ماذا تفعل عند تتعرض لضرب مبرح من اشخاص آخرين ؟ الجواب المنطقي انك ستتقدم بشكوى ضدهم ، على اعتبار ان القانون سيأخذ بحقك منهم ، لكن ما يجري في
بعض المحاكم العراقية لا كلها بالطبع ، هو عكس ذلك تماما ، إذ ما ان تقبض الشرطة على المدعى عليه ، حتى يبادر وأحيانا بنصيحه من الشرطة او ضابط المركز او قاضي التحقيق بتقديم شكوى مقابلة ، فيلقى القبض على المدعي الذي تقدم بالدعوى ، عندها سيذعن المدعي ، ويضطر إلى التنازل عن الدعوى التي اقامها ضد المدعى عليه والقبول بالحلول العشائرية .
ان تنازل المدعي عن حقه القانوني ، وإضطراره للقبول بالحلول العشائرية المبنية على مبدأ التغالب ، هو سلب لحق المدعي ، ووإضعاف لسلطة القانون لصالح سلطة السنن والأعراف العشائرية ، فضلا عما يمثله من تضليل للعدالة.
لذا يجب منع مثل هذه الدعاوى غير المنطقية ، وإنتظار نتيجة الدعوى المقدمة من احد الأطراف ، فأن ثبت انها كيدية ، يتحمل المدعي وزر دعوته ، وان لم تكن كان للقانون كلمته ، أما الدعاوى المقابلة ، فهي في الغالب دعاوى كيدية ، لأن هدفها أبطال الدعوى الأولى ، بدليل انها جاءت متأخرة ، وبعد تقديم الدعوى الأولى .
أن قبول بعض المحاكم بالدعاوى المقابلة ، قد ينظر له انه محاولة لإخراج الدعوى من ساحة القضاء وتحويلها إلى ساحة أخرى هي ساحة العشائرية ، أما تخلصا من إحراجات الدعوى أو تقليصا لعدد ما يصل إلى القضاء منها ، ما قد يعد تخليا عن تحمل المسؤولية الملقاة على عاتق القضاء .
انني ادعوا السلطة القضائية الموقرة إلى مواجهة هذه الظاهرة السلبية ، سواء من خلال منع إقامة الدعاوى المقابلة لحين النظر بالدعوى الأولى ، أو من خلال تثبيت زمن الدعوتين الاولى والمقابلة لها ، لكي يتبين للقضاء مدى توافقهما مع مباديء الحق والعدالة .
مقالات اخرى للكاتب