حين ياتي المساء يتحول العراق كله الى ملجأ كبير يزوره ضيف ثقيل ومعه خمسة ابناء.اما الضيف فهو الخوف.واما الابناء فهم:المرض والجوع والبرد والموت والقتل.منطقة واحدة تستثنى من العذاب هي المنطقة الخضراء.اما باقي العراق فينام خائفا مرعوبا.يريد كل الساكنين في الملجأ الكبير ان ينسوا الضيف وابناءه الخمسة لكنهم لا بقدرون.ويقومون بتمثيل دور الانسان الذي يملك حريته كاملة دون اية ضغوطات لكن هذا التمثيل لا يمحو لون الحياة السطحية التي يعيشها الكثيرون.فالفرد في العراق او في الملجأ الكبير لا يعرف ما معنى الفرق بين البيت وبين الوطن.هناك قناعة لغوية ثابتة ترسخت عند الناس وافقدتهم القدرة على التواصل مع الاخرين,وجعلتهم لا يفهمون انفسهم.ان سؤالا عابرا لاي مواطن مثل:ماذا تقول عن مشكلة الفساد..؟او ماذا تقول عن ماساة النازحين ستكون الاجابة عامة…
نعم الحياة في الملجأ بائسة جدا,والناس متخوفون في صورة متواصلة.ولذلك انتشر بين العراقيين قول شائع متداول فيه تسليم قدري كريه فحواه ان اليوم افضل من الغد.وان الغد افضل من اليوم الذي ياتي بعده.لاحظوا الرتابة التي صنعتها السياسة واقنعت الناس بها.الغد سيء لكن اليوم افضل منه.والمشكلة ان القلة تعمل ضد سوء الغد المرتقب.اعني ان السفر احد الحلول لقتل هذه الفكرة المتشائمة..اما الحل الاخر فهو التامل والقراءة ومواجهة الخوف اليومي الرهيب.
الذين يعيشون في الخارج اي خارج الملجأ الكبير لا يفهمون ما اقوله الان.انا اتحدث عن رعب خفي لكنا نحس به.وفي مثل هذا الجو يمتليء دم الانسان بسم التشاؤم الواضح.وتصبح كل الافعال متشابهة لانها لا تثير احساس احد.فكومة الازبال او تمثال الرصافي يثيران نفس رد الفعل تقريبا.
مقالات اخرى للكاتب