أجتمع مجلس السيادة برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز 1958 .ومن بعض قراراته تعيين العالم المندائي الفلكي ( الفيزياوي ) عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد . والمولود في قضاء قلعة صالح محافظة العمارة 1911.
ويقال أن الفريق الركن نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة بعد تموز يوليو 1958، اعترض على ترشيح الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد كونه ينتمي إلى الصبة المندائيين، فردّ عليه احمد محمد يحيى وزير الداخلية قائلا: نريد إماما للجامعة، لا إماما لجامع يتقدم المصلين :
عبد الجبار عبد الله الذي طوال خدمته الوظيفية كأستاذ جامعي ورئيس جامعة كان جيب جاكيت بدلته ( السراووين ) يتزين بقلم باركر ذهبي أهداه له معلمه ومدرسة في الجامعة العالم الفيزياوي الشهير ( البرت أينشتاين ) كعرفان منه لذكاء تلميذه المندائي ( العراقي ) عبد الجبار عبد الله الذي تتلمذ على يده في معهد مساتشوست للتكنولوجيا MIT. وهو اول عراقي يقلده الرئيس امريكي هاري ترومان ( مفتاح العلم ).
ولا أدري أين ذهب هذا القلم الاثري الثمين ووسام مفتاح العلم الذهبي، فربما سرقه من جيب العالم المندائي مفوض أمن يوم سيق الى السجن ، ولو كان عبد الجبار عبد الله عالما ياباني لكان تمثاله الآن في وسط طوكيو ولكان قلمه الذهبي ووسام العلم في ارقى المتاحف.
من 59 الى 63 أدار العالم المندائي الجامعة بمهنية وحرص وأخلاص متعلما من اسلافه المندائيين تلك الرؤى الروحية الغنوصية الجميلة التي تمنح الانسان طاقة مضافة لتخدم محيطها وبيئتها والمكان الذي تنتمي اليه.
وفي ايامه تم تأسيس وزارة لقتل الجوع ، وهي وزارة الزراعة ، وكان امينا عصاميا هادئ الطروحات ومتابع لكل ما تمناه في تطوير العملية التربوية في العراق.
نال العالم المندائي الطيب عبد الجبار ما لم يناله من الاهانة سوى العالم غاليلو على يد جهلة محاكم التفتيش عندما تعرض للاهانة والضرب بعد شباط 1963 وعلى يد واحد من طلبته القدامى.
أطلق سراحه واحيل على التقاعد وصبغه الحزن والاسى من نكران الجميل هذا ، فحمل تلميذ اينشتاين حقائبه وهاجر الى الولايات المتحدة ليخدم جامعات ومؤسسات العم سام لانها تعرفه قيمته وقدره .
لكن الأسى والحنين والحزن صنع غصته في عيون وجسد العالم المندائي فعجل في رحيله عن هذا العالم في 9 تموز 1969عن عمر يناهز الثامنة والخمسين .
أتى جثمانه الى بلده ليعمد بماء النهرين ورذاذ الحلم الطفولي القديم بأهوار قلعة صالح ويدفن في ارض بلاده كما تمنى هو أن يدفن ووفق الطقوس المندائية التي تجمع في بهجتها رغبة الوصول الى الفردوس الاعلى من خلال اجنحة ملاك النور والحب زيوا الذي يطهر الجسد بالماء والطين وآيات الكتاب المقدس الكنز ربا.
المندائي عبد الجبار عبد الله العالم الذي يعرف حركة الريح واتجاهاتها ونبؤات العواصف والاتربة نحتاج نبؤاته اليوم كثيرا لهذا البؤس اليومي في مشهد الحياة العراقية .
نحتاجه لنعرف كيف يفكر أؤلئك الساسة وهم يصنعون ( العجاج ) في سماء العراق ويملئون صدور ورئات الفقراء بعفن السُحت واللصوصية وفوضى ما يعملون ويفكرون .
نحتاج الى الرجل صاحب نبؤة المطر والمناخ لنتحوط من تلك العواصف التي تنغص علينا حياتنا .
أولئك الساسة الذين يشبهون فضاء من دون اوكسجين.
مقالات اخرى للكاتب