هكذا اذن وصلت الامور في العراق كل شيء بالحصة والمحاصصة لا يمكن أن يمر امرا ما الا بموافقة الجميع شاء الشعب ام ابى وكأن الدستور والقانون العراقي يسير في دروب تبدأ ولا تنتهي ضياع منقطع النظير وتلاعب بالمقدرات على ايدي جاهلة ومتعطشة للخراب لا تعرف الا قوميتها او مذهبها ليس لها اي انتماء للوطن بل جل انتماءها لتلك المسميات الدخيلة حتى بات الامر أن هؤلاء السياسيين اصبحوا مضرب الامثال والتندر لدى العالم وهم يخطون اقذر تصور عن العراق ذالك البلد الذي كان يوما ما أحد مؤسسي عصبة الامم المتحدة وأحد مؤسسي منظمة دول عدم الانحياز وأحد اول الدول في العالم الذي يكتب اسمه في المعاهدات الدولية للطيران والملاحة الدولية في المياه العميقة وفي صندوق لنقد الدولي وفي منظمة الاوبك وفي ..وفي ..حرقة وألم ما بعده الم وأنت ترى تلك الثلة المتربعة على هرم السياسة العراقية وتقود هذا البلد الى المجهول بتطلعاتهم الانفصالية وطموحاتهم المشبوهة وهم يوزعون كل شيء بأسم المكون والقومية والمذهب والطائفة ليصل الامر اليوم وفي حالة شاذة لا توصف الى العملة النقدية العراقية فئة الخمسين الف دينار عراقي ..
بمجرد أن تقلب تلك الورقة وبدون ادنى تمعن ستكتشف أنك امام معرض متكامل أو صالة عرض متكاملة بكل أنواع الفن التشكيلي (كاليري) مصغر وبألوان وريشة فنان اتى بكل ما يستطيع ليضعه على تلك الورقة الصغيرة ليعلن للجميع أنه رسم كل المكونات العراقية من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب لم يترك شاردة او واردة من ارث العراق لمكوناته والى قومياته وتشكيلاته الفسيفسائية الى وأتى بها ..
عمران القيسي هو الفنان العراقي المغترب والمعروف عالميا بخط الكثير من العملات لدول عالمية وهو يجيد هذا الفن الفن المعقد الذي يصعب تزويره اجاد الرجل وحسب طلبات الشاذين بكل ما ارادوه منه وضع الهور ووضع الشلال ووضع الناعور ووضع اللغة الكردية ووضع العربية ووضع الجبل ووضع المسلة ووضع اللقى في ادنى الغرب والشرق ومن الشمال الى الجنوب لتظهر الى العلن عملة عراقية مزركشة بكل الوان العراق ليرضي السياسيين العراقيين ..
يبدوا من هذا التطور الخطير نحن نسير في نفق ليس له نهاية ولا يوجد فيه بصيص من نور ليس لأن هذه العملة ولدت هكذا فأنا اعتقد بأنها ستكون مجرد ورقة نقدية صادرة عن القانون العراقي معادلة لخمسين الف دينار عراقي لكن المؤلم بالموضوع برمته أن تصل احوالنا الى فئات النقد العراقي التي تباهي دول العالم بعضها البعض بقوة عملتها وجمال شكلها ونظافة ميزاتها وليست بالأشكال والرموز فالعالم يتكون من عشرات بل مئات الدول لكن تلك الدول لها خصوصيتها ولها تصور ما عند الدول العالمية فتجد عملتها بسيطة الشكل صعبة التزوير قوية القيمة وهذا هو المطلوب فقط موجود رمز معين يشير الى الدولة فبعض الدول تضع ورقة لنبتة مشهورة على اراضيها وبعضها تضع شخصية فقط معروفة والبعض الاخر يضع معلم على الورقة كأن يكون تاريخي او متميز وينتهي الامر ولا يوضع كل صور وألوان وعناصر القوميات التي تعيش في هذا الوطن ..
ليس حانقا او حاسدا عما يجري لكن اعتقد أن الحكومة والبنك والأشخاص المعنيين جميعهم يؤسس الى ولادة امرا خطيرا وهم يضعون كل هذه اللوحات والاشكال على تلك الورقة ربما أن شخص من أحد القوميات او الاثنيات عندما يرى كل هذا الكم من الايحاءات ولم يجد لقوميته أو لأثنيته مكان على هذه الورقة ستسائل وربما سينزعج او ينتفض وبالتالي نحن نجعل من هذه التوجهات للأسف الشديد ترسيخا وتهديدا للوحدة العراقية ولدولة العراق ..
عندما شاهدت العملة ورأيت كل هذه الخربشات تساءلت ماذا سيضع البنك الهندي على ورقة الروبية وهم الشعب التكون من مئات الاقوام والأديان واللغات والاشكال او قل ماذا سيضع الصينيون على الايوان عملتهم النقدية وهم المليار ونصف المليار نسمه ..
وماذا عن الاوربيين الذين اصدرت في بلدانهم عملة واحدة يتداولها الجميع اسمها الاورو والتي تضم دول عدة بعاداتها وتقاليدها لكن ترى عملتها بسيطة كأنها ورقة بيضاء بسيطة وهي قوية القيمة ولها مكان بين العملات العالمية ..
لماذا هذا الانحدار والتجاسر على المفردات الوطنية لدولة العراق الدولة العظيمة والكبيرة وذات التاريخ الموغل في القدم لماذا كل هذا التفكير الاعمى والإيغال بكسر شوكة وقوة هذا البلد من خلال تصرفات شخصية هزيلة بوطنيتها ,,
ثم اذا كان هذا حال عملة نقدية صادرة من البنك فما بال انفسنا يوم يحاول التشريعيين وضع قانون للعلم العراقي واختيار العلم العراقي فماذا سيرى العراقيون في اختيار الوانه وما شكله ؟
مقالات اخرى للكاتب