بداءت طبول حربا تُقرع في بغداد , وتسريبات عن أجتماعات تعقد هنا وهناك , وصفقات يتم وضع بندودها بين هذا الطرف وذاك . ووسائل الإعلام وكل أدواتها يهئيون أنفسهم وأقلامهم لأخذ دورهم لهذة الحرب , الحرب التي يتوقع المراقبون لها أن تغير خارطة العراق السياسية . ولكن هل هي حرب أقليمية أم أنها حرب تقام رحاها داخل الحدود العراقية ؟ وهل مَن يقوم بها هم عراقيون أم من خارج العراق ؟ ولكن ومن خلال المراقبة والمعايشة نلمس أن كم كبير من أبناء الشعب العراقي لا يفقه ماهية هذة الحرب ولا أهميتها ولا دوره في نجاح أو فشل هذة الحرب , بل ولا حتى ساعة الصفر لها . أيها السيدات والسادة أننا نتحدث عن الأنتخابات البرلمانية القادمة , وساعة الصفر هي 30 / 3 / 2014 وفق قانون أنتخابي جديد . هذة الأنتخابات - الحرب - التي سوف تنتج برلمان جديد - سلطة تشريعية ورقابية - لخدمة المواطن , وحكومة جديدة - سلطة تنفيذية - لأدارة البلاد . ولكن قد يتسأل البعض لماذا نصف الانتخابات بالحرب ونحن نعيش في ظل نظام ديمقراطي ؟ يضاف أنها ليست الإنتخابات الاولى التي تقام في العراق منذ 2003, ولماذا تعتبر ذات أهمية ويترقب نتائجها المراقبون ؟ وماهي الأسباب التي دعت كم كبير من أبناء العراق يجهلون أهميتها ودورهم فيها ؟ عشرة أعوام مضت على التغير والخارطة السياسية تُحكم بنفس الأحزاب ونفس الوجوه وبنفس الاسلوب , صراعات سياسية من أجل الكسب الشخصي والحزبي أدءت الى نشوب صراعات طائفية مزقت اللحمة الوطنية , فساد مالي وإداري يضرب كل مرافق الحياة بسبب إنعدام المراقبة وشلل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , أنعدام الخدمات والأمن رغم وجود ميزانيات ضخمة تحلم بها بلدان اكبر مساحة واكثرعددآ من العراق . إقدام الكثير من أبناء العراق على الهجرة والبعض الأخر يفكر فيها لفقده الأمل وتلاشي روح التفاءل بالعيش الكريم , حيث أن الذين يقدمون على الهجرة ومغادرة العراق في السنوات الخمسة الاخير أعدادهم مخيفة ومرعبة جدآ . كل هذة الأسباب دفعت المواطن بعدم الأكتراث بالإنتخابات القادمة , ويصرون أن الذين سوف يجلسون تحت قبة البرلمان القادم هي نفس الوجوه ونفس الأحزاب , وان السنوات الأربعة القادمة ستكون كشقيقاتها العشر التي مضت . الاسباب أعلاه جعلت المواطن يفقد الأمل بالأصلاح والعيش الكريم والرجاء بالأنتخابات القادمة بعتبارها الأداة الحقيقة لتغير الواقع المرير . أيها القارئ الكريم , أن كنت راضيآ عما يجري في العراق و قد حسمت أمرك لمن سوف تمنح صوتك ؟ فاعلم أنك جزءٍ من الــ 30% من الذين يحق لهم التصويت , وذلك لأنك أما مستفيد من الوضع القائم بشكل مباشر, أو انك مُستغل من قبل الأخرين لتنفيذ ماربهم بعلم منك او بدون علم , واعلم انك من الاقلية . أما اذا لم تكن راضيآ على الوضع العام و انك لم تقرر بعد لمن سوف تمنح صوتك , أو أنك قررت العزوف عن المشاركة في الإنتخابات لعدم جدواها , فاعلم انك جزءٍ من الـــ 70% من الذين يحق لهم التصويت . أنت جزء من الذين حرموا بشكل مباشر أو غير مباشر من خيرات هذا البلد وأنك ترفض أن تُستغل من هذا الطرف أو ذاك , و لكن كن على يقين ان هذة الأنتخابات هي الوسيلة الوحيدة لتغير الواقع المرير الذي نعيش جميعنا في ظله , وانك من الأغلبية , وأننا قادرون على التغير. لذا نحن نخاطب الأكثرية الــ 70% ونقول لهم , رفضكم للواقع المرير الذي نعيشه , موقف سليم , ولكن يجب أن لا نقف عند الرفض فقط , وان العزوف عن المشاركة هي خيانة لأنفسكم قبل أن تكون خيانة للوطن , لذا فان مشاركتكم في الأنتخابات واجب وطني وأخلاقي وديني , وهي الفرصة والطريقة الوحيدة للتغير . أن عزوفكم يعني أستمرار الواقع لـ أربعة سنوات أخرى وتكونوا أنتم وكل أبناء العراق من الخاسرين بنسبة 100% . في حين أن المشاركة وأنتخابكم شخصيات و وجوه جديدة , قد تستطيع أجراء التغير وقد لا تستطيع , وهذا قابل للحدوث , عندها تكون نسبة الفشل 50% وهي أفضل من خسارة 100% . لذا فهي حرب حقيقي بين من يريد الخير للبلاد ويعمل ضمن الممكن , وبين من يريد بقاء الحال على ماهو عليه . يضاف أن الوضع الأقليمي والمجتمع الدولي يراقب هذة الإنتخابات وما سوف ينتج عنها , حيث سوف يكون لها تأثير كبير في العلاقات الإقليمية واثرها على الصراعات التي تشهدها الساحة . أن الإستسلام للواقع المرير يعني الجمود ونتيجته قتل التجديد والتطوير , في حين الحركة ونعني هنا المشاركة , وتعني التجديد و ينتج عنهما - الحركة والتجديد - التغير وهذا ما نسعى اليه , وهذا ما أوصى به القران الكريم " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " . فالتغير يبداء بنا ومن أنفسنا ونتيجة الحركة لا بالنقد والتذمر وفقدان الأمل , ولا يحدث التغير فقط بالدعاء , بل نحن بحاجة ماسة الى أن يكون لنا دور في هذا التغير , وصوتنا في الأنتخابات هو السلاح الأقوى في المعركة القادمة وهو أداة التغير . فهل وصلت اسباب تسميتنا للأنتخابات القادمة بالحرب ؟ وهل نحن جاهزون لها ؟ أم أننا سوف نترك الساحة ونندب حظنا لــ 4 سنوات أخرى سوف تكون اشد قسوة من سابقاتها ....... ملاحظة : أن الـ 30% هي النسبة الحقيقية للمشاركين في أنتخابات مجالس المحافظات السابقة و الــ 70% هي نسبة مَن لم يدلي بصوته أو وضع X في ورقة الأقتراع .
مقالات اخرى للكاتب