بغض النظر عن مدى توافقنا مع فكر الأخوان المسلمين و طروحاتهم او اختلافنا معهم الا ان ما حصل في ( مصر ) من قيام الجيش بعزل الحكومة المنتخبة شعبيآ هو انقلاب عسكري واضح و جلي و غير مبرر .
ان تدخل الجيش في الحياة السياسية ليس بجديد و خاصة في الدول العربية فهو قديم قدم الأنظمة السياسية الحاكمة في تلك الدول , فما ان افتتح الفريق ( بكر صدقي ) رئيس اركان الجيش العراقي في الثلاثينيات مهرجان الأنقلابات العسكرية في البلدان العربية بأنقلابه الشهير حتى استهوت الفكرة على ما يبدو الضباط في عدة جيوش عربية و كان الضباط السوريين من اكثرهم اعجابآ و تقليدآ لهذه التجربة بحيث بلغ عدد الآنقلابات العسكرية و اسقاط الحكومات حدآ بلغ بالمواطن السوري ان يبيت ليلته على حاكم ليصبح و تبدل بآخر , و هكذا الحال بالنسبة الى ( العراق ) بلد ( المنشأ ) فكانت الآنقلابات و التحركات العسكرية تتوالى متسارعة و خاصة بعد انقلاب او ثورة 14 تموز 1958 اذ اصبحت الهواية الأكثر انتشارآ بين الضباط و خاصة ذو الرتب العالية فما كان من ثلة منهم يجتمعون على مائدة طعام او شراب الا و كانت فكرة الآنقلاب و استلام الحكم هو الحديث الآثير لديهم .
اما في ( مصر ) فكانت لغة الآنقلابات العسكرية اكثر هدؤآ و عقلانية و اقل عنفآ و دموية من مثيلاتها في ( العراق ) و ( سوريا ) فكان الأنقلاب الوحيد الذي قاده الجيش بصورة واضحة هو ثورة تموز عام 1952 عندما نزل الجيش الى الشوارع بعدته و عتاده و اسقط نظام الحكم الملكي لكنه اكتفى بنفي العائلة المالكة الى خارج البلاد دون ايذاء اذ لم يكن الجيش المصري في حركته هذه كتلك التي رافقت هجوم الجيش العراقي على قصر الرحاب و ابادة العائلة المالكة او كما حدث في ( سوريا ) عندما اعدم الأنقلابيون رئيس الدولة حينها ,و عندما اعلن الرئيس المصري الراحل ( انور السادات ) انقلابه السلمي على افكار و نهج سلفه ( جمال عبد الناصر ) كانت بكل هدؤ و سلاسة قياسآ لما كان يجري في اماكن اخرى اذ لم يكن هناك من التنكيل الشنيع بالمعارضين و قتلهم بل تم اعتقال البعض و ازاحة البعض الآخر عن الواجهة و الصدارة ,و هكذا سار في نفس النهج الساداتي الرئيس المخلوع ( حسني مبارك ) و ان كان اكثر انفتاحآ و شهدت فترة حكمه مجالا اكبر للحريات و ان كان محدودآ .
ان اختلافنا مع الأخوان المسلمين فكرآ و نهجآ لا بل قد يكون البعض على طرفي نقيض معهم لكن هذا لايمنع من قول الحق و الدفاع عن حرية الناس و آرائهم , فهولاء جاءوا عبر صناديق الاقتراع و يجب ان يرحلوا من خلاله لا عن طريق انقلاب عسكري غاشم يقوم به من يملك السلاح لان من يملك القوة ليس دائمآ من يملك الشرعية .
مقالات اخرى للكاتب