على رغم من انني لست من المتابعين لقناة العراقية الرسمية، لا في زمن المنصور بالله ولا في زمن حجاج العصر والزمان بشكل دائب ومدمن، لانه ليس هناك من الاخبار والبرامج ما يغريني بمتابعتها،فضلا عن عدم توفر الوقت والفراغ للمتابعة،غير ان ظروفا ومناسبات قد تكون أحيانا خارجة عن الحسابات تتيح لك اللعب بالريموت كونترول وتقليب القنوات لأغراض التسلية والاطلاع، وهو ما حصل ويحصل معي منذ ثلاثة أيام. قبل يومين وفي أخبار المساء بثت العراقية العتيدة تقريرا تلفزيونيا مصورا من لبنان، عن ما سببه المطر مؤخرا فيها، لا أدري لماذا كان التقرير مطولا؟! لا توجد اجابة على هذا السؤال الاعلامي، سوى انه محاولة بائسة لتبرير فشل الحكومة العراقية في انجاز البنية التحتية لاعمار العراق، ومنها تهيئة شبكات تصريف مياه الامطار والمجاري، وبتعبير أدق في انجاز التخطيط للبنية التحتية.
تحدث التقرير البيروتي عن غرق شوارع لبنان، وامتلاء الانفاق بمياه الامطار، وسباحة السيارات والبشر معا في تلك المياه، وعدم خروج الناس لاعمالهم ومهماتهم، ومحاولات الآباء لانقاذ أبنائهم، وشتم الجماهير للحكومة والمسؤولين في البلدية، والايحاء بعدم قدرة البحر الابيض المتوسط على ابتلاع مياه أمطار لبنان، على رغم التضاريس المتباينة للبنان التي تسهل جريان المياه في السواقي والترع وصولا الى البحر، فما بالك اذا ببغداد المنبسطة وقناة الجيش الضيقة ونهر دجلة العطشان؟!
لا أدري لماذا هذا التقرير وهذا التطويل في الوقوف على مشاهد وأطلال آثار الامطار في بيروت؟! هل كان الغرض منه أن يصب في نفع المواطن العراقي أم في مصلحة السياسي العراقي وتحذيره من السفر الى بيروت، بعد أن جعل منها محطة استراحة له ولعياله؟
لنفترض ان العراقية مهتمة اهتماما قوميا ــ كما كان يهتم أبو عداي سابقا ــ بالدول العربية وتريد اطلاعنا على ما يجري فيها أو ما تتعرض له، كان باستطاعتها ذلك من دون الايحاء التبريري أو الاسقاط الفاضح على واقع عراقي مخزي.
أما اذا كانت تريد أن تقلد الاعلام الآخر وتستغفل المواطن العراقي البسيط،كان المفروض بها أن تقلده تقليدا متقنا من دون الاساءة الى شخصه أو امتهان عقله وفطنته.
نعم لقد غفل القائمون على اعلام العراقية بأن في العراق سقط شهداء المطر في الكوت والديوانية وأماكن أخرى،بيد ان بيروت أو غيرها من عواصم العرب لم تقدم شهيدا أو غريقا أو جريحا جراء الامطار .. نعم لقد غفل التقرير عن انهيار بيوت الطين والتنك في العراق،تلك التي ليس لها نظير في أماكن أخرى.
ولكي لا أدع لمتفلسف ومبرر وأجير أن يزعم بأن مدنا عربية أخرى فيها ما في العراق من خراب، أقول له ولكن ليس فيها ما في العراق من غنى وامكانات وميزانية .. بالمناسبة قبل أن أكتفي اليوم بهذه المقالة الصغيرة، على أن أعود غدا باذن الله لتكملة الموضوع،أرجو من أخي أبي سعدي أن يكرم جميع المنجزين لذلك التقرير .
