتاريخ 20 أيار 1993 إلى الأمين العام الذي رفعه الى مجلس الأمن بتاريخ 21 و24 أيار 1993 .

وتضمن التقرير ثلاثة عشر قسما تناولت اختصاصات اللجنة وتشكيلها ودورات انعقادها ووضع الخرائط ووثائق تخطيط الحدود وقائمة بإحداثياتها . وأرفقت بالتقرير الخرائط المساحية الفنية .

بعد انتهاء أعمال لجنة تخطيط الحدود اصدر مجلس الأمن القرار رقم 833 تاريخ 27 أيار 1993 الذي يتضمن 6  فقرات عاملة حيث رحب المجلس باختتام أعمال اللجنة , وأكد من جديد ان قرارات اللجنة في ما يتعلق بتخطيط الحدود قرارات نهائية . وطالب المجلس العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية , كما خطتها اللجنة , وباحترام الحق في المرور الملاحي , وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن . وشدد المجلس من جديد على قراره بضمان الحدود الدولية التي أتمت اللجنة تخطيطها .

موقف العراق والكويت من التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود وقرار مجلس الأمن 833 / 1993 .

موقف العراق 

وجه وزير خارجية العراق بتاريخ 6 حزيران 1993 مذكرة الى الأمين العام للأمم المتحدة تضمنت موقف العراق من أعمال لجنة تخطيط الحدود وتقريرها النهائي وقرار مجلس الأمن 833 / 1993 وجاء في أهم فقراتها في الجوانب القانونية .

أكدت المذكرة ما ورد في المذكرات السابقة من مواقف العراق من تشكيل اللجنة وأعمالها وخصت المذكرة الفقرة رابعا ً – قرار اللجنة حول ترسيم الحدود البحرية في خور عبد الله وجاء فيها :

حينما ناقشت اللجنة لأول مرة مسألة تخطيط القسم البحري من الحدود في دورتها الثالثة بين 12 و 16 آب 1991 في جنيف أكد رئيس اللجنة وشاركه في مهمته الخبيران المستقلان , وجود صعوبة في تناول القسم البحري من الحدود بسبب طبيعة او حدود الصلاحية الممنوحة والتي لا تخولها تناول مسار الحدود بعد نقطة التقاء خور الزبير بخور عبد الله ( اي في البحر ) ما لم يتفق الطرفان على ذلك كما ان اللجنة لا يمكن ان تمنح صلاحية لنفسها .

طلب ممثل حكام الكويت من اللجنة إثناء انعقاد دورتها الرابعة في نيويورك من 7 الى 16 تشرين الأول 1991 ان يمنح الفرصة للإدلاء ببيان عن القسم البحري من الحدود في الدورة القادمة . وعند إدلاء ممثل حكام الكويت ببيانه في الدورة الخامسة للجنة التي عقدت بين 8 و16 نيسان 1992 ادعى ان صلاحيات اللجنة تشمل تخطيط الحدود البحرية . وفي الوقت الذي أكده الرئيس والخبيران المستقلان في الدورة الثالثة , اكتفى رئيس اللجنة بالصمت .

وفي الدورة السادسة لاجتماعات اللجنة في نيويورك من 15 الى 24 تموز 1992 والتي كانت مكرسة لبحث تقرير اللجنة عن أعمالها الى الأمين العام . أدرجت الأمانة العامة في مسودة جدول الأعمال التي عرضها الرئيس بحث القسم البحري من الحدود مرة أخرى . ام محاضر اللجنة تكشف بسهولة الخلافات الحادة التي سادت مناقشات اللجنة وعلى الأخص بين ممثل حكام الكويت ومستشاريه ورئيس اللجنة يسبب الضغط الكويتي على الرئيس والخبيرين المستقلين لاعتماد موقف حكام الكويت في شأن تخطيط الحدود البحرية . ولم يتردد رئيس اللجنة في كشف الكثير من الحقائق الصارخة في شأن الضغط المذكور والتدخلات التي مارسها نائب المستشار القانوني للأمانة العامة للأمم المتحدة في عمل اللجنة .

وكانت نهاية المطاف في هذه الدورة أن وافقت اللجنة , على البحث في قطاع خور عبد الله أيضا ومناقشته في اجتماع يعقد لهذا الغرض في شهر تشرين الأول .

لقد طرأ تطوران مهمان ضمن تسلسل الإحداث هذا . ففي 12 آب 1992 أحيل " التقرير الإضافي للجنة التخطيط " الذي أنجزته في دورتها السادسة الى رئيس مجلس الأمن . وقد أشير في تلك الإحالة الى ما نصه : " وبقدر ما يخص الأمر الحدود لما وراء الساحل , فأن المجلس قد يرغب في تشجيع اللجنة على ان تخطط ذلك الجزء من الحدود في أقرب وقت مستطاع , فتكمل بذلك عملها " لقد جاءت هذه الإشارة رغم ان الأمانة العامة تعلم تماما ان اللجنة لم تكن قد اتفقت بعد على انها مختصة , بموجب صلاحياتها المقررة , بتخطيط الحدود البحرية . ورغم ان موقف رئيسها كان واضحا جدا لديها في هذا الشأن الذي بلغ حد التهديد بالاستقالة اذا فرض هذا الأمر على اللجنة . ان هذه الإشارة تعزز الانطباع بان المقرر مسبقا كان هو تلبيه رغبة حكام الكويت والدول التي تدعمها في مجلس الأمن والتي خططت منذ البداية لان تكون نتيجة أعمال لجنة التخطيط هي ما توصلت اليه رغم كل الأداء والمفاهيم المغايرة لها .

وبالفعل نجد ان مجلس الأمن يسارع في اعتماد قراره 773 / 1992 و ينص في فقرته الثالثة على الترحيب بقرار اللجنة في ان ننظر في الجزء الشرقي من الحدود في اقرب وقت مستطاع فتكمل بذلك عملها . ان هذا التطابق الواضح بين اللغة التي استخدمت في إحالة تقرير اللجنة الى مجلس الأمن وبين ما نص عليه قرار المجلس 773 / 1992 وخليفة الوقائع الثابتة التي تتضح من مناقشات اللجنة يعكس بما  لا يقبل الشك او التأويل مسعى منسقا بين حكام الكويت وأوساط معروفة في الأمانة العامة ودول معينة أعضاء في مجلس الأمن لتوجيه أعمال اللجنة بصورة مغايرة لصلاحيتها المحددة من المجلس نفسه في القرار 687 /1991 وتقرير الأمين العام استنادا الى الفقرة 3 من ذلك القرار دون ان يرقى ذلك الى حد التعديل الصريح لتلك الصلاحيات , لان ذلك كان سيعني فضيحة سياسية وقانونية مكشوفة لا يمكن التستر عليها . لقد وجهت أعمال اللجنة بهذه الصورة قبل ان تتخذ هي موقفا محددا من المسألة لان غاية ما كانت قد عنيت به حتى ذلك الوقت لم يتعد مجرد دراسة الموضوع من الناجية الفنية .

اما التطور الثاني فهو يخص استقالة رئيس اللجنة من عمله اعتبارا من 20 تشرين الثاني 1992 حسبما أوضح برسالته الموجهة الى الأمين العام في 4 تشرين الثاني 1992 , وفي 6 تشرين الثاني ايضا وجه رئيس اللجنة رسالة أخرى أكثر تفصيلا حول نفس الموضوع الى المستشار القانوني للأمم المتحدة , وكيف ان المستشار القانوني أوضح له ان " اي تغيير في تفويض اللجنة من قبل مجلس الأمن هو غير وارد أطلاقا " وتبين الرسالة ايضا ان المسالة نوقشت مرة أخرى بين الرئيس والمستشار القانوني من جهة والأمين العام من جهة أخرى في شهري تموز / وسبتمبر 1992 , وكيف ان الرئيس  " سرح الوضع " الذي جعل من المستحيل عليه " ان يستمر في عملية ما لم تجر تعديلات معينة على تفويض اللجنة . ونظرا لأدراك الرئيس صعوبة تغيير شروط تفويض اللجنة , لم تجد أمامه سوى سبيل الاستقالة . 

 

 

شيء من التاريخ – الجزء التاسع – 

اثر استقالة رئيس اللجنة , عني السيد نيكولاس فاتيوكس لرئاستها . وانعقدت الدورة الثامنة لها في جنيف من 14 الى 16 كانون الأول 1992 حيث قررت بمجاله ان المبدأ الأساسي الذي يحكم تخطيط الحدود في خور عبد الله يجب ان يكون هو خط الوسط . ان التدخل والتأثيرات غير القويمة في عمل اللجنة تثير جملة من المسائل القانونية التي نوجزها في النقاط الآتية : 

ان وصف الحدود الذي اعتمده مجلس الأمن أساسا للترسيم بقرار 687 / 1991 والذي فصل فيه تقرير الأمن العام المقدم استنادا الى الفقرة 3 من القرار المذكور لا يتطرق أطلاقا الى وصف الحدود في منطقة خور عبد الله . ان منطقة خور عبد الله لا يصدق عليها , حسب الحدود الذي اعتمده مجلس الامن بقراره 687/ 1991 صفه البحر الإقليمي لكي يصار الى البحث عن قاعدة تقسيمه بين الدول المتجاورة والمتقابلة طبقا لقواعد قانون البحار . ان منطقة خور عبد الله , حتى على افتراض كونها بحرا إقليميا , فانه يصدق عليه وصف ( الظروف الخاصة ) وهو ما اقره الخبيران المستقلان ايضا , مما يسوغ حسب اتفاقية قانون البحار لعام 1982 تعيين حدود البحر الإقليمي بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط في حالة عدم الاتفاق بين الطرفين على قاعدة اخرى ان الحكم المتعلق بحالة ( الظروف الخاصة ) هذه يكتسب قوة إضافية لعدم وجود صيغة متفق عليها لتحديد الحدود . ان للعراق حقوقا تاريخية في منطقة خور عبد الله التي لم يمارس حكام الكويت الملاحة لعام 1982 من قاعدة خط الوسط على نحو ما ذكرناه في (ج) أعلاه . ليس من حق مجلس الأمن بموجب وظائفه الممنوحة له في ميثاق الأمم المتحدة ان يفرض على دولة عضو تحديداً لحدودها لان هذا الاختصاص يخضع بموجب القانون الدولي الى قاعدة الاتفاق بين الدول ذات العلاقة ولكونه لا يمت بصلة بالدقة المطلوبة قانوناً الى مسائل الحفظ على السلم والأمن الدوليين التي تختص بها المجلس .

لقد انفق العراق مليارات من الدولارات عبر عشرات السنين لتأمين اعمال الكري وتوسيع وتحسين وصيانة القنوات والممرات الملاحية الرئيسية والثانوية المؤدية الى خور عبد الله والمارة فيه , ان فرض الحدود في خور عبد الله بطريقة التي قررتها لجنة التخطيط يهدد تهديدا خطيرا حق العراق في حرية الوصول الى البحار من خلال ممارسة حقه التاريخي في الملاحة غير المقيدة والآمنة في منطقة خور عبد الله الى الحد الذي قد يجعله مستقلا في حكم الدولة المغلقة عديمة السواحل .

وأخيرا فان من الواضح لكل مراقب محايد ان القرارات التي اعتمدتها اللجنة بمجموعها انما هي قرار سياسي صرف فرضته القوى المتحكمة بمجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم وخاصة حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا .

موقف الكويت : وجه المندوب الدائم للكويت رسالة الى الأمين العام للامم المتحدة بتاريخ 17 حزيران 1993 تضمنت التصريح الصادر عن مجلس الوزراء الكويتي غداة إصدار مجلس الامن القرار 833 / 1993 جاء فيها : 

أن الكويت تؤكد التزامها واحترامها لقرار مجلس الأمن 833/ 1993 وجميع قرارات مجلس الامن ذات الصلة وذلك بعد ان رحب المجلس بالتقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود بين الكويت والعراق المكلفة بتنفيذ الفقرة (3) من قرار مجلس الأمن 687/1991 واعتبار قراراتها نهائية . والتأكيد من جديد على قراراته بضمان حرمة الحدود الدولية بين الكويت والعراق . وكذلك تأكيد ان اللجنة المكلفة بتخطيط الحدود بين الكويت والعراق لا تقوم بإعادة توزيع للراضي بين الكويت والعراق بل بمجرد انجاز العمل التقني الضروري لتحديد إحداثيات الحدود بين البلدين استنادا للاتفاقيات القائمة وما قدمته كل منهما من مستندات وأدلة ووثائق لتدعيم حجتها الى اللجنة التي تعتبر قراراتها نهائية منذ ان صدرت ومطالبة كل من العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية , كما خططتها اللجنة وباحترام الحق في المرور الملاحي وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة .

ان الكويت اذ تعتبر قرار مجلس الامن انجازا حضاريا للمنظمة الدولية والشرعية الدولية . وتطالب الكويت في هذه المناسبة جميع دول العالم بضرورة مواصلة الضغط على النظام العراقي لتنفيذ جميع قرارات مجلس الامن وبخاصة ما يتعلق منها بسرعة الإفراج عن الأسرى والرهائن الكويتيين ورعايا الدول الاخرى الذين لا يزال النظام العراقي يحتجزهم في سجونه ومعتقلاته .

اصدر مجلس الامن بيانا رئاسياً بتاريخ 28 حزيران 1993 تعليقا على موقف العراق من القرار 833 / 1993 جاء فيه ما يلي  :

أحاط مجلس الامن علماً , مع القلق الشديد , بالرسالة المؤرخة 6 حزيران 1993 والموجهة الى الأمين العام من وزير خارجية العراق (25905/S ) بشأن القرار 833 / 1993 .

ويعيد المجلس الى الأذهان في هذا الصدد ان لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت لم تقم بإعادة توزيع الأراضي بين الكويت والعراق , بل بمجرد انجاز المهمة التقنية الضرورية للقيام , لاول مرة , بوضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود على أساس المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت وجمهورية العراق بشان اعادة علاقات الصداقة , والاعتراف والمسائل ذات الصلة والموقع عليه من الطرفين في 4 تشرين الاول 1963 والمسجل لدى الامم المتحدة . ويذكر المجلس العراق بأن لجنة تخطيط الحدود قد تصرفت استنادا الى القرار 687/ 1991 وتقرير الأمين العام عن تنفيذ الفقرة (3) من ذلك القرار وقد قبلهما العراق رسميا . وفي القرار 833/ 1993 اكد المجلس من جديد ان قرارات اللجنة نهائية . وطالب العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية كما خططتها اللجنة وباحترام الحق في المنفذ الملاحي . ويذكر المجلس العراق ايضا بقبوله لقرار المجلس 687/ 1991 الذي يشكل الأساس لوقف أطلاق النار . ويود المجلس ان يؤكد للعراق حرمة الحدود الدولية بين العراق والكويت التي خططتها اللجنة وضمنها المجلس عملاً بالقرارات 687 / 1991 و 773 /1992 و833 /1993 والعواقب الوضيعة التي تترتب على اي انتهاك لتلك القرارات . وصدر البيان بالوثيقة رقم ( 26006 S/) بتاريخ 28/6/1993 .

شيء من التاريخ – الجزء العاشر – 

وجه المندوب الدائم للعراق نزار حمدون رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 14 تشرين الثاني 1994 مرفقة برسالة من وزير خارجية العراق مؤرخة في 12 تشرين الثاني 1994 جاء فيها ما يلي : تعبيراً عن رغبة العراق في احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي , وانسجاماً مع التزامها بالامتثال الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة . وإثباتا لنوايا العراق السلمية ولعزمه على العمل من اجل استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة وإقامة علاقات حسن جوار على أساس قواعد الاحترام المتبادل للأمن والسيادة والمصالح المشروعة , أود ان أرفق لكم طيا للبيان الصادر عن المجلس الوطني بتاريخ 10 تشرين الثاني 1994 , وقرار مجلس الثورة في جمهورية العراق رقم 200 اللذين يؤكدان اعتراف العراق بسيادة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وحدودها الدولية المقررة وفق أحكام قرار مجلس الأمن 833/ 1993 . ونسخة من الوقائع العراقية , الجريدة الرسمية للحكومة التي نشر فيها البيان والقرار المذكوران .

ان العراق ينطلق من ان مجلس الأمن يعمل وفق التفسير القانوني للقرارات الصادرة عنه . وان يتبع في تطبيقها قواعد العدالة والأنصاف , وفي المقدمة من ذلك رفع الحصار الشامل . وكخطوة أولى تطبيق الفقرة 22 من القرار 687 /1991 بصورة كاملة ومن دون قيود او شروط أضافية . وأرفق بالرسالة ثلاث ضمائم : الضميمة الأولى تتضمن إعلان المجلس الوطني تأييده لاعتراف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده امتثالا لقرار مجلس الأمن رقم 833 / 1993 لاعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت كما  رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 687/1991 واحترامها حرمة الحدود المذكورة .

والضميمة الثانية هي قرار مجلس قيادة الثورة رقم 200 بتاريخ 10 /11/1994 ويتضمن نفس نص إعلان المجلس الوطني بالاعتراف بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده لقرار مجلس الأمن رقم 833 / 1993 لاعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 687 / 1991 واحترامها لحرمة الحدود المذكورة . ونص القرار على ان تتولى الوزارات والجهات المختصة ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار وينشر القرار في الجريدة الرسمية .

وتضمنت الضميمة الثالثة نسخة من الجريدة الرسمية لجمهورية العراق – العدد 3537 تاريخ 10 تشرين الثاني 1994 الذي نشر فيه إعلان المجلس الوطني وقرار مجلس قيادة الثورة بحيث أصبحا ضمن التشريعات العراقية النافذة والملزمة .

قبل صدور موافقة العراق على قرار مجلس الأمن 833 /1993 حدث توتر على الحدود العراقية الكويتية حيث توجهت قوات عراقية صوب الحدود الكويتية وتدخل مجلس الأمن واصدر  القرار رقم 949 / 1994 بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 الذي يدين عمليات الوضع العسكري الذي قام به العراق مؤخرا في اتجاه الحدود مع الكويت وطالب العراق بأن يكمل فورا سحب جميع الوحدات العسكرية التي وزعت مؤخرا في الجنوب العراقي الى مواقعها الأصلية , ويطالب العراق بالا يستعمل مرة أخرى قواته العسكرية بشكل عدواني او استفزازي لتهديد جيرانه او عمليات الأمم المتحدة في العراق .

وكان قد تدخل الاتحاد الروسي لإقناع العراق سحب قواته . وقام وفد روسي يضم وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس يلتسن بمساع لدى السلطات العراقية للقبول بقرار مجلس الأمن 833 /1993 من قبل المجلس الوطني ومجلس قيادة الثورة لتسهيل رفع الجزاءات عن العراق كما ورد في رسالة وزير خارجية العراق الى الأمين العام عند قبول العراق بالقرار المذكور . وتنفيذا لذلك صدر بلاغ مشترك عن زيارة الوفد الروسي أودع  لدى مجلس الأمن برسالة مشتركة من المندوبين العراقي والروسي بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 وجاء في البلاغ المشترك ما يلي : استقبل السيد الرئيس صدام حسين في 13 تشرين الأول 1994 السيد اندرية كوزيريف وزير خارجية روسيا ومبعوث الرئيس الروسي بوريس بلتسين الى العراق .

وتم أثناء اللقاء تحليل الوضع في منطقة الخليج وكذلك الوضع الراهن للعلاقات الروسية العراقية . ودعت روسيا الى اتخاذ خطوات حاسمة من اجل عدم السماح بتصعيد التوتر وإعادة الوضع الى مسار الجهود السياسية والدبلوماسية التي من شأنها ان تؤدي في نهاية المطاف الى تحقيق الأمن والاستقرار الوطيد في المنطقة والى رفع الجزاءات المفروضة على العراق وإقامة علاقات حسن جوار بين العراق والكويت .

وأعلن العراق رسميا انه قد أكمل في الساعة 21 من مساء يوم 12 تشرين الأول نقل قواته الى مواقع الخلف . وقد ثمنت روسيا عاليا هذه الخطوة من الجانب العراقي . وأكد العراق استعداده لان يحل بشكل ايجابي مسألة الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها التي تقررت بموجب قرار مجلس الأمن 833 /1993 .

ان روسيا , بعد اعتراف العراق الرسمي بسيادة الكويت وحدودها , ستؤيد البدء رسمياً في تشغيل نظام الرصد الطويل الأجل وفقا ً لقرار مجلس الأمن 715/1991 وفي نفس الوقت بدء فترة " المراقبة " المحدودة الزمن من اجل التأكيد من فعالية نظام الرصد , التي ينبغي , حسب وجهة نظر روسيا , الا تزيد عن ستة أشهر , يتخذ بعدها مجلس الأمن قرار بشأن تنفيذ الفقرة 22 من القرار 687/1991 بصورة كاملة وبدون شروط إضافية . وتؤكد روسيا انها ستؤيد رفع الجزاءات الأخرى في صور التقدم الذي ينجزه العراق في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . وأكد العراق استعداده لمواصلة التعاون مع لجنة الصليب الأحمر الدولية في تقصي مصير المواطنين الكويتيين المفقودين . واشار كوزيريف الى الاهتمام الخاص الذي توليه روسيا لهذه المسألة الإنسانية .

ولكن الإحداث التالية لصدور البلاغ المشترك أثبتت بان ما نفذ من الجهود الروسية اقتصر على قبول العراق بالقرار 833 / 1993 ولم يتم تنفيذ اي وعد من روسيا ورد في البلاغ المشترك بصدد تطبيق الفقرة من القرار 687/1991 حول الجزاءات المفروضة على العراق . وبتعبير أخر فان الصفقة السياسية التي تمت بين العراق وروسيا حول قبول العراق بقرار مجلس الأمن 833/1993 اقتصرت نتائجها على قبول العراق من دون ان تتبعه ايه خطوة لرفع الجزاءات جزئيا او كليا , ولم يكشف النقاب عن الآثار السياسية التي نالتها روسيا في علاقاتها مع الولايات المتحدة نتيجة جهودها بإقناع العراق بقبوله قرار مجلس الأمن 833 / 1993 . 

اصدر مجلس الأمن بيانا رسميا بتاريخ 16 تشرين الثاني 1994 تعليقا على قبول العراق بالقرار 833 / 1993 حاء فيه ما يلي : 

ان مجلس الأمن يرحب بهذا التطور , وقد كتب رئيس المجلس الى الممثل الدائم للعراق يفيده بذلك في رسالة مؤرخة 16 تشرين الثاني 1994 (1297/1994/S ) ويلاحظ المجلس ان العراق قد اتخذ هذا الإجراء امتثالا لقرار مجلس الأمن 833 /1993 والتزم التزاما لا لبس فيه بموجب إجراءات دستورية وافية ورسمية باحترام سيادة المجلس 687/ 1991 و 833 /1993 و 949 / 1994 . وان مجلس الأمن يرى ان هذا القرار الذي اتخذه العراق يمثل خطوة مهمة اتجاه تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة .

ومن الواضح بأن مسيرة قبول العراق بما ورد في القسم – أ- من القرار 687 / 1991 قد مرت بنفس المنهج الذي أدى الى القبول الإذعاني بالقرار 687 بأكمله , لان صدور القرار بموجب الفصل السابع من الميثاق والتهديد باستخدام القوة واستخدامها عمليا أكثر من مرة ضد العراق , قد وضع العراق بموقف لا خيار له ألا القبول بهذه القرارات على أمل رفع الجزاءات ولكن ذلك لم يتم ألا بعد تحقق الهدف البعيد المدى من القرارات وهو احتلال العراق 

 

شيء من التاريخ –الجزء الحادي عشر-

معالجة مسالة حقوق المواطنين والمزارعين العراقيين مالكي الأراضي التي أصبحت في الجانب الكويتي من الحدود . بعد ان باشرت لجنة تخطيط الحدود تطبيق التخطيط مادياً طرأت مشكلة قانونية مهمة وتتلخص بان قسما من الأراضي التي ألت إلى الجانب الكويتي من الحدود , يملكها مزارعون عراقيون وملكيتهم ثابتة في السجلات العقارية العراقية . ولذلك وجه الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس الوزراء , ووزير خارجية الكويت رسالة بتاريخ 2 كانون الأول 1992 الى الأمين العام للأمم المتحدة لمعالجة هذه المشكلة القانونية . ورد الأمين العام على هذه الرسالة بمذكرة مؤرخة في 17 كانون الأول 1992 وجاء في رسالة الأمين العام ما يلي :

أود ان أبلغكم أنني بطبيعة الحال , على علم واهتمام بالحالة التي ذكرتموها والتي نجمت عن التخطيط الذي تم مؤخرا للقطاع البري من الحدود بين العراق والكويت وهي وجود مراكز شرطة عراقية في الأراضي الكويتية او في نطاق 1000 متر من الجانب العراقي من الحدود داخل المنطقة المجردة من السلاح ووجود عدد من المزارعين العراقيين على الجانب الكويتي من الحدود , وكون فوهات آبار نفط حقل الرتقة وغيرها من المنشآت واقعة على الجانب الكويتي وفقا ً للتخطيط الجديد للحدود . كما ابلغني كبير المراقبين العسكريين في بعثة الأمم المتحدة للمراقبة بان مركزين للشرطة الكويتية يوجدان داخل نطاق 1000 متر في المنطقة المجردة من السلاح وان جزءاً من قرية أم قصر العراقية , بما في ذلك أحدى المدارس , يقع حالياً على الجانب الكويتي من الحدود .

وقد أوغرت الى كبير المراقبين العسكريين ان يتصل بالسلطات المختصة في كل من الجانبين بغية التوصل الى حل نهائي لهذه المشكلة .

وأنا اعلم ان القانون الكويتي لا يبيح تملك الأراضي الا للمواطنين الكويتيين .

الاستثنائية حلولاً قانونية بديلة تغني عن طرد المزارعين . وأنني أرحب بالتصريح الوارد في رسالتكم بأن الكويت على استعداد للتوصل الى تسوية عادلة ومناسبة . بيد أنني أود ان أوكد على ان سيكون من الأفضل ان تسمح حكومتكم للمزارعين العراقيين بالبقاء في أراضيهم . ويمكن للأمم المتحدة ان تسعى الى تحديد أعداد من تأثروا بعملية تخطيط الحدود من المزارعين والسكان العراقيين في ام قصر .

وجه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة الى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 22 شباط 1994 تضمنت بعض تضمنت بعض المقترحات للتعويض عن المزارعين العراقيين الذين أضمنت أراضيهم في الجانب الكويتي من الحدود نتيجة تخطيط الحدود جاء فيها ما يلي :

في 10 كانون الثاني 1993 تلقيت رسالة من النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية بالكويت الذي أبلغني انه لن يسمح للمواطنين العراقيين بالبقاء في الكويت ولكن سيتم تعوضيهم عن ممتلكاتهم وأصولهم الخاصة على أساس تقدير طرف محايد تسميه الأمم المتحدة . وفي آذار 1993   " رد الممثل الدائم للعراق على هذا الاقتراح بالإشارة الى ان سلطاته لن تتخذ اي أجراء قد يوحي بالاعتراف بالنظام الذي الحق بالعراق عن عمد " ولكنها ستعمل في نفس الوقت على " عدم اتخاذ اي أجراء قد يثير نزاعا او خلافا مع الأمم المتحدة " .

وفي ما يتعلق بمسألة التعويض ووفقاً لترتيب تم التوصل أليه في 22 أيلول 1993 بين الأمم المتحدة والكويت , سيتم سداد الأموال بعد ان اتخذ ترتيبات للدفع تكون مبعثا لارتياحي , فقد تمت الموافقة أيضا على ان أقوم بإيداع المبلغ المقابل في حساب ضمان تحت تصرف المستفيدين . وفي هذه الحالة , سيبذل كل جهد ممكن لإبلاغ الرعايا العراقيين بالخطوات التي ينبغي اتخاذها للمطالبة بتعويضاتهم وفي أعقاب تقدير قيمة الممتلكات والأصول الخاصة التي سيضطلع بها المقاول المستقل الذي عينته لهذا الغرض , قررت الان ان المبلغ الإجمالي للتعويض سيكون مبلغ 56 مليون عراقي لــ95 مزرعة و5,15 مليون دينار عراقي لــ206 بيوت سكنية , وقد تم أبلاغ حكومة الكويت بهذا القرار بصفة رسمية . وأنني على ثقة بأن المجلس سيتفق مع رأيي بأن مدفوعات التعويض ستكون في نطاق تعريف " المدفوعات المخصصة بالتحدي للأغراض الإنسانية " الوارد في الفقرة 4 من قرار مجلس الامن 661/1990 بوصفه استثناء من الحظر العام على تحويل الأموال الى الأشخاص او الهيئات داخل العراق .

بناءاً على مقترح الأمين العام الوارد أعلاه , أصدر مجلس الأمن القرار رقم 899 /1994 بتاريخ 4 أذار 1994 الذي نص على أنه يجوز تحويل مدفوعات التعويض التي ستقدم عملاً بالترتيبات المبنية في رسالة الأمين العام المؤرخة في 22 شباط 1994 الى المواطنين المعنيين في العراق بغض النظر عن أحكام القرار 661/1990 .

ونستخلص مما تقدم ان مجلس الأمن قد مارس بصدد الحدود الكويتية – العراقية مهام تشريعية غير واردة ضمن مهامه المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة . مستخدماً الفصل السابع من الميثاق غطاء قانونياً وعدم جواز الطعن بقرارات المجلس .

كما استخدمت البيئة الدولية للضغط على العراق بهدف قبوله بقرارات مجلس الأمن , تحت ذريعة إمكانيات رفع الجزاءات الدولية . ولكن ذلك لم يتم وإنما أستمر فرض الجزاءات حتى الاحتلال الأمريكي للعراق والقضاء على النظام السياسي .

  

شيء من التاريخ – الجزء الثاني عشر –

ان مسألة إلزام العراق بدفع التعويضات الى الكويت والدول الثالثة ورعاياها عن الإضرار الناجحة عن احتلال الكويت , تعالج بمنظور القانون الدولي من ثلاث زوايا قانونية :

مدخل عن مبدأ التعويض الناجم عن فعل محظور في القانون الدولي وتطوراته الفقهية وتقنينة من الأمم المتحدة وتطبيقاته من القضاء الدولي .

الآليات المعتمدة من مجلس الأمن لإلزام العراق بالتعويضات الناجحة عن احتلال الكويت ومدى مطابقتها لقواعد القانون الدولي . مدى التزام قرارات مجلس للأمن المتعلقة بالتعويض الناجم عن الاحتلال بمبدأ عدم التمييز بين حالة احتلال العراق للكويت والاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق . وعليه يتضمن هذا الفرع ثلاث مباحث , يخصص كل مبحث لزاوية من الزوايا الواردة اعلاه .

مبدأ التعويض الناجم عن فعل محظور في القانون الدولي وتطوراته الفقهية . ان التعويض الناجم عن فعل محظور دولياً ناجم عن المسؤولية الدولية . وهي القواعد القانونية التي تحكم العلاقة بين من أخل بأداء التزامه وبين من تضرر نتيجة ذلك . وتعكس قواعد المسؤولية درجة تطور النظام القانوني الذي يحتويها لذا فقد اهتمت لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة بموضوع ( مسؤولية الدول ) لتدويل قواعد القانون الدولي المتصلة به , منذ دورتها الأولى عام 1949 . وقررت الجمعية العامة منذ عام 1953 ان تبدأ اللجنة بتدوين المبادئ القانونية التي تحكم هذا الموضوع . وتعاقب على معالجته عدة مقررين خاصين من أعضاء لجنة القانون الدولي . وكان أولهم السيد آمادور الذي تقدم بستة تقارير منذ عام 1956 وحتى عام 1962 الذي قدم تقرير هذه اللجنة عام 1963 . وبعد انتخاب السيد آغو قاضياً في محكمة العدل الدولية تعاقب على دراسة المسؤولية الدولية في لجنة القانون الدولي عدة مقررين خاصين .
وبعد انتهاء اللجنة من المشروع الأولى لتقنين المسؤولية الدولية عام 1996 أحالت المشروع الى الدول لإبداء تعليقاتها .

انتهت لجنة القانون الدولي من تقنينها قواعد مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً في دورتها الثالثة والخمسين عام 2001 , وأحيل مشروع المواد مع التقرير الى الجمعية العامة التي أصدرت في دورتها السادسة والخمسين القرار 56/ 83 تاريخ 12/12/2001 الذي أرفقت به مواد قواعد مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً والتي تضم 59 مادة , موزعة على أربعة أبواب .

ونصت الفقرة العاملة الثالثة من القرار على ان الجمعية تحيط علماً بالمواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً وتعرضها على الحكومات من دون الحكم مسبقاً على مسألة اعتمادها او اتخاذ اجراء بشأنها مستقبلا ً . وقررت الجمعية العامة في دورتها التاسعة والخمسين وبقرارها رقم 59/35 تاريخ 2/12 / 2004 أحالة مشروع القواعد الى الحكومات لإبداء تعليقاتها . على ان تناقشها في الدورة الثانية والستون اي عام 2007 .

تقسم قواعد المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دولياً , بانها ذات طابع إعلاني , اي انها لم تنشئ هذه الحقوق وانما أعلنتها سنداً للقواعد العامة العرفية في القانون الدولي او التي وردت في ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية , اي انها مستمدة من نفس مصادر القانون الدولي التي وردت في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية . كما ان القواعد خالية من آليات تطبيقها , اذا ان ذلك متروك للصك الدولي الذي ستعمده الامم المتحدة بصيغة اتفاقية دولية تتضمن الآليات المناسبة لتطبيق الاتفاقية .

وعلى كل حال , لم يتضمن مشروع القواعد اية إشارة الى سلطة لمجلس الامن بإلزام الدول بجبر الضرر الناجم عن مسؤوليتها عن الأضرار الناجمة عن فعل غير مشروع دوليا لان ذلك خاضع للقواعد العامة الواردة في المادة 33 من الميثاق اي المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية .

قرارات محكمة العدل الدولية تعزز من قواعد مسؤولية الدول , كانت محكمة العدل الدولية قد عززت من التوجه القانوني للمسؤولية الدولية عن الأفعال التي يحظرها القانون الدولي في قرارها المتعلق بالنزاع بين الولايات المتحدة ونيكاراغوا الصادر في 27 حزيران 1986 عندما أصدرت حكمها بجواز تقاضي نيكاراغوا عن الأضرار الناجحة عن الممارسات الأمريكية كونها محظورة دولياً .

وما يهمنا بصدد مسؤولية العراق عن الأضرار الناتجة عن احتلال الكويت , الإشارة الى ان مسؤولية العراق ناجحة عن فعل الاحتلال كونه غير مشروع في القانون الدولي , وتنطبق عليه القواعد العامة لمسؤولية الدول عن الأفعال المحظورة دولياً . ولكن الاهم هو الية الحصول على التعويضات وتحديد الأشخاص او الأطراف المستفيدة من التعويض .

وقد استقر الفقه الدولي على ان اليات الحصول على التعويض , تتسم بآليات رضائية توفيقية او قضائية تبدأ بلجان التوفيق وتنتهي بمحكمة العدل الدولية مرورا بالتحكيم . والمرجعية التشريعية في هذا التوجه ما ورد في المادة 33 من ميثاق الامم المتحدة التي تنص على ان تعرض الدول نزاعاتها التي تعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للحظر . وحلها بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية . وهذا ما ورد في تقارير لجنة القانون الدولي حول آليات تسوية النزاعات المتعلقة بالمسؤولية الدولية , وليس من بينها قرارات عن مجلس الامن بتشكيل  لجنة لا تطبق إجراءات قضائية . وهذا ما تبناه المشروع  النهائي للجنة القانون الدولي عن مسؤولية الدول عن الأفعال غير مشروعة دولياً , الخالي من الآليات وتركها للصك الدولي الذي سيعتمد هذه القواعد , مع الإشارة الى خلو هذه القواعد من اختصاص مجلس الأمن حول هذه المسؤولية وفرضها ووضع آليات غير قضائية للمطالبات . ولكن الدراسات المتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت , تشير الى ان " الظروف السياسية الدولية المرافقة لصدور قرارات مجلس الأمن قد أفرزت دعماً للضحايا غير المباشرين والية للتعويض عن الأضرار تغذي من موارد الطرف المتعدي وفق رقابة دولية على هذه الموارد ولكن ذلك لا يشكل الا سابقة محدودة . لان بأكمله بني شكلياً على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .

ان الآليات المعتمدة من مجلس الأمن لإلزام العراق بالتعويضات الناجمة عن احتلال الكويت ومدى مطابقتها لقواعد القانون الدولي , مرت النصوص الموضوعية والآليات المعتمدة من مجلس الامن المتعلقة بإلزام العراق بالتعويضات الناجمة عن احتلال الكويت , بعدة تطورات , بدأت باقرار مبدأ التعويض عن الأضرار ثم انتقلت الى أنشاء هيكلية مؤسسية دولية لدفع التعويضات تمول من موارد بيع النفط العراقي , ضمن نسبة معينة تراوحت بدءاً 30% وانخفضت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق الى 5% مروراً بخمسة وعشرين في المئة .

وعلى صعيد الآليات التي وضعها مجلس الأمن ولجنة الأمم المتحدة لظروف التعويضات , فانها بعيدة عن الآليات القضائية او التوفيقية وانما تتسم بطابع سياسي وأداري حرم فيها العراق من أبداء دفوعة القانونية عن صحة المطالب وأحقيتها .

قبل ان نعرض ما ورد في قرارات مجلس الأمن من نصوص , بغرض تعويضات على العراق بمعاملته دولة مهزومة عسكرياً لا سابقة لها في القانون الدولي النافذ بعد الحرب العالمية الثانية . يستحسن ان نعرض بعض الآراء القانونية الدولية حول مسابقة فرض تعويضات بقرارات مجلس الأمن عن العراق . ونورد ثلاثة آراء على سبيل المثال :

الرأي الأول : ما قاله الفقيه الجزائري الدكتور محمد بجاوي العضو والرئيس الأسبق لمحكمة العدل الدولية , الذي قال في ندوة عقدت في فرنسا عن الجوانب القانونية لحرب الخليج عام 1991 ما خلاصته :

أعالج الان مسالة التعويضات وأقول كلمتين : ان العراق اضطر لقبول اقسى مطالب المنتصرين . ان القرار شرح وجود تفصيلاً من السيد زاكلين , ان العراق قبل هذا القرار بارتياح من المنتصرين . ان معاهدة فرساي عندما فرضت على ألمانيا المنهزمة تعويضات ضخمة ارتفعت أصوات عديدة لانتقاد هذه الأحكام الجائرة للإشارة الى مأزق ألمانيا .

ان الاقتصادي البريطاني المشهور جون ماينار اعتبر ان من العبث ألزام بلد بدين مفرط وحرمانه من وسائل أعادة اقتصاده المنهار . ان نتيجة هذه السياسة لم تتأخر عن الظهور , اذ ان تدهور الأوضاع المالية الألمانية قد حث على توقف تسديد التعويضات وإلغائها في تموز 1932 . والنتيجة الأخرى تمثلت في صعود النازية التي غزيت من عدم رضا الألمان , لنكن حذرين من السوابق المماثلة ولنوضح أهداف التعويضات , أهي تعويض ما تم تخريبه او تدمير الطاقة الاقتصادية للمتهزم ؟ لان المعاهدات الجائرة من نموذج فرساي وغيره وقرارات مجلس الأمن يخشى ان تزرع بذور الحرب المقبلة في الوقت الذي نعتقد بأننا نقيم سلاماً أبديا .

ان حرب الخليج التي انتهت يجب الا تكون حاملا لحرب أخرى . ان المعاهدة الأكثر دواماً والأكثر عدالة هي بمفهومي التي يسمح فيها المتهزم ايضاً . اذا كانت الحرب هي حرب قانون فمن الملائم ان تقود الى سلام قائم على القانون . لقد اقترحت اليوم خطة مبنية على استقطاع 30% من صادرات النفط العراقي , ما يشكل مصاجرة إلزامية , وان ذلك يطرح العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية .

والرأي الثاني : حيث تقدم الدكتور عبد الأمير الانباري بورقة عن التعويضات الى ندوة مركز دراسات معينة عن احتلال العراق وتداعياته التي عقدت في آذار 2004 أكد فيها الطبيعة السياسية للتعويضات وجاء فيها :

ان اعتبار العراق مسئولا عن الخسائر المباشرة التي أعقبت دخوله الة الكويت , ورد بناء على قرار سياسي صادر عن محكمة العدل الدولية او جهة تحكيمية موضوعية ومحايدة ومتفق عليها من قبل الأطراف المعنية .

كما ان مجلس الأمن وهو ليس جهة قضائية مختصة . قد فرض على العراق دفع التعويضات كما تقررها لجنة التعويضات المنبثقة عن مجلس الأمن كجهاز فرعي مرتبط بالمجلس والمؤلفة من دول الأعضاء فيه والمفوضية ببحث طلبات التعويضات عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالحكومات والمؤسسات كنتيجة مباشرة لدخول العراق واحتلاله للكويت . لذا فان كل قرارات لجنة التعويضات وإجراءاتها هي من حيث الجوهر سياسية وتخضع من حيث تنفيذها ابتداء واستمرار العمل فيها او تعديلها او إيقافها او إلغاؤها الى قرارات مجلس الأمن من الناحية الشكلية والموضوعية ومصالح وأهداف الدول الأعضاء من الناحية العملية والواقعية .

الرأي الثالث : الذي عبر عنه الدكتور هانز فون سبوتيك في كتابه الأخير حيث كتب قائلاً : منذ ان أخذت لجنة التعويضات تعمل بطاقتها الكاملة في كانون الأول 1996 في وقت متزامن مع بدء برنامج النفط مقابل الغذاء , الى ان بدأت الحرب الأمريكية البريطانية ضد العراق سنة 2003 , نادرا ما كانت تصدر وثائق عامة , باستثناء النشرات الصحافية الدورية . كانت النشرات الصحافية تحدد المدفوعات الإجمالية , ولكن لم يكشف عن تفاصيل هذه المدفوعات بالضبط , لان بعضها كما سأعرض , لو عرف الرأي العام والحكومات غير الممثلة في اللجنة بتفاصيل المطالبات لأحتد الغضب بشان مضمون المدفوعات وتوقيتها , ولبذلت الجهود لأبطال العديد من المطالبات , وتجميد مدفوعات اخرى وتغيير ( صيغة 30%) في وقت مبكر .

لقد حال الصمت المطبق للجنة التعويضات ومجلس الأمن الذي منحها سلطه مطلقة من دون أجراء هذا النوع من التحليل الذي كان يمكن ان يسلط الضوء على هذا المكون من مكونات آلية العقوبات المفروضة على العراق . يقير ذلك مجموعة من الأسئلة الأساسية : لماذا اختط مجلس الأمن في حالة العراق سابقة لطرق جديدة في التعامل مع التعويضات الدولية في سياق عقوبات اقتصادية شاملة ؟ لماذا بينت عملية المطالبات بالشكل الذي بينت عليه من دون توفير دفاع قانوني للدولة المتهمة ؟ لماذا لم تترك التعويضات لتحل في مفاوضات ثنائية ؟ لماذا نفذت مدفوعات المطالبات للشركات والحكومات في وقت كان الشعب العراقي الذي يكابد المعانات وبأمس الحاجة الى الأموال ؟ ولماذا لم يمارس مجلس الأمن مهمته الرقابية مثلما فعل في حالة برنامج النفط مقابل الغذاء ؟ لماذا لم تعترض الحكومات الفردية الممثلة في مجلس الأمن ولجنة التعويضات وترفع اعتراضاتها الى الرأي العام ؟ ولماذا لم يعد الأمينان العامان للأمم المتحدة بطرس غالي وكوفي انان , اللذان اقرا بعدم دقة توقع سلفهما دي كويلار المتعلق بالدخل الوطني العراقي , الى المراجعة الفورية لمستوى مدفوعات التعويضات ؟ وأخيرا لماذا قررت الأمانة العامة للأمم المتحدة , المطلعة على كل تفاصيل التعويضات , ان تبقى صامتة ؟ .

كان يجب بحث هذه الأسئلة والإجابة عنها في مجلس الأمن , ويتحمل الأمين العام مسؤولية الضغط للحصول على هذه الإجابات باسم حماية الشعب العراقي , اذ لم يكن لسبب أخر . وستكون الإجابات على هذه الأسئلة ضرورية لتحديد دور مجلس الأمن مقابل محكمة العدل الدولية في برامج التعويضات في المستقبل . ويجب أيجاد طرق لمنع تحكم بلدان منفردة أعضاء في مجلس الأمن بتحديد السياسة المستقبلية . ومثلما يوجد ألان أقرار بالحاجة الى " عقوبات ذكية " يجب ان يكون هناك استدلال على وجود " تعويضات ذكية ". 

 

 

 

شيء من التاريخ – الجزء الثالث عشر –

نصوص قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام ذات الصلة بالتعويضات 

قرار مجلس الأمن 674 / 1990 – الإقرار بمبدأ إلزام العراق بالتعويضات . جاءت اول أشارة الى مبدأ العراق بالتعويضات في الفقرة العاملة الثامنة من قرار مجلس الأمن 674 بتاريخ 29 تشرين الأول 1990 التي تنص ما يلي : يذكر العراق بمسؤولياته , بموجب القانون الدولي , عن اي خسائر او أضرار او إصابات تنشأ في ما يتعلق بالكويت والدول الأخرى ورعاياها وشركائها , نتيجة لغزو العراق واحتلاله غير المشروع للكويت . بينما نصت الفقرة التاسعة على ان المجلس : 

الفقرة (9) : يدعو الدول الى جمع المعلومات ذات الصلة المتعلقة بمطالباتها ومطالبات رعاياها وشركائها للعراق يجبر الضرر او التعويض المالي بغية وضع ما قد يتقرر من ترتيبات وفقاً للقانون الدولي .

القرار 686 / 1991 – تأكيد ضرورة قبول العراق بمبدأ الزامه التعويضات . نصت الفقرة العاملة – ب – من الفقرة العاملة الثانية من قرار مجلس الأمن 686 / 1991 بعد انتهاء العمليات القتالية ضد العراق على ما يلي :

(ب) يطالب ان يقبل العراق من حيث المبدأ بمسؤوليته , بموجب القانون الدولي , عن اية خسارة او ضرر او أضرار ناجمة بالنسبة الى الكويت والدول الثالثة ورعاياها وشركاتها نتيجة الغزو العراق للكويت واحتلاله غير الشرعي لها .

القرار 687/1991 – تحول مبدأ التعويضات الى آلية مؤسسية لا سابق لها .

نص القسم – ه -   الفقرة العاملة 16 – 19 من القرار 687 / 1991 على ما يلي :

الفقرة (16) : يؤكد من جديد ان العراق , من دون المساس بديونه والتزاماته الناشئة قبل 2 آب 1990 والتي سيجري تناولها عن طريق الآليات العادية , مسئول بمقتضى القانون الدولي عن اي خسارة مباشرة او ضرر مباشر , بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة واستفاد الموارد الطبيعية , او ضرر مباشر , بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة واستفاد الموارد الطبيعية , او ضرر وقع على الحكومات الأجنبية او رعاياها او شركاتها نتيجة لغزوة واحتلاله غير المشروعين للكويت .

الفقرة (17) : يقرر ان ما ادلى به العراق من تصريحات منذ 2 آب 1990 بشأن الغاء ديونه الأجنبية باطل ولاغ . ويطالب بأن يتقيد العراق تقيداً صارماً بجميع التزاماته بشأن خدمة وسداد ديونه الأجنبية .

الفقرة (18) : يقرر ايضا أنشاء صندوق لدفع التعويضات المتعلقة بالمطالبات التي تدخل في نطاق الفقرة 16 وإنشاء لجنة لإدارة الصندوق .

الفقرة (19) يوعز الى الأمين العام بأن يضيع ويقدم الى المجلس في غضون مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ اتخاذ هذا القرار توصيات , لاتخاذ قرار بشأنها لتمكين الصندوق من الوفاء بمطلب دفع التعويضات التي يثبت استحقاقها وفقاً لأحكام الفقرة 18 , على أساس نسبة مئوية من قيمة صادرات النفط والمنتجات النفطية من العراق بحيث لا تتجاوز رقماً يقترحه الأمين العام على المجلس , على ان تؤخذ في الاعتبار احتياجات شعب العراق .

تقرير الأمين العام عن أنشاء صندوق ولجنة الأمم المتحدة للتعويضات تنفيذاً للفقرة 19 من القرار 687 / 1991 .

بناءاً على الفقرة 19 من قرار مجلس الامن 687 / 1991  أصدر الأمين العام بتاريخ 2 أيار 1991 تقريراً عن مقترحاته لإنشاء صندوق ولجنة الأمم المتحدة للتعويضات .

قرار مجلس الأمن 692/1992 بإنشاء صندوق ولجنة الأمم المتحدة للتعويضات .

بعد تقديم الأمين العام لتقريره المشار اليه أعلاه اصدر مجلس الأمن القرار رقم 692 / 1991 بتاريخ 20 أيار 1991 بأكثرية 14 صوتاً وامتناع كوبا عن التصويت . ونص القرار في فقراته العاملة على ما يلي :

يعرب عن تقريره للامين العام لتقريره المؤرخ 2 أيار 1991 . يرحب بكون الأمين العام سيقوم الان بأجراء المشاورات المناسبة يوصي المجلس , في اقرب وقت ممكن , بالرقم الذي لن يتجاوزه مستوى مساهمه العراق في صندوق الأمم المتحدة للتعويضات كي يتخذ المجلس قراره في هذا الصدد . يقرر ان ينشئ الصندوق ولجنة الأمم المتحدة للتعويضات المشار اليها في الفقرة 18 من القرار 687 / 1991 وفقاً للفرع الاول من تقرير الأمين العام , ويقرر ايضاً ان يكون مقر مجلس ادارة اللجنة في مكتب الامم المتحدة في جنيف . وان يكون لمجلس الإدارة ان يقرر ما اذا كان ينبغي الاضطلاع ببعض أنشطة اللجنة في مكان اخر . يطلب الى الأمين العام ان يتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الفقرتين 2 , 3  بالتشاور مع أعضاء مجلس أدارة اللجنة . يوغر الى مجلس الإدارة بان يشرع على وجه السرعة في تنفيذ أحكام الفرع –ه – من القرار 687 / 1991 اخذا ً في الاعتبار التوصيات الواردة في الفرع الثاني من تقرير الامين العام . يقرر ان تطبيق الشروط المتعلقة بالمساهمات العراقية على النحو الذي يقرره مجلس الإدارة في ما يتعلق بجميع النفط العراقي والمنتجات النفطية العراقية المصدرة من العراق بعد 3 نيسان 1991 . يطلب الى مجلس الإدارة ان يقوم , في اقرب وقت ممكن , تقريراً عما اتخذه من إجراءات في ما يتعلق باليات تحديد المستوى المناسب لمساهمة العراق في الصندوق , وترتيبات كفالة اداء المدفوعات للصندوق , حتى يتسنى لمجلس الأمن ان يعطي موافقته وفقاً للفقرة 22 من القرار 687 / 1991 . يطلب من جميع الدول والمنضمات الدولية ان تتعاون بشأن القرارات التي يتخذها مجلس الإدارة عملاً بالفقرة ( 5 ) ويطلب كذلك الى مجلس الإدارة ان يوافي مجلس الأمن تباعاً بهذه المسألة . يقرر انه اذا ما بلغ مجلس الإدارة مجلس الأمن بعدم تنفيذ العراق قرارات مجلس الإدارة المتخذة عملاً بالفقرة (5 ) فأن مجلس الأمن يعتزم ان يبقى على الحظر المفروض على استيراد النفط والمنتجات النفطية من العراق والمعاملات المالية ذات الصلة ب هاو يتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة فرضه . يقرر ايضاً ان يبقي هذه المسألة قيد النظر ويطلب الى مجلس الإدارة ان يقدم تقارير دورية الى الأمين العام ومجلس الأمن .

وملفت للنظر من مراجعة محضر التي عقدها مجلس الأمن للتصويت على القرار 692 / 1991 والتي كانت يرأسها مندوب الصين وحضرها مندوبا العراق والكويت إضافة الى أعضاء مجلس الأمن , ان الجلسة اقتصرت على التصويت على مشروع القرار . ولم يفسر مندوب كوبا تصويته بالامتناع . كما لم يتدخل مندوب العراق لبيان الجوانب القانونية المتصلة بالقرار على الرغم من اهمية وخطورة هذا القرار من منظور القانون الدولي .

هذا وقد أرسل العراق بعد أسبوع من اعتماد القرار برسالة لبيان موقفه من القرار 692 / 1991 وتبين منها بان المجلس لم يسمح بأية مناقشة علنية في الجلسة التي صدرت فيها على مشروع القرار بما فيها مداخلة مندوب العراق في الجلسة لبيان رأي بلاده .

وهذا الموقف من مجلس الأمن يطرح اكثر من تسأل وخاصة ان الصين كانت ترأس المجلس خلال شهر أيار 1991 .

 

شيء من التاريخ – الجزء الرابع عشر –

موقف العراق من قرار مجلس الأمن 692 / 1991 .

وجه وزير خارجية العراق السيد احمد حسين الى رئيس مجلس الامن بتاريخ 27 أيار 1991 اودعت لدى المجلس الرسالة المندوب الدائم للعراق الدكتور عبد الامير الانباري المؤرخة في 28 أيار 1991 .

وجاء من أهم الجوانب القانونية للرسالة ما يلي :

أطلعت على قرار مجلس 692 / 1991 وأجد لزاماً علي ان اعلمكم بموقف بلادي ازاءه نظراً لما تضمنه القرار من مضامين خطيرة ليس على العراق وانما على جميع مفاهيم العدل والانصاف وجوهر القانون الدولي .

ان قرار مجلس الامن 692 / 1991 يضيف سابقة خطيرة وجديدة الى سلسلة السوابق التي تضمنتها قرارات المجلس التي اتخذها ضد العراق منذ 2 آب 1990 . وعلى الرغم من ان هذا القرار اجرائي فان آثاره ونتائجه على مستقبل الشعب العراقي وأجياله القادمة تجعل من واجبي ومسؤوليتي باجراء مناقشة علنية قبل اعتماد القرار قد اقفل الباب امامنا لبيان راينا امام الراي العام العالمي والدول الاعضاء في المنظمة للاطلاع على الحقائق التي ساهم المنصفون في تسجيلها .

ولا اضيف جديداً عندما اشير الى عجز مجلس الامن عن اتخاذ قرارات اعادة الحق المغتصب الى الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه غير القابلة للتصرف في تقرير مصيره اقامة دولته . وحتى في الحالة الاستثنائية البارزة التي صوتت فيها الولايات المتحدة لصالح قرار مجلس الامن 487 (1981) بأدانة اسرائيل لهجومها العدواني على مفاعل تموز النووي المخصص للاغراض السلمية فأن الولايات المتحدة لم تتحمس الى دفع مجلس الامن لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ القرار المذكور واجبار اسرائيل على دفع التعويضات التي نص عليها القرار .

ان المجلس بموجب قراره 692 (1991) قد أنشا جهازا سياسيا للبت في مسائل قضائية . وجعل هذا الجهاز خصما للعراق وحكماً عليه في الوقت نفسه . واذا كانت المهمة الاساسية لمجلس الامن , كجهاز رئيسي من اجهزة الامم المتحدة , وهي حفظ السلم والامن الدوليين , فان الميثاق قد أناط بمحكمة العدل الدولية كجهاز رئيسي للمنظمة مهمة الفصل في الدعاوي القضائية وتحديد نسبة التعويضات , وبذلك يكون المجلس , وبتاثير رئيسي من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا , قد تحول من سلطة سياسية الى سلطة قضائية . واذا كانت سلطة محكمة العدل الدولية مستقلة وتمثل قضاة مستقلين ينتخبون بغض النظر عن جنسياتهم وطبقاً لصفاتهم الخلقية العالية والحائزين في بلادهم على المؤهلات المطلوبة للتعيين في ارفع المناصب القضائية او من المشرعين المشهود لهم بالكفاءة في القانوني الدولي , فأن صندوق التعويضات ومجلس ادارته المنشأ بموجب القرار692 قد جاء ليعكس التشكيلة السياسية لمجلس الامن التي كان الغرض منها بعد أنتهاء الحرب العالمية الثانية تحقيق توازن سياسي للقوى المتحالفة المنتصرة . فهل يجوز ان يحول مجلس الامن من جهاز رئيس لحفظ السلم والامن الدوليين  الى جهاز ينشئ اجهزة قضائية تابعة له ولم يخوله بذلك الميثاق ويتجاوز على سلطات جهاز رئيس اخر هو محكمة العدل الدولية ؟ .

ان تحديد مسؤولية العراق عن التعويض بموجب الفقرة 16 من القرار 687 (1991) يجب ان تتم بموجب القواعد والاجراءات التي يقرها القانون الدولي وليس وفقاً للسياسة العامة التي يضعها " مجلس ادارة " صندوق التعويضات الذي انشاه القرار 692 , هذا المجلس الذي عليه ان يبت في طلبات التعويضات التي قد تتجاوز عشرات البلايين .

ان تركيبة هذا المجلس السياسية ستجعل معيار النظر في التعويضات استناداً الى مصالح وسياسات الدول الاعضاء في المجلس وليس استناداً الى قواعد القانون الدولي ومن دون ان يعطي العراق حق الدفاع عن نفسه , والاخذ بمصالحه الاقتصادية الحالية والمستقبلية . وأول الادلة على ذلك هو عدم اخذ مجلس الامن بالاعتبار الطلب الذي تقدم به العراق بتأجيل دفع التعويضات فترة خمسة اعوام في ضوء اوضاعه الاقتصادية الحالية وتلبية الحاجات الاساسية للشعب العراقي واصلاح الاضرار التي تعرض لها العراق من جراء العدوان عليه .

ان استجابة مجلس الامن لمحاولات امريكا وحلفائها في فرض نسب تستقطع من عوائد النفط العراقية يعني اعطاء المجلس بصورة غير مباشرة سلطة التحكم بموارد شعب العراق النفطية من حيث مستوى الانتاج , وبذلك ستحقق الولايات المتحدة والدول المغرضة هدفا اخر وذلك ايضا هو تحطيم منظمة الأوبك وانتزاع حقها في السيادة على مصادرها النفطية وتحديد صادراتها من النفط الخام ومنتجاتها .  ان القرار 692 قد فتح الباب لكل الطامعين والمحتالين للتقدم بمختلف الطلبات الباطلة او المبالغ فيها من دون ان يكون للعراق حق في اثبات عدم مشروعيتها .

ان النتائج الاكيدة لهذا القرار هي افقار الشعب العراقي والاجيال القادمة لعقود طويلة ومعاقبة جيل الحاضر الذي عاني ومازال يعاني آثار الحصار الاقتصادي والعدوان العسكري . وسيؤدي القرار الى خلق ظروف ملائمة لانتشار الأوبئة والمشاكل الاجتماعية وانتشار الجريمة .

ان القرار 692 ليس له أية سابقة ولايوجد له سند في ميثاق الامم المتحدة و لا اية اتفاقية دولية . أن السلطات المطلقة التي منحت لمجلس ادارة الصندوق لم تمنح لاية منظمة دولية في تاريخنا الحديث .

وان مجلس الامن بقراره هذا قد زرع بذرة فناء الجهاز الذي اوجده بلا سند قانوني وعادل , الامر الذي يجعل صدقية المجلس ومسؤوليته في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين موضع الشك العميق . وان تاريخ الامم المتحدة سيتضمن , من دون شك , صفحات سوداء مليئة بالادانة لكل القرارات الظالمة والمجحفة التي اصدرها مجلس الامن ضد العراق تحت ظروف الضغط الامريكي التي تشكل سوابق تحمل في طياتها ليس فقط هضم حقوق العراق وانما تحطيم قيم العدالة والانصاف وتشويه اسس ومضامين القانون الدولي .

 

شيء من التاريخ – الجزء الخامس عشر –

وجه الأمين العام بتاريخ 30 أيار 1991 مذكرة الى رئيس مجلس الأمن تتضمن مقترح تحديد نسبة مئوية من قيمة صادرات العراق النفطية عملاً بالفقرة 19 من القرار 687 / 1991 . وجاء في الفقرة السابعة من المذكرة :

بما انه من المتوقع ان تبلغ الإيرادات من صادرات النفط نحو 21 بليون دولار بحلول عام 1993 وينبغي ان تستوعب الواردات نحو 48 من مائة من حصائل الصادرات وخدمة الديون قرابة 22% . ولذلك فأنني اقترح الا تتجاوز التعويضات التي يتعين على العراق دفعها ( الناشئة من الجزء – ه – من القرار 687 ) 30 في المائة من القيمة السنوية لصادرات النفط ومنتجات النفط في العراق .

بناء على مقترح الأمين العام أصدر مجلس الأمن بالإجماع القرار رقم 705 تاريخ 15 أب 1991 والذي جاء في الفقرة العاملة الثانية منه : يقرر وفقاً للاقتراح الذي قدمه الأمين العام في الفقرة 7 من مذكرته , الا تتجاوز التعويضات التي يتعين على العراق دفعها , الناشئة من الجزء – ه – من القرار 687 / 1991 المؤرخ 3 نيسان 1991 , 30 في المائة من القيمة السنوية الصادرة من النفط والمنتجات النفطية .

وجاء في الفقرة العاملة الثالثة : يقرر أيضا ان يستعرض الرقم المحدد في الفقرة 2 أعلاه من حين لأخر في ضوء البيانات والافتراضات الواردة في رسالة الأمين العام والتطورات الأخرى ذات الصلة بالموضوع .

والملفت للنظر صدور القرار 705 / 1991 بالإجماع رغم ان كوبا كانت قد امتنعت عن التصويت على القرار 692 / 1991 الذي يشكل الأساس القرار 705 . وكان رأي العراق في القرار 705 / 1991 :

وجه الممثل الدائم للعراق الدكتور عبد الأمير الانباري رسالة الى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 16 أب 1991 تضمنت آراء العراق في قراري المجلس 705 و707 / 1991 , ونورد ما جاء فيها عن القرار 705 وهو نص الكلمة التي ألقاها مندوب العراق في جلسة الأمن عند اعتماده القرار 705 / 1991 حيث جاء  فيها في ما يتعلق بتحديد نسبة عائدات الصادرات النفطية العراقية بثلاثين في المائة 30 % .

أننا نقدر حرص السيد الأمين العام على الأخذ بالاعتبار ما ورد في التقرير الرسمي الذي قدمه العراق عن الأوضاع الاقتصادية في العراق عند اقتراحه سقف الـ30 في المائة وكذلك مراعاته للاعتبارات التي نصت عليها الفقرة 19 من القرار 687 / 1991 . 

فأن حكومتي التي تعايش يوميا ً ما يعانيه الشعب العراقي وما يعانيه العراق كمجتمع ودولة من اختناقات وصعوبات اقتصادية بسبب استمرار الحظر المفروض على العراق , نجد من المفيد أن نعيد الى الأذهان الاعتبارات الثلاثة التي أشارت اليها الفقرة 19 المشار اليها وضرورة مراعاتها وهي :

احتياجات الشعب العراقي . قدرة العراق على خدمة وتسديد ديونه الخارجية . متطلبات الاقتصاد العراقي .

ان هذه الاعتبارات ليست جامدة او ثابتة بل تتغير مع مرور الزمن وهي تزداد سوءاً وخطورة يوماً بعد يوم مع استمرار بقاء الحظر المفروض على واردات العراق وصادراته النفطية من جهة ونجاح بعض الدول الأعضاء في لجنة العقوبات في إحباط تطبيق الفقرة 23 من القرار 687 / 1991 التي تسمح على سبيل الاستثناء بتصدير النفط العام العراقي لتغطية تكلفة ما يعقده العراق من صفقات غذائية وغيرها .

ان مجموع ديون العراق والتزاماته الخارجية تجاوزت 13 و118 مليار دينار او ما يعادل 42 و97 مليار دولار في 31 كانون الأول 1990 عدا الفوائد المستحقة على هذه الديون التي لم تسدد بعد والبالغة 4,3 مليارات دولار . ان هذه الديون تشكل بالنسبة الى الاقتصاد العراقي 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي علما بان 97 في المائة من هذه الديون تستحق خلال السنوات الخمس القادمة . ولهذا طلبنا مهلة أمدها خمس سنوات من دون استقطاعات لكي نتمكن من تسديد هذه الديون .

اصدر مجلس الأمن القرار 706 / 1991 بتاريخ 5 / 8 / 1991 الذي أذن لجميع الدول باستيراد نفط ومنتجات نفطية من العراق وفق الشروط الواردة في القرار . وقد نصت الفقرة العاملة 4 من القرار ما يلي :

الفقرة العاملة (4 ) يقرر  ان تكون النسبة المئوية من قيمة صادرات النفط من العراق المأذون بها طبقاً لهذا القرار , التي ستدفع الى صندوق التعويضات على النحو المطلوب في الفقرة (19) من القرار 687 / 1991 وكما هو محدد في الفقرة (6) من القرار 692 / 1991 , نفس النسبة التي قررها المجلس في الفقرة (2) من القرار 705 / 1991 للمدفوعات الى الصندوق , الى ان يقرر مجلس أدارة الصندوق خلاف ذلك .

اصدر مجلس الأمن القرار 986/ 1995 المعروف بتطبيق صيغة النفط مقابل الغذاء ونص في الفقرة (8) العاملة على تحويل نفس النسبة المئوية من الأموال المودعة في صندوق الضمان الى صندوق التعويضات المقدرة بموجب الفقرة (2) من القرار 705/1991 .

نصت الفقرة العاملة (12) من قرار مجلس الأمن 1330/2000 بتاريخ 15/12/2000 على ان تقتطع نسبة 25 في المائة من صادرات العراق بدلاً من 30 في المائة . وذلك بعد انقضاء 180 يوماً على صدور القرار . وبعد ذلك صدر القرار 1483 / 2003 تخفيض النسبة المخصصة لصندوق التعويضات من صادرات العراق النفطية بعد الاحتلال الأمريكي الى 5% . اهم تطور جرى بعد الاحتلال الأمريكي هو تخفيض النسبة المخصصة الى صندوق التعويضات الى 5 في المائة فقد نصت الفقرة العاملة (21) من قرار مجلس الأمن 1483 / 2003 على ما يلي :

 

يقرر ان تودع نسبة 5 في المائة من العائدات المشار اليها في الفقرة (20) في صندوق التعويضات المنشأ وفقا للقرار 687 / 1991 والقرارات اللاحقة ذات الصلة , وان يكون هذا المطلب ملزما ًلحكومة العراق الممثلة للشعب المعترف بها دولياً , المشكلة حسب الأصول واي خلف لها , ما لم تقرر خلاف ذلك حكومة العراق الممثلة للشعب المعترف بها دوليا ومجلس أدارة صندوق الأمم المتحدة للتعويضات , 

 

ممارسة منه لسلطته على طرق كفالة تسديد هذا النص انه استهدف هدفين مترابطين :

الأول : تخفيف الضغط المالي على العراق بتخفيض نسبة الاستقطاعات الى 5 في المائة . وذلك من قبيل تقديم التسهيلات المالية للحكومة العراقية التي تأتي نتيجة الاحتلال . في الوقت الذي كانت قرارات مجلس الأمن  في الفترة السابقة للاحتلال تستهدف الضغط على الحكومة العراقية , بجميع الوسائل , وأولها استمرار فرض الجزاءات وإلزام العراق بتسديد 30 في المائة من صادراته النفطية الى صندوق التعويضات .

الثاني : تأييد إلزام العراق بالدفع الى صندوق التعويضات وذلك بالنص على ان يكون ما ورد في قرار مجلس الأمن ملزماً لكل الحكومات العراقية . والملفت للنظر ان الخيار المتاح للحكومة العراقية الممثلة للشعب والمعترف بها دولياً , بأي تعديل في نسبة الاستقطاعات او إلغائها مرتبط بموافقة مجلس أدارة صندوق الأمم المتحدة للتعويضات , ممارسة منه لسلطته على طرق كفالة تسديد المدفوعات في الصندوق 

شيء من التاريخ – الجزء السادس عشر –

اتبعت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات مجموعة من الإجراءات التي ابتعدت بها عن تلك المعترف بها على صعيد العلاقات الدولية في حكم مسائل التعويضات , اذا استحدث إجراءات لم يسبق لها مثيل في القانون الدولي المعاصر والتطبيقات الدولية , دخلت من اية ضمانات قضائية تمنح الى الأطراف المعنية بشكل عام والى الطرف المدعي عليه او  المسئول بشكل خاص . واستندت اللجنة في وضع هذه الإجراءات الى صلاحيتها بموجب قرار مجلس الأمن 692/1992 , الذي أحدثها والى تقرير الأمين العام الصادر بموجب الفقرة 19 من القرار 687/1991 . وقد وضعت اللجنة مبادئ توجيهية في كل المسائل المتعلقة بسياسة اللجنة ولا سيما تلك المتعلقة بالإجراءات المستخدمة في دعاوي المطالبات وتسوية المتنازع حولها وتسديد التعويضات من إيداعات الصندوق . وان المقصود بالمبادئ التوجيهية ليس الا سعي اللجنة لخلق قواعد قانونية جديدة تطبق على مطالبات التعويض المقدمة اليها من الأطراف المعنية وتتمتع بالقوة الإلزامية المستندة الى قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة , سواء تجاه العراق او الدول الأخرى كافة .

اي ان اللجنة تمارس وظيفة مشروع وبتخويل من مجلس الأمن الذي لا يملك أصلا سلطة التشريع اذ لا يوجد اي نص في الميثاق ما يخول مجلس الأمن او غيره من أجهزة الأمم المتحدة الحق بخلق قواعد قانونية ملزمة للدول الأعضاء .

ومن كل ما استحدثته لجنة التعويضات من إجراءات , تستطيع ان نتبين أهمها نتائجها في استبعاد العراق , الطرف المدعي عليه , من المشاركة في أعمال اللجنة , على الرغم من ان قواعد القانون الدولي التي تعمل على تقنيتها لجنة القانون الدولي تقضي بأتباع طرق التسوية والتوفيق والتحكيم واللجوء الى القضاء , كما بينا في البحث التمهيدي . وهذا يعني إشراك كل من المدعي عليه والمدعي في اختيار إلية التسوية ومن ثم الاتفاق على الإجراءات تلك الآلية , بينما استبعدت إجراءات التعويضات العراق كليا من المشاركة فيها , عما يرد من طلبات وما تقرره بصددها , فالعراق لم يمثل في مجلس الإدارة لانه ليس عضوا في مجلس الأمن , كما انه لم يمنح حق تسمية او انتداب من يمثله في المجلس بصفة مراقب , وقد تقدم العراق بطلب لمثيله في اللجنة بصفة مراقب وقد رفض هذا الطلب .

وبهذا فقد أصبح العراق , وهو دولة عضو في الأمم المتحدة , متلقيا فقط للتقارير الصادرة عن الأمين التنفيذي للجنة التي لا تتضمن سوى معلومات إحصائية وتصنيفات موجزة للمطالبات المقدمة تمثل جرداً لما تقدمت به بعض الدول من مطالبات وأنواعها وحجم المبالغ الإجمالية المستحقة عنها , على الرغم بما تمثله هذه التقارير في ما يتعلق بالعراق من أهمية كبيرة بوصفها المصدر الوحيد للمعلومات .

وعلى مجلس الأمن مراعاة ما للأطراف من حقوق بإعطاء الفرصة لحضور الإطراف المعنية كافة , وان يكون صانع القرار مستقلا وحياديا وليس له التزام تجاه اي طرف من أطراف القضية المعروضة . وقد نصت على ذلك المادة 15 من قواعد التحكيم التجاري الدولي . وعليه فلئن كانت قرارات مجلس الأمن قد أشارت الى ان العراق ( مسئول بمقتضى القانون الدولي ) فالمسؤولية ضمن هذا الوصف مسؤولية دولية ويجب ان يراعى في تنفيذها قواعد القانون الدولي الي اشرنا اليها سابقا .

تشير المعلومات عن هيكلية لجنة صندوق التعويضات الى هيمنة الموظفين صانعي القرار عليها من الجنسية الأمريكية , اذ تولى الأمريكيون معظم المناصب الأساسية في سكرتارية اللجنة بالإضافة الى مساعد السكرتير التنفيذي . وضمت هذه المؤسسة في سنة 2000 رئيس مطالبات القطاع النفطي , ورئيس التعويضات البيئة ورئيس القسم المالي ورئيس فرع الخدمات القانونية , و " في سنة 2004 خدم رولف .ج . كنوتسون مساعد مدير الديوان في مكتب الامين العام للامم المتحدة كسكرتير تنفيذي للجنة الأمم المتحدة للتعويضات , وقد حل محل جان كلود أيميه . وعمل مايكل ف. رايوين مساعداً للسكرتير التنفيذي منذ البداية في سنة 1991 . وهو امريكي الجنسية وجاء الى اللجنة يحمل معه خبرة تسبية حيث عمل في السابق مساعد عميل امريكي في محكمة التعويضات الإيرانية الأمريكية . وكان عمله يقضي ضمان ان تكون التجربة الأمريكية في محكمة التعويضات الإيرانية مفيدة في تشكيل لجنة التعويضات العراقية لمصلحة الولايات المتحدة .

نشرت صحيفة اليموند ديبلوماتيك الفرنسية مقالا كتبه الان كريش (Alain Gresh ) بعنوان " تحقيق من لجنة مستترة – العراق سيدفع " جاء خلاصتها ما يلي :

لاول مرة كسر الإجماع في مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة لتعويضات , بتاريخ 15 حزيران 2000 في ظل الصمت المطبق على أعمال هذه اللجنة . صحيح ان المبلغ المطالب به مؤثر اذ يبلغ 15,9 مليار دولار والذي يعادل مرتين دخل الأردن , اذ ان مجلس الإدارة يجب ان يصوت على مطالبات للتعويضات للشركة الكويتية للبترول وقد تأجلت الجلسة الى 30 حزيران 2000 . 

ان الأصول المعتمدة من قبل مجلس الأمن للجنة التعويضات لا سابقة لها , على الأقل منذ اتفاقية فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى , وجاء في المادة 231 من الاتفاقية نص اعتبر ألمانيا مسئولة وحدها عن الحرب وألزمها بدفع التعويضات , وكانت كلمة السر هي تعبير ألمانيا ستدفع . وان البروفيسور " لاليف " في مكتب المحاماة السويسري أدان الآليات المتبعة في اللجنة وتقدم بطلب الى اللجنة لإلغائها ولكن الطلب رفض . ان العراق لا يعتبر طرفا في نزاع وليس عليه الا ان يدفع وقد التقينا بالدكتور محمد الدوري سفير العراق في مكتب الأمم المتحدة في جنيف والأستاذ السابق للقانون الدولي والذي يعمل تحت وطأة الحصار , حيث يتعذر تبادل المراسلات بنيه وبين بغداد اذ يمضي حامل البريد أربعة أيام بين بغداد وجنيف .

وقد شرح لنا الدكتور الدوري الملفين بين المقدمين من Kuwait petroleum corporation  بمبلغ 21,6 مليار دولار . ويتعلق الموضوع بتوقف انتاج وبيع النفط الكويتي خلال الاحتلال العراق للكويت .

 

شيء من التاريخ / الجزء السابع عشر

وقد تضمن الملفات رقم 4003197 و 4004439  عشرات الوف الصفحات وسلمت الى لجنة التعويضات في 20و24 حزيران 1994 واودعت امام ثلاثة  مفوضين . ولم تبلغ بغداد بخلاصة عن هذين الملفين إلا بتاريخ 2 شباط 1999 وعلينا ان فرد حتى حتى 19 سبتمبر 1999 .
وقد ابلغ العراق لجنة التعويضات بان هذين الملفين يتعلقان بقضايا قانونية وعملية وفنية وحسابية . ويتعين ان تتصوروا الوقت اللازم لدراستها وترجمتها الى العربية وتهيئة الرد عليها وترجمة الرد ايضا الى الانكليزية . ولكن اللجنة لم تسمح للعراق , على الاقل , بموارد يمكن ان تسدد اتعاب مكاتب المحاماة .


وفي الوقت الذي اجابت الكويت على ملاحظاتها لم نعرف مضمون الرد الكويتي وتسلمنا من الجنة اشعارا باننا يجب ان نرد ونقدم ملاحظاتنا خلال ساعة من الوقت ! وهذا تم بتاريخ 14 ديسمبر كانون الاول  1999.

ومن حيث النتيجة صدر القرار بالاكثرية بمنح الكويت مبلغ 15,9 مليار دولار وقد تحفظ كل من المندوبين الفرنسيين والروس. 


طرحنا على ( ميشال سنيدر) سؤالا : كيف يمكن معالجة الملفات من دون آراء متعارضة ومن دون تمكين جميع الاطراف من تقديم وجهة نظرهم ؟ لا سيما ان الكويت قد وجهت نداء دوليا لتهيئة ملفاتها والدفاع عنها . اما للدفاع عن العراق فانه جوبه برفض لجنة التعويضات بتزويده بموارد للدفاع عنه كي يدفع اتعاب محاماة ولكنه جوبه بان معظم مكاتب المحاماة مرتبطة بعقود إما مع الكويت أو مع لجنة التعويضات نفسها.


ويشيد المقال الى ان لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة قد قننت نصوصا عن المسؤولية الدولية وجاء في المادة 42 منها  (( بانه في اية حالة من حالات التعويض يجب الا تؤدي الى حرمات السكان من وسائل عيشهم الاساسية)).


اصدر مجلس ادارة اللجنة ادارة اللجنة جملة من القرارات بمثابة مبادئ توجيهية لعمل لجنة بشان ماهية الخسائر والاضرار الواجب اخذها بنظر الاعتبار ومدى التعويض عنها , وذلك عملا بالفقرة (5) من قرار مجلس الامن 692/1991 التي طلبت من مجلس الادارة ان ياخذ بعين الاعتبار التوصيات الواردة في القسم الثاني من تقرير الامني العام المقدم الى مجلس الامن بتاريخ 2 آيار 1991 . وقد اوحى هذا القسم , بضرورة , انه تقوم اللجنة , وقبل التحقيق من المطالبات وتقويم الخسائر المطالب بها . تقع ضمن الفقرة (16) من قرار مجلس الامن 687 / 1991 – أي فيما اذا كانت الخسارة او الضرر او الاصابة نتيجة مباشرة مباشرة لاحتلال العراق للكويت .


بعض المعلومات الاحصائية عن المطالبات والمبالغ التي دفعت من لجنة الامم المتحدة للتعويضات .
ان الهدف من وراء عرض بعض المعلومات الاحصائية عن المطالبات والمبالغ التي دفعت من لجنة الامم المتحدة للتعويضات , ليس مجرد الارقام وانما لتاكيد مدى إصرار الدول المؤثرة في قرارات مجلس الامن على فرض 30 في المئة من صادرات العراق الى صندوق التعويضات , في الوقت الذي كانت الحالة الانسانية فيه تلتزم انفاق حد ادنى من المبالغ لانقاذ الاشخاص المعرضين للموت . بالاضافة الى الانحراف الواضح في مسيرة دفع التعويضات بحيث اصبحت ثروات العراق ميدان ابتزاز ان لم نقل نهب يتم بقرارات دولية .
ويورد الدكتور هافزفون سبونيك في كتابه 

 

جدول متلقي التعويضات في الشرق الاوسط
حتى منتصف عام 2004 يشمل مختلف فئات المطالبات

الدولة

مجموع المبالغ الممنوحة (بالدولارالامريكي)

مصر

1,867,709,685

الجمهورية الاسلامية (ايران)

5,309,165,7

الاردن

1,108,880,798

الكويت

35,379,342,888

المملكة العربية السعودية

759,804,798

الجمهورية العربية السورية

333,071,498

تركيا

320,238,498

اسرائيل

123,673,081

 


جدول المبالغ الممنوحة من صندوق التعويضات حتى التعويضات حتى منتصف عام 2004 الى الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ويشمل مختلف فئات المطالبات

الدولة

المبالغ الممنوحة (بالدولار الامريكي)

الصين

113,962,325

فرنسا

68,496,325

الاتحاد الروسي

120,002,785

المملكة المتحدة

391,088,830

الولايات المتحدة الامريكية

705,408,275

 

ويورد الدكتور هانزفون سبونيك اربعة امثلة تبرز , كما يقول , مقدار الصعوبة التي واجهتها لجنة التعويضات , لكي تكون عادلة ومقدار الاغراء الذي تعرضت له لتكون سياسية , ونعرض خلاصة عن ثلاثة منها لاهميتها . وكنا قد اوردنا سابقا قولا للدكتور فون سبونيك عن اليات لجنة صندوق التعويضات ويشير فيها الى هذه الامثلة.


المثال الاول : قدمت الحكومة الاردنية 20 مطالبة بالتعويض لصالح مختلف الوزارات وتتعلق المطالبات بتامين الاغاثة الطارئة لنحو 865 الفا من غير الاردنيين الذين هربوا من الكويت والعراق اثناء حرب الخليج سنة 1991 والذين كانو يعبرون الاردن الى بلدانهم . وطالبت الحكومة الاردنية بتعويض التكاليف بمبلغ 8,1 مليار دولار . لكن هيئة المفوضين في لجنة التعويضات قضت بان التكاليف تقل عن واحد في المئة من المبلغ المطالب به ولذلك منحت الاردن مبلغ 72 مليون دينار فقط .

وفي سنة 2001 اكتشفت مكتب الامم المتحدة لخدمات المراقبة والخدمات الداخلية في نيويورك , وهو المسؤول عن تدقيق حسابات لجنة التعويضات , عيوبا في تقدير الاردن لاعداد المخيم والخدمات الصحية وخلص الى ان التكاليف المقدرة بنحو 43,2 مليون دولار لم تقم بصورة صحيحة . وكان ما نقلته لجنة التعويضات ومكتب الامم المتحدة للاشراف والمراقبة الداخلية بالغة مهذبة – لكي لا تسيء الى حكومة ما – رسالة واضحة , ورأى مكتب الامم المتحدة للاشراف ان مبلغ التعويض المعقول يجب الا يزيد على 28 مليون دولار أي 0,3 في المئة من المطالبة الاصلية . وطلب مكتب الاشراف من لجنة التعويضات في جنيف باتخاذ الاجراءات المناسبة لخفض المطالبة الى 28 مليون دولار . ولكن اللجنة رفضت ذلك وذكرت ان قراراتها نهائية ولا يحق لمكتب الامم المتحدة لخدمات الاشراف فرض نتائجه على اللجنة . ودفع مبلغ 72 مليون دولار الى الحكومة الاردنية . المثال الثاني  : قدمت الحكومة الكويتبة مطالبة لصالح اللجنة الوطنية لاسرى الحرب والمفقودين اثناء الحرب . وبلغ التعويض الذي سعت الى الحصول عليه 111,5 مليون دولار . وبدلا من ان توافق لجنة التعويضات على دفع هذا المبلغ قررت ان تدفع مبلغ 177,1 مليون دولار أي بزيادة 96 مليون دولار عن المبلغ المطالب به .
المثال الثالث : منحت لجنة التعويضات مبلغ 324358 دولارا إلى مطالبة قدمتها الحكومة الاسرائيلية لصالح شركة سياحية تمتلكها اربع كيوتيزات . وكانت هذه المستوطنات التي تتعاطى الاعمال السياحية مقامة في مرتفعات الجولان السورية المحتلة . وافقت لجنة التعويضات على هذه المطالبة وتم دفع المبلغ . واعترضت سورية وطالبت بان يعاد المبلغ الى صندوق التعويضات . واشارت سورية الى سلسلة من قرارات مجلس الامن المتعلقة بالاراضي السورية المحتلة . وافقت لجنة التعويضات على طلب مشورة اعلانات مجلس الامن السابقة التي تعتبر إقامة مستوطنات لدولة اجنبية في سورية بشكل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة وانه يجب تفكيك المستوطنات القائمة .


كما اكد مكتب الشؤون القانونية بان لجنة التعويضات , باعتبار هيئة تابعة لمجلس الامن , الا تساهم في انشاء مثل هذه المستوطنات او صيانتها \ز ومثلما اهملت لجنة التعويضات نصيحة مكتب الامم المتحدة للمراقبة الداخلية يخفض المطالبة الاردنية , اهملت اللجنة ايضا هذه النصيحة القانونية ورفضت اعادة النظر في المطالبة رغم التاكيد بان اللجنة تنتهك القانون الدولي بهذه المكافاة . كما اشير في مذكرة داخلية للجنة التعويضات مؤرخة في 26 حزيران 2002 .

 

شيء من التاريخ – الجزء الثامن عشر –

كنا قد تطرقنا في الأجزاء السابقة الى الالتزام المبدئي لمجلس الأمن , بتطبيق القواعد الآمرة للقانون الدولي . وخاصة ما ورد في المادتين الأولى والثانية من الميثاق . ويحتل مبدأ عدم التميز اهمية خاصة في القانون الدولي . وقد عرضنا خلاصة من قواعد المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دولياً , التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي , والتي تشكل أعلانا لما استقر عليه الفقه الدولي والقرارات القضائية لمحكمة العدل الدولية . وخاصة بأن الولايات المتحدة باحتلالها العراق قد خرقت قاعدة قطعية في القانون الدولي وهي عدم استعمال القوة في العلاقات الدولية .

وطالما ان مجلس الأمن عندما اصدر قراره 660/1990 عن احتلال العراق للكويت , واتبعه بسلسلة من القرارات تتعلق بفرض تعويضات على العراق كونها الطرف المحتل ويلتزم بالتعويض عن الاحتلال . كما جاء في القرارات 674/1991 وبعدها القرار 687/1991 والقرار 692/1992 . يفترض ان يعالج جميع حالات الاحتلال بمعيار قانوني واحد ويرتب عليها نفس الآثار القانونية ومنها ألزام المحتل بدفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الاحتلال .

ولكن مجلس الآمن نفسه وضمن البند نفسه الذي فرض فيه العراق دفع التعويضات الى الكويت والدول الثالثة والأطراف المتضررة من الاحتلال . 

اقر بقراره 1483/2003 بأن العراق قد احتل من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا . الا ان هذا الإقرار لم يتبعه تحميل الدول التي احتلت العراق المسؤولية الدولية الناجمة عن الاحتلال وتعويض العراق عن الاحتلال . ولاشك في ان هذا الطرح , ضمن البيئة السياسية الدولية الراهنة , نوع من الترف القانوني الفكري . ولكنه ضروري لوضع الأمور في نصابها الصحيح . وقد تناولته مراكز الدراسات القانونية ومقالات قانونية رصينة . وكما أوضحنا في الأجزاء السابقة من الموضوع حول خضوع مجلس الأمن للأمر الواقع بالاحتلال وعدم أدانته , فان الإشكالات القانونية التي اقترنت بالاحتلال تتسم بأهمية قانونية وخاصة الآثار المترتبة عن القضاء على النظام السياسي في العراق وخلو العراق من أية سلطة أوجهة يمكن ان تطالب الأمم المتحدة بالتعويضات . وخاصة بعد حل المدير الإداري لسلطة الاحتلال جميع البنى المؤسسية في العراق وخاصة الجيش العراقي . ومع ذلك فمن قبيل التوثيق , من الضروري تسليط الأضواء على الخلل الواضح في ممارسات مجلس الأمن تجاه العراق بين كونه معتدياً عام 1990 وبين كونه معتدى عليه 2003.

وقد اهتمت الدراسات القانونية الدولية بهذا الموضوع . حيث نشرت مجلة اللوموند ديبولو ماتيك مقالاً للدكتورة مونيك شيميليية جيندرو بعنوان " من فيتنام الى العراق : أضرار الحرب في معيار مختلف " . جاء فيه ما خلاصته :

هل ستكون للأضرار الناجمة عن الحرب على العراق تعويضات مالية تدفع من قبل الولايات المتحدة وحلفائها للسكان المحليين ؟ وهل تلتزم إسرائيل بهذا الالتزام تجاه الفلسطينيين ؟ من المرجح بان الإجابة لا , لان القانون الدولي , لم يكن حاسماً حول هذا الموضوع , ازاء منطق القوة المفروض من واشنطن وحلفائها . على كل , فمنذ عام 1918 صيغت قواعد تعويض أضرار الحرب , ويتعين أحياؤها .

ان العراق كان قد اكره على ان يدفع , من موارده النفطية الخاضعة لرقابة الأمم المتحدة , جميع تعويضات الحرب التي شنها على الكويت عام 1990 -1991 . وفي المقابل فان الولايات المتحدة لم تدفع اي فلس لحربها ضد فيتنام بين أعوام 1964 وحتى 1975 , كما انها رفضت الالتزام بدفع التعويضات التي حكمت بها محكمة العدل الدولية عام 1986 عن الحرب التي تسنها على نيكاراغوا . وعلى العكس فقد شنت الولايات المتحدة بعدها ثلاث حروب : الأولى تحت غطاء حلف شمال الأطلسي ضد كوسوفو والثانية ضد أفغانستان بعد أحداث سبتمبر 2001 والثالثة ضد العراق عام 2003 . وان الحرب الأخيرة كانت الأقسى من حيث الاضرار البشرية والمادية .

وبهذا الصدد فأن القانون الدولي يجد نفسه في حقبة تراجعية . فاذا كانت صرخات الشقاء للغزاة ولكن الممارسة الطويلة قد نجمت عن جزية فرضها الأقوى , وشيئا فشيئا نشأ أطار قانوني يسمح لمفاوضات السلام بأن تحدد التعويضات المترتبة على الغزاة . ومنذ بداية القرن العشرين وخاصة في معاهدة فرساي التي وضعت نهاية للحرب العالمية الأولى التي لم يقبل فيها الطابع التعسفي للتعويضات . وقد حددت التعويضات بقدرة التسديد عند الدولة .

واستعراض البحث ممارسة مجلس الأمن بفرض التعويضات على العراق بعنوان تعسفي مشهور , ان الإجراءات التي اعتمدت بصورة تعسفية قد ساهمت في انهيار العراق وانتهاكات لجميع الحقوق الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية للسكان العراقيين . وان لجنة التعويضات لم تطبق اي معيار قضائي . وعالجت اللجنة اكثر من مليونين ونصف مليون مطالبة بوسائل إثبات موضع نزاع واحتجاج كبيرين . 

في ضوء العجز الخطير للعدالة القانونية , فان مجموع قواعد المسؤولية الدولية هي على المحك , اذ ان العدالة تحتاج الى قواعد حاسمة . وان الهيئات الدولية تعمل منذ عقود على صياغة قواعد مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً وخاصة لجنة القانون الدولي . واذا كنا نريد تحويل الإنسانية الى مجتمع دولي حقيقي , يجب على الدول جميعها ان تراعي مصالحها القانونية باحترام قاعدة القانون . والا سيبقى الباب مفتوحاً للتدابير المضادة التي يبدو انها تشكل تراجعاً في القانون الدولي حيث تجيز كل دولة لنفسها ان تخلق العدالة لنفسها .

 

شيء من التاريخ – الجزء التاسع عشر –

وناقشت ندوة قانونية عقدت في باريس بين 17 الى 18 تشرين الاول 2003 موضوع " التدخل في العراق والقانون الدولي " ورقة أعدها بيار دارجينت (pierre d'Argent) بعنوان " تعويض أضرار الحرب " جاء في خلاصتها ما يلي :

ان الكلام عن تعويض أضرار الحرب على العراق عام 2003 , هو بالضرورة تذكير بالمبادئ القانونية التي هي نظرياً قابلة للتطبيق على هذه المسالة , أكثر من الدخول في الممارسة التطبيقية التي اعتمدتها لجنة التعويضات على الرغم من التحفظات التي تتعلق بهذه اللجنة .

وناقشت الورقة بعنوان " من حرب الى أخرى " اثر الحرب عام 2003 على المنهج الذي اتبعه مجلس الأمن بقراره 687/1991 على التعويضات التي كانت تشكل 30 في المائة من موارد العراق النفطية وأصبحت 5 في المائة بقرار من مجلس الأمن 1483/2003 . وأشارت الورقة إلى ان التقديرات قبل التخفيض يصبح من غير المفيد احتساب المدة المقدرة لتسديد التعويضات . وإذا أخذنا بالاعتبار ان ألمانيا كانت ملزمة بموجب معاهدة فرساي عام 1919 بان تستمر في دفع التعويضات حتى عام 1988 . وهل علينا تصور الرسم الكاريكاتوري للمأزق الزمني بالنسبة الى العراق لدفع التعويضات أذا أردنا إقامة علاقات منسجمة بين الدول ؟وهل هذا التخفيض يلزم حتما معرفة اذا كان امتداد هذه الديون في هذا المدى من التاريخ هو أمر مرغوب به ؟ . وبالتالي نتساءل هل نستخدم البترو-دولار العراقي لإعادة بناء المدارس والمستشفيات العراقية او نعالج اثر الحرب على البيئة في الصحراء السعودية او الكويتية ؟ واستعرضت الورقة المبادئ القانونية الدولية المتعلقة بالتعويض عن أضرار الحرب سواء أكانت ناجمة عن انتهاك قانون الحرب او انتهاك معاملة أطراف الحرب .

على الصعيد التطبيقي أشارت الورقة الى ان الحرب على العراق عام 2003 لم تطبق عليها القواعد الدولية عن التعويضات . ولكن هذا الواقع لا يعني ان الحق في التعويض غير موجود قانونا . ويمكن أدراج ذلك في مخططات أعادة بناء العراق التي قدرت من البنك الدولي بأنها تكلف أكثر من 55 مليار دولار لفترة ثلاث سنوات وهناك دراسات أخرى قدرت الكلفة خلال عشر سنوات من 106 الى 615 مليار دولار . وهذا لا يتعلق بأضرار الحرب التي لم تقدر من أية جهة . ناهيك عن الأضرار الناجمة عن حربين خلال عشرين عاماً والأضرار الناتجة عن الجزاءات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة . 

وتستخلص الورقة ان الحالة المثارة عن الحرب ضد العراق عام 2003 هي استثنائية وتصطدم بالعديد من المستويات في العلاقات بين الدول حيث أحدثت الحرب تحولا في الاقتصاد العالمي . ومن الضروري التذكير بان أهمية الغازي المنتصر الذي يستخدم القوة بصورة غير مشروعة قد امتدت اكثر من التصدي لأثارها بالتسديدات المالية الصالحة .

وما يمكن استخلاصه من المعالجة العاجلة لمسألة التعويضات ان مجلس الأمن استحدث قواعد قانونية واليات غير مسبوقة في القانون الدولي تجاه العراق في ما يتعلق بالتعويضات , ما يؤدي الى استنزاف ثرواته لعدة أجيال . وحينما احتلت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق , فان مجلس الأمن لم يلزم القوى المحتلة بأي تعويض وإنما على العكس من ذلك أضفى على الاحتلال المشروعية والمؤسسية بتكليف قوات الاحتلال بإدارة العراق .

كما ان قوات الاحتلال قد أصدرت تشريعات تمنح قواتها حصانة قانونية من الادعاء عليها أمام القضاء العراقي , مما يعد في القانون الدولي لحقوق الإنسان إفلاتا من العقاب . وهو ما تمعنه الصكوك الدولية لحقوق الإنسان . وهذا النموذج من التعامل شكل صارخ من ازدواجية المعايير التي يطبقها مجلس الأمن بضغط من الولايات المتحدة ضمن البيئة السياسية الدولية الراهنة .

شيء من التاريخ – الجزء عشرون  –

ترسيم الحدود العراقية التركية 

ودبلوماسية الخروج من البند السابع

شهد العالم منذ عام 1990 تحولا نوعيا وكمياً في القرارات الصادرة من الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن تجاه العراق بعد احتلاله الكويت , مقارنة بحالات احتلال إسرائيل للأراضي ثلاث دول عربية عام 1976 . وصدرت القرارات ضد العراق بهذا الكم والنوع نتيجة عوامل عدة أهمها تبدل البيئة السياسية الدولية بانهيار الاتحاد السوفيتي , وعدم مراعاة العراق أهمية هذا التبديل في صنع  القرارات الدولية . وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بحكم البيئة الدولية الجديدة , الصانع الأكبر لقرارات مجلس الأمن وتوظيفها لأغراض تخدم مصالحها واستراتيجياتها الخاصة . وهذا من وجهة نظري كباحث , ومدى دراستي ومتابعتي للسياسة الخارجية الأمريكية وأغراض وغايات سياسة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية كلها تصب في قالب واحد هي الهيمنة على دول العالم واحتلال ثرواتها , وضرب الأفكار والايديوجيات الاقتصادية الحديثة من اجل تحديد مسيرة البشرية الاقتصادية والاجتماعية على الكرة الأرضية . بالإضافة الى ذلك ان السياسة الأمريكية العدوانية تجاه الشعوب لم تتبدل لحد ألان , فهي واضعة ومخططة للحروب في المنطقة من اجل تشغيل الماكنة العسكرية الأمريكية . وبالتالي هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على سلطة الأمم المتحدة وتسيرها الى مصالحها الخاصة . ومن الناحية السياسية اذا حللنا المواقف التي أدت الى تشجيع صدام حسين بقيام حرية على إيران والكويت , كان موقفاً أمريكيا وبدعم خليجي او ما يسمى بالفتن الأمريكية والتي أراقت دماء وأضعاف الدول المنتجة للنفط اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفك رابطة الأواصر والجيدة في منطقة الشرق الأوسط . بما ان السياسة الأمريكية تصنع المشاكل والأزمات في هذه المنطقة حتى تتيح لها الفرصة في التدخل بتأثير من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكذريعة لها باحتلال الدول النفطية والغنية بالثروات . ان سبب الضغط على العراق من قبل السياسة الانكلوامريكي ورغبة من القادة السياسيين الأمريكان تقسيم العراق وقطع أجزاء من أراضيها وإعطائها لمن هب ودب وكان سياسة القانون الدولي بعدم التدخل في شؤون الداخلية للدول الأخرى لم يدون في القانون الدولي واحتواء أمريكا لسياسة قانون الغايات من شيمتها  ومخططاتها . ولا تتصور أمريكا وأتباعها ان الشعوب نائمة لا تعرف ما يدور حولها . لكن المسلم  "ما ينلدغ من جحره مرتين " . ان هذه السياسة التي تمارسوها مع شعبنا , بان ترفعوا عنا الفصل السابع مقابل ان تقطعوا جزء مهم من أرضنا , فهيهات نبقى تحت الفصل السابع مئات السنين ومستقبل الشعب العراقي بيد العراقيين الأوفياء لأراضيهم . وعندما لعبتم اللعبة مع فلسطين المحتلة بالسياسة الخبيثة " الأرض مقابل الأمن " وأشبعتم عملاءكم بسياسة السكوت مقابل المناصب والمال والجاه .

وفي هذا المجال سوف نبين كيفية أقناع صدام حسين على توقيع اتفاقية ترسيم الحدود . وان الظروف المرافقة لقبول العراق بقرار مجلس الأمن 833/ 1993 وتخطيط الحدود . وقبل صدور موافقة العراق على قرار مجلس الأمن 833/ 1993 حدث توتر على الحدود العراقية الكويتية حيث توجهت قوات عراقية صوب الحدود الكويتية وتدخل مجلس الأمن واصدر القرار رقم 949/1994 بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 الذي يدين عمليات الوضع العسكري الذي قام به العراق مؤخراً في اتجاه الحدود مع الكويت وطالب العراق بان يكمل فورا سحب جميع الوحدات العسكرية التي وزعت مؤخراً في الجنوب العراقي الى مواقعها الأصلية , ويطالب العراق  بالا يستعمل مرة أخرى قواته العسكرية بشكل عدواني او استفزازي لتهديد جيرانه او عمليات الأمم المتحدة في العراق . وكان قد تدخل الاتحاد الروسي لإقناع العراق سحب قواته . وقام وفد روسي يضم وزير الخارجية العراقية للقبول بقرار مجلس الأمن 833 / 1993 من قبل المجلس الوطني ومجلس قيادة الثورة لتسهيل رفع الجزاءات عن العراق كما ورد في رسالة وزير خارجية العراق . الى الأمين العام عند قبول العراق بالقرار المذكور , وتنفيذاً لذلك صدر بلاغ مشترك عن زيارة الوفد الروسي أودع لدى مجلس الأمن برسالة مشتركة من المندوبين العراقي والروسي بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 وجاء في البلاغ المشترك ما يلي : استقبل الرئيس صدام حسين في 13 تشرين الأول 1994 السيد اندريه كوزيريف وزير الخارجية روسيا ومبعوث الرئيس الروسي بوريس يلتسين الى العراق . وتم أثناء اللقاء تحليل الوضع في منطقة الخليج وكذلك الوضع الراهن للعلاقات الروسية العراقية . ودعت روسيا الى اتخاذ خطوات حاسمة من اجل عدم السماح بتصعيد التوتر وإعادة الوضع الى مسار الجهود السياسية والدبلوماسية التي من شأنها ان تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الأمن والاستقرار الوطيد في المنطقة والى رفع الجزاءات المفروضة على العراق وإقامة علاقات حسن جوار بين العراق والكويت .

وأعلن العراق رسميا ً انه قد أكمل في الساعة 21 من مساء يوم 12 تشرين الأول نقل قواته الى مواقع الخلف . وقد ثمنت روسيا عالياً هذه الخطوات من الجانب العراقي . وأكد العراق استعداده لان يحل بشكل ايجابي مسألة الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها التي تقررت بموجب قرار مجلس الأمن 833/1993 .

ان روسيا , بعد اعتراف العراق الرسمي بسيادة الكويت وحدودها ستؤيد البدء رسمياً في تشغيل النظام الرصد الطويل الأجل وفقاً لقرار مجلس الأمن 715/1991 وفي نفس الوقت بدء فترة " المراقبة " المحدودة الزمن من اجل التأكد من فعالية نظام الرصد , التي ينبغي , حسب وجهة نظر روسيا , ألا تزيد عن ستة أشهر , يتخذ بعدها مجلس الأمن قراراً  بشأن تنفيذ الفقرة 22 من القرار 687/1991 بصورة كاملة وبدون شروط أضافية . وتؤكد روسيا أنها ستؤيد رفع الجزاءات الأخرى في ضوء التقدم الذي ينجزه العراق في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة .

وأكد العراق استعداده لمواصلة التعاون مع لجنة الصليب الأحمر الدولية في تقصي مصير المواطنين الكويتيين المفقودين وأشار كوزيريف الى الاهتمام الخاص الذي توليه روسيا لهذه المسألة الإنسانية .

ولكن الأحداث التالية لصدور البلاغ المشترك أثبتت بان ما نفذ من الجهود الروسية اقتصر على قبول العراق بالقرار 833 /1993 ولم يتم تنفيذ أي وعد من روسيا ورد في البلاغ المشترك بصدد تطبيق الفقرة 22 من القرار 687/1991 حول الجزاءات المفروضة على العراق . وبتعبير أخر فان الصفقة السياسية التي تمت بين العراق وروسيا حول قبول العراق بقرار مجلس الأمن 833/1993 اقتصرت نتائجها على قبول العراق من دون ان تتبعه أية خطوة لرفع الجزاءات جزئياً او كلياً , ولم يكشف النقاب عن الآثار السياسية التي نالتها روسيا في علاقتها مع الولايات المتحدة نتيجة جهودها بإقناع العراق بقبوله قرار مجلس الأمن 833 / 1993 .

مع تحياتي الى كل من السلطات الثلاث في العراق ان لا تأخذهم عاطفة العلاقة ومغريات الأمم المتحدة فالأرض أرضنا ومنفذنا على الخليج وبوابة لنا نخرج منها ونستقبل ضيوفنا منها . ولنأخذ تجربة معاهدة او اتفاقية " فرساي " كيف خرجت من هذه الأزمة . ولكل مرحلة زمنية لها حلول , فلنبقى صامدين على ترابنا وأرضنا .

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.48704
Total : 101