تزداد الجولات الاستعراضية للمسؤولين طرديا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المرتقب اجرائها يوم 30/4/2014، في محاولة لكسب الاصوات الانتخابية برخص، عبر المراهنة على تغييب وعي المواطنين، اذ اتسعت ظاهرة نشر صور المسؤولين من وزراء ونواب ومحافظين ومدراء البلديات واعضاء مجالس المحافظات، وغزت صورهم صفحات التواصل الاجتماعي، ووصلت ذروتها في الفترة التي فاضت بها بغداد ومحافظات اخرى، حيث استعرض المسؤولون جولاتهم من خلال صورة التقطت لهم من قبل مرافقيهم بافتعال مبتذل، وبتصنع بائس في محاولة يائسة لإيهام بسطاء الناس بنشاطتهم، ووقوفهم مع المواطن وهو يعيش ازمة غرق احياء كاملة، وهذا ما حفز المدونيين العراقيين الى اطلاق حملة اعلامية سموها بـ"صورني وانا ما ادري" هدفها استهجان هذا التحرك الاستعراضي والسخرية من المفارقات المضحكة التي رافقته.
يحاول المتنفذون عبر هذه الطريقة الرخصية الى اعادة تسويق نفسهم للمواطنين مرة اخرى، الى جانب طرقهم الاخرى التي شهدناها في الانتخابات السابقة، كافتتاح مشاريع قبيل ألانتخابات، وفتح باب التعيينات واطلاق الوعود الكثيرة، واستغلال امكانيات الدولة ووسائلها في الداعية الانتخابية، والمبالغة في صرفيات الحملات الاعلامية، والعزف على الوتر الطائفي، واستغلال اسم المرجعيات الدينية، وكل ما يسهم في اعادة انتخابهم مرة اخرى.
بطبيعة الحال لا يحتاج المسؤول صاحب المنجز الملموس الواثق من عطائه، المساهم بشكل جاد في بناء مؤسسات الدولة، الذي حقق الامن، ووفر الخدمات، وامن العيش الرغيد والكريم للمواطنين، هذا المسؤول المنتج والمكافح لا يحتاج الى كل هذه الوسائل غير الشرعية، فان منجزاته هي التي تتحدث نيابة عنه، هكذا مسؤول نزيه يعمل بجهادية ونكران ذات، لا يسلك طريق الانتهاكات الفاضحة لقواعد التنافس الانتخابي، قبل انطلاق الحملات الانتخابية، لكن السؤال اين هو المسؤول من هذا الطراز؟ فالحقيقة تقول ان من يلجئ الى هذه الممارسات غير المقبوله هو من فشل في تنفيذ وعوده وتلكأ في تنفيذ برنامجه.
من جهة اخرى، ان الناخب اليوم هو ليس كما الناخب قبل اربعة سنوات، بالتأكيد هناك تغيير نسبيا قد طرأ، صحيح ان التغيير في وعي الناخب لم يصل الى درجات نتمناها، لكن مع ذلك يمكن تلمس التغيير عبر تفاصيل كثيرة، منها هذه الحملة "صورني وانا ما ادري" الى جانب الحملات الاخرى، والانشطة التي قامت بها الحركة الاجتماعية على اكثر من صعيد، اذ انتقدت الاداء الحكومي، وعبرت عن سخط المواطنين وجزعهم من تدهور الوضع الامني، وتدني الخدمات وتفاقم الوضع المعيشي، والتظاهر والاحتجاج والاعتصامات هي خير دليل.
نتمنى ان لا لم تنطل هذه الحركات على الناس كما في السابق،. ولابد من التذكير بان الاداري الجيد هو الذي يحل المشكلة قبل وقوعها، فهو الذي يخطط ويعمل وينفذ بدقة ويحتسب لكل الاحتمالات، وهذا الذي لم نرى انجازا له سوى الاستعراض كـ "صورني وانا ما ادري"!
مقالات اخرى للكاتب