بدأت عمليات الموصل قبل ايام وفق خطط عسكرية باسم (قادمون يا نينوى) بمشاركة قوات البيشمةركة و الحشد الوطني (حراس نينوى / حالياً) و القوات العسكرية العراقية بتشكيلاتها المختلفة بالاضافة الى قوات الحشد الشعبي و ان كل قوة منها خاصة البيشمةركة حررت خلال ايام المناطق المرسومة لها و تقدمت القوات العراقية حتى وصلت الى اشراف مدينة الموصل و حررت احياء منها ... و كانت كل التوقعات تشير الى سهولة تحرير المدينة و ان داعش على حافة الهاوية و نهايتها تلوح في الافق و ستنهزم قواتها قتلاً و فراراً و ستحرر اهاليها من دنس هذا التنظيم الارهابي لينعم بحياته ...
و لكن الملفت للنظر بان مسلحي داعش يدافعون بشراسة عن مواقعهم و يبدون قوة قتالية يكاد هزيمتهم صعباً ان لم يكن مستحيلاً لان كل الخيارات واردة في مثل هذه المعارك (مع املي المنشود بان نهاية داعش قريب) لان معطيات الحرب تتنبأ بقوة مسلحي داعش في الدفاع عن هذه المدينة التي تعني تحريرها غروب شمس (داعش) الى مالا نهاية و علينا ان ننظر الى الصورة من جوانب مختلفة و ليس من جانب مصالحنا فان للغير مصالح و مطامع لذا فأن عدم تحرير مدينة الموصل بعد بدأ عملياتها لا تبشر بالخير للعراق و للمنطقة و ستتغير موازين القوى و يجب مراجعة السياسات السابقة و اعادة درجها من جديد وفق الواقع الحديث و ان قدرة داعش في الدفاع عن المدينة وفق رأينا المتواضع تعني :-
ان قوة داعش العسكرية من المسلحين و الاسلحة هي تكاد تكون متكافئة وموازية لدولة العراق و ان خططها الحربية كانت ناجحة بالاضافة الى التعبئة المعنوية لمسلحيها و يكون دافعاً لهم في المقاومة الشرسة في الجبهات الاخرى و ان ادعاءاتها بالدفاع عن الموصل كانت في محلها لذا فانها تجربة صعبة للمنظومة العسكرية و الامنية العراقية بعيدة عن تجربتها في الرمادي و الفلوجة ...
ان طول مقاومة داعش عن مدينة الموصل تؤثر بشكل ايجابي على زيادة ثقة مواطني الموصل الموجودين فيها بقدرة هذا التنظيم الارهابي في مسك الارض و صد هجمات القوات العراقية و بذلك يكونون سنداً لهم بعد ان يأسوا من الدعوات بقرب تحريرهم و انزال العقاب الصارم بالدواعش و من جانب اخر فان امل الحكومة العراقية بقيام انقلاب داخلي في الموصل ستذهب ادراج الريح خاصة بعد ما استطاعت داعش من القضاء على الانقلاب الاول في بداية عمليات التحرير و قتلت جميع من حاولوا الانقلاب على نظام حكم داعش اعطت درساً لكل من يسول له نفسه القيام بمثل هذه الاعمال التي يكون نهايته القتل .
ان قدرة داعش في الدفاع عن مدينة الموصل سيجبر الدول الاقليمية و الدولية الى تغير مواقفها و سياستها تجاه دولة العراق من جانب و من (داعش) نفسه ايضاً بالسلب و الايجاب بعد ان كان خطراً يهدد امن العالم و ربما يكون بداية لرسم الحدود و تقسيم المنطقة تحت مسميات مختلفة تحدد من يستفيد منها ومن يتضرر .
ان صمود داعش في الموصل تعني نهاية دولة العراق بعدم قدرتها من مسك اراضيها و اعادتها الى احضان السلطة العراقية بل يكون الحلقة الاخيرة ضمن مسلسل مشروع تقسيم العراق الذي تتبناه امريكا منذ سنوات و بوادر التقسيم تظهر بين فينة و اخرى على لسان المسؤولين المحليين و الدوليين و من مؤشرات ماذهبنا اليه اصرار تركيا و ايران في الحفاظ عل موضع قدم لها في العراق بحجج متعددة منها منع قيام الحرب الطائفية او حماية مكون معين او تأمين امنها القومي و بات التهديد سلوكاً شبه يومي لهما ...
و الاهم من كل ذلك سواء تحررت ام تأخر تحرير مدينة موصل فان الابرياء هم الضحايا و على اكتفاهم و رقابهم تجري الحروب و المعارك فانهم حائرون بين مطرقة العيش في ظل تنظيم داعش الارهابي و تشريعاته اللانسانية و القصف من كل الجوانب او سندان الهروب من منطقته و التوجه نحو المصير المجهول اما بالقتل او الوصول الى المخيمات و العيش في اسوء ضروف معاشية ينتظر ما يعطيه المنظمات و الحكومات المحلية لسد رمقه دون ان يموت و الله في عون المظلومين و مع كل الامل في القضاء على اعداء البشرية (داعش) .
مقالات اخرى للكاتب