Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
إخوان الصفا ، مثقفوا العصر العباسي ، ومثقفي داعش !
الاثنين, حزيران 23, 2014
هاني الحطاب

أن الزمن الراكد الذي تعيش المنطقة العربية فيما يبدو هو الذي يجعل الاستشهاد بالماضي مبرراً على التمثيل به وقراءة أحداث الحاضر على ضوء . أذ يخيل للمرء أن أنهم عانوا نفس ما نعانيه الآن . وأن مشاكلهم هي عين مشاكلنا ، وكأن الزمن ما غير طيلة تلك القرون شيء . فما زلنا نتحسس الالامهم ونبض كلماتهم لتعبير عن أوجاعهم بنفس ما نحسه ، حينما يعبر كاتب معاصر عن مأساة الصراع الطائفي . بيد ما يحز في النفس ويبعث على الذهول ، هي رغم تكشف من أشياء كثيرة عن حقيقة ما تصارع عليها الأسلاف ، لم تزدنا هذه الحقائق إلا يغال في الشبث به ومعاودة تكراره وكأن ثمة خلف هذا التشبث تكمن رغبة مازوشية في جلد الذات وتلذذ بتلك الآلام . فأنت لا تجد بين العديد من الكاتب والذين يكتبون في الجرائد وعبر الإنترنيت سوى قلة من الكتاب من يشجبون تلك النزعة ، أما القسم الكبير منهم فهم دواعش حقيقيون ، مهما تباينت درجة صراحتهم في التعبير عن ذلك الانتماء الغير معلن . ولذلك دفعنا هنا لنختار شريحة من مثقفي الماضي لنري القارئ كم كان هؤلاء متفوقين على نظرائهم في زمننا ، حتى أن ذلك يجعل المرء يصدق المقولة التي تقول أن الزمان مسيرة البشرية في الانحطاط ومفارقة زمن البراء الأولى . فليس غريب من ثم ، ان يقع ختيارنا على أخوان الصفا بأن هم أول من سمى على ذلك النزاع ، وأن كانوا في الان نفسه أكثر من عبر عن ذلك التمزق وأصدقهم . والطبع ، لا يمثل إخوان الصفا ، كل مثقفي العصر العباسي فالعصر العباسي يمتد لفترة طويلة في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية . تعاقب فيه أنواع مختلفة من المثقفين ، من مثقفين رادكالين إلى مثقفين متزمتين ذي بعد واحد . غير أن أخوان الصفا الذين عاشوا فيه أحتلوا مكانه متميزة في الثقافة العربية الإسلامية . ورغم هذه المكانة ، لم يحدد أحد لحد آلان هوياتهم بالضبط من يكون ! ومع ذلك ، فأنهم يبقون علامة بارزة من تلك الفترة . ودرج الباحثون في تاريخ الفكر على تقسيم المثقفين أو متعاطي الفكر أما إلى مثاليين أو ماديين ، رجعين أو تقدمين ، متدينين أو علمانيين ، مؤمنين أو ملحدين ، وغيرها من التسميات . والقصد من ذلك فيما يبدو ، لتسهيل تحديد كل أتجاه فكري أو ميل لفيلسوف أو مفكر . ولعل من أقدم نزوع على ذلك الميل ، هو اللوحه المشهور التي رسمها ميكائيل أنجلو عن فلاسفة اليونان في أحد قبية الفاتيكان ، وفيها يظهر أفلاطون وأرسطو ، حيث يشير أفلاطون إلى السماء لتدل على أصحاب النظر المثالية الذين هم أقل أهتمام في الواقع ، ومن ناحيه ، يظهر أرسطو في الصورة هو يؤمي إلى الأرض لتعني من لدنه أهتمام في الحياة اليومية . وهذا الميل القديم ، الذي فيما بعد أصبح سنة في تقسيم المفكرين . يضطرنا هنا أن نظر من خلاله إلى أخوان الصفا وفي أي أتجاه أو فئة يمكن نضعهم ، فهل كانوا ذو أتجاه تنوير متحرر من كل نزعة عقائدية متزمته أو أيدلوجية مغلقة أم إنهم فئة تعمل على أقامت دولة خاصة بها ، تنتحل الفلسفة لتغطي على مشروعها السياسي الذي يتهمها به الكثيرون ؟ ونحن لو تسألنا قبل ذلك أن من هم أخوان الصفا وما حقيقتهم ؟ هل كانوا شيعة أم أسماعيلون متطرفون كما يذهب الكثير من دارسيهم لوقت قريب ، أم هم مثقفون عابرين وفوق كل النزاعات والصراعات الطائفية التي مزقت فترة من ذلك العصر كما لاتزال تمزق فترتنا ؟ وعلى القارئ هنا لا يتوقع حل لهذه الإشكالية في معرفة هوية والقصد الحقيقي من الوضع لكل هذه الموسوعة ، فقد أعيت هذه المعرفة باحثين كبار ومفكرين ، بسبب ضياع أكثر المصادر التي تحدد هويتهم ، ونسبت الرسائل التي كتبها الإخوان إلى جهات عديدة ، فهي كتب في ظروف غامضة ، وأختلف الباحثون في هويتهم والأهداف التي رموا إليها في تأليف تلك الرسائل التي تبلغ واحد وخمسين رسالة في حوالي أكثر من ألفين صفحة . وتعد أول موسوعة فكرية في كل العلوم . وعمل بهذه الضخامة لا يمكن أعطى صورة كاملة عنها في مقالة قصيرة . فقصدنا ، هنا ، في الحقيقة ، هو فقط تنويه بالجديد الذي حصل في حقل دراسة هذه الموسوعة الفلسفية ، فالخلاف حولها وحول أصحابها وغايتها وأنتماء أعضاءها إلى أي من فرقة من فرق الإسلام المتصارعة قديماً وحديثاً لا تزال لحد الان محل نقاش بين مفكرين عرب ، نظراً لغموض الذي أحاط تلك الموسعة والتأويلات الفلسفية والسياسية لها قديماً وحديثاً . وحاول الكثير عبر التاريخ أن يضم تلك الموسعة لجهة ما ويعدها تنطق في أفكارها وأسمها . ولذا سنتتبع في هذه المقالة جهد المفكر السوري جورج الطرابيشي في أضاءة حقيقة أخوان الصفا بعد ما حاول ، د ، دكتور محمد عابد الجابري بجعل أخوان الصفا المعبرين عن فكر الإسماعيلية والشيعة ، بعد أن أدان هذين وعدهم على أنهم المكرسين للفكر لا عقلاني . والذي رأى جورج الطرابيشي في هذه المحاولة مسعي سياسي القصد منه خراجهم وكثيرون غيرهم من حظيرة العقل العربي أو ما يسميه الفكر البياني ورميهم في خانة لا العقل والهرمسة والعقل المستقيل . الذي دأب عليه الجابري منذ أن أصدر كتابه نقد العقل العربي ، وهو يخرج الكثير من المفكرين والكتب ويرمي بهم في خانة اللامعقول والتهرمس . فقد شن حملة صليبية ضد هؤلاء الكتاب ، مماثله للحملة التي شنت على الفلسفة والفكر النقدي من قبل فقهاء السلطة ، بعد أن أصاب الانحطاط الحضارة العربي الإسلامية

 

. وعليه سنؤشر هنا فقط على أهم النقاط من تلك المناقشة . ونحاول أن نتتبع بعض أهم النقط التي تميز أخوان الصفا عن العقائد والمذهب الأخرى التي تميزت بنسب متفاوته من الانغلاق والتعصب التي تعرض لها جورج في فصل من كتابه ، العقل المستقيل . ولنبدأ في التسأل معه ، لماذا حذف المؤلفون لتلك الموسعة أسماءهم مما أثار الشكوك والالتباس في حقيقتهم والقصد من مشروعم ؟ خصوصاً وأن هذه الموسعة قد صدرت في فترة حرجة من تاريخ الدولة الإسلامية ، والتي تأجج فيها الصراع على السلطة بين العلوين والشيعة والعباسين . يبرر البعض أن السبب من عدم ذكر أسماء المؤلفين لذلك الكتاب الضخم ، هي نزعة أخوان الصفا العالمية والعابر للحتيزات الطائفية والإثنية . ونزعتتهم للعمل الجماعي ، وأنهم أرادوا من عملهم أن يكون تنويري في الأساس يخدم أغراض ثقافية بحته بعيد عن المصالح الشخصية والجاه الشخصي . حتى أن البعض قارنهم في مثقفوا عصر التنوير في فرنسا . ولهذا لم يسعوا إلى الألقاب الشخصية وفضلوا عليه العمل الجماعي الغفل من الأسماء . ولم يدر في بالهم ، في الطبع ، أن هذا سيثير مشاكل كثيرة فيما بعد للدارسيهم وأن ذلك قد يأول بعكس نيتهم ، وما أرادوه للموسوعتهم . فقد ظنون أنهم معروفين بما يكفي في زمانهم ولا حاجة لذكر أسمائهم . فالكثير كانوا يعرفونهم ، كما سيذكرهم بعض الكتاب المشهورين في عصرهم . ومع ذلك فأن أسماء هؤلاء المؤلفين لتلك الموسوعة لم تختف تماماً من ذاكرة التاريخ والمؤرخين . بيد أن عدم ذكر الاسماء أستغل ، وكذلك شكك في الاسماء المذكورة من قبل البعض . وعلى أي حال ، فثمة روايتين لهم . رواية أسماعيلة حاولت بسط يدها على الموسوعة للإخوان الصفا بعد قرون على الادعاء بملكيتها . فهي تسمي أربعة أشخاص حسب زعمها هم الذين كتبوها ، أو أن عبدالله وابنه أحمد هما اللذان كتبتها أو محمد أبن إسماعيل ابن جعفر الصادق هو من كتبها، وهذا الادعاء هو ما حاول ناقد العقل العربي محمد عابد الجابري كما يسميه الطرابيشي يسوقها لتنسجم مع مخططه الفكري الذي يحاول أن يقرأ التاريخ الفكر العربي والإسلامي على ضوءه . وراوية الآخر هي لشاهد عيان عاصر وعرف على الأقل خمسة من مؤلفين كتاب أخوان الصفا ، ويسمي أربعة منهم كانوا يتوافدون على مجلسه وعقد لهم فصل في كتابه المشهور المتاع والمؤنسة وهؤلاء هم زيد ابن رفاعة ، والمقدسي ، والزنجاني ، والمهرجاني . والجابري ، لا يأخذ برواية أبو حيان لأنها لا تتوافق مع ما يريد أن يدمغ به قطاع كبير من الفكرين في التهرمس وللامعقول . أما ما هو ميل أخوان الصفا ولمن ينتمون ، فهل هم حقاً اسماعليون غلاة ، أم في الحقيقة جماعة مستقلة عن كل تحزب وتخندف مع أي طرف ؟ ولكي يجيب الطرابيشي على هذه الأسئلة ، يحاول هنا رسم صورة دقيقة لكل من الإسماعيلية وإخوان الصفا ويترك للقارئ أن يحكم على التطابق أو الاختلاف بين كلاهما من خلال أطروحاتهم وأفكارهم الرئيسية . وعند النظر في هاتين الصورتين يلاحظ فارقاً كبيراً بين كلا مشروعي الإسماعيلية وأخوان الصفا . وهو وقبل هذا بداءه في أستعراض أراء المؤرخين والكتاب والمستشرقين في حقيقة أخوان الصفا وانتماءاتهم . ويكاد أن يكون هناك شبه أجماع بين هؤلاء على أن الإخوان كانوا من دعاة الإسماعيلية والشيعة ، سوى كان هؤلاء الكتاب من المستشرقين أو العرب . فالمستشرقون كما يصفهم كان أكثرهم مصابين بهوس الإسماعيلية ، فقد اتهموا الكثير من المفكرين المسلمين بالإسماعيلية كابن سيناء وغيره . أما الكتاب العرب المعاصرون فقد خضعوا ، لتأثير في هذا المجال ، للكاتبين المشهورين في قراءة موسوعة الإخوان وهما عارف ثامر ومصطفى غالب الذان يغلب عليهما الهوى الإسماعيلي . غير أن القراءة للموسوعة الإخوان ، بعيداً عن النظرات المسبقة ، من داخلها ومن مضمونها ، وكذلك من خارجها ، أي من تاريخ صدورها ، الذي حرفه الجابري ليطابق نسبها إلى غير الاخوان ، تكشف عن الشقة البعيدة جداً بين كلا من الطرفين وهي الطريقة التي أتبعها الطرابيشي في تبيان حقيقة أهداف الموسوعة . فهو قام فيً تفصيل كل من مضمون موسوعة أخوان الصفا وكتابة الاسماعلين وتبيان أيدولوجيتهم والنقاط الجوهرية في فلسفتهم وما تعارض بشكل رئيس مع توجه أخوان الصفا . وكان قصد الإخوان من وضع كتابهم هو كما يقولون تطهير الشريعة بالفلسفة مما خالطها من دنس وجهالات ، بعكس ما هدف الاسماعليون أليه من تطهير الشريعة من الفلسفة والعلوم الآخرى . لأن الفلسفة لدى الإخوان أعلى مقام من الشريعة . فإذا كانت الشريعة تداوي أمراض المجتمع قبل أن تزداد ، فأن الفلسفة تحفظ الصحة لدى الناس الأصحاء . أما نقطة الفصل الرئيسة بين الإخوان والإسماعيلية هو الموقف من الإمامة . فعلى ضوء موقف الإخوان من الإمامة سيتضح انتماءهم . فهم إذا دعوه لها وأمنوا بها ودافعوا عنها بالطريقة والأسلوب الذي دافع في الشيعة والإسماعيلية عن الإمامة سيكون الإخوان فعلاً جزء من الاسماعلين ودعاتها . فما يلاحظ عليهم من خلال قراءة جورج لنصوصهم أنهم أنكروا الإمامة ورفضواها وعدوها أساس العداوة والتفرقة بين الناس وبسببها زهقت الأرواح وهدرت الأموال منذ أن توفى الرسول ولحد الآن . فالكل قد أختلف فيها وحار ولم يقدر أن يقدم رأي محدد فيها ولمن . ولذا فهم يرفضون مبادئ الخلافة ، وكذلك يرفضون أن يكون هناك أي نص أو تصريح حول الخلافة . فهم يقولون بأن هناك رأيان في هذا الشأن ، أحداهما هو أفضلهم وقربهم نسب إلى الرسول وأن هذا يجب أن يكون قد أوصى له الرسول ، أما الرأي الآخر فلا يرأى هذا ، ويتركها إلى ما يقرره المسلمون أو ما يجمع عليه الناس أو من كان قوي الشوكة ليستولي عليها . وبهذا الرفض للمبدأ النص أو الوراثة أو القرابة ابتعد الإخوان كثيراً ، وبعيداً جداً عن كل من الشيعة والإسماعيلية التي تقوم لها الإمامة مقام حجر الزاوية في بناء عقيدتهم . وبذلك اسقطوا من تفكيرهم مبدأ الوراثة ، لأن النبي لم يكن له ولده من بعده ليخلفه . وهكذا فهناك انقطاع في سلسلة النبي لا اتصال كما يقول الطرابيشي . وهذا بالطبع لا يعني أن الإخوان ينكرون كل أمامة أو رئاسة ، وإنما من يخلف النبي يجب أن يكونوا هم أفضل الناس بعد النبي وهؤلاء هم العلماء والفلاسفة والذين يعرفون كل شيء ولديهم دراية في مواطن بناء مجتمع سليم . ولا شك أنهم هنا متأثرون في رأي أفلاطون في حكم الفلاسفة للدولة . والعلماء هم أحق الناس في وراثة الأنبياء فهم إذا لم يكونوا أعلى من الأنبياء في تحصيل الحكمة حسب تعبير الرازي فهم وحدهم من يسحقون هذا المكان . لذلك كان توجه الإخوان يختلف عن توجه الشيعة والإسماعيلية الذي حصروا علاقة الحكم بين النبوة والإمامة في حين جعل منها أخوان الصفا محصورة بين الشريعة والفلسفة حسب ما ذهب أليه الطرابيشي . أي جعلوها علاقة دنيوية . لا تحدد مسبقا بنص أو تورث وأنما علاقة تتم بين البشر وفقاً لاختيارتهم وتراضيهم في ما بينهم . ولو كان كل الناس في مستوى واحد يحكمون العقل في أدارة شؤونهم لكان في نظرهم يمكن الاستغناء عن الإمامة وسيروا أمورهم وفقاً للعقل الذي جعلوه أعلى رتبة في جمعيتهم وله يخضعون ويحتكمون . ومثل هذه المقاربة للأمور تبعد الإخوان تماماً عن الأيدلوجية الإسماعيلية المتشددة في قضية الإمامة والتي تؤمن بها أيمان أعمئ . فالامامة كانت شيء مقدس ولا يمكن المجادلة فيها أو نقضها . في حين أن أخوان الصفا لم يخضعوا لسوى العقل وحكمه الذي يقبل الأخذ والرد ، وليس لدية شيء مقدس يعلو على سلطة البشر يجب الخضوع أليه بدون تفكير . ثم تأتي النقطة الثانية المهمة التي تبعد الإخوان عن بقية الفئات الأخرى ، وهو الانفتاح الفكري لدى الإخوان كدليل آخر على عدم أنتماءهم لأي فئه آخرى ، وخصوصاً ، الإسماعيلية ، التتي تميزت في الانغلاق الفكري وتكوين عقيدة مغلقة لا يشكل الجدل والاقتناع جزء من بنيتها وإنما الإيمان والانتماء . قي حين فلسفة أخوان الصفا تؤمن في الحوار وتعدد وجهات النظر ، ولا ترفض أي فكرة عقلانية ولا أي علم ولا صحة أي عقيدة أو دين صحة مطلقته . فهي تؤمن بالنسبية في الآراء والأديان حسب منظور كل جماعة أو أمة . وترفض من هذا المنطلق حديث الفرقة الناجية الذي تعلنه كل فرقة من فرق الإسلام على أنها هي تلك الفرقة . فكل فرقة لا تؤمن بالحوار والتعدد نظر إليها من قبل الإخوان على أنها الفرقة الهالكة في النار . فالاخوان كانوا أصحاب نزعة إنسانية ونظرة كونية تتخطى أسوار الأديان والاثنيات وتعترف بالانسان بما هو إنسان . لقد قدمت مساهمة الطرابيشي عن الإخوان نظره جديدة ، بعد قراءه معمقة لموسوعتهم والكشف عن تاريخ كتابتها وكتابتها الحقيقين بعد أن كان يتخذ من هذه الغموض الذي يحيط بهذهين الجانبين ذريعة في نسبهم إلى عقدائد ومذاهب متشددة وأيدلوجيات منغلقة ترفض الآخر وترى فيه مجرد كائن غريب ومعادي ، بعكس النظرة العالمية التي تضمنتها الموسوعة . الذي جاء تأليفها في أوج الحضارة العربية الإسلامية يوم لم تستفحل بعد وتحدد الطوائف وتنغلق على نفسها ، وتدعي أنها وحدها الصحيحة والناجية . لذا كانت تقرأ في الأسواق في حرية ويتداولها الناس والوراقين ويعرفون أصحابها . فلم تكن من الكتب المحجوبة في وقتها . بعكس ذلك ، رماها ما كان يسمى نقد العقل العربي في التهرمس والإسماعيلية ، محاولة منه في أخراجها من الكتب التنويرية الرائدة في العالم . فهم لم تكن لها نظرية سياسية ، لأنهم كانوا أشبه بجمعية أخونية روحية . بعكس الإسماعيلية ، التي كانت تنزع نحو السلطة وتحاول الاستيلاء عليها ، غير أن ما أوهم بأن إلى الإخوان طموح سياسي وأنهم يسعون لبلوغ السلطة ، هو أستخدامهم لمفاهيم والعبارات التي كانت تستخدمها الفئات السياسية لتعبر عن أغراض سياسية وخصوصاً الإسماعيلية . مثل تلك التي تقول " ظهورأمرنا ، وخروج مهدينا، وطلوع شمسنا " وغيرها ، أوهم الكثير بأن لهم أهداف سياسية . ولهذه عدة روحانيتهم التي أتسمت بها موسوعتهم فترة تثقيفية، لحين تمكنها من الانقضاض على السلطة . فهم حسب ما يقول الجابري ، قاموا بدورين دور الستر وهو دور الإعداد وتثقيف ، ودور الكشف هو الدور الذي يحن في الوقت لقيامة دولتهم . في الدور الأول يقومون في أعداد أنصارهم تحت غطاء العلم والفلسفة ، أعداد نفسي ، لينفذ فيما بعد الأوامر الصادرة أليهم بلا جدل ، ثم بعد ذلك يأتي الأوان لعمل على قيامة دولتهم . فنزعة الروحانية لديهم عدها الجابري هي مجرد نزعة تكتيكية وفترة تخدير وغسل دماغ لتهييء للعمل الإرهابي ، وليس روحانية خالصة تعد للعالم أخر . هذا التأويل من قبل الجابري هو ما يرفضه الطرابيشي ، ويرى أنهم استخدموا النزعة الروحية استخدام رمزي لا يمت في صلة إلى ما هو لدى الاسماعلية ، لانه دور الستر والكشف كان شائع الاستخدام وموجود في كثير من آيات القرآن وكذلك في التورات . فالفلسفة بحسب أخوان الصفاء هي التشبه في الله بحسب الطاقة البشرية - يقول الطرابيشي ، أن أخوان الصفا ميزوا في طورين في علاقة النفس بالمادة ففي دور الستر تكون مرتبطة بالمادة بقوة وفي دور الكشف تحرر من المادة تبلغ مرحلة الكمال الروحي . وعليه فليس لدى الإخوان هدف سياسي وأن أستخدموا المفاهيم والتعبير السياسية الرائجة في عصرهم . فهم الذين يقولون نحن لا نحسد الملوك ولا أهل الرتب لكن نطلب الملك السماوي لأن جوهرنا سماوي وعالما عالم روحي ، ونحن هنا غرباء في أسر هذه العالم . ولذلك عد ما يبشرون فيه هو مدينية خيالية أو مدنية روحانية لا وجود لها في الواقع لانها من نسيج خيالهم . فهي محض مدينية طوباوية كتلك التي كثر التبشير فيها مع النهضة الأوربية ، مثل طوباوية توماس مور وغيره . وهكذا يتبين لنا هنا أن محاول سمعلت أخوان الصفا كان يكمن خلفها القصد الخبيث نفسه الذي شاب محاولة الجابري في تشويه الكثير من الكتب التراثية التنويرية والبقاء فقط على تلك ذات النزوع السني المتشدد الذي يحارب الفلسفة والعلوم ويبقي على الفكر الديني المتزمت والظلامي . ولهذا كان نقد الطرابيشي لذلك الإفتاء والتجني مسعى يحمد له من قبل كل التنويريين . فقد حاول الجابري أخراج قطاعات متعددة من الثقافة التنويرية في الحضارة العربية الإسلامية بدءاً في ابن سيناء وألفارابي والرازي وكثيرهم غير بحجة للامعقول لديهم والتهرمس . وفي المقابل نراه جعل من فقيه ظلامي ممثلاً للمثقفين في العصر العباس ، فقد جعل من الإمام أحمد ابن حنبل مثال على المثقف المضطهد في كتابة محنة المثقفين في عهد الدولة العباسية ، فهل من المعقول جعل من فقيه ظلامي مثل ابن حنبل ممثل للمثقفين العباسين ؟ فهل يمكن لنا أن نجعل من القرضاوي ، ممثلاً للمثقفي مصر حالياً وقس على ذلك ، في حين جعل من الحلاج الذي صلب في العصرالعباسي مجرد حدث عابر ومتزندق ، بينما نرى أن المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون قارنه عذابه في عذابات المسيح ، حتى قال الطرابيشي نفسه ، بأن الحلاج صلب في كتابات الجابري مرتين ، مثل ، بطل رواية نيكوس كانتزاكي ، في المسيح يصلب من جديد . ويبقى بعد كل ذلك . أن مثقفي العصر العباسي التنويريين هم أكثر إنسانية وصدق من ناقديهم ومن يسقطون ما في داخلهم من ظلامية ورياء ومداهنتهم لصحاب الجاه كم فعل الجابري في عصرنا وما كان عليه أبن حنبل في عصر بعض الخلفاء العباسيين . وأنت لو نظر لكثير من يكتبون في الشأن العراقي حاليالا يقلون ظلامي عن فقيه العصر العباسي وأن تمشدقوا بادعاءات كثيرة تبرءه منها الفقيه لأن يملك شيء من الشجاعة فختار الدفاع عن الظلام ، بلا مورابه وتحفظ ، لا يحوزها مثقفي الجدية ومثقفي داعش الذين لا يجرؤوا على قول الحقيقة بدون أن يخلطوها في الباطل ليمؤه على القارئ من هو صاحب الحق وأين يمكن أن ينحاز ، بل يعمدوا على أشاع الفوضى في وعيه ليكفر في الكل ويتساوي لديه بتالي الصالح والطالح .



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.46921
Total : 101