Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
انتفاضة العراق في ذكراها الخامسة ( الحلقة الخامسة / الأخيرة ) لماذا فشلت الانتفاضة العراقية
الأربعاء, آذار 15, 2017
فائق الشيخ علي

 

من صحيفة " الحياة " اللندنية ، عدد 12084 الصادر في الثلاثاء 26 آذار ( مارس ) 19966 م

 

يمكن القول أن ما حصل في آذار ( مارس ) 1991 م في العراق ، هي حال فريدة في التاريخ على صعيد النتائج . إذ كيف يعقل أن يسقط معظم العراق ( 14 من مجموع 18 محافظة ) بأيدي الثوار في أيام .. ثم يتمكن النظام من استعادة سيطرته في أيام أيضا !
 ولأن ما حصل كان غير متوقع ، لذا اختلف الذين عالجوا فشل الانتفاضة على تحليل أسبابها .. ويمكن تحديد أسباب فشلها بالعوامل التالية :

أولا : عدم أهلية القيادة :

كانت هناك ثلاثة أنواع من القيادات ، وهي :

1 - القيادة العامة المركزية :

وتمثلت في المرجعية الدينية التي اتخذت من النجف الأشرف مقرا لها ، وكانت في بيت السيد محمد تقي الخوئي تحديدا . ولم تفرض هذه القيادة المتجسدة بشخص السيد أبو القاسم الخوئي نفسها على الانتفاضة ، أو إنها تبنت التصدي لقيادة الانتفاضة بمحض إرادتها ( طوعيا ) وإنما نزلت عند رغبة الثوار ، الذين ذهبوا يطلبون من السيد الخوئي التدخل وتبني المسؤوليات ، من خلال إصدار الفتاوى والتوجيهات .
 وجراء حال التسيب وانعدام الأمن في البلاد ، ولشعور المرجعية بضرورة الحفاظ على أرواح الناس وممتلاكتهم من بعض الممارسات ، قبلت مسؤولية قيادة الانتفاضة .
 ويذكر أن الخوئي لم يهتم بالعمل السياسي ، ولم يشهد تاريخه خلال تسعة عقود من عمره ، بأنه مارس السياسة ، أو أفتى في موضوع سياسي .. باستثناء أربع فتاوى أصدرها في حياته ، كما ذكر ولده عبد المجيد الخوئي لمجلة " المجلة " في 7 - 13 كانون الثاني ( يناير ) 1996 م ، إذ قال عن والده :
 " فهو لم يفت سياسيا سوى في أربعة مواضيع ، هي : التغلغل ( الصهيوني ) في إيران أيام الشاه ، وفي قضية فلسطين ، وفي تحريم التعامل بالأموال المنهوبة في الكويت ، والمطالبة بسحب العراق لقواته منها ، وحل المشكلة سلميا وداخل إطار عربي وإسلامي ، ورابعها تأييد الانتفاضة الشعبية في الجنوب العراقي ضد النظام " .
 إن شيخا كهذا ما كان يفترض بالناس أن يقحموه في السياسة ، ثم يتخلون عنه ، ليدفع حياته وحياة إثنين من أولاده ( محمد تقي وإبراهيم ) ثمنا لموقف في موضوع ليس له فيه ناقة أو جمل .
أصدر السيد الخوئي خلال الانتفاضة بيانين . 
الأول : في 18 شعبان 1411هج ( 5 - 3 - 19911 ) حث فيه الثوار على مراعاة الأحكام الشرعية في تصرفاتهم .
الثاني : في 20 شعبان 1411 هج ( 7 - 3 - 19911 ) عين بموجبه لجنة عليا تشرف على إدارة شؤون المجتمع .
 كنت موجودا في مقر القيادة يوم تشكيل اللجنة ، فسألني السيد محمد تقي الخوئي عن أسماء علماء من العراقيين العرب لم يلتحقوا بالانتفاضة ، وإنه بحاجة إليهم باللجنة ، فحكيت له ظروفهم .. فإجابني : " على هؤلاء أن يتحملوا مسؤولياتهم . أما نحن فأناس أجانب ، لعل غدا نطرد من العراق " .
يعبر هذا الحوار عن مدى حراجة موقف المرجعية ، وتورطها في قيادة الانتفاضة .
في اليوم التالي 8 - 3 - 19911 أضيف اسم جديد إلى أعضاء اللجنة ، ليصبح عددهم تسعة بدلا من ثمانية .
 حاولت هذه اللجنة تشكيل قيادة عسكرية ميدانية في النجف ، إلا أن الوقت كان يسير في غير صالح الانتفاضة . فشكلت القيادة بعد فوات الوقت ولم تنجح في ممارسة مهماتها .
 انصاع الثوار للتوجيهات الصادرة من مقر المرجعية .. لكن كم من الأوامر والتعليمات قيلت باسم السيد الخوئي لم يقلها ولم يعلم بها على الإطلاق ؟! خصوصا تلك التي كانت تروجها وتختلقها أجهزة السلطة ، استنادا لمقولة " قال السيد " فغيرت مسار الانتفاضة لمصلحة النظام ، ثم انقضت عليها تفتك بها فتكا مروعا .
 لم يكتف صدام بكل هذا ، بل أمر بأن يساق السيد الخوئي إلى بغداد ، ليظهر معه على شاشة التلفزيون يطعن في الانتفاضة .
 أما أعضاء اللجنة فلم يفعلوا شيئا من شأنه أن يقضي على نظام صدام ، إنما قبلوا لأنفسهم دور المتربص المنتظر لما سيؤول إليه الوضع في العراق ، وتركوا زمام المبادرة بيد صدام ، ليلاقوا مصيرهم بين معدوم ومعتقل وهارب خارج العراق .
وبعد خمس سنوات من عمر الانتفاضة سرب النظام العراقي في شباط ( فبراير ) 19966 م سلسلة أخبار مفادها أنه ينوي إطلاق سراح قادة الانتفاضة من العلماء .. وهذه كذبة جديدة .
 ويذكر ان مدير الاستخبارات العسكرية العراقية السابق اللواء وفيق السامرائي قد أكد على أن ابن السيد الخوئي " إبراهيم ومجموعة من أصهاره وأهله تمت تصفيتهم من قبل طه الجزراوي " في النجف خلال الانتفاضة . ( نداء الرافدين في 12 - 1 - 1996 ) .
 إن مرجعا شيعيا واحدا بقي بعيدا عن منال السلطة ، هو السيد عبد الأعلى السبزواري ، الذي أصدر أول فتوى في الانتفاضة على الإطلاق ، أعلن فيها الجهاد ضد نظام صدام في 16 شعبان 1411 هج ( 3 - 3 - 1991 ) إلا أنه لم يستطع أن يفعل أكثر من ذلك ، كونه هو الآخر لم يكن سياسيا في حياته .
 أما القيادة العامة لانتفاضة الشمال فأمكن التعامل معها بعد مضي أيام كقيادة عامة للأكراد ، إذ سيطرت قواتها المنظمة على مقدرات الأمور بعد حال الفوضى التي عمت المنطقة .. لكن لم يكن هناك أي تنسيق بين القيادتين ( الجنوب والشمال ) لهذا افتقرت كل من القيادتين إلى إمكانات الأخرى ، ما أفسح في المجال واسعا أمام صدام للقضاء على الانتفاضة .
 وفي الوقت الذي تلاشت فيه قيادة الجنوب السياسية المستحدثة ، بقيت قيادة الشمال العتيقة والمتمرسة تلملم أشتاتها .

2 - قيادات المدن :

وهي مجموع القيادات المركزية ( المحلية ) التي شكلها الثوار في المدن ، واحتفظت كل مدينة بمجلس قيادي ، شكلته من رجال دين وشيوخ عشائر وضباط جيش مع ثوار آخرين .
 كانت هذه القيادات حرة ومقيدة في تصرفاتها في آن . حرة قدر تعلق قراراتها بتنظيم شؤون مدينتهم ، من قتال وتوزيع السلاح والغذاء وغيرها من الأمور الإدارية . ومقيدة بشأن قرارات التحرك على بغداد وتقرير مصير أسرى النظام والقضايا المهمة .
 فعلى سبيل المثال كانت هذه القيادات ترسل أسراها إلى النجف ، لتقرر قيادة المرجعية مصيرهم . وعلى رغم ما كان يتمتع به المرجع من مكانة لم يكن باستطاعته متابعة كل المفردات اليومية لأحداث الانتفاضة والسيطرة عليها ، إذ عليه البت حتى في الأمور التافهة ، بينما صدام كان يعد العدة لاسترجاع المدن المحررة .
 لهذا تكفلت قيادات شابة ثائرة تقرير مصير الأسرى وغيرهم ، ما يمكن القول بأن هذه القيادات هي من النوع الثالث من سلسلة قيادات الانتفاضة .

3 - قيادات متمردة :

يمكن تسمية هذا النوع من القيادات ب " القيادات الخاصة " التي برزت بين الشباب المتمردين على أي نوع من القيادات الفوقية ( دينية - عشائرية - عسكرية ) تشكلت في كل منطقة ثائرة .. إذ يكفي أن يبرز شخص أو أكثر من عشرين أو ثلاثين شخصا من الأقارب والأصدقاء ، لينصب نفسه قائدا لمجموعته ، ويطلق على نفسه ما يشاء من الصفات . ولم يكن هؤلاء قادة بالمعنى الحقيقي ، لأنهم تصرفوا تصرفات لم تكن إلا وبالا على الانتفاضة والمنتفضين .
 هذه هي ثلاثة أصناف من قيادات الانتفاضة . فهل يصح القول أن الانتفاضة كانت تفتقر إلى قيادة ؟!

ثانيا : إخطاء الثوار :

يمكن تشخيص أخطاء الثوار كالآتي :

1 - عدم التحرك على بغداد :

أحد أهم الأخطاء وأكبرها هو عدم تحرك الثوار إلى بغداد لتحريرها من قبضة النظام . فبعد أن انتهوا من مدن الجنوب والشمال كان المفروض التحرك من الشمال والجنوب باتجاه العاصمة لتطويقها وخوض المعركة الحاسمة هناك ، بدلا من ترك المبادرة بيد النظام يهاجم المدن المحررة ليستردها .
 بغداد هي العاصمة ، وفيها مؤسسات الدولة المهمة ووزاراتها وسفارات دول العالم ، ويحيطها أكبر معسكرين ( الرشيد في جنوبها والتاجي في شمالها ) وفيها مديريات الأمن والاستخبارات ورئاسة المخابرات والقصر الجمهوري وصدام حسين ، فإن سقطت سقط النظام كله .
 لم يتحرك الثوار إلى بغداد ، ليس للسبب الذي خاف منه الجنرال نورمان شوارتزكوف بأنه كان من شأن ذلك أن يتسبب في إراقة المزيد من دماء جنوده .. فالعراقيون كانوا على أتم الاستعداد لبذل المزيد من التضحيات ، ولعل تحرير بغداد كان سيتم بأقل من التضحيات التي قدموها في دفاعهم عن المدن المحررة . 
 بل لعوامل أثرت تأثيرا كبيرا في نفوسهم ، فحالت دون تحركهم إلى بغداد ، منها مثلا انهم اتكلوا على سكان العاصمة ، وقالوا : مثلما حررنا نحن مدننا ، فعلى البغداديين أن يحرروا مدينتهم .
 هذا الكلام ليس منطقيا ، لأن بغداد ليست للبغداديين فقط ، وإنما هي لكل العراقيين ، ومسؤولية تحريرها تقع على عاتق الجميع . 
وإذا كان الثوار تعاونوا على تحرير مدن أخرى والدفاع عنها ، فلماذا تخلفوا عن بغداد ؟!
 انتشرت أيضا إشاعات بالعراق تقول : أن قوات فيلق بدر ( العراقية المقيمة في إيران ) في طريقها إلى بغداد عبر خانقين .
 ومنها ما أشيع بأن صدام جهز كل أسلحته الكيماوية والبيولوجية ، تلك التي لم يستخدمها ضد الحلفاء ، ليستخدمها ضد الثوار .
 ومنها افتقار الثوار إلى خطة عسكرية لاقتحام العاصمة ، وصعوبة تجميعهم من مختلف المحافظات .. إلى عوامل أخرى ساهمت في تثبيط عزائم الثوار في التحرك إلى بغداد .
 أما القول أن صدام ضرب سياجا من حديد حول بغداد ووزع قواته فيها ، حتى يستحيل اقتحامها ، فهو قول مردود ، لأن الثوار كان باستطاعتهم دخول بغداد من طرق سرية عدة ، وان الجيش الذي كان يدافع عن بغداد كان بالإمكان مواجهته بجيش مثله .

2 - عدم استغلال الجيش المنهار :

لم يستطع الثوار استغلال انهيار الجيش العراقي وهروبه من عاصفة الصحراء ، لتجميعه وإعادة تنظيمه من جديد للتحرك به باتجاه بغداد ، ولا استغلال وحدات الجيش التي لم تدخل الحرب ، وكانت موجودة بالقرب من المدن الثائرة ، أو فيها ، وبادر ضباطها وجنودها إلى التسليم لقوات الانتفاضة ووضع أنفسهم وأسلحتهم تحت تصرف الثوار . وكل ما فعله الثوار بحق الثوار هؤلاء هو انهم أطلقوا سراحهم وجهزوهم بملابس مدنية ، كي يذهبوا إلى بيوتهم . بينما بقيت الأسلحة الثقيلة ومن مختلف الأصناف شبه معطلة ، لا أحد يعرف استخدامها .
 كان المفروض بثوار الانتفاضة أن يلتحقوا بالجيش المنظم ويجبروه على التحرك إلى بغداد ، بل كان ضباط الجيش أنفسهم يتمنون أن يطلب منهم أحد هذا الطلب .. لكن هذا لم يحصل للأسف الشديد .

3 - نصب السلاح الثقيل داخل المدن المحررة :

من المعروف عسكريا أن المكان الطبيعي للأسلحة الثقيلة هو خارج المدن وليس داخلها ، لأن مهمات هذه الأسلحة .. من مدافع ودبابات ومدرعات هي أرض المعارك التي غالبا ما تور خارج المدن .
 بينما يمكن الاكتفاء بالسلاح الخفيف ومضادات الطائرات داخل المدن ، خشية الإغارة عليها من الجو .
 ما حصل بالانتفاضة أن معظم السلاح الثقيل احتفظ به الثوار داخل المدن ، لهذا عطلت أسلحة مهمة عن استعمالها ، بينما كان النظام يستغل الطلقة الواحدة ، ليصوبها إلى صدور الثوار . ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد ، وإنما استطاع صدام أن يخترق الانتفاضة ، فبث دعايات بين صفوفها ، منها أنه قتل أو هرب يطلب اللجوء السياسي في هذه الدولة أو تلك ، فأطلق الثوار معظم ما لديهم من عتاد وذخائر فرحين بهذا النصر الموهوم .. بينما كانت قوات النظام بالقرب من المدن تتهيأ لقصفها ، ومن ثم استعادتها من قبضة الثوار .

4 - عدم استقطاب أتباع النظام :

لعل من الأمور الأخرى التي فشل في تحقيقها الثوار ، هو عدم قدرتهم على استقطاب الموالين الحقيقيين للسلطة ، من ضباط أمن واستخبارات وحزبيين ومسؤولين بالدولة .
 والواقع أن هؤلاء هم أعمدة السلطة ، فإن تخلوا عنها سقطت ، وإن بقوا متمسكين بها صمدت . وحدث في الانتفاضة أن بقي هؤلاء إلى جانب السلطة ، إذ لم يجدوا لدى الثوار ما يغريهم في التخلي عن مواقفهم .

ثالثا : استخدام اسلوب الإبادة في القضاء على الانتفاضة :

من أجل أن يستعيد النظام سلطته في المدن المحررة دفع بقوات الحرس الجمهوري وقوات مرتزقة من دول عربية عدة يوالون النظام البعثي في العراق ، وخولها استخدام كل المحرمات ، من أسلحة كيماوية وصواريخ أرض - أرض وقصف مدفعي ثقيل .. إلى استخدام الدروع البشرية عند اقتحام المدن ، وهو أحد أقذر الأساليب التي تستخدمها الجيوش في حروبها .
 أما استخدام الأسلحة الكيماوية ، فلم يكن إدعاء من قبل الثوار ، وإنما جاء في تصريحات ، منها :
 إخبار أحد المسؤولين الكبار بالإدارة الأميركية صحيفة " نيويورك تايمز " بأن الأميركان تمكنوا من اختراق الجيش العراقي في السابع من شهر آذار عام 1991 م ، وانهم عرفوا بأن الجيش العراقي سوف يستعمل الأسلحة الكيماوية بالتأكيد ضد الثوار ، وأنهم سوف يلقون قنبلة غازات في مكان معين وفي وقت محدد .. لذا حذرت الإدارة الأميركية وبصورة صارمة السلطات العراقية في 7 آذار 1991 م من استعمال الأسلحة الكيماوية خلال الانتفاضة ، وأخبرتهم بصورة واضحة بأن ذلك لا يمكن القبول به .
 وذكرت مجلة " تايمز " أن دبلوماسيا عراقيا كبيرا في واشنطن ونيويورك قد أستدعي في السابع من شهر آذار أيضا من قبل مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية ، وتم تحذيره بأن الولايات المتحدة سوف لا تتسامح إذا ما ضرب الثوار بالأسلحة الكيماوية .
وفي العاشر من آذار ( مارس ) 19911 م قالت باتريك . أي . تايلير : " ان الولايات المتحدة خططت لضرب العراقيين ( الجيش العراقي ) بالقنابل إذا استعملوا الغازات ضد الثوار " .
 وبعد خمس سنوات من هذه التصريحات خرج مدير جهاز الاستخبارات العسكرية العراقية اللواء وفيق السامرائي ليؤكد ما قيل ، فكتب يقول :
" أقلعت طائرة هليكوبتر محملة ب 6000 نسخة منشور ، ألقتها على المدينة ( كربلاء ) تطالب فيها الشعب بترك المدينة ، لأنها ستضرب بالأسلحة الكيماوية . وعندما خرج بعض الناس اقتيد الرجال إلى حيث الخلود . وبالفعل فقد أطلقتةطائرات الهليكوبتر قنابل وصواريخ كيماوية مخففة على مركز المدينة ( كربلاء ) ومراقد الأئمة ، إلا أن الرجال الأحرار أصروا على القتال " . ( نداء الرافدين في 12 - 1 - 1996 ) .
وقصفت مدينة النجف ب 555 صاروخ سكود . وهذا الرقم هو المتداول في وسائل الإعلام العالمية ، إلا أن اللواء السامرائي يؤكد مرة أخرى على أنها ضربت " بعدة مئات من الصواريخ التعبوية لونا ( فروغ ) الروسية الصنع " .
 ومهما تكن أعداد الصواريخ وأنواعها ، فإن قوات النظام اعتمدت اسلوب قصف المدن الثائرة بمختلف الأسلحة ، ومن دون رحمة ولعدة أيام قبيل اقتحامها .. وهذا ما أجبر الأهلين على مغادرتها ، بينما بقي الثوار يواصلون قتالهم .
 وبعد أن فرغت المدن من معظم سكانها فوجئ الثوار بمشاهدة أطفالهم ونسائهم يعودون إلى المدن وهم يسيرون أمام الدبابات والمدرعات .
 أمام هذه المناظر البشعة لم يعد بوسع أحد مواصلة القتال ضد قوات النظام ، وفضل كثيرون إلقاء سلاحهم والخروج من المدن ، بينما كانت قوات النظام تدخل المدن فتحكم قبضتها عليها ، وتعلن الأحكام العرفية في البلاد بعد مجازر مروعة ارتكبتها بحق الأبرياء ، وانتهاك سافر للأعراض والحرمات .

ليس من الأمانة التاريخية القول أن هذه هي كل أسباب فشل الانتفاضة ، إلا أننا نرى بأن هذه هي أهم الأسباب التي أدت إلى فشل الانتفاضة .
 كما أن هناك عوامل أخرى ، لعل بعضها كان أقوى تأثيرا من غيره ، كالموقف الدولي ، والموقف الإقليمي ، وتحركات المعارضة العراقية المخجلة في الخارج ، وأثر الحصار الاقتصادي .. وغيرها .
 لكن هذه تحتاج إلى مراجعة مستقلة ، وبحثها بعيدا عن المواقف المسبقة والتصورات الخاطئة ، لإعطاء المسائل حجمها الطبيعي ، بدلا من تهويل الأمور وإلقاء تبعات فشلنا على عاتق غيرنا ، بحجة إننا نتعرض للمؤامرة .. فأية مؤامرة هذه كانت ستنجح لو أن العراقيين أطاحوا نظام صدام في آذار عام 1991 م ؟!

( انتهت الحلقات )

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44634
Total : 101