الضرورة الوطنية تقتضي ونحن في مواجهة هذا الظرف المعقد , ان نسخر كل الامكانيات لدعم سياسات رئيس الوزراء العبادي , ونستفيد من زخم الدعم الدولي في دعم العراق . وبغض النظر عن اهمية العراق الاقتصادية والإستراتيجية في المنطقة , فلا اعتقد ان دولة ما حصلت على هذا الاهتمام الدولي مثل العراق , ومنذ الاقرار بإزاحة صدام ولحد الآن . المشكلة هو في عدم استفادة العراقيين من هذا الدعم , والقصد الطبقة السياسية التي استحوذت على ادارة البلد وفق خريطة المحاصصة الطائفية التي حددها الامريكان , فقبضت عليها بكلتا يديها مثل ( اعمى وجلب بشباج القاسم ) كما يقول المثل العراقي , وبدل الاستفادة من المساعدات الاممية للنهوض بالواقع المدمي للعراق , انشغلت هذه الطبقة – بما فيها القيادات الوطنية التي كنا نعوّل عليها – في صراعات شخصية وحزبية لا تمت بأية صلة للهم الوطني المشترك.
ومن ابرز تجليات هذه الصراعات الحروب الاعلامية والتصريحات الطائفية والفئوية التي تتستر بالدستور الذي كتب بشكل مبهم مقصود – وليس على عجل كما يقال - , وفي بعض الاحيان متناقض بشكل صارخ . ويغرف منه عند الحاجة لدعم اي توجه طائفي او قومي او لصوصي , لإعاقة تنفيذ ما يصب في مصلحة العراقيين جميعا .
البعض من نواب دولة القانون في البرلمان , وبالذات المجموعة التي لا تزال تدور في فلك المالكي , تعتقد ان بإمكانها افشال استمرار العبادي في رئاسة الوزراء , ويؤكدون ان المنصب سيعود الى المالكي ولا وجود لغيره في تسيير امور العراق . وبغض النظر عن هذه الاوهام التي لا تزال سكرتها تلف هذه العقول وتمنحها جذوة الاستيهام , على البرلمان ان يتحرك لوضع حد قانوني يمنع اعضائه من التصريحات الطائفية والفئوية واللصوصية التي تحاول ايقاف التوجهات الجادة لإعادة بناء الشعور بضرورة الوحدة الوطنية مثل اي برلمان في العالم .
جميع العراقيين يعرفون ان اغلب اعضاء البرلمان لا قدرة لهم على التعبير عن وحدة المصالح الوطنية المشتركة , لا بل ولا يعرفون شيئا عن السلوك الحضاري والحديث الدبلوماسي المسؤول . وفي الدول المحترمة هناك معاهد سياسية تابعة للبرلمانات تدرس الاتكيت الحضاري , وتعلم ما يجب ان يتحدث به العضو البرلماني ان كان حديثه موجها للاعلام الذي يختلف عن المناقشات التي تتم في هيئات البرلمان الخاصة او في جلساته العامة , والضرورة تقتضي توحيد وحدة الرؤيا الوطنية العامة عند الحديث للإعلام , منعا لحدوث بلبلة فكرية عند المواطنين العاديين .
الفوضى الاعلامية لأعضاء البرلمان يجب ان تحدد بقانون واضح ( اذا ) كانت رئاسات البرلمان والجمهورية والوزراء جادين في النهوض بالواقع العراقي . وعلى سبيل المثال ما قالته النائبة عن دولة القانون حنان الفتلاوي الخميس 18 / 9 / 2014 الى السومرية نيوز , من ان قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بوقف القصف الجوي الذي تسبب في قتل الكثير من الابرياء المدنيين , اكدت ان " قرار ايقاف القصف غير حكيم وبدأ يتسبب بإبادة جماعية لأبنائنا في المناطق الساخنة ". ودعت الفتلاوي رئيس الوزراء الى " التراجع عن قراره . وإذا اصر على قراره ادعوه لسحب ابناءنا من المحافظات الغربية وعدم جعلهم حطبا في المحرقة ". وفتلت الفتلاوي نفسها كعادتها عندما تطرح موضوعا استفزازيا وطالبت ابناء تلك المحافظات ب" تحمل تحرير مناطقهم والدفاع عنها ". فأجابتها نائبة سنية من نفس النمونة " ليش عيني ؟ بعد ان ساعد المالكي وقياداته العسكرية تسليم المنطقة كلها لداعش " . الى متى ستستمر هذه الحالة المزرية بين نواب ونائبات برلماننا العتيد يارئاساتنا المحترمه ؟
مقالات اخرى للكاتب