مبدأ التعويضات في القانون الدولي:-
اقر القانون الدولي مبدأ التعويضات كالتزام ناتج عن ارتكاب دولة ما عملا غير مشروع ازاء دولة اخرى من اجل اصلاح كامل الضرر الذي سببه العمل الغير مشروع . ورغم اختلاف فقهاء القانون الدولي بشان المدى الذي يذهب اليه تعبير (أصلاح كامل الضرر ) وهل تكون التعويضات ذات طبيعة عقابية ام لا ,وهل تقتصر التعويضات على الضرر المادي المباشر ام تتعداه الى الاضرار المعنوية ,وتقديم ضمانات بعدم تكرار العمل غير المشروع ,الا ان الحد الادنى اتفقت عليه جميع الاراء والممارسات هو ان يصلح التعويض بطريقة كافية الاضرار التي لحقت بالدولة التي كانت ضحية للعمل غير المشروع .
وتكسب حالة التعويضات المفروضة على العراق بموجب قرار مجلس الامن الصادرة بعد غزو العراق للكويت اهمية خاصة بهذا الشان كونها تمثل حالة يمكن الاستدلال بها لاسباب عديدة من بينها : انها ناتجة عن حالة استخدام غير مشروع للقوة والاحتلال لدولة مستقلة عضو في الامم المتحدة .
ولانها تمثل سابقة في عمل مجلس الامن فللمرة الاولى في تاريخ المجلس لا يقر المجلس مبدا الالتزام بدفع التعويضات وحسمها وانشاء صندوق للتعويضات يمول من صادرات العراق من النفط والمنتجات النفطية وحرم العراق من حقه في التفاوض ,واللجوء الى التسوية الرضائية مع الاطراف ذات العلاقة لحسم المطلبات , بالاضافة الا انها طبقت على العراق الدولة التي تعرضت بعد ثلاثة عشر عاما من غزوها للكويت الى غزو واحتلال مشابه خرقا للشرعية الدولية .
وان نظام التعويضات المفروض على العراق لا يزال نافذا وحسب المعطيات القائمة يحتاج العراق الى عقود عديدة قادمة ان لم نقل قروناَ لسداد هذه التعويضات اذ لم يتفق العراق والكويت على حل مبني على قواعد القانون الدولي ومبادئ العدل و الإنصاف وبما يزيل الشعور بالغبن لدى العراق لذلك فان الحديث عن التعويضات الامريكية للعراق لا تتضمن سنوات التي تلت عام 2003 فقط بل لا بد من الحديث عن الاضرار التي سببتها القوات الامريكية للمدنيين العراقيين منذعام 1991 اي منذ حرب الخليج الاولى وكذلك اضرار حرب الخليج الثانية عام 1998 وتبعتها الحرب التدميرية في عاصفة الصحراء 2003 .
فلابد من الكلام عن الاضرار والخسائر البشرية والمادية والنفسية التي عاش فيها العراق بسب الحصار الشامل الذي استمر ثلاثة عشر عاما خاصة بعد ما تكتشف للجميع ان الولايات المتحدة هي التي دفعت مجلس الامن لفرض الحصار في مخالفة حركته لبنود كثيرة من ميثاق الامم المتحدة وان الولايات المتحدة هي التي اصرت على استمراره لثلاثة عشر عاما بذريعة خرق العراق لالتزاماته بشان اسلحة الدمار الشامل وتكشف للعالم اجمع ان هذه الذريعة ملفقة وان الحصار ادى بحياة مليون وسبعمائة الف من المدنيين العراقيين وتلك جريمة ابادها الجنس البشري برأي الكثير من الخبراء القانونيين .
وكذلك لابد من التعويض عن استخدام الولايات المتحدة لذخائر اليورانيوم المنضب بكثافة خلال حرب عام 1991 ضد العراق (اكثر من 800 طن حسب بعض التقديرات )ادى الى كارثة بيئية وصحية ستستمر اثارها لاجيال قادمة , ومن مظاهرها تلوث بيئة العراق بالمواد المشعة وارتفاع عدد كبير من الاصابات بالامراض السرطانية وخاصة في مدن جنوب العراق .
وعن التدمير الذي كان نتيجة فرض منطقتي حظر الطيران غير المشروعتين شمالي وجنوبي العراق , حيث ادت العمليات العسكرية الجوية المرافقة لغرض هاتين المنطقتين الى سقوط الاف المدنيين العراقيين قتلى هذا بالاضافة الى البنى الارتكازية الاقتصادية والاجتماعية والصحية .
كل هذه الحملات التي جرت في الاعوام 1993 (مرتان ) وعام 1996 و1998 و2001 , تركت اثار لا حصر لها من الاضرار على المدنيين العراقين خصوصا , اما التعويضات فتكاد تكون معدومة من قبل الجانب الامريكي سوى بعض الحالات الاستثنائية التي لم تفي بالغرض .
مقالات اخرى للكاتب