لا يوجد شيعي عاقل لم يتألم لما قاله الرئيس الامريكي اوباما بحق شيعة العراق , معتبرا اياهم قد ضيعوا فرصة عظيمة ليثبتوا انهم قادرون على الحكم . ليس لان اوباما كلامه منزل من السماء , ولكن اوباما رئيس اكبر قوة في العالم , وكلامه اثقل من كلام مئة دولة مثل دولتنا التعبانة , وأميركا هي التي ازاحة صدام ووضعت السياسين الشيعة على راس الحكومة , استجابة لرؤيتهم في ان يكون حكم العراق عن طريق مكوناته الطائفية ومنح الشيعة قيادة الدولة . ورؤيتهم لا علاقة لها بإنصاف ( مظلومية ) الشيعة , بقدر ما هي الوسيلة الامثل لضبط حركة العراقيين تحت راية طوائفهم وتجريدهم من الشعور بالمصلحة الوطنية المشتركة , وهذا بالضبط ما نفذته لهم سياسات المالكي .
وبدل من ان تعيد الطبقة السياسية الشيعية النظر فيما وصلت اليه نتيجة سياسات المالكي والمحيطين به , نرى البعض من هؤلاء السياسيين ونواب البرلمان , وبالذات من دولة القانون وحزب الدعوة يصرون على التمسك في سلوكية ذات النهج الذي اوصلنا الى هذا الدرك المخيف , وكأن رئاسة الوزراء طابو لحزب الدعوة ودولة القانون ( نهج المالكي ) , وفاتهم ان الامريكان الذين وضعوا نظام المحاصصة الطائفي , والذين ابقوا المالكي لدورة ثانية رغم خسارته امام علاوي , قد اصروا على استبدال المالكي , وقالوا بالحرف الواحد انهم : لن يساعدوا العراق ويحاربوا داعش ما لم يستبدل المالكي بآخر يلم شمل العراقيين كما يعرف الجميع . وهذا الموقف الامريكي ( الضامن )هو الذي كسب التأييد السريع للعبادي قبل ان يتعرف باقي العراقيين على حقيقة العبادي .
وصلتني اليوم رسالة من السيد جواد البزوني , وهو نائب عن دولة القانون لا اعرفه شخصيا , يرجو نشرها وهذا نصها كما وردت " مظاهرة السبت كلمة حق يراد بها باطل كدس السم في العسل . واضح جدا ان البصرة اصبحت مشروع المجلس الاعلى الاسلامي , فأرادها ان تكون نموذجا لكل العراق . فقدم ورعى البصرة العاصمة الاقتصادية واللامركزية الادارية ونقل الصلاحيات والخمسة بترودولار وتفانى في الحصول على المحافظ ثم اختار وزارتي النفط والنقل ليطمئن على رعاية المشروع قدم افضل كوادره وكذلك جاء وزير الشباب والرياضة ليتحدث عن البصرة العاصمة الرياضية لتكون البديل عن بغداد واربيل ومنطلقا لرفع الحضر عن العراق . لقد اصبحت الظروف مهيئة ولكن دائما يظهر من يتصيد بالماء العكر ويحاول ان يفسد الامور من اجل مصالح ضيقة وأطماع ذاتية . لذلك علينا جميعا تفويت الفرصة على اللاهثين وراء المناصب في مظاهرة السبت المشؤومة ." جواد البزوني . ارجو النشر
ولتذكير السيد جواد البزوني اذ كان هو فعلا مرسل هذه الرسالة . ان حزب الدعوة ونتيجة الانشقاقات الكثيرة تحول الى عدة مجموعات , ومجموعة الجعفري قبل ان ينقلب عليه المالكي ويكون بديله في رئاسة الحزب كانت مجموعة صغيرة , لا تقاس بالمجلس الاعلى من الناحية العددية او الدعوية نتيجة الاسناد والرعاية التي يحصل عليها من ايران , وكذلك التيار الصدري الذي اصبح حركة جماهيرية كبيرة . والسؤال البسيط : كيف تمكن حزب الدعوة المالكي ودولته القانون ان يفوز بأكبر الاصوات في الانتخابات الاخيرة ؟ لولا الاستغلال البشع للسلطة والمال العام والإعلام والهيئات المستقلة بما فيها القضاء والبنك المركزي . من الذي "يتصيد في الماء العكر ويحاول ان يفسد الامور من اجل مصالح ضيقة وأطماع ذاتيه ؟ الذين استأثروا بالسلطة والجاه والمال العام وتركوا العراق يترنح تحت سياط الطائفية واللصوصية والفساد ؟ ام الذين شاركوا بإزاحة من اشاع الفساد والتردي ؟ ومن هم اللاهثين وراء المناصب ؟ واخذوا يتآمرون على ابن حزبهم وقائمتهم حيدر العبادي بعد ازاحة المالكي , على امل عودة المالكي مرة اخرى ؟ ولا تهمهم مصلحة العراق ولا تسليم ثلث العراق الى داعش ؟
الشيعة العراقيون يتشرفون بمحافظ ميسان الذي رشحوه في الانتخابات الاخيرة ليكون رئيسا للوزراء بدل المالكي نتيجة نجاحه في ادارة المحافظة ونتيجة نزاهته وأخلاقه العالية , ليس لكون المحافظ من التيار الصدري , بل لكونه وجه بيّض سمعة الشيعة العراقيين والعراقيين عموما . ومثله الكثير بين ابناء الاحزاب الشيعية الاخرى وبينها ابناء احزاب الدعوة , ولكن لم يفسح لهم المجال لإثبات كفاءتهم ونزاهتهم بعد ان سيطرت المجاميع الاخرى على اغلب الاحزاب الشيعية .
مقالات اخرى للكاتب