بالنسبة لي الأهوار عمتي وخالتي والنسيب ، فقط لأني اشعر اني منسوج بأذيال ثوبها الممزق من ليالي الغرام واطوار الابوذية وصباحات ذهاب الجواميس الى مراعي القصب وقيلولة الماء ، لهذا كنت انظر الى هذا العالم المؤسطر بالفطرة والبساطة والبدائية الجميلة على أنه معبد للطبيعة الأزلية والمحكومة بأحلام أول البشر ، ولأني عشتُ في المكان ، وشربتُ من عطر وجوده وبيئته حقيقة أن هذا المكان ينبغي أن يحمى وأن يعتنى فيه وأن يدرج ضمن المحمية الكونية كون هذا المكان بتواريخه واثنياته وطبيعته لايوجد له مثيل آخر في العالم .
ووفاء لهذا المكان افتخر أني اكثر الكتاب قي العراق من كتب عن الاهوار بيئة وحياة ومجتمعا وطوبغرافيا وتواريخا ، لأصل مع احلامي من اجلها الى تسعة كتب وسيناريو سينمائي ، ومشروع صحفي صدر ثلاثة اعداد اسمه ( مجلة الاهوار) والتي اصدرتها من دمشق لصالح وزارة الموارد المائية العراقية في عهد وزيرها الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد.
وأنا انتظر آخر كتبي الضخمة عن الاهوار ( 750 ) صفحة وهو بعنوان ( معدان الأهوار ــ الحياة السرية والروحية ) والذي اصدرته دار نينوى للطباعة والنشر في دمشق . أكون قد واكبت الحدث الساخن اليوم في الحملة الوطنية لدفع الأمم المتحدة للأعتراف بالأهوار والاماكن الاثرية في الجنوب وأهمها مدينة أور الأثرية ضمن لائحة التراث العالمي الذي ينبغي الاهتمام به والحفاظ عليه .
أشعر بفخر أني اعمل من أجل هذا المكان ، وأني حاولت كثيرا تعريف العالم بتلك الامكنة السحرية وأوصلت نسخا من كتبي لجهات اوربية كثيرة تعتني بالبيئة من خلال ترجمة ملخص لكل كتاب .
لهذا أشعر أن الأهوار عمتي ، ومعي يشعر بتلك العمومة أناس كثيرون يهتمون بالمكان بأخلاص وحرص وجديدة بعيدا عن المزايدات والتباهي ومحاولة البعض من البرلمانيين والساسة وبعض الناشطين من اظهار انهم من يحفظوا للمكان هيبته وانهم من يجعلوا الامم المتحدة تعترف بالأهوار والاثار العراقية كأرث عالمي محمي.
وعلي أن اكيل بالمديح لبعض من اعرفهم واغلبهم اصدقائي من يحملون هم الاهوار والآثار ويسعون جاهدين الى تقريب الصورة والرؤية الى المنظمة الاممية والمختصين في كل العالم وأخص بالذكر الصديق المهندس جاسم الاسدي والدكتور عبد الامير الحمداني والمترجم والباحث أمير دوشي وكذلك عمادة مركز تطوير الاهوار في جامعة ذي قار ، وغيرهم ارى الكثير من المثقفين واعضاء في المنظمات المدنية من رتبت زيارة للمكان من اجل الدعوة الى ادراجه. ولهذا ترى اليوم مئات الصور في مواقع التواصل الاجتماعي لتلك التجمعات ، ولااخفي ان يكون البعض منها سياحة وتفاخرا ، ولكنه في قياس الحملة شيء من اضعف الايمان .
لكن الذي يزعجني ان يظهر الكثير من الساسة والنواب في قنوات تلفازية كثيرة ليتفاخروا بأنهم من سدنة الحملة ، وفي قناعتي أنهم لم يفعلوا شيئا الى من يدعون انها عمتهم .
ايضا زوارة الثقافة والسياحة تبدو بطيئة ورتيبة وغير متحمسة لتؤلف فرق عمل وتؤسس غرفة عمليات ، وكذلك خمول السفارات العراقية في الخارج في هذا الجانب وممثليتنا في اليونسكو التي كان عليها ان تسبق مؤتمر اسطنبول في الذي يعقد في يوليو حيث سيتم فيه التصويت ، تسبقه بمؤتمر وورشة عمل في ذات المكان لجلب الانظار والاهتمام بتلك المهمة الوطنية والمقدسة التي نتمنى فيها جعل بيت النبي ابراهيم ع في أور من ضمن اللائحة العالمية اسوة بالاهرامات وآثار الازتيك وبعلبك وتدمر وسور الصين وغيرها.
أتمنى أن تنتبه الدولة العراقية لهذه ( العمة ) وأن تنتبه شبكة الاعلام العراقية بأن تفعل الشعار الدائم الذي تضعه في اعلى شاشتها من خلال برنامج يومي يغطي فيه المراسلون لها في الناصرية والبصرة والعمارة التفاصيل اليومية للحياة في الاهوار والانشطة والفعاليات الفنية والثقافية والتنموية التي تقادم من اجل هذا المشروع الاممي الرائع.
مقالات اخرى للكاتب