ان الانتقال من التبعية إلى الاستقلال الذاتي ميز النضج الإنساني المتقدم نحو الحرية , وان عصر التنوير هو خروج الإنسان من قصوره المولد ذاتياً . ان القصور هو عد قدرة الفرد على استخدام فهمه من دون توجيه شخص أخر . فهذا القصور مولد أذا لم تكن علتهُ الافتقار الى الفهم , أنما الافتقار إلى العزم والشجاعة في استخدام قدرة الفهم دون توجيه خارجي . ان شعار عصر التنوير هو " كن شجاعاً واستخدم عقلك " . ان بمقدور المقولات الخلقية الكلية إنقاذ الحياة البشرية من حسابات المصلحة الذاتية , وبمقدور كل فرد التوصل إلى هذه المقولات .
أن الحرية الضرورة التي تحكم العالم المحسوس وان الحرية الخلقية هي الخضوع , وإذا كانت الإرادة تحدد بقانونها للقوانين الأخلاقية للعقل العملي الخاص , فأنها تظل محددة , لأننا لسنا تقدمها الإرادة نفسها . هذه التأملات مثل الله سبحانه وتعالي كي نعرف قادت بعض المفكرين الى القول دائماً ما هو الحق بوضوح تام . أدرك " الفريضة المنطقية " .
بعض المفكرين , انه لنا رغباتنا أن " الفريضة المنطقية " تقدم معيار وأهدافنا التي تفرض علينا مراعاتها . الحكم الوحيد الذي سيختاره الإنسان إذ لا يمكن تجاهل المصلحة الخاصة , التام عقلياً " اجعل من القاعدة ولا محوها , فشرطنا الإنساني موسوم التي تسير على نهجها وارداتك مبدأ بتوتر بين ما نريد فعله وما يجب يوفر القانون الكلي في الوقت نفسه فعله , ولكن لنا في العقل نصيراً قويا ً " .
فالعقل يوفر للفرد العقلاني المفترض وأننا نستخدم هذا المعيار دائما , البصيرة لتقرير ما يجب فعله أي عندما نتساءل عما يمكن ان يحدث لو لحالة معينه . وهذا يؤلف " الواجب " ان كل شخص سلك سلوكاً خاصاً به . الذي يجب ان يحكم تفكيرنا الخلقي . فإنما نعبر عن انتمائنا للجنس ومثل هذا التفكير يجب ان يكون في الجنس البشري ككل ومسؤوليتنا عنه في متناول الناس جميعهم .
كانوا أكثر المفكرين والفلاسفة على يقين من أن تنظيم المجتمع المدني حول مجموعة مشتركة من الغايات هو أفضل أخلاقيا من تكوينه طبقا لمتطلبات السوق . وكان أيضا على قناعة تامة بأن معاملة الناس كغايات في ذاتها هي الطريقة التي نوفق فيها بين أهدافنا الجزئية والمتطلبات الخلقية الكلية , وليس في هذا ما يثير الدهشة على حد قولهم . ذلك أن الناس تعبر عن مشاغلها الأخلاقية في عالم حقيقي , بوصفها مجموعة من الواجبات المفروضة ذاتياً تجاه الآخرين , وهي واجبات تستلزم أفعالا محددة لا لشيء ألا لأنها حق . ولان فهم الواجبات على هذا النحو يمكننا من التغلب على بربرية استخدام الآخرين بصفتهم مجرد وسائل لإشباع مصالحنا الخاصة . فكان المجتمع المدني لدى بعض المفكرين او فلاسفة المجتمع المدني , مجتمعاً خلقياً يقتضي من الناس المستقلين ذاتياً إخضاع أفعالهم للمعايير الخلقية الكلية لـ " الفريضة المنطقية " .
كان المجتمع المدني , من وجهة نظر المفكر كانط , يمثل مجموعة من الممكنات الملائمة لأناس متحضرين , وقد لاحظ العديد من دارسي كانط ان فكرة " الفريضة المنطقية " هي في الواقع مجموعة من الإجراءات . كان المفكر في الحقيقة شكلانيا ً وقصديا ً . وقد أكد ان القانون الخلقي لا يمكن ان يحوي أي " مادة " او اي مضمون , بل هو ينشأ في الحقيقة باعتبارها خاصية محددة للعقل ... أن الخلقي يقدم فقط طريقة لمعالجة ما تنقله حواسنا الى العقل . اذ أن المجتمع المدني يرفض استخلاص الأخلاق من السياسة , فانه بالتأكيد أقام السياسة على الأخلاق , بخلاف بعض الساسة الأمريكيون وسياسة الخارجية الأمريكية " السياسة والأخلاق " يسيران بصورة متوازية حسب المصالح الأمريكية .
وتأكيدا على سياسة المجتمع المدني بإقامة السياسة على الأخلاق وتقتضي أخلاق الواجب عنده الى سياسة الحقوق . وعلى القانون ان يزيد من فرص الناس الى أقصى حد كي يتخذوا قراراتهم بالحرية , وعليه أن يمكنهم من العيش طبقاً لخياراتهم . وأصر مفهوم المجتمع المدني على أن لخياراتهم . وأصر مفهوم المجتمع المدني على أن الاستقلال الذاتي الخلقي ومتطلبات " الفريضة المنطقية " تتطلب قضاءاً محمياً يمكن للناس ان يقرروا فيه أفعالهم بحرية , وينبغي عدم قصر الحرية على جزء معين من السكان , أنما يجب ان تشملهم جميعاً . وان المجتمع المدني المحمي بحكم القانون , والحقوق والحريات المدنية , أنما يعبر عن قدرة أعضاءه الخلقية العامة والمتساوية . ولكن قدرة المرء على العيش طبقاً لخياراته تتأثر بعمق العوامل الاقتصادية والاجتماعية , والتأكيد على أيديولوجية المجتمع المدني ينبني على الرفاهية من خلال تطبيق الضمان الاجتماعي والصحي للإنسان , وبما ان الإنسان أغلى قيمة وأثمن رأسمال .