منذ شهر والعوائل العراقية تتلقى رسالة (استمارة) من رئاسة الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة.. والرسالة على الرغم من أنها تتضمن قرابة الثلاثين سؤالاً إلا أن تلك الاسئلة ليس من بينها سؤال واحد عن أحوال العائلة التي تسلمت رسالة العبادي، وكيف تعيش؟. فكل الاسئلة تتمحور على خصوصيات المواطن، فمن بينها: ما اسمك الرباعي واسم امك واسم زوجتك؟ وآخر عن متى سكنت الدار التي تشغلها وهل هي بالايجار أو التمليك؟.. وسؤال عن عدد افراد اسرتك؟ وهل من بينهم مهاجر إلى الخارج أو معتقل ومانوع تهمته؟!! وسؤال : أين كنت تسكن قبل عام 2003؟.. وغير ذلك من الاسئلة التي تذكرنا بزمن قد رحل منذ اكثر من عشر سنوات!
في العهد السابق كانت (العوائل العراقية) تتلقى بين الفينية والآخرى رسائل مماثلة لرسالة العبادي الجديدة.. من بين اسئلتها: هل لديك معتقل؟ وهل أحد أقاربك مهاجراً أو هارباً خارج العراق؟ وكنا نجيب بالنفي حتى إذا كان أحد أفراد عائلتنا سجيناً أو هارباً، لأن الاعتراف بالحقيقة معناه الطرد من الوظيفة والاعتقال!
وذكرتنا هذه الاسئلة الجديدة بالليالي العصيبة التي كنا لاننام فيها قبل أن نملأ استمارة وطبان أو سبعاوي، ونتذاكر مع من نأمن له عن الخطر الذي سيصيبنا لو اعترفنا بأن لنا أقارب سجناء أو هاربين أو سياسيين يعملون ضد الحكومة.. وذكرتني رسالة العبادي (الودية) جداً بتلك الايام العصيبة والخوف الذي كان يأكل ويشرب وينام معنا!!
وتضمنت هدية (الاستمارة)العبادي بعد قسمها الأول والذي هو اكثر من عشرين سؤالاً، ويحتاج الواحد ليجيب عليها إلى نهار كامل.. ضمن تلك الاستمارة يوجد بند واحد يحذر من أن أي غش أو معلومة يدرجها رب الاسرة ولم تكن صحيحة، وتهديد بأنه سيتعرض إلى المساءلة القانونية، وتشير فقرة أخرى ضمن الاستمارة: إلى أن الجهات المعنية ستطابق الاجابات التي سيقدمها رب العائلة بما متوفر لدى الوزارات المختصة من معلومات عنه.. وفي حالة عدم تطابق اجاباته سيتعرض الى عقوبات او ماشاكل ذلك!!
حين قرأت هذا التهديد الواضح سألت أحد الزملاء: إذا كانت الوزارات المختصة تمتلك معلومات مؤكدة عن كل مواطن.. فما الداعي لتوجيه الاسئلة إليه؟ ولماذا لاتكتفي الحكومة بما لديها من معلومات؟.. فأجاب الزميل: بما أن الحكومة والجهات الأمنية تعلمان بأن رب العائلة سيخفي المعلومات التي يشعربأنها تضره، فأن الاستمارة (الهدية) تصبح هنا فخاً للأيقاع به .. وهذا ما فهمته –يقول الزميل- من استمارة العبادي الموجهة الى العوائل العراقية وكذلك يقول زميل آخر أستمزجت رأيه بشأن الاستمارة(الأمنية) : بأن هذه الحركة معناها بأن الحكومة الحالية تريد ترهيب الناس وهي بذلك تذكرهم بأن الأجهزة القمعية الأمنية السابقة لم ينتهي دورها.. وقد عادت مرة أخرى في (العهد الديمقراطي)!
وأخيراً أقول: ليس هناك مبرر لمثل هذه الاساليب التخويفية، فالمواطن لايحتاج بوجود العبادي ومن سبقه إلى مزيداً من القلق.. وعليكم أن تكفوا عن أيذائه، فهو لايستحق أن يعامل بمثل هكذا اساليب.. واتوجه بالسؤال الى الجهة التي وراء هذه الاستمارة بالقول: إن العراقي لايقاد بالترهيب، ولايستحق منكم مثل هذه المعاملة التي تذكرنا بالذي مضى .. وإذا كان(فيكم خير) فالتفتوا الى الارهاب وكيف تقضون عليه قبل ان يقضي على الشعب والوطن.. ومنذ مجيئكم وحتى يومنا هذا لم نرَ منكم مايطمئننا، فلا تكونوا أنتم والارهاب معاً علينا.
مقالات اخرى للكاتب