أيّها الظمأُ المنسكبُ على جمرِ ماء
أيّتها العينُ التي دمعتْ صوراً
من بغداد . . .
ليلٌ
وطقوسٌ في قبّة ظلام
وليلٌ فاضَ بأرواحٍ عشقتْ لونَ الأرض
شتان بين
الموتِ حبّاً
والموتِ رجماً بحجارةٍ من سجيل !!
. . . . .
كؤوسٌ
مُترعةٌ بنزيفِ زمن أصم
لو أنّ ابنَ السكّيتِ سَكَت
لو أنّ الحلاجَ غرفَ من ترفِ السّلطان
لو أنّ السّعدونَ ما غرسَ خنجراً في خاصرته
لبكت بغداد ليوم البعث . . . !
. . . . .
أفواهٌ
تحلزنَ فيها الحرف
نزَّ منها دمٌ على قميص ِيوسف . . .
مُذْ كسرَ زريابُ عودَهُ على صدرِ رصافتِهِ
وعن بُعدٍ
غنّاها جُرحٌ شقَّ منفاه
قبراً
لم يُغلقْ بعد
يحتضنُ موتاهُ وقوفاً . . .
وتمرد ابن مردان
وتعرّى امام زمنٍ أعمى
يحرصُ على بصقتهِ أنْ تذهبَ هباءً
. . . . .
أيُّها الغيثُ
وأنت تُقطعُ أزرارَك شوقاً
هل أنتَ مشتاقٌ لهذا الظّمأ ؟
أم هو مشتاقٌ إليك ؟
شفاهٌ تلتقي
تختنقُ الحروف
نظرةٌ خرساء
صلاةٌ مُقدّسة
احتواء
لا شئَ من حروفٍ تُعرف . . . !
. . . . .
كيف أنتَ
وسرابَ الارتواء؟
مسافاتُ سفرٍ
ليس كمثلها سلافة
تقطرُ سغباً على سعفِ نخيل
شربَ تبغَ حربٍ
وابتلعَ دخانَه. . .
على أنغام موتٍ مُتعبٍ
تُسمعُ من غيرِ إذن . . .
. . . . .
أيّها المنحوتُ من وطنٍ مُتبندل
بين شفاه تنورٍ
وفكِ حوت . . . !
ضبابٌ
وحزمةُ ضوءٍ مُستأجَر
ولصوصٌ
سرقوا وشاحَ الشّمس
حبالاً لأراجيح هوىً
وهوحبلُ موت !!
. . . . .
سنواتٌ
مختومةٌ بهلالِ عيدٍ
هاربٍ من جديدِ ثيابِه . . .
من عطرِ فرحِه
من خجلٍ فوق خدودِ صباياه . . .
حناءٍ
على بابِ فَرَجٍ مشروخ
وماتَ الهلالُ خديجاً في حاضنةٍ قذرة . . .
. . . . .
بقعةُ ألم
في زاويةِ مسجد . . .
تتسعُ خوفاً
يُختزلُ بدعاء
لا يخرجُ من شفةٍ
آهٍ
لو أنَّ السّاعةَ تأتي غداً . . . !
. . . . .
أيُّها المتورمُ في داخلِه
في مملكة الأشباحِ الجميلة !
سلالةُ آدم
ما أرخصها حطباً في أسواقِ الموت!
ما أغناها بحروفِ رثاءٍ صدئة !!
. . . . .
أيّها المنشطرُ
أيُّ النصفيْن أنت
نصفاً سلبوا
ونحتوا منه مومياءَ
لا تشبهُك . . .
لكنّها
تتشققُ كمأً في صحراء
تلد
ولا ترى جنينَها في مهد. . .
. . . . .
يا ذاك القيأُ الشيطاني
ما استعار النورسُ يوماً ثوبَ غُراب
وما رقصتْ أفعى
إلا على مزمارٍ من صنعِ يديْك . . . !
. . . . .
واختفى من المدينة . . . !
ألبدرُ يزورُ نوافذَها
يعصرُ خمراً . . .
الشّمسُ تستقرُّ في بيوتِها القديمة
أزقتُها تضيقُ بأنفاسِ العشق. . .
وبعيداً
ذهبَ لونُها الأسود . . . !
. . . . .
وأنْبَأهم
نكّروا لها عرشَها . . .
بغدادُ
دخلتْ صرحَها المُمرّد
فليدخلِ التاريخُ بعدعَثرةٍ من بابِ تشاء . . .
لم يبقَ في كنانةِ الشّياطين سهْم
أفسدوا كُلَّ ما جادَ به غيث
تقاسموا كُلَّ شئ
إلآ عشْقاً تحتَ الشّمس !!