اغلب الذين عرفتهم ممن تزوج بأكثر من واحدة ، رايتهم غير سعداء نوعا ما ، وفي أحسن الأحوال إن مسيرة حياتهم اعتيادية لاتختلف كثيرا يوم كان احدهم يعيش مع زوجة واحدة فقط ، باستثناء زميلي ( أبا انمار ) فانه في غاية السعادة وأتـم الرضا عن حياته الزوجية والمعيشية التي يقسمها بين زوجتين اثنتين ، والسبب في ذلك كما أكـد ولبقية الزملاء انه عندما كان متزوجا بواحدة يعيش تعيسا مهموما مشغول البال ، وحينما تزوج بالثانية قبل أكثر من عشر سنوات ، شعر إن تفاصيل حياته قـد تبدلت نحو الأفضل وأصبح وجدوه ذو معنى وموضع اهتمام شديد و رعاية بالغة من قبل زوجتين وليس زوجة واحدة فقط ، حيث اشـتداد حمى التنافس في تحقيق رغباته وما يطمح إليه من المأكل اللذيذ والمكان النظيف الذي يأوي إليه بما في ذلك الألفاظ الحسنة التي صارت تطرق مسامعه من كلا الزوجتين . . الخ ، فهو يعيش بدلال معززا مكرما ، خصوصا وانه مستور الحال .شاركته الرأي زميلتنا لنا بقولها : أنا مستعدة للبحث عن زوجة ثانية لزوجي ، وذلك لكي تخفف العبء عني وتشترك الزوجة الأخرى في العناية به ، خصوصا وان متطلباته الزوجية لاتقف عند حـد معين ، وأنا موظفة وقتي ضيق ، واجـد صعوبة في التوفيق بين واجبات البيت والعمل كما ينبغي .هـذه ليست دعـوة للتشجيع على تعدد الزوجات ، رغم إن ذلك ليس عيبا أو حرام ، ولكني أريد من وراء ذلك أن انقل صورة واقعية أراها جديرة بالذكر ، فالحياة تشابكت مفاصلها وتعقدت جوانبها ، فلم تعـد تتسم بالبساطة واليسر ، فنحن اليوم فقدنا الكثير من عناصر ومقومات البيئة الاجتماعية المشتركة التي كانت سائدة فيما مضى ، وأصبح تعامل الناس فيما بينهم يشوبه المزيد من الحذر ويسوده التحفظ إلا نادرا ، فالجيران في بعض الأحيان لايعرفون جارهم الذي يسكن إلى جانبهم لاسيما إذا كان هذا الجار حديث العهد في الحي والزقاق ، فـقـد روى لي احدهم انه انتقل للسكن في حي جديد ، وأراد أن ينقل بطاقة السكن ، فـذهب إلى ( مكتب المعلومات ) لهذا الغرض وفقا للنظام المعمول به ، فاحتاج إلى كتاب ( تأييد سكن ) من المجلس البلدي ، فـوجد صعوبة في الحصول على شهود من ذات الزقاق حصريا لإدراجهم ضمن استمارة الحصول على كتاب التأييد المطلوب منه من قبل ( مكتب المعلومات ) ، وصار يطرق أبواب الجيران الواحد تلو الآخر لعدة أيام حتى وجـد ضالته بالكاد ، جراء انعدام الثقة ليس فقط بين أبناء المجتمع الواحد ، بل بين سكان الحي الواحد .
مقالات اخرى للكاتب