Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
دمعة روما في أور
الأحد, شباط 21, 2016
نعيم عبد مهلهل

بعد سبعة أشهر من عودتي للمدينة التي ولدت فيها وتماما وفي 13 تشرين الثاني عام 2003 وفي الساعة الحادية عشر صباحا اقتحمت شاحنة كبيرة مليئة بالمتفجرات مقر القيادة الايطالية في مدينة الناصرية التي اتخذت من بناية غرفة تجارة ذي قار مقرا لها وتقع على نهر الفرات. تماما امام المتحف التاريخي للمدينة الذي يقابلها في الضفة الاخرى وفجرت كامل المبنى.

وذهب نتاج التفجير الهائل هذا ضحايا كثر من جنود القوة داخل المبنى واناس من اهل المدينة دفعهم حظهم العاثر ليتواجدوا في سيارات اجرة (مستهلكة - أغلبها سيارات من طراز فولكا موديل 1975) مارين امام المكان وقت التفجير.

ولأول مرة في تاريخ المكان السومري أن اختلط دم ابناءه بدم ابناء محتليه ليكونا ضحية لعمل ارهابي.

وفي تلك المفارقة علقت صحيفة ايطالية تقول: لأننا محتلين ندفع الثمن .لكن ما ذنب اولئك الذين ليس لهم ذنب..

عبارة (ما ذنب أولئك الذين ليس لهم ذنب) جملة التباسيه فيها الكثير من غموض الدراما. فدفع الثمن المشترك هو الضريبة التي تدفعها الشعوب ازاء قدرها الذي اختارته الالهة لها لتعيش فتنة تقبل الاسياد القادمين من وراء حدودها كما اصناف الفواكه والخضر ولكن (الفاسدة) بسبب سوء الشحن.

كان ذلك اليوم اسودا وفنتازيا، وارعبتني فيه عبارة جندي ايطالي جريح نقلها لي مترجم قال: آه انه جنوب نحس!..

لا ادري لماذا اختار هذا (المحرر) هذه العبارة ولم يقل: مكان نحس، مدينة نحسة. ظهيرة نحسة. لماذا اختار الجهة...؟

حسب علمي وانا الذي افنيت ثلاث ارباع كتبي ابحث في ذاكرة الجنوب، إن الجنوب لم يكن نحساً في يوم ما.. لقد كان جنوبا ناعما ورومانسيا ومسكينا وفقيرا وثوريا وحسينياً وماركسياً ولهذا لم يكن جنوبا نحسا، واذا كان هكذا فأن نحاسته تكمن في عدم تقبله ان يكون ساحة صراع بين المحتل وكارهيه.

وبعيدا عن تلك المعضلة وتفاسيرها (بل هروبا) بقيت احمل عبارة الجريح الطلياني واضعها امام اسئلة التفسير لأناس اعرفهم.

اناس مثقفون وبسطاء وشيوخ حكمتهم في فطرتهم ومهارة العيش زمنا عتيا. فكانت الاجوبة تمسك التصور العام وينعكس عليها اثار 35 عاما من الحكم الحزبي والرجل الواحد (انا بالمناسبة) جزعت من مناقشة ما كان. فما كان اندثر وذهب وعلينا ان نوسع الرؤى للحاضر بتحضر. وهذا لم يحصل بعد.

ولم اجد الجواب الشافي..

فِي ذات اليوم جالست رجلا مسنا في المقهى ويبدو انه من مهاجري محنة العطش والتجفيف ولكن في قرية غير قريتنا ، فهو من جهة ناحية الفهود ونحن من جهة قضاء الجبايش ، ككان الحديث عن الجنوب ومحنة مع العطش...اقصد الجنوب الاهواري ، جنوب القصب... فسألت الشيخ ان كان العطش بعضا من نحس الزمان على المكان .. فكان رده: ان المعيدي عندما تعانده جاموسته في الخروج من بركة قيلولتها والذهاب معه الى بيته لحلبها .لا يعد هذا نحسا منها، أنما بطولة.

وعندما ذكرت له عبارة الجندي الطلياني: قال هذا حتما جنوبي وإلا كيف ينطقها بهذا الموقف واللحظة دون ان يدرك انه اصلا ينتمي الى جنوب نحس.

في هذه اللحظة تذكرت قصة لكاتب ايطالي اسمه إيطاليو كالفينو الذي اكاد احفظ كتابه الساحر مدن لا مرئية عن ظهر قلب. عبارة لاحد شخوص قصصه تقول المرأة لعشيقها : لقد جئتك من الجنوب النحس. فجردني من كل ملابسي لا تخلص منه.

بين جاموسة المعيدي والعاشقة الجنوبية الطليانية في قصة كالفينو مسافة بين اختلاف الامكنة .لان جنوبنا لم يجرد ملابسه إلا بقدرية الاجبار عندما يأتي الغازي والمحتل ولكنه يبقي شيئا من الستر عليه. وفي هذا الباقي يقاوم ويصنع الامل والاغنية والحلم.

ادركت في كلام الشيخ : ان المعدان يدركون في المكان وقسوته مساحة الامل. وهم يتفاءلون ما دام ضرع الجاموسة ممتلئاً، وليس هناك نحس في حياتهم مادامت الشذرة الزرقاء معلقة على مقدمة فروة شعر اطفالهم.. يبعدون فيها عطش السماء وعناد الجواميس ولدغ البعوض والأقدام الغريبة.

لهذا لم تكن الشاحنة الارهابية نتاج نحس جنوبي عراقي، فربما هي نتاج النحس الطلياني الذي جاء ببدلته المرقطة ليحررنا من قدرية البؤس وليس قدرية النحس. الفرق بين البؤس والنحس. ان البؤس يمكن ان تزيله بضحكة وقرص رغيف. ولكن النحس اذا لازمك لن يغادر مع اطنانا من السعادات والخبز والسمفونيات.

وحين عدت الى بيتنا وأثناء المسامرة مع اخي واستعادة الذكريات أكتشفتُ أن ماركو بولو الى قريتنا في رحلة استشراق ومغامرة ولم أكن انا موجود فيها ، وجد بيتين فقط هما بقايا الصراع مع العطش وموت القصب وغياب الطيور والسمك .


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47976
Total : 101