انتم تعرفون النائب حاكم الزاملي، فهو، وعلاوة على كونه أحد أعضاء لجنة الأمن والدفاع النيابية، تلك اللجنة التي لا تحلّ ولا تربط في أمننا المنتهك ودفاعنا المرتبك، هو أحد الأعضاء البارزين في التيار الصدري. وبسبب الموقعين كثيراً ما يطلق تصريحات حادّة، كما هو الحال في تصريحاته التي نحن بصددها.
يقول السيد الزاملي: إن "التفجيرات الأخيرة لا تحمل بصمات تنظيم القاعدة الارهابي". ولقد قلنا مثل هذه الجملة عشرات المرات، وفي كل مرة كنّا نتهم بأننا ندعم هذا التنظيم، ولا أدري هل سيتّهم السيد الزاملي بالتهمة ذاتها؟ الواضح والجلي، والذي لا يحتاج لعبقرية أمنية، هو أن تنظيم القاعدة، الموجود على الأرض العراقية بالفعل، ليس وحده الناشط في تنفيذ العمليات الإرهابية. والإصرار على تكرار الكليشة ذاتها: "التحالف التكفيري الصدامي وتنظيم القاعدة" هو خطأ استراتيجي أفاد حزب البعث، المحظور رسمياً، كما أفاد تنظيم القاعدة، الذي كسب زخماً معنوياً كبيراً، باعتراف القيادة العراقية المتكرر على علوّ كعبه في الساحة!
والتصريح الثاني للسيد الزاملي، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مبنى مجلس النواب، طالب فيه بحجب تخصيصات الاجهزة الامنية من موازنة العام المقبل بسبب "فشلهم في توفير الامن للبلاد"، على حد قوله. وبالطبع فإنني أستطيع أن أتلمّس حرقة الرجل وهو يخوض في هذا الموضوع في ظلّ سقوط المئات من العراقيين بين يوم وآخر في عمليات إرهابية لا تجد معها قواتنا الأمنية غير الوقوف موقف المتفرج. ولكنني في الوقت نفسه، كنت أتمنى، من السيد عضو لجنة الأمن والدفاع، أن يطالب بإقالة القيادات المسؤولة عن الملف الأمني كلها، وأكرر: كلها. الذنب لا يتحمله الجندي الواقف في الشارع، بل القائد الذي أوقفه في ذاك الشارع كي يصبح هدفاً مزدوجاً: للتنظيمات الإرهابية، ولشماتة وسخرية المواطنين في الوقت ذاته، وهو الأمر الذي دفع بهذا الجندي لكي يتعامل بعدوانية ملحوظة مع الناس، فهو إن لم يعدهم كلهم مجرد إرهابيين، تعامل معهم بشكل طائفي أحياناً، وبشكل تحقيري في أحيان أخرى... بالطبع: إلا ما رحم ربي!
والتصريح الثالث للسيد الزاملي، في المؤتمر الصحافي ذاته، يقول فيه: "هناك مليارات تم تخصيصها خلال السنوات الماضية ولم نر أي أسلحة أو وسائل مراقبة حديثة بل بالعكس فان الأسلحة والأجهزة المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية احدث، وتعمل بشكل ممتاز في المناطق الصحراوية فضلاعن استخدام أسلحة متقدمة كالأحاديات والثنائيات أمام سلاح "بي كي سي" لايوازي قوة تلك الأسلحة".
وهذه الفقرة لا تحتاج إلى تحليل.
الغريب أن تصريحات أعضاء لجنة الأمن والدفاع النيابية، وباستثناء رئيسها السيد حسن السنيد، والمقرب بدوره من رئيس مجلس الوزراء، كثيراً ما شخصت وطالبت واستنكرت، مثلما جاء على لسان السيد الزاملي، ومع ذلك، فهي لم تستطع، لحد اللحظة، أن تستدعي، أو تستجوب، أو تسائل، مسؤولاً أمنياً داخل قاعة مجلس النواب... وبمعنى من المعاني، فإن السادة أعضاء لجنة الأمن والدفاع النيابية لا يختلفون بشيء عنّا، اللّهم إلا في مسالة أنهم يصرحون ضد القيادات الأمنية دون الخشية من ردّة فعلها، فالسادة النواب تحميهم فرق من الحمايات، فيما نحن لا تحمينا إلا دعوات الأمهات!
وعلى ايّ حال، أجدني قريباً من تصريحات السيد حاكم الزاملي، ولوعته، ولكنني أطالبه بالعمل على حلحلة الأمور الأمنية بالتنسيق مع رفاقه في لجنة الأمن والدفاع، وبالتالي الوقوف بقوة بأزاء هذا التجاهل والتعامي المستمر من قبل القيادات الأمنية لأسئلتنا عن استمرار التردي الأمني في العراق.