عندما قدم العبادي أسماء حكومة التكنوقراط الى مجلس النواب داعياُ المجلس للتصويت عليها أو إبداء المقترحات بشأنها تصاعدت اعتراضات الكتل السياسية عليها تحت ذرائع شتى فمنهم من اعتبر أن بعض الأسماء سبق وأن فشلت في تجارب وزارية ووظيفية سابقة وآخرون قالوا إن من بين الأسماء المرشحة من لا يمتلك الخبرة و التجربة في إدارة الوزارات وغيرهم اعتبر تقديم الأسماء بظرف مغلق مخالفا للصيغ الديمقراطية وغيرها من الاعتراضات التي لا مسوغ لها لكن أسبابها معروفة وهي أن وزارة التكنوقراط المقدمة من قبل العبادي تهدد مصالح الأحزاب والكتل السياسية وستسحب البساط من تحت هذه الكتل وتفقدها نفوذها السياسي والمالي ومناصبها ومنافعها وبالتالي تفقد قاعدتها الانتخابية التي كونتها طيلة الثلاثة عشر سنة الماضية وصرفت عليها ومولتها من أموال الشعب المسروقة و من الفساد المالي والإداري و السرقات الكبرى والممنهجة لثروات الوطن عبر وزاراتها ودوائرها ومؤسساتها التي حصلت عليها نتيجة المحاصصة الحزبية والطائفية فكونت من خلال هذه السرقات لجان اقتصادية ومالية وشركات ومشاريع استثمارية مكنت هذه الأحزاب والكتل السياسية من تأسيس إمبراطوريات مالية كبرى لها , لهذا السبب دون غيره رفضت أغلب الكتل والأحزاب السياسية التصويت على أسماء كابينة العبادي الوزارية من التكنوقراط في حالة عرضها للتصويت في مجلس النواب كما رفضت كل اللجان البرلمانية كاللجنة المالية والقانونية والعلاقات الخارجية والتعليم العالي وباقي اللجان مرشحي العبادي من التكنوقراط كلاً ضمن اختصاصها لنفس الأسباب أعلاه عندما عرضت عليها أسماء مرشحي العبادي للوزارات , وانبرت بعض الكتل بتقديم مقترحات بديلة عن حكومة التكنوقراط التي قدمها العبادي وهددت أخرى بسحب الثقة عن العبادي إذا استمر في مشروعة وكادت هذه الخلافات والتجاذبات السياسية تدخل البلد في أزمة سياسية تضاف الى أزماته المالية والأمنية والعسكرية التي يعاني منها حتى وصل كيري وزير الخارجية الأمريكي الى بغداد وقبل ذلك أرسلت الإدارة الأمريكية مبعوثاً الى بغداد أوضح للسياسيين وجهة النظر الأمريكية التي لا تسمح بالمساس بالعبادي وهذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي كيري للسياسيين مباشرة قائلاً لهم إن العبادي خط أحمر ولا أحد يستطيع إزاحته عن منصبه كرئيس للوزراء أو المساس به وافعلوا ما شئتم في تغيير الوزراء أو تبديل بعضهم فهذا شئناُ يعنيكم وما يعنينا هو بقاء العبادي في منصبه وبذلك ألجم كيري جميع السياسيين وأحزابهم وكتلهم دون أن يعترض أحد مهم أو حتى ينبس بكلمة,عندها سحبت الكتل والأحزاب السياسية التي عربدت وزمجرت وهددت بسحب الثقة عن حكومة العبادي أو تبديله لأنه فشل في تقديم الإصلاحات (سحبت ستيك) كما يقول المثل الشعبي العراقي وغيرت لهجتها ومواقفها المتشددة بصورة فورية وعادت تتكلم عن التوافقات السياسية وعن دعمها للعبادي في مشروعه الإصلاحي الذي استهله بتشكيل حكومة تكنوقراط وستقدم الكتل والأحزاب السياسية مرشحيها من التكنوقراط الى رئيس الوزراء وهذا ما دعا اليه العبادي قبل تقديم أسماء مرشحيه من التكنوقراط الى مجلس النواب لكن الأحزاب والكتل السياسية لم تقدم مرشحيها للعبادي مما اضطره الى اختيار حكومته من التكنوقراط وتقديمها الى مجلس النواب للتصويت عليها والتي أثارت اعتراضات أغلب الكتل السياسية .
فلماذا لا يتفق سياسيونا وقادة الكتل والأحزاب على حل خلافاتهم ومشاكلهم داخل البيت العراقي بصيغ حضارية ديمقراطية كما يقولون دون أن تفرض عليهم من الخارج والى متى تبقى العصا الغليظة بيد أمريكا تهدد بها من يعتبر نفسه الآمر والناهي والمتنفذ في البلاد أو ومن يعارض التوجهات الأمريكية في السياسة العراقية ولماذا يصبح بعض قادة الكتل والأحزاب السياسية اسوداُ على بعضهم وعلى الشعب العراقي المغلوب على أمره وقططاُ أمام الأجندات الخارجية من كل الجهات .
مقالات اخرى للكاتب