في عيد القيامة اذ نتوقد شوقاً ونذوب حباً ونتآلف على مائدة التسامح والتصالح والمصافحة بالقلوب والعواطف قبل الأيدي.. فأننا في هذه الايام الربيعية لايسعنا الا ان نتساءل مع الشاعر ابي الطيب المتنبي:
عيدٌ بأي حالٍ عدت ياعيدُ لأمرٍ مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ
فالمهم في هذا العيد الذي يمر على اشقائنا المسيحيين في هذا الوطن ان يكون مناسبة لكي لانكرر مامضى من كلمات وخطابات لاتجتاز عتبة المجاملات.
المسيحيون في العراق بحاجة إلى اطمئنان وأمان وسلام في وطن تعتقد فيه كل فئة مع الأسف بأحقيتها في الغلبة والتسيد وطمس الآخر وإقصائه من خارطة لا يجوز لأيٍ كان أن يحتكرها لوحده ولذاته الأنانية بدعوى الأغلبية العرقية والدينية أو الطائفية.
في هذا العيد المجيد ينتظر كل طفل وامرأة ورجل مسيحي في هذا الوطن ماهو أبعد من التهنئة وأكثر من شعارات الكلام المعلّب في قوالب جاهزة. ولعل قانون حماية الأقليات وتفعيل الدولة المدنية الديمقراطية ودولة المواطنة هي الهدية المثلى التي يجب ان نفكر بها لترميم صورة وطن تمزق على قدر اكداس الاسلحة المتقابلة والفئات المتناحرة وكل فئة تدعي انها الفرقة الناجية.
في عيد القيامة تزدهر الالوان وتتزاحم الشموع وقطع الحلوى والهدايا، وكلها تضع أمامنا استحقاقاً فورياً هو عناق الكنائس والمساجد والجوامع والمسيحي والمسلم والصلوات التي اينما اقيمت فهي في النهاية لله العلي القدير الذي لايحكم الا على العمل الصالح والنوايا الحسنة وفعل البناء والخير لمصلحة الانسانية جمعاء.
الا يجدر بنا في هذه المناسبة ان نقر ان الدين لله والوطن للجميع، وان المسيحي وان كان اقلية عددية بيننا اليوم فهو أغلبية معرفية وتاريخية وتراثية وفكرية وهو أحد أعرق جذور هذا الوطن... وهل تستقيم سيقان اشجار الاوطان اذا تنكرت لجذورها؟
دعونا اذاً في عيد القيامة نحتضن جارنا المسيحي ونصفق له وهو يقرأ تراتيل الرحمة والسلام وينشر عبق دين قام على المحبة والنور وروح التسامح اللامحدود بين البشر، دين الرسول عيسى عليه السلام الذي اسس بوصاياه لمنظومة قيمية تتجدد قيمتها مع الزمن واستلهم من أمه الطاهرة مريم العذراء قوة الارادة والتحمل والصبر وأزال الحقد من قاموسه حين صرخ أحبوا أعدائكم صلوا لأجل مبغضيكم.
دعونا نترجم قيمة التسامح إلى فعل يومي بين افراد اسرنا وجيراننا واحبائنا واشقائنا في الوطن اينما كانوا واينما حلوا وكيفما اعتقدوا وصلوا وعبدوا في عراق لابد ان يتسع للجميع ليصبح ملاذا للحب والتعايش.
ودعونا في الختام نضمّ صوتنا في هذا اليوم المجيد إلى صوت البطريارك (لويس ساكو) رئيس الكنيسة الكلدانية في العالم وهو يدعو الجميع ليكتشفوا فينا ((قلباً مفتوحاً)) ووجوداً لله الذي الذي هو الحب والمخلّص.
مقالات اخرى للكاتب