مؤتمر عمان الذي وصف بأنه للقوى العراقية المناوئة للعملية السياسية , تشير دلائل انعقاده بتوجيه امريكي للحكومة الاردنية , التي استضافته ولم تقدم اي تبرير للحكومة العراقية التي طالبتها بتوضيح سبب رعايتها له . رغم مساعدة العراق للأردن في النفط وهو بتوجيه امريكي ايضا كما يؤكد البعض , وبلعت الحكومة العراقية استهانة الاردن بعدم الرد دون اي رد فعل يحفظ لها ماء وجهها . المؤتمر خليط من عشائر الغربية وجماعة الضاري ومعهم كل الحثالات القومية والتكفيرية التي حملت السلاح بوجه العملية السياسية ومدعية محاربة الاحتلال الامريكي , والاهم الضباط البعثيون وآخرون تضرروا بحق او بغير حق من سياسات المالكي .
ومثلما هو معروف ان البعثيين هم ظهير الامريكان منذ عام 1963 عندما قادوا انقلاب 8 شبط الاسود بقطار امريكي كما اكدها سكرتيرهم في وقتها علي صالح السعدي . وإذ كانت ازاحة صدام قد شكلت نقطة تعارض مرحلية بين البعث والمصالح الامريكية , فان مؤتمر عمان الذي ساهم فيه البعث بنسبة كبيرة هو ليس لمعارضة العملية السياسية التي اشرفت على تكوينها ورعايتها اميركا , بل لتهيئة كل الطيف الذي ادعى معاداة اميركا للدخول في العملية السياسية , وفرض ( المصالحة ) الوطنية بعد ان فشل المالكي ومجموعته في ادارة العراق بما فيها المصالحة الوطنية , وفي عدم تأمين العلاقة ( الودية ) مع الامريكان , بل وحدث العكس بتأمين علاقة التبعية للنظام الايراني على حساب العلاقة مع العراب الامريكي .
ومثلما قادت اميركا تحركاتها ووحدت الجميع ضد صدام قبل ان تجتاح العراق , فان وجوه قادة النظام الطائفي اليوم لا تستحق ثمن الاجتياح لاستبدالها , بل بعض التحركات مع مكونات العملية السياسية ومع القوى المناوئة لها , واستحداث هيكلة ليست مغايرة , بل اضافة مواد جديدة لطبخة المحاصصة في ذات القدر الطائفي . وإذ كانت هذه الايام هي الاصعب في حياة المالكي وجماعته مثلما كانت ايام صدام الاخيرة , بعد ان استنفذت من الاثنين اسباب وجودهما في خدمة مصلحتها , دون ان يلتفتا الى وحدة مصلحة شعبهما الضمانة الحقيقية التي تخدمهما وتبعد عنهما هذا المصير الاسود . الامريكان لن يحاسبوا المالكي وجماعته على فقدان الامن , واللصوصية , والفساد ...الخ , فهذا لا يعنيهم , بالعكس يرحبون بإشاعته لإبقاء العراقيين لاحَول لهم ولا قوة . . الذي يعنيهم هو اللعب بالذيل والتنكر لهم , والاعتقاد بان قدرات الحاكم وذكائه و( شعبيته ) التي جاءت بالإرهاب في زمن صدام , والاحتيال في زمن المالكي , يمكن ان يناطح الامريكان بها , وينسى ان الامريكان من ابقوه في الحرب العراقية الايرانية وما بعدها , والمالكي من خلال النظام الذي اوجده الامريكان للعراق .
المشهد المسرحي لاختطاف رئيس مجلس محافظة بغداد العضاض ومعه حراسه , وهو من قائمة النجيفي السنية , وإطلاق سراحه بعد ساعتين من قبل عصائب الحق الشيعية , المنشور في وسائل الاعلام البارحة يوم 26 / 7 / 2014 , بعد ان اتصل المالكي ونائبه في وزارة الداخلية عدنان الاسدي بالشيخ قيس الخزعلي زعيم عصائب الحق . المالكي بإخراجه الفاشل لهذا المشهد اراد ان يقول بانه يعتمد على مليشيا فتاكة مثل عصائب الحق , جيش المختار , بدر , وهي البديل الذي يعتمده عن الجيش الذي انهار عند مواجهته لداش , والاهم هي نقل السلطة الامنية الى قيادات المليشيات . والا لماذا يتصل مباشرة بالخزعلي ولم يتصل بالاستخبارات او الجيش والشرطة وهو القائد العام للقوات المسلحة ؟ والسؤال : كيف عرفت عصائب الحق بمكان اختطافه بهذه السرعة وحررته ؟ ما لم تكن على اقل تقدير بمعرفة مع مختطفيه . اسميه مشهد مسرحي او مقطع عرضي للإرباك وعدم المقدرة في مسايرة الاحداث بشكل غير معقول للمالكي والمجموعة التي تحيط به , اما المسرحية الحقيقية فهي الخوف والرعب الذي يمتلك هذه المجموعة لإزاحتها بعد ايام .
يتخوف البعض من استمرار تشبث المالكي بالسلطة , والاحتيال على التحالف الوطني بمساعدة المحكمة الاتحادية التي سيطر على قراراتها . اولا المالكي يزاح ان لم يكن بالمروّة فبالقوة لان الجميع ضده , وثانيا كلما كانت ازاحته اصعب ستكون اكثر تنبيها لباقي القيادات السياسية في الالتفات لتعديل الفقرات الدستورية المتناقضة التي اهملت , وإجراءات العملية السياسية التحاصصية , لصالح عدم الوقوع في هذه المطبات القاتلة التي وصلنا اليها , وعسى ان يكون الدرك الذي وصلنا اليه منبها لتحفيز رغبات العراقيين في تحسين اوضاعهم الآدمية , ومعرفة وحدة مصالحهم الوطنية المشتركة .
مقالات اخرى للكاتب