نوبخذنصر ملك بابلي ، مسك المجد بيديه ، بنى الجنائن المعلقة ، وغزا أورشليم ولكنه بحجم حزن اليهود على فعلته بسبهم والمجيء بهم الى بابل ، أعطى المكان مكانين لتراث المكان الرافديني المقدس وكانا من نتاج هذا السبي وهما العزير النبي المسمى عزرا الكاتب المتوفي في منتصف الطريق بين بابل وبلاد فارس ويسمى اليوم حيث ضريحه ناحية العزير على بعد امتار من الضفة الشرقية لنهر دجلة الصاعد من بساتين قلعة صالح صوب قضاء القرنة حيث يلتقي هنا بتوأمه التاريخي نهر الفرات.
والثاني ( ذو الكفل ) النبي الذي مات قرب بابل يعتقد العديد من الباحثين والمؤرخين أن ذو الكفل هو نفسه حزقيال بالعبرية (יְחֶזְקֵאל) لدى اليهود ويعد حزقيال نبيا لدى اليهود أيضا وقد ورد ذكره في سفر نبوة حزقيال في العهد القديم ووفقا لبعض روايات اليهود أنه قد قدم للعراق خلال السبي البابلي ويرى بعض العلماء أنه رجل من الصالحين وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله عز وجل قرنه مع الأنبياء كما في سورة الأنبياء، وكما ذكر أنه بعث لأهل دمشق.
هذا الملك عاش في قريتنا ( أم شعثه ) حيث كنت معلماً في مدرستها ، وعاش وهو يرتدي ذاكرة تلميذ امتلك موهبة رسم الصروح بواسطة الطين وأسمه ( نويب خنصر ) ويقول أبوه يوم سألته سبب تسميته ( نويب ) وانا اسجلُ ولدهً تلميذا في الصف الأول ؟
قال : يوم مولده جلب لقريتنا نائبة وهي ( عجاجة ) وعي عاصفة ، من التراب قلعت كل صرائف القرية فسميتهُ نويب.
قلت : وكيف عرفت ان نويب تصغيرا للنائبة التي تصيب المطر .؟
قال :القارئ الحسيني في قريتنا دائما يتحدث عن النوائب في كربلاء ومنه عرفت المصيبة .
قلت :وهل تعتقد أن مولد ولدك نويب كان مصيبة.؟
قال : كلا نويب اليوم ولد نادر ونشمي وشاطر ويسرح لوحده بالجواميس وسيتعلم القراءة والكتابة ويخلص الصف الثالث ويذهب ليتطوع مثل ابن عمه ( فزع ) جنديا في المدفعية بمدينة المحاويل قرب الحلة .
فجأة انتبهت الى العلاقة بين اسم نوبخذنصر ونويب خنصر وعرفت بعد سنوات أن هذا الولد امتلك موهبة بناء صروح تشبه المعابد والزقورات والحدائق بسلالم وسألته : هل تعرف ملكا بابلبا أسمه نبوخذنصر.
وكأنه استفاق من حلم وقال : نعم .
قلت مستغربا : وأين عرفته .؟
قال : بأحلامي .
قلت :تحدث لي ما تعرف عنه .؟
قال :رجل بعباءة بيضاء ولحية وفوق رأسه قدرٌ من الذهب (وهو يقصد التاج ) يجيء اليَّ بطاسة طين ويقول لي اصعد سلمة اخرى ثم يذهب.
قلت :وهل تحدثت بهذا الحلم لامك او لأبيك.؟
نعم : أمي تصمت متعجبة وأبي يقول لي : اذهب واسرح بالجواميس ولا ( تسربت.)
ذهبت الى خنصر وقلت له : ولدكَ في حلمه ما يسربت هو يرى ملكا.
ذعر الرجل وقال : استاذ أي ملك ، وهذا يحلم بالطين وسيصبح بَناءْ طوف طين ، وانا أريده عريفا في المدفعية.
قلت : ومكان الملك الذي يحلم فيه هناك جنب مدرسة المدفعية في المحاويل قرب بابل ، وهي الحلة اليوم.
لم يفتهم الرجل شيئا ، ضحك وهز رأسه وقال : يم بابل يم القنابل المهم يصبح مدفعجا مثل ابن عمه فزع. وهكذا عشت نزهات نبوخذنصر الصغير مع الطين وتطورت لتصير حياة من نزهة الطين وكأن الطفل صار ينفذُ كل ما يطلبه منه الملك البابلي في الحلم ، وذات يوم كنت أتأمل ضفة الهور عندما وجدت منحوتات من الطين وقد تم تعريضها امام الشمس حتى تجف وهي لموكب ملكي يركبون المشاحيف .
وقتها ادركت أن الملك البابلي جاء هنا ليبدأ نزهته وليبارك نويب الذي قرر في اليوم التالي الذهاب الى تجنيد الناصرية ليقدم اوراقه متطوعا في صنف المدفعية بمدرسة تدريب ضباط صف المدفعية في المحاويل .
مقالات اخرى للكاتب