العراق تايمز: د. فوزي العلي..
قد يعتبر البعض ممن يعيش خارج اسوار العراق ان سياسة المحاصصة التي انتهجها نوري المالكي يدفع ثمنها السنة فقط في الوقت الذي يعاني فيه شيعة العراق من الفقر ونقص الخدمات والنهب وسفك الدماء.
ويتساءل البعص عمن تمثل حكومة نوري المالكي هل تمثل حكومة للعراق؟ام حكومة للشيعة؟ ام تعد حكومة لكل العراقيين بدون طائفية.
فيما يتساء البعض الاخرين عن مفهموم " كل العراقيين" عند نوري المالكي، هل هو معرف شمولي موحد بلا اي خصوصية من التنوع،ام يتشكل من ثلاث مكونات: الكورد والشيعة والسنة.
ويجيب البعض الآخر أن نوري المالكي يزعم انه يمثل كل هؤلاء، في وقت لم ينتخبه معظم هؤلاء ويتصادم معهم.
لكن في الحقيقة فان حكومة المالكي لا تمثل سوى قائمة سياسية اسمها (قائمة دولة القانون واجنداتها) التي هي في استعداد دائم لخدمة دول الجوار بدل ان تصب اهتمامها على الشان الداخلي للعراق، حيث تم تخصيص نفط مخفض للاردن يوميا، فيما تم تخصيص 4 ملايين برميل نفط لمصر شهريا واستقطاب مئات المصريين من اجل العمالة بدل انهاء مشكلة البطالة التي تنهش الشباب العراقي.
واذا كانت حكومة نوري المالكي تدعي انها تمثل شيعة العراق، فماذا تحقق لهم من امن واستقراربعموم العراق، اوعلى الاقل بمناطق اكثريتهم بوسط وجنوب العراق، مثلما تم توفير الامن والاستقرار للاكراد.
اين الشيعة من الخدمات الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الضرورية التي يجب توفيرها لكل انسان، في الوقت الذي تبقى فيه امولهم اموالهم وثرواتهم عرضة للنهب والفساد المالي والاداري والاختلاس الذي أفرد جناحية في كل المؤسسات العراقية بدون ان ينعكس شيءايجابي علي ارض الواقع من ميزانيات العراق التي اساسها النفط الذي يرتكز اغلبه في المناطق الشيعية.
قد يحار البعض في كون حكومة المالكي تمثل كتلة و احده مع باقي الكتل الشيعية السياسية، ام ايضا متصارعة معها، وقد يحار المرء أكثر عندما يخرج المكون السني بالمثلث السني للتظاهر ضد نوري المالكي، لترفع هذه الاخيرة راية الحرب ضد الكورد وضد قائمة كوردستان وضد قادة الكورد.
واذا كان المالكي فعلا قد فاز في الانتخابات بنسبة تسعون بالمائة برلمانيا فانه يجب ان ننتبه الى انه في المقابل كان اكثر من 320 برلماني يحسبون على قوائم اخرى منافسة له وهذا يعني ان قائمة المالكي تمثل اقلية بعموم البرلمان.
ان عدم تصويت كردستان و المثلث السني على نوري المالكي في الانتخابات الرئاسية يعني ان انه لا يمثل العرب السنة ولا الاكراد السنة.
ثم يبقى السؤال : هل انتخابات مجالس المحافظات بالمناطق الشيعية خاصةالاخيرة 2013 لسنة؟ هل فاز بها المالكي وقائمته بالاغلبية ؟؟ الجواب كلا، بل صعدت قوائم شيعية اخرى وتراجعت نسبة قائمة المالكي عن انتخابات مجالس المحافظات السابقةبنسبة كبيرة،اي ان حكومة الاغلبية باتت حلما يستحيل تحققه ببلد متعدد المكونات المذهبية والقومية، حيث لكل مكون منطقة جغرافية تمثل اكثرية فيها ولها خصوصيتها تختلف عن المكون الاخر، وكذلك لاستحالة حصول اي قائمة محسوبة شيعيا على اصوات الاغلبية الشيعية.. فكيف سوف تحصل على (اغلبية بعموم العراق بمكوناته المتنافرة)؟؟.
واذا كانت حكومة المالكي تمثل العراق كدولة، وليس الشعب، لانه ربما اصبحت مصالح العراق تتناقض مع مصالح الشعب، وهذا مرتبط باجندات الدول الكبرى التي صنعت العراق ببداية القرن الماضي "سايكيس بيكو" وكيف كانت نظرتها للعراق، واستمرار استراتيجية ابقاء العراق بقرة حلوب تدفع جزء كبير من ميزانيته الى ميزانيات المستعمرات البريطانية السابقة، التي اصبحت دول كمصر والاردن بخارطة الشرق الاوسط القديم سايكيس بيكو زيزانوف.
من كل هذه المعطيات نستنتج أن نوري المالكي، يمثل قائمة سياسية مشكلة على هوى نوري المالكي، وارتباطتها الاقليمية، اذ ان الشغل الشاغل لشريحة من المحسوبين (شيعيا) هو بقاء المالكي بالحكم على راس رئاسة الوزراء مهما كانت نتائج حكمه الكارثية على الشيعة قبل غيرهم، وانيحتفظ نخبة متصدعة بمناصبها ونفوذها وكراسيها التي تجنيها من بقاء نوري المالكي بالكرسي.. وهكذا يقدم المالكي وقائمته انفسهم، للمحيط العربي السني والجوار وخاصة لمصر وايران بانها ضامنة لاطماعهم بالعراق، وان العراقيين وخاصة الشيعة مجرد مشاريع للقتل والسبي والذبح والتشريد لضمان سد اطماع تلك الدول وشعوبها.
وهنا يبقى خط فاصل كبير بين الديمقراطية والديكتاتورية، حيث ان في الديمقراطية المسؤولين فيها يتحملون المسؤولية ويعلنون استقالتهم ويكشفون للناس سبب الفشل والتراجع، بينما الدكتاتورية يبقى في ظلها الدكتاتور ونظامه.،يعتبرون انفسهم ابرياء، في حين يبقى ما يجري من سلبيات لترمى على معارضيهم الذين يستحقون غضب الله ويشرعن قتلهم وذبحهم والتنكيل بهم حسب رأيهم.
لذلك فان المسؤولون بالعراق لا يتحملون المسؤولية، والدماء يستمر سفكها والاجهزة الامنية تبقى مجرد صفر على اليسار، والخدماتمتردية والميزانيات الانفجارية تذهب سدى، والانتخابات تبقى مجرد حركات رياضية تتلخص في الذهاب الى مراكز الاقتراع، ثم العودة الى البيوت ثم الرضى بالامر الواقع ثم عض أصابع الندم.
السؤال بعد ذلك، لماذا يبقى وسط العراق الشيعية تعيش في تخلف مستمر منذ نظام البعث المجرم، وتشهد انفجارات واغتيالات مستمرة، فيما تبقى اكثر المحافظات فقرا هي المحافظات الجنوبية التي تاتي على راسها الديوانية والعمارة والسماوة، علما ان معظم المحافظات تلك تسيطر عليها قائمة دولة القانون سواء بمجالس محافظاتها او رئاسة تلك المحافظات، علما ان المالكي القائد العام للقوات المسلحة بمليون ونصف مليون جندي وشرطي، وتبقى اكبر ميزانية التي تصل لاكثر من 10 مليار دولار سنويا تخصص لوزارة الدفاع التي يراسها وزير رشحه المالكي وكذلك وزارة الداخلية ومدير المخابرات.. والمالكي رئيس للوزراء، فيما تبقى اكبر الميزانيات الانفجارية تحت تصرفه،وبهذا يثبت نوري المالكي انه ليس اقل خطرا من صدام حسين.