في هذا الكون الذي خلقه الله ليس هناك شئ اسمه الصدفة فكل شئ يسير وفق نظام محدود وكل شئ يحدث تكون له حكمة مقررة . ان المطلع على الاحداث ومجريات الامور وبواطنها يعرف انه لا يوجد شيء اسمه صدفة في عالم المال والسياسة الا ما ندر فكل شيء يسير وفق اجندات وخطط معدة مسبقا ( وقد يتهمنا البعض هنا بالرضوخ لنظرية المؤامرة ) ولكنه الواقع المر.
كان اهلنا في السابق يقولون ان كل ما يجري في العراق من ويلات ومشاكل هو بسبب ابو ناجي ولو حصل وتشاجرت سمكتان في البحر فهذا بسبب ابو ناجي ايضا ( ابو ناجي كناية عن الاحتلال البريطاني ) وبمرور الايام اتضحت صحة هذا القول ( ولكن من المعيب حقا ان القدماء عرفوا هذه الحقيقة رغم عدم وجود وسائل الاتصال والاعلام الحديثة في ذلك الزمن , والمعاصرين جهلوا هذه الحقيقة وراحوا يتهمون من يقول بها بخضوعه وتعلقه بنظرية المؤامرة ).
فالتحالف البريطاني الامريكي بقيادة اللوبي الصهيوني يخطط ويقود اي حدث في عالم المال والسياسة في هذا العالم , بل لا يمكن ان يحصل دون موافقتهم (وهذا لا يدخل في باب الشرك بالله لأن الله سبحانه وتعالى امهل الشيطان الى يوم القيامة وهؤلاء يعتبرون جنود الشيطان وسيبقون على هذا المنهج مادامت المعركة مستمرة بين الخير والشر ).
قبل الاحتلال عام 2003 كانت بريطانيا وامريكا وبمساعدة اذرعتها في العراق وايران والسعودية والكويت وباقي الدول يرسمون ويخططون لما يجري في العراق , وادخلوا العراق في حرب مع ايران دامت ثماني سنين بسبب عمالة ورعونة كل من صدام اللعين والخميني كان الخاسر الوحيد فيها هي الشعوب المستضعفة. وبعد الاحتلال تحكموا في كل شيء , في كل صغيرة وكبيرة ولا يكاد يخطو المسؤول العراقي خطوة واحدة او يتخذ اي قرار الا بموافقة ومباركة المحتل , فلا يقتل شخص الا بهدف ولا يعين شخص الا بهدف ولا يتخذ قرار الا بهدف ,,, الخ. ومن اهم ما خططوا له هو تولي حزب الدعوة مقاليد السلطة في العراق بعدما اخذوا منهم المواعيد والمواثيق ورسموا لهم كيفية تدمير هذا البلد وتخريبه وكيفية قيامهم بعمليات سرقة واستنزاف مقدراته المالية والاقتصادية , فبعد هذه المقدمة سنتناول اهم ملفات الفساد الكبيرة وعلاقتها المباشرة برئيس حكومة الدعوة في العراق وماهو سر هذه العلاقة.
اولا: صفقة شراء الطائرات الكندية ..390 مليون دولار.. وهي صفقة ابرمت في ايار 2008 لشراء عشرة طائرات كندية الصنع من شركة بومبارديه وبسعر 39 مليون دولار للطائرة الواحدة.. تم استلام الدفعة الاولى من هذه الطائرات والبالغ عددها 6 طائرات , تعطلت محركات هذه الطائرات بعد سبعة اشهر من استلامها ولازالت معطلة .. المشاكل في هذه الصفقة هي ( صغر حجمها واستيعابها ..75 راكب فقط , سعرها المرتفع حيث تشير التقارير الصادرة من الشركة الكندية في عامي 2008 و2009 ان سعر الطائرة الواحدة هو 25 مليون دولار فقط, عدم ملائمتها للاجواء العراقية الحارة, عدم خبرة الطواقم العراقية بالطائرات الكندية حيث كانت معتادة على طائرات البوينغ , عدم توفر قطع الغيار لهذه الطائرات في دول العالم عدى تركيا والامارات بخلاف طائرات البوينغ التي تتوفر قطع غيارها في غالبية الدول, لا توجد فترة ضمان في العقد المبرم , عدم استطاعتها للطيران اكثر من 4 ساعات فقط ) والمتورطون في هذه الصفقة المشبوهة هم اللجنة المكلفة بالشراء والسماسرة , رئيس اللجنة شيروان الوائلي القيادي في حزب الدعوة ووزير النقل السابق وكالة والبعثي السابق وعضو ائتلاف دولة القانون الحالي , علي العلاق القيادي في حزب الدعوة و امين عام مجلس الوزراء , احمد السعداوي مستشار رئيس الوزراء لشؤون الطيران المدني والقيادي في حزب الدعوة , وسام احمد السعداوي يعمل في نفس الشركة الكندية , ونوفل الحسن الملحق التجاري في السفارة العراقية في كندا , والثلاثة الاخيرين منحوا الجنسية الكندية كمكافأة لهم في ابرام الصفقة .. وجميع هؤلاء صدرت بحقهم اوامر القاء قبض واستقدام من قبل هيئة النزاهة الا ان المالكي رفض تنفيذ هذه الاوامر وتستر على هؤلاء السراق وتم تسهيل هروب السعداوي وابنه والحسن الى كندا , وبقي شيروان كعضو في مجلس النواب والمضحك انه في لجنة النزاهة .
ثانيا: صفقة المدرعات والطائرات الاوكرانية.. 550 مليون دولار.. وهي صفقة ابرمت في عام 2009 لشراء مدرعات نوع بي.تي.ار 4 عدد 400 و عشرة طائرات نقل عسكرية نوع اي ان 32 , وكان المفروض ان يستلمها العراق في 4\نيسان\2011 الا انها لم تستلم لحد الان , وهذه الصفقة ابرمت بتوقيع المالكي ايضا و وزير الدفاع السابق عبد القادر العبيدي .. ويؤكد عدد من النواب ان السيد المالكي يرفض فتح التحقيق في هذه الملفات وذلك لتورطه وشخصيات مقربة منه بهذه الصفقات من امثال العبيدي وفاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة وعلي الدباغ وعزت الشابندر واخرين من مكتب القائد العام.
ثالثا: اجهزة كشف المتفجرات ... وهذه عبارة عن اضحوكة ومهزلة كبيرة .. حيث تم شراء هذه الاجهزة بمبلغ 250 مليون دولار من شركة بريطانية , واللجنة التي اشترتها برئاسة مكتب القائد العام للقوات المسلحة وعضوية جواد البولاني وزير الداخلية السابق وجهاد الجابري مدير قسم المتفجرات في وزارة الداخلية واخرين .. اعترفت حكومة بريطانيا العظمى بأن هذه الاجهزة عبارة عن اكذوبة وان الشركة المصنعة اعترفت بذلك وتم اغلاق هذه الشركة وسجن صاحبها وتم تغريمه مبالغ مالية كبيرة لصالح الحكومة البريطانية !! .. الا ان الحكومة العراقية رفضت هذا الاجراء واصرت على ان هذه الاجهزة فعالة ( رغم معرفتها ومعرفتنا بفشل هذه الاجهزة وهو ما يثبته الواقع الامني والتفجيرات التي يشهدها البلد ولم نسمع او نرى يوما انها استطاعت كشف ولو طلقة مسدس واحدة .. ولكنها كفوءة بكشف حشوة الاسنان ..) وبعد انكشاف فساد هذه الصفقة وانتشار رائحتها امر المالكي بضرورة التستر على هذا الامر وتقديم كبش فداء من خارج حزب الدعوة وهو ما حصل حيث تم اعتقال ومحاكمة وسجن جهاد الجابري وهو عضو بسيط في اللجنة .
رابعا: صفقات شركات الكهرباء الكورية والالمانية والكندية.. وهي عقود تم توقيعها من قبل المالكي وحسين الشهرستاني ورعد شلاش وزير الكهرباء السابق خلال زيارته الى كوريا الجنوبية مع شركة اس.تي.اكس وبقيمة تجاوزت 3 مليار دولار , واثير حولها هالة اعلامية كبيرة وطبلوا وزمروا لها كونها ستحل ازمة الكهرباء في العراق , ولكن حقيقة الامر تبينت بعد ايام قليلة حيث تبين ان الشركة غير متخصصة بهذا المجال وهي غير قادرة على اكمال هذه الصفقة خصوصا وانها قد اجبرت على اعطاء كومشنات لبعض المقربين من المالكي لغرض اقناعه هو والشهرستاني بالتوقيع على هذه العقود , وافادت احد المصادر ان مبلغ الكومشن وصل الى 300 مليون دولار .. ولكي يتفادى المالكي والشهرستاني هذه الفضيحة تم الاتفاق مع رعد شلاش لتقديم استقالته وتحمله للمسؤولية مقابل تسهيل عملية هروبه خارج العراق وتحويل مبلغ 50 مليون دولار له تم تحويلها بواسطة علي الدباغ وعزت الشابندر. وبعد ايام قليلة ظهرت فضيحة الشركات الالمانية والكندية وهي شركات تم اقتراحها من قبل الشهرستاني شخصيا , وتبلغ قيمة العقد الموقع معها اكثر من مليار دولار , ووقع العقد من قبل الشهرستاني وهو ما اكدته الوثائق التي عرضها بعض اعضاء مجلس النواب لقنوات الاعلام , الا ان العقد قد الغي فيما بعد لأن هذه الشركات كانت شركات وهمية تم تأسيسها من قبل بعض قياديي حزب الدعوة الموجودين خارج العراق وبالتنسيق مع كل من عبد الهادي الحسان وحيدر العبادي وعلي الدباغ وعزت الشابندر وعبد الحليم الزهيري.
خامسا: صفقة الاسلحة الروسية .. بقيمة 4,2 مليار دولار .. وهذه اخر صفقة فساد وليست الاخيرة , ابرمت الصفقة و وقع عقدها في زيارة رئيس الوزراء الى روسيا رغم ابلاغه من قبل المسؤولين الروس ان مقربين من المالكي ( وهم الذين نسقوا الامر مع المسؤولين الروس) قد اتفقوا معهم على مبلغ الكومشن البالغ 195 مليون دولار ستضاف على قيمة العقد والسيد المالكي وافق على ذلك وابرم الصفقة,, وهؤلاء السماسرة هم كل من عزت الشابندر وعلي الدباغ وسعدون الدليمي وحسن السنيد ,, وكلهم معروفون بعلاقتهم وقربهم من المالكي,, ولكن بعد افتضاح الامر ومعرفة الحكومة الروسية بذلك امرت باقالة وزير الدفاع الروسي ورئيس الاركان واخرين في وزارة الدفاع الروسية , اضطر المالكي الى ايقاف الصفقة وارسال وفد جديد لغرض التفاوض من جديد بشأن هذه الاسلحة ويبدوا هذه المرة سيتم تقليل مبلغ الكومشن لا اكثر ,, ومع ذلك كله يخرج علينا وزير الدفاع العراقي بالوكالة سعدون الدليمي ويدافع عن هذه الفضيحة ويتمسك بها ويستعد لتحملها شخصيا لانه لا يريد التفريط بحصته من الكومشن.
فبعد كل قضايا الفساد هذه التي تحيط بالمالكي والمقربين منه من حزب الدعوة: هل لا زال العراقي يحسن الظن به ؟ وهل لا زال يتأمل خيرا من حكومة الدعوة هذه ؟ فهل يا ترى ان قضايا الفساد الكبيرة هذه جاءت مصادفة وارتبطت بالمالكي وزبانيته عن طريق الصدفة ؟؟ ام هي من ضمن المخططات لاستنزاف خيرات هذا البلد وسرقة ما يستطاع حمله قبل ان ترميه الجماهير المستضعفة الى مزابل التاريخ في الانتخابات القادمة ؟؟
هذه دعوة لمن تبقى يعمل بشرف داخل مجلس النواب العراقي , ودعوة للمنظمات المدنية القانونية , وللنقابات والتجمعات المهنية والعمالية , ودعوى لنقابة المحامين العراقيين , ودعوى لمن تبقى يعمل بشرف في مجلس القضاء الاعلى والادعاء العام.. الى تحمل مسؤوليتهم القانونية والشرعية والاخلاقية والاجتماعية وايقاف هذا الفساد واحالة المقصرين الى القضاء العادل ( ان بقي هناك قضاء عادل ونزيه ولم يتم شراءه وتسيسه) كي تبنى الدولة المدنية بكل ما تعنيه هذه الكلمة .. ولكي ينعم هذا الشعب ويعيش ما تبقى من حياته كريما حاله كحال الشعوب الاخرى.