Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
"عبد الله" !!
الأربعاء, نيسان 24, 2013
د. صادق السامرائي

 

هو بحر الثقافة العراقية على مدى نصف قرن أو يزيد , والذي ما التقيته منذ أكثر من ربع قرن شديد.

وكأنه قد ولد من رحم المعرفة والكلمة والكتاب , فمنذ نعومة أظفاره وهو في مطاردة ومباراة مع الكلمة , التي تملكته قبل أن يتعلم القراءة والكتابة , وما أن أمضى بعضا من مراحل الإبتدائية حتى انطلق نحو إمتطاء ظهر السطور , والإمساك بقلمه الذي لا يعرف الإنفصال عنه أبدا.

ومضى يكتب ويكتب ولا يتعب ولا يكل أو يمل من العطاء.

ومنذ أن كان طالبا في المتوسطة , أخذ إسمه يتلألأ على صفحات المطبوعات العراقية والعربية , وتواصل في نهر الثقافة والإبداع , وهو يكتم طاقات إبداعية هائلة لا أظنه قد سكبها في وعاءٍ يحافظ عليها ويصونها ذخيرة للأجيال.

وقد عاصرته منذ صباي , أسمع عنه وأراه , وأنظر إليه بإعجاب ودهشة , وكأن للكلمة تأثير مشترك علينا , أو أنها تمتلكنا , وما تمكن من البوح بكل ما فيه , للظروف التي تشابكت والإضطرابات التي عصفت , والحياة التي تعقدت , لكنه إنطلق متوجسا , مسكونا بالحذر والشك والتحسب والحيطة من المخاطر , والمداهمات الفكرية والنفسية وغيرها من أساليب الضغط والترويض.

وبقي متمسكا بقلمه , وقيمه وأخلاقه وثوابته وصدقه مع الكلمة والكتاب.

وأصبحت مكتبة مدينتنا موطنه الدائم , حتى صار إسمه مقرونا بها , لكثرة تواجده فيها على مر الأيام.

وكانت مكتبته الخاصة تسحرني , فهي كل ما يملك , فتشغله وتمتعه , وتلهيه وتغنيه عن الحياة وما فيها.

وفي مرحلة المتوسطة والإعدادية كنت من قرائها , حيث كانت تجذبني موضاعاتها وتغريني بقراءتها , فتعرفت من خلالها على رموز الثقافة العربية والعالمية , وقد قرأت مجلة العربي منذ بواكير أعدادها , وسلسلة كتابي وغيرها من الموسوعات المعرفية والأدبية , والمجلات ومصادر المعرفة الأخرى في ذلك الوقت.

ودرجت أتابعه , وأستمتع بأحاديثه وما يدور في خلده من الأفكار المضيئة , والتطلعات الإنسانية السامية النبيلة الصافية , التواقة إلى إشاعة أنوار الفكرة في العقول.

ومن خلاله تعرّفت على جهابذة المعرفة والإبداع العراقي , وأصغيت إليهم وتعلمت منهم , وتأثرت بما كانوا يعرفون , وأنست برؤاهم وتحليلاتهم وإنعكاسات عقولهم على نهر الأيام , بما تحمله من أحداث وتغيرات.

وكانت غرفته عبارة عن نادي ثقافي متواصل مع رموز المعرفة والإبداع في العراق.

ومن عجائبه أنه يؤرشف الكتب والأوراق في دماغه , ولديه ذاكرة فوتوغرافية نادرة.

فتجد على مكتبه أكداسا من المقالات والدراسات والكتابات الأخرى , وعندما يأتيه صاحبها , ويسأله أن يعطيه المقالة أو الدراسة , فأنه يلتقطها من بين الأوراق وبحركة واحدة فقط!

ومن عجائبه أيضا , أنه يأنس العيش بين الكتب , فلا يوجد في بيته مكان إلا وقد تنضدت الكتب فوقه . وذات يوم ما حاولت إختباره , فقررت أن أأخذ كتابا من أحد الأكداس المنضدة بإستقامة عجيبة تتجاوز قامته الممشوقة , وكم كانت دهشتي وحيرتي , عندما واجهني بعد بضعة أيام وهو يقول: أين الكتاب الفلاني للمؤلف الفلاني , وكان في هذا المكان , وهو يشير إلى ذلك الكدس وفي عين الموضع الذي أخذته منه!!

كان محيرا وغريب الأطوار أحيانا , وقد رافقته في أيام توجساته وشكوكه ويقظته الإحترازية المتحسبة لكل شيئ من حوله , وقد تنامت عنده هذه الحالة عندما تعرض لحادث سيارة وهو يعبر الشارع أمام بيته , وكأنه تيقن في ذلك الزمن الصعب بأنه المستهدف وسيكون الضحية لا محالة , وأن قلمه سيُكسر , وينتهي دوره في الحياة.

وكنت أقرأ في عيونه وقسمات وجهه وحركاته , أعراض الشكوك ومرارة الحذر والتوجس والإحتراز , ولا أعرف كيف أقترب منه وأهوّن عليه , لأن تفاعلاته ذات مسوغات تعزز هذا السلوك.

وحالما وجدتني في العراق , أخذت أبحث عنه!

فهاتفته وقلت: أريد أن أراك , هل يمكنني أن أزورك في البيت؟

قال: لنلتقي في مكان ما!

وأضاف: الكتب في كل مكان ومن الصعب إستضافتك في البيت!

وذهبت إليه , وأدركت أنه لا يزال على عادته القديمة , يمشي على قدميه , ويستقل الحافلات , وعندما هاتفته كان في إحداها متوجها إلى بيته عند المساء.

ووجدته في إحدى القاعات , جالسا على طاولة مع أحد الأساتذة , وقد غاص في الحديث الجميل.

وبعد أن حيّاني وضمني بالأحضان. وكان مسحوقا بسنابك السنين ومحتارا بكتبه , وإلى أين سيكون مصيرها ومنتهاها.

قلت : يا أستاذي , قد أتعبتك السنون!

إذ رأيته أشيبا , بدينا وقد إنحنى ظهره قليلا , لكنه لم يتغير , فكلامه كما عهدته , وعندما يكلمك , تدرك أنه يختزن ذاته , وينطق بلسان آخر , فقد كنت أحاول أن أعرفه كما هو لا كما يبدو , وعجزت عن ذلك رغم متابعتي له عن قرب , فهو حالة نادرة وفريدة ذات قدرات إستشرافية لا تُضاهى.

وكم وجدته صادقا فيما يراه.

تأملته ونظرته بعيون الذكريات والتفاعلات التي كانت بيننا,

وسألته: مَن هو عبدالله؟

فقال: أنا!

لم أكن أتصور أنه كان يكتب عن نفسه , وإنما حسبته في حينها يحاول التعبير عن الواقع المرير الذي يعصف بالحياة , وكانت كل حلقة من أيام عبدالله , تزيدني قلقا عليه.

 وافترقنا , وها أنا أجالسه واستمتع بحديثه الموسوعي الثري بالذكريات , والشواهد والتفاعلات الثقافية المتوهجة.

قلت: أنت أستاذي وملهمي وقدوتي وعليك أن لا تتوقف عن الكتابة!

قال: إن الكلمة والحياة حالة واحدة , ولايمكنني أن أتصور الحياة بلا كتابة!

قلت: أنت تتحمل مسؤولية وطنية وثقافية وإنسانية , وعليك أن تكتب مسيرتك الذاتية ولا تصمت!

قال: سأكتب!

قلت: سأكتب عن لقائنا إذا وافقتني!

قال مبتسما: يمكنك أن تكتب!

وما أدهشني فيه , أنه لا يزال يمتلك حيوية الشباب وتطلعاته , وكأنه لا يرى أن العمر قد تقدم , وأن الوقت الذي يمتلكه قد لا يكفي لقول بعض ما يريد الإفصاح عنه.

ودّعته , وأنا أشعر بالحزن والمرارة , فلا أظنه سيكتب , ولا أرى عنده رغبة في حمل راية الكلمة إلى أبعد مما وصل , فقد علّمته الأيام بأن الكلمة لا تدفع الواقع إلى حيث التقدم والرقاء , بل تركنه صامدا متجمدا في خنادق التحدي والعناء.

وكان عبدالله عنوان التحدي والقوة والإباء والإصرار على صناعة الغد الأفضل , لكنه يرى نفسه وكأنه يدور بذات المكان , ويتطلع إلى مستقبل قد كتب عنه وتمناه , ويدرك تماما بأنه لن يراه , وإنما حمّل أحفاده رسالة التفاعل معه بأنوار المعرفة ومشاعل الكلمة.

وأنا أودعه , تساءلت عن دوره وتأثيره لو كان في مجتمع غير مجتمعنا , وبلاد غير بلادنا؟

وأدركت أنه سيكون مشغولا في التفاعل والتواصل مع الجامعات والندوات الثقافية , وستتوافد الدعوات عليه من المحافل الثقافية ,  للإستماع إليه والتعلم منه والإطلاع على تجربته النادرة الطويلة المثقلة بالذكريات والعطاء.

وأرجو أن يكتب عبدالله , لأنه أصدق مَن سيكتب , وهو الأوفى والأكثر إيمانا بالكلمة والحياة .

تحية وفاء ومحبة لعبدالله وأملي أن أراه وأستمتع بأحاديثه لساعات وساعات!!

ودوّت صرخة أليمة في أعماقي تقول: كيف أغفلتك الثقافة والصحافة والحياة , يا عبدالله؟!!

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44857
Total : 101