الفرق الواضح ما بين التأخر والتقدم , هو القدرة على حل المشاكل.
ففي المجتمعات المتأخرة هناك ميل للإستنقاع في المشاكلوتطويرها , وتحويلها إلى مآسي وويلات ومتواليات قاسية متوارثة, ومتنامية المضاعفات والنتائج الدامية الحامية.
وفي المجتمعات المتقدمة , يتم حشد الطاقات الفكرية والثقافيةوالعلمية والنفسية , للوصول إلى الحل الأمثل لأية مشكلة تواجه مسيرة التقدم , لأن المشكلة عثرة وإعاقة , لا يسمحون بإقامتها أو عدم حلها , وبأسرع ما يمكن , وبأقل الخسائر.
فالمجتمعات المتقدمة لا تنام على وسادة المشاكل وفراش التداعيات, ولا تُراكمها ولا تستولدها مشاكل ومعضلات , وإنما تسعى جادة إلى الحل المناسب والشافي والمانع لتكرارها.
فتراهم يقفون إزاء أية مشكلة أو عائقة أو خطأ , ويحللون الأسبابوالدوافع والنوازع والمعطيات والآليات , ويبحثون في وضع الضوابط والقرارات اللازمة لمنع تكرار الحالة , ودراسة الخيارات التي تتفق والحل الأرجح والأصوب.
وهذا ما يجري على جميع المستويات , ومن أصغر مشكلة إلى أكبرها , من مشكلة البيت والمدرسة إلى مشاكل الدولة وسياسات الحكم.
وفي المجتمعات المتأخرة , ربما هناك عوق عقلي ونفسي يمنعها من إمتلاك قدرات حل المشكلة , وتعبيد الطريق لمسيرة منسابة متناسقة , وذات قيمة وطنية وحضارية.
فهي تعجز عن حل أبسط المشاكل , وذلك بتعقيدها ومضاعفتها وإستيلادها مشاكل متواترة , تنتهي إلى السقوط في مستنقعات المآسي والخسران , ومن السهل عليها تحويل أصغر المشكلات إلى معضلات ومعوقات.
فلا يمكنها أن تجد حلا لمشكلة النقل والسكن والمجاري والكهرباء, والري والزراعة والصناعة ونقصان المواد الغذائية , وغيرها من متطلبات الحياة وحاجاتها الأساسية.
وتبدو مشلولة مسلوبة العقل والإرادة , إزاء أية مشكلة مهما قل شأنها , فلا تعرف غيرالإنفعال والغضب والنكران والإسقاط ,والإيهام والإتهام والأوصاف والتسميات , التي تؤكد العجز وتبين كيف يتم توظيف المشكلة لأغراض سلبية.
وهذه المجتمعات لا يمكنها أن تمارس الحياة المعاصرة , ولا تستطيع تحقيق الأمن والسلامة الوطنية , وتعجز عن الحفاظ على كيانها الإجتماعي والوطني , لأنها إستنقعت في دوامة المشاكل المتراكمة , ففقدت رؤيتها وحريتها وقدرتها على الحياة.
ولهذا تتفاعل بإهتياج وإضطراب وإنحدار إلى حيث الضعف والإتلاف , والتداعي في ملاعب الطامعين والهادفين إلى إمتلاكها ومصادرة وجودها ودورها.
وتبدو وكأنها حاضنات لتفقيس بيضة المشكلة مشاكل لا تعد ولاتحصى!
وبين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة , يقف المتأمل متحيرا ومتسائلا , عن الأسباب التي جعلت المجتمعات المتأخرة تستلطف تأخرها ,وتمعن في تثمير المعوقات والمشكلات , وتعجز عن التفكير والإستثمار في الحلول النافعة المربحة.
فهل مَن يتساءل ويعمل من أجل الخير والمحبة والسلام؟!
مقالات اخرى للكاتب