ذات يوم بعيد لم يبق منه سوى ملامح وجه هادئ وخجول مثل مرايا أعراس الريفيات .
أهدى اليَّ الراحل ( كريم عبد جابر ) قصة بوشكين المسماة أبنة الآمر ، قائلا : في مقدمة الكتاب ستجد مقطع من قصيدة ، هي انا ممزوجة بحلم رحيل مبكر.
ضحكت وقلت : إذا لم تمُس شظايا الحرب رؤوسنا فنحن بأمان يا كريم؟
أخذت الكتاب لأبحث عن المقدمة التي تقول :
( مناي ايها الغريب لم تقدني اليك قدماي
ولا قادني اليك الجميل
بل قادني الليل والتوثب والسكر في الحانات.)
تذكرت ابنة الامر يوم عدت من مغترب بعيد وشاهدت تلك الرعشة المقلقة بين اصابع صديقي .
قلت له : يداك ترتعش؟
قال : انها ترتعش منذ اللحظة التي كلفتني فيها لأرسم لك لوحة بوشكين ايام كنا طلابا في ثانوية الجمهورية .
تلك اللوحة التي اصر ليكتب عليها مقدمة بوشكين ، كذاكرة للقدر يحسبه لايطول معه.
اليوم كريم عبد جابر مات مبكرا . ابقى في ذكرياتي لوحة لاادري اين هي الآن ، فلقد هاجرت ُوابقيتُ في المكان اللوحة وهو .
والآن وقد رحلا ، لوحة بوشكين وتلك السمرة الفنتازية في وجه صديقي كريم . أفتقد شهية ابقاء مقدمة بوشكين في ذاكرتي وعلي أن امسحها .
مقالات اخرى للكاتب