الغش هو نقيض النصح , وهو نوع من أنواع الخيانة ذلك لأنه أخفاء للواقع وإظهار لخلافه بحيث لا ينطبق عليه , ويتحقق الغش بإخفاء العيب او تزينه بحيث لا يتعرف عليه الطرف الأخر , وقال المناوي : " الغش ما يخلط من الرديء بالجيد " . وقال ابن حجر الهيثمي : " الغش المحرم ان يعلم ذو السلعة من نحو بائع او مشتري فيها شيئا لو اطلع عليه يريد أخذها ما اخذ بذلك المقابل .
وقال الكفوي : " الغش سواد القلب , وعيوب الوجه , ولذا يطلق الغش على الغل والحقد " يعد الغش من الظواهر السيكولوجية التي تنجم عن بعدها من مظلة الإيمان لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا ) .
وهو مصطلحنا في علم النفس وسمة ملاصقة من سمات الشخصية للفرد ( Personality trait ) ويطلق حال ممارسته state وهو يشير الى الفعل او السلوك behavior الذي يظهر قيمة الإنسان خلافا للحقيقة بمعنى ظهور الشيء بحال هي ليست حقيقته , وتتسم هذه الحالة بالكذب , وفي علم النفس هنالك حال من حالات الحيل الدفاعية اللاشعورية او العمليات العقلية اللاشعورية وتقوم بها الذات الوسطى في الإنسان بقصد حماية الإنسان من الشعور القاسي بالخسارة والقلق والانزعاج وهذه الحيل او العمليات العقلية اللاشعورية كثيرة ومتعددة منها الإسقاط والتدابير والتقمص والتوحد والإزاحة والعكسية والأبطال والانكسار والأحلام والعدوان والكبت والنكوص اي العودة الى الوراء الى نمو سبق للإنسان ان تخطاها , وحال الغش تنطبق على حيلة العكسية او التكوين العكسي حيث يظهر الإنسان خلاف او يبالغ في حسنات و صفات الشيء التي يريد إظهاره سواء كانت صفات شخص معين او بضاعة معينة فمثلاً الشخص الملحد يتظاهر بالتدين والرجل شديد البخل في داخله يتظاهر بالكرم والعطاء والسخاء الفائض والموظف المرتشي يتظاهر بالأمانة المطلقة وصاحب المعمل الغشاش او الذي يغش بضاعته ببضاعة ويتظاهر بان بضاعته من أحسن البضائع ويسقط عليك صفات بنسبة اقل بكثير مما تكون عليه في الحقيقة .
وللغش سلوكيات كثيرة خصوصا في هذه الأيام حتى منذ الأزل من غابت او ماتت ضمائرهم الأخلاقية الحية وعند راغبي الوصول الى الأهداف حتى وان كانت على حساب الآخرين او على حساب المصلحة العامة ومصلحة المواطن فترى الفرد الذي يمارس الغش ا وان يكون سلوكه او جزء من سلوكه نراه يظهر بضاعته او يبالغ بحسنات هذه البضاعة على خلاف ما هي عليه أصلا وهي حيلة دفاعية تحصل من حالة اللاشعور كالهروب من خسارة مؤكدة او لزيادة في الأموال طمعا وبهذا فهو يتجاوز على حقوق الآخرين الذين لديهم بضاعة أفضل من بضاعته او اي شيء أخر وهنا يتم هدر حقوق الصامتين الذين يتمسكون بالحق ولا تزلف ألسنتهم بقول الباطل او الغش .
يضيف علماء النفس أصحاب المدرسة السلوكية بان الأشخاص اللذين يسلكون سلوك الغش هم كالإخطبوط يلتف على الفرد ويسدل عليه ستارة سوداء حتى لا يرى عيوبه او البضاعة ويغفل عن حقيقته ومن ان يغرس في نفس الفرد يمارس سلوك الغش مشاعر الغرور او الشعور بالنجاح الزائف .
ويضيف الدكتور أبو بكر الجزائري من مرجعه الرائد منها ( منهاج المسلم ) جملة من الأخلاق الذميمة تشمل :-
1- الظلم : ويمثل الاعتداء على حقوق الآخرين وهو خلاف العدل .
2- الغش : ويمثل عرض الشيء بصورة مخالفة لحقيقته وبيعها خلافا لعرضها .
3- الحسد : تمني زوال النعم من الآخرين وتمنيها له دون غيره .
4- الرياء : القول في غير مكانه وتعظيم الشيء خلافا لحقيقته .
5- العجز : التكاسل عن القيام بالمطلوب او الواجب .
6- الفخر : الاعتلاء على مستوى الآخرين وعدم التواضع .
7- العجب : النظرة إلى النفس أكثر مما تستحق .
نرى مما تقدم بان الغش من الأخلاقيات الذميمة التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الظلم مما يترك اثر سيء جدا في نفس وسلوك الآخرين , وللظلم مظاهر كثيرة منها ظلم العبد لنفسه وذلك بتلويثها بأنواع الذنوب والمعاصي .
