اجتهد الاعلام العراقي في تناوله حوادث الامطار الاخيرة وابدع وتفنن في تقديم صورة الماساة للمواطن العراقي ، وظهر اغلب مذيعي القنوات وهو يخوضون في مياه الامطار ويكشفون عمليا من موقع الحدث رداءة الخدمات ، وما اظهره الاعلام العراقي التلفزيوني خاصة اشبه ما يكون صورة ثأريه من الحكومة لكشف فشلها في توفير الخدمات ، حتى تحولت هذه ( المطرة ) الاخيرة الى دعاية انتخابية مبكرة انتقدها البعض في استغلال الماساة للدعاية .
ولكن ما الذي يمنع ان تكون الامطار وحتى نهاية فصل الشتاء جزء من الدعاية الانتخابية ضد احزاب حاكمة ، فمن المتوقع ان ترتبط الامطار بمسلسل الانتخابات بشكل عفوي ، مثلما كانت قضية الكهرباء جزء من الانتخابات في المرات الماضية ، وفي صورة اوضح سيكون موضوع الفساد المالي والاداري في ملفي الامن والخدمات هما عنوان المرحلة المقبلة من النقد لخصوم الحكومة الذي سيدخلون الانتخابات حاملين يافطات النقد والتشهير والفضح المعلن لبعض الشخصيات السياسية لتغيير كفة الانتخابات .
انا ومع كثير لا نمانع ان تكون الدعاية الانتخابية كشفا للفشل والاخفاق ، ولكن بشرط وضع حلول جديدة لكل المشاكل التي سيتحدث عنها المرشحون الحزبيون خاصة ، ومن حق المواطن ان يفضح الفساد لاي مسؤول من اي كتلة فلا احد وحده يتحمل كل هذا الفساد ، وممثلو الشعب في البرلمان يمثلون جميع الاحزاب والكتل السياسية الفائزة في الانتخابات الماضية ممن لم يجدوا حلولا واضحة لمعاناة العراقيين .
واذا كان هناك من حمّل الحكومة بعد موجة الامطار مسؤولية الفشل فان رئيس الحكومة ايضا حمّل الجهات السياسية مسؤولية الفشل واتهمها بتعكير الخدمات ووضع العراقيل ، رغم ان السيد رئيس الوزرءا لم يأت بدليل وكالعادة تحدث عن جهات او اطراف داخلية وخارجية كما هو الحال في كل مرة حين ترمى الاتهامات على الاخرين .
وربما يكون في كلام رئيس الحكومة بعض الحقيقة ولكن لم يوضح كيف ساهم الخصوم ، وكان عليه ان يقول ان اموال تنمية البنى التحتية ذهبت في الفساد وانه سيفتح ملفات الفساد قريبا ، ويدخل الانتخابات المقبلة تحت عنوان كشف الفساد الذي يهدده به خصومه ، اما ان يسكت الجميع بعد توقف المطر وازالة اثار العدوان المطري ، فان هذه النغمة الانتقادية ستتكرر مع كل (مطرة ) حتى يبلغ موعد الانتخابات محله ، وربما يضاف للمطر اشياء اخرى مع انخفاض درجة الحرارة ونقص الوقود وانقطاعات التيار الكهربائي وسقوط ضحايا في كل متغير مناخي ، ولكن يبقى الفساد الذي هو اساس الانهيار الخدمي موضوعا دعائيا يمكن ان يستخدمه خصوم الحكومة ، ويمكن ان تستخدمه الحكومة اذا استطاعت وليتها تستطيع .
مقالات اخرى للكاتب