قرأت خبرا في بداية الثمانينات يتحدث عن النقل الحصري لمباريات بطولة كاس العالم بكرة القدم. النقل الحصري عبارة لم تكن شائعة، على الأقل في مواضيع تخص نقل مباريات كرة القدم، فالعالم كله من البرازيل مرورا بانكلترا ووصولا الى العراق كان يشاهد هذه المباريات عبر قنواته المحلية.
بعد سنوات ليست طويلة أصبحت قضية النقل الحصري حقيقة. لقد أصبح على المشاهد أن يدفع مالا كي يشاهد مباريات كأس العالم وحتى دوريات بعض البلدان مثل الدوري الاسباني، أو الألماني، أو الانكليزي.
الزمن يتغير، فمثلا قضية الاحتراف لم تدخل أنديتنا وملاعبنا الا في السنوات الأخيرة. كان اللاعب العراقي يفتخر بانتمائه وولائه الى نادي الزوراء، أو الشرطة، أو القوة الجوية، أو الطلبة، لكن هذا الانتماء كان مقابل قيمة مادية يوفرها النادي للاعب بطريقة، أو بأخرى، فاللاعب في نادي الزوراء يتم تعيينه عاملا، أو موظفا ، في احدى دوائر السكك، وفي النادي الشرطة كان شرطيا، أو مفوضا، أو ضابطا، أو في وظيفة مدنية في دوائر وزارة الداخلية، والأمر نفسه ينطبق على نادي القوة الجوية، أو نادي الطلبة، أو نادي الصناعة، أو التجارة، أو الأمانة وغيرها من أندية العراق.
الراتب الشهري كان هو الغطاء الذي يعيش منه اللاعب العراقي، أما بعد أن دخل عالم الاحتراف الى أنديتنا فأصبح العقد المبرم بين النادي واللاعب وقيمته المادية هو الغطاء الجديد لمعيشة اللاعب.
على هذا الأساس فان حاجة لاعب ذاك الزمان الى راتبه الشهري كاملا هي نفس حاجة لاعب هذا الزمان لاستلام عقده كاملا، وبذلك فان النادي الذي كان ملزما بدفع راتب اللاعب الشهري هو ملزم اليوم بدفع كافة مستحقات عقده أيضا.
يبدو أن بعض الأندية العراقية لا تفهم هذه الحقيقة، وهناك حقيقة أخرى يبدو أنها لا تفهمها، أو تتغافل عنها وهي أن أنها عندما لا تدفع مستحقات اللاعب فأنها تضع نفسها أمام مسؤولية قانونية قد تؤدي الى عقوبات تضر بالنادي، فضلا عن دفعها بعد ذلك، مرغمة، مستحقات اللاعب حسب العقد الموقع بينها وبينه.
حجة الضائقة المالية التي يمر بها هذا النادي، أو ذاك لا تنفع أمام القانون فحينما يرفع اللاعب المتضرر شكواه الى الاتحاد العراقي لكرة القدم ومن ثم الى الاتحاد الدولي لا يكون أمام النادي غير دفع هذه المستحقات كاملة، فضلا عن مصاريف أخرى هو في غنى عن دفعها لو التزم بشروط عقده مع اللاعب.
الغريب في الأمر أن بعض هذه الأندية بدأت بالتعاقد مع لاعبين جدد استعدادا للموسم الجديد ودفعت بعضها قيمة عقودهم، لكنها لحد هذا اليوم لم تدفع بقية مستحقات لاعبيها من الموسم الماضي.
القرار الذي اتخذته لجنة المسابقات في الاتحاد العراقي لكرة القدم بايقاف المصادقة على عقود هذه الأندية للموسم الجديد هو محاولة للضغط على هذه الأندية، لكنه ليس الحل الأمثل، إذ أنه يظلم لاعبين آخرين في هذه الأندية سواء كانوا من لاعبي النادي القدامى، أو اللاعبين الجدد.
السؤال المهم الآن هو: ماذا سيفعل الاتحاد في حالة اصرار هذه الأندية على عدم دفع مستحقات اللاعبين، أو المماطلة في دفعها.. هل سيمنعها من المشاركة في دوري الموسم الجديد.. هل تتيح له لوائح الاتحاد اتخاذ مثل هذا القرار في مثل هكذا قضية؟.
يجب أن تنتبه ادارات هذه الأندية الى أنها ستدفع هذه المستحقات عاجلا، أم آجلا لأنها من حقوق اللاعب حسب العقد المبرم بينها وبينه، لذا عليها أن تدفعها قبل أن تصل الأمور الى عواقب جديدة هي في غنى عنها، لكن المشكلة أن بعض ادارات هذه الأندية لا تفهم أن الزمن تغير، أو أنها تجهل القوانين المعمول بها في نظام الاحتراف ويبدو أن ذلك هو الأقرب الى عقليتها وتلك هي الكارثة!!.