رحبنا بإجراء الانتخابات في وقتها المحدد، رغم ملاحظاتنا العديدة على الاجواء التي جرت فيها، وما رافقها انتهاكات غير قليلة، اشرتها منظمات المراقبة المحلية والدولية، واستندنا في قبولنا بها اساسا على ارضيتنا الفكرية، التي تعتمد الديمقراطية وآلياتها وما تفرز من نتائج، ونحن ننظر الى الانتخابات باعتبارها نشاطا سياسي، ذا اهداف عديدة فالى جانب هدفه الأساسي المتمثل في اختيار اعضاء المجلس التمثيلي: مجلس النواب او غيره، هناك أهداف أخرى لا ينبغي نسيانها، منها ترسيخ ثقافة الانتخابات كاسلوب شرعي للتغيير، وإيصال رسالتنا كتيار ديمقراطي إلى الجمهرة الواسعة من الناس، والتعريف بالتيار نفسه وتوسيع قاعدة قواه واطرافه.
كما يتضح من المؤشرات الاولى لانتخابات الثلاثين من نيسان، فقد تمكنا من اجتذاب أصوات جديدة، وسنعمل جاهدين للحفاظ عليها وتحويلها الى امكانية جددية تضاف الى امكانيات تيارنا الديمقراطي، نعم، وقد نجحنا في النفاذ عبر جدار الطائفية المتين واختراقه، وحصلنا على تمثيل مشرف، وسنستمر في العمل من دون كلل او ملل على توعية المواطنين بحقيقة أزمة نظام الحكم، الضاربة عميقا في بنية النظام السياسي القائم على المحاصصة، والمنتجة للازمات المستمرة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، وهي ازمة أعمق مما يتصور البعض، واصعب من ان تعالج باعادة توزيع المناصب والمكاسب، على اساس المحاصصة ومنهجها، املا في ترميم البنية المأزومة.
لذلك لا نرى من الصحيح تعليق آمال على فكر المتنفذين، الذي لا يغادر منهج المحاصصة الطائفية، انما يتوجب اطلاع المواطنين على مشروع التحالف المدني الديمقراطي، وعلى رؤيته لسبيل الخروج من الأزمة، والسبيل هو تغيير ميزان القوى في الساحة السياسية، لصالح البديل الرافض بالمطلق للمحاصصة الطائفية، البديل الذي يعتمد مبدأ المواطنة المتساوية، ودولة القانون والمؤسسات، والفصل بين السلطات وتعاونها، كمعايير أساسية لبناء النظام السياسي، وهو نفسه البديل الذي يؤمّن الخدمات للمواطن، ويوفر أجواء مشاركته في تحمل المسؤوليات الوطنية.
ولهذا كله لن تكون ساحة البرلمان بالنسبة الينا الساحة الوحيدة للنشاط، انما هي احدى الساحات واحدى الامكانيات، الى جانب العمل والنشاط في المجتمع المدني وحركة الاحتجاج والحركة المطلبية، وفي عموم الحركة الاجتماعية في البلاد، والسعي الى اجتذاب كل عراقي يؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة المتساوية والحريات والحقوق والمؤسسات، ويدرك ضرورة العمل المثابر من اجل اقامتها على ارض الواقع.
مقالات اخرى للكاتب