الكثير يضن أن تركيا اليوم تلعب لعبة الاحتلال وضم الاراضي العراقية الى الخارطة التركية المترامية الاطراف وهذا الضن المتأتي من الاحداث المتسارعة التي بدأت تشوش على الكثير من الحقائق وترميها بعيدا عن الحقيقة المتعارف عليها منذ أكثر من ثلاثة عشر عام بعد سقوط النظام العراقي والتي استثمرت تركيا ذالك التحول لجارتها العراق بكل ما تستطيع من فوائد لها اهمها الفائدة الاقتصادية التي وصلت اليوم كمدخول سنوي لأنقرة بأكثر من خمسة عشر مليار دولار وهذا الرقم في ظل الظروف الاقتصادية الدولية يعتبر رقما كبيرا للخزينة التركية والتي يساعد على استمرار قوة العملة التركية وبتواجد أكثر من 1500 شركة تعمل في العراق كذالك الحال بالاضافة لهذا التفاعل الاقتصادي فأن انقرة تدرك جيدا حجم وثقل تأثيرها على الوضع السياسي العراقي واستنزاف القوى الرئيسية اللاعبة في الساحة العراقية من فوائد على الساحة العالمية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا ,, بالاضافة الى حاجة الحكومة التركية اليوم الى الابتعاد نوعما عن ساحتها الداخلية المفعمة بالمشاكل خاصة بعد محاولة الانقلاب الاخيرة لذا ارتأت ان تلعب هذه المرة لعبة التصدير للمشاكل مثلها مثل اللاعبين الكبار على الساحة العالمية بعد أن وجدت الحكومة التركية الطموحة أن تصدير مشاكلها الى الخارج التركي يخفف من الاحتقان الداخلي للرأي العام في تركيا بعد أن شهدت الساحة التركية مئاة الاعتقالات للجيش والقضاة والشرطة بعد أحداث الانقلاب والتي ولد شعورا لدى الشارع بدكتاتورية الرئيس اردوغان المتنامية وكذا الحال فأن المشكلة التي لا تنتهي في تركيا هي الصراع الدائم مع pkk الكردي منذ عشرات السنين والذي اصبح ذريعة ومرتكز في التدخل في الشأن العراقي الذي فتحت ابوابه على مصراعيها من قبل ساسة الاقليم اللذين ضنوا أنهم اذا ارتموا بأحضان تركيا وتركهم لبغداد فأن الحلم الكبير لدولتهم قد يبدأ بمساعدة انقرة التي تمقت وبوضوح هذا الفكر الذي اذا حدث فيعني ان اكرادها هم ايضا سينهضون لتحقيق الحلم ..
لم يكن التواجد التركي في بغداد قد حدث منذ شهر او منذ شهرين او ارتفعت وتيرته بعد ان وصلت القوات العراقية الى مشارف الموصل وتحرير كل المناطق العراقية المحتلة من قبل داعش لكن الحقيقة هي ان تركيا متواجدة منذ أكثر من عشر سنوات بأتفاقيات مستمرة مع قادة الاقليم وبغداد وقبلها مع حكومة صدام بذرائع مختلفة تارة لتأمين حدودها ضد الانفصاليين الاكراد وتارة للمحافظة على مسارات النفط وأخرى للحفاظ على وحدة العراق وتأمين سلامة اراضيه .
اليوم تتوجه القوات العراقية نحو الموصل لتحريرها من داعش التي بدأ الجميع يتبرأ من تواجدها في الاراضي العراقية وكأن هذه المنظمة (داعش) التي يتعامل معها الجميع كإرهابيين ويضربها من الارض والجو والبحر نزلت من السماء الى الاراضي العراقية والسورية ومقاتليها الاجانب وقادتها هم ولدوا وخرجوا بعد ان شقت الارض وأخرجتهم الى سطحها ولا تركيا ولا سوريا ولا امريكا ولا المتعصبين العراقيين لهم دورا بتواجدها في العراق ..
تحرك القوات العراقية نحو الموصل هذه الايام هو من جدد المشكلة وكذالك هو من جعل من السيد اردوغان يصعد في لهجته نحو بغداد واعتباره أن قادة بغداد غير مؤهلين لاستعادة الموصل من داعش دون المساعدة التركية التي لها قوات فوق الاراضي العراقية والتي الى الان الحكومة المركزية في بغداد لا تعلم بها وكم قوامها وما هو نوع تسليحها فقط تعلم أن هناك الفي عسكري تركي في معسكر بعشيقة الذي اعلن عنه الاتراك كواجهة لأخفاء القوات التركية المنتشرة في بعض مدن الاقليم على الرغم أن هذه القوات دخلت الاراضي العراقية منذ سنوات وتبين ويتبين يوميا أن لتركيا قواعد ومعسكرات في مدن الاقليم تقدر بأحد عشر معسكر في دهوك واربيل وعلى دشت وحوض جبل قنديل وبعض المدن الكردستانية وهذا دليل كافي على ان الحكومة او على الاقل حكومة الاقليم على دراية بتواجد هذه القوات على اراضيها وكل ذالك جاء من اتفاقيات بين الساسة في العراق ومن كل التوجهات العرقية والمذهبية والقومية حتى قادة الموصل ومنهم النجيفيين ذوو النفوذ في محافظة الموصل وكذالك بعض الاشخاص من المكون السني المناوئين لحكومة بغداد الشيعية..
من المؤكد ان السيد اردوغان يعي اللعبة جيدا ويعرف ايضا أن القوات الامنية العراقية التي تحيط بالموصل قادرة على اخراج داعش منها وايضا هي لاتحتاج للقوات التركية بتاتا لكن هذه الضغوط والحملة الاعلامية التي تقودها انقرة على اعلى المستويات تبغي منها الكثير وأهم ما تبغية هو الضغط على الاقل لمشاركة الحشد الوطني الذي اسسه الاخوة النجيفيان للتباحث والاشتراك مع القوات الامنية العراقية والخروج بعد التحرير بمغانم التواجد واثبات وجودهم ثانية وهو ما يعول عليه السيد اردوغان في المستقبل بعد تحرير الموصل وربما ايضا بأتفاق امريكي تركي سني لتشكيل اقليم الموصل ولعل فرص تفتيت المدينة وتشرذمها الى محافظات مكوناتية وعرقية هو الهدف الاكثر وضوحا او تداولا على السنة الساسة والمحللين في المنطقة ومنهم الاقليم ,, وهذا دلائله واضحة من صيحات هؤلاء بمحاولتهم منع الحشد الشعبي والذي يعرفون أنه الوحيد الذي ليس له مطامع بوضع الموصل بعد تحريرها وانه القوة الوطنية الاكثر ثباتا وأتزانا والتي تمنع كل الاجندات والخطط المرسومه لما بعد عودة المدينة الى احضان العراق ثانية فهم يحاولون جاهدين عدم اشراك الحشد في تحريرها للأستمرار في السير الحثيث بمخطط الموصل الجديد .
لذا على الحكومة العراقية اليوم أن تعي هي ايضا اللعبة جيدا وان عليها قبل البدا بتحرير الموصل ان تخرج القوات التركية من اراضيها قبل الشروع بمعركة التحرير وان تثبت للجميع أن الحشد الشعبي القادم ومن كافة مدن العراق هو قوة وطنية تعمل تحت أمرة الحكومة العراقية ولا يمكن أن تتحدث بغير هذه الوقائع ,, طبعا ما تعنيه هذه القوى بمنعها للحشد الشعبي لاتعني فقط الحشد الشعبي القادم من مدن الوسط والجنوب والذي حرر مدن تكريت وديالى والفلوجة والرمادي بل حتى الحشد الشعبي الذي هو اصلا من مدن وقصبات الموصل والمدن السنية الاخرى والتي فيها مكونات مذهبية شيعية أنخرطت في الوية الحشد من مدن تلعفر والشبك وسهل نينوى والتركمان الشيعة والفيليين والمسيحين والاكراد وهؤلاء اخرجتهم وعوائلهم داعش من بيوتهم ومدنهم منذ الشهر السادس 2014 وبالتالي فأن هؤلاء يعرفون من هم افراد داعش العرب والذين شاركوا بتهجيرهم ومصادرة اموالهم ودورهم وقتل افراد عوائلهم وعودة هؤلاء لمدنهم يخشاها هؤلاء خاصة من المتشددين السنة المستصرخين بتركيا ويعتقدون جازمين أن هؤلاء سيأخذون بثأرهم واعادة أملاكهم ومجازاة كل من حاول الاعتداء على ممتلكاتهم ,, اذن يتبين أن الايام القادمة حبلى بالكثير من الاحداث التي ستبتلى بها الحكومة المركزية بعد التحرير وما على الحكومة هذه المرة الا أن تنتبه وبجدية وتنظر بعين لا تنام الى ما سيحصل في الغد بعد التحرير والضرب بيد من حديد على العابثين بأمن واستقرار المواطن في تلك المناطق وعليها أن تبدأ بالتعامل مع تركيا وغير تركيا التي تحاول التدخل بالشأن العراقي الان وفي المستقبل بالبحث عن عناصر ردع توقف هذه المحاولات وبقوة الحكومة التي لا تترك المتدخلين بشأنها يستمرون دون عقاب فالتعامل التجاري وايقاف الاستيراد مثلا او قطع العلاقات الدبلوماسية او التوجه الى الهيئات والمنظمات الدولية الدبلوماسية او لعل الاتفاقات الدولية الاستراتيجية مع الدول القوية كروسيا وبريطانيا وايران لها ايضا تأثير ومن الممكن التهديد بأعادة النظر بالتعاملات والاتفاقات الاستراتيجية المبرمة او التهديد بالانسحاب منها خاصة مع امريكا له تأثير كبير في تغيير البوصلة الامريكية نحو الاتجاه الصحيح في أحداث المنطقة .
مقالات اخرى للكاتب