ليس اعتباطآ ان تغض دول الخليج العربي و تركيا النظر عن المساعدات المادية و العسكرية من الوصول الى التنظيمات الأسلامية المتطرفة في سوريا و من ثم الى العراق,و ليس من باب الصدفة وصول اعداد كبيرة من المقاتلين الى سوريا بشكل سهل و مريح و ليس سهوآ انطلاق حملات التجنيد الهائلة و التي شملت كل دول العالم و بلا استثناء من اجل رفد المقاتلين الأسلاميين في سوريا بالمزيد من الرجال و المحاربين الأشداء المستعدين للموت و هم سعداء و كذلك تجريد حملات للتبرع بالأموال لصالح هذه التنظيمات و تمويلها من اجل ديمومة عملها .
ان القول بعد هذه المدة الزمنية الطويلة التي استغرقتها هذه المنظمات الأسلامية عن اعلان نواياها الصريحة في اسقاط النظام السوري واقامة الحكم الأسلامي الأصولي لم ينبه دوائر المخابرات الأمريكية او الغربية الى خطورة هذه الحركات و انها اي تلك الدوائر المخابراتية قد سهت عن ما كان يجري و ما كانت تخطط له تلك التنظيمات على الأرض السورية ان القول بهذا فيه الكثير من الغموض و عدم المصداقية .
بعد التراجع الكبير لقوات الحكومة السورية و تقهقرها امام قوات المعارضة السورية المسلحة و قوامها الأساس هي الحركات الأسلامية الأصولية بدأ محور جديد لمقاومة هذا الأنهيار العسكري في الجانب الحكومي السوري بالتشكل و كان ابرز قطبيه هما ( ايران ) و ( حزب الله ) في لبنان لدعم الحكم السوري الضعيف و كانت اهمية انضمام العراق لهذا الحلف كبيرة جدآ بحكم موقعه الذي يتوسط بين ايران و سوريا و هو الممر الأكثر اهمية لوصول المساعدات العسكرية و غيرها من ايران الى سوريا و بما ان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ اسقاط نظام ( صدام حسين ) هي حكومات ( يجمعها مع السياسة الأيرانية الكثير من التوجهات و القواسم المشتركة ) فكان ( الهلال الشيعي ) آخذآ بالتبلور و التكون فكان لا بد من دولة قوية تقف امام هذا الحلف الجديد المتنامي و المتسارع في تشكله فكانت ( الدولة الأسلامية ) التي شكلت الخطر الداهم على دول المنطقة و لم تكن سوريا هي المقصودة من اهداف قيام ( الدولة الأسلامية ) كما يفترض بأعتبار ان نشوء هذه الدولة جاء اساسآ لمقاومة النظام السوري و اسقاطه واقامة البديل الأسلامي له, الا انها سرعان ما تحولت الى العراق الذي لم تكن فيه ثورة شعبية عارمة على غرار تلك التي في سوريا و انما هناك بعض الخروقات و الأنتهاكات التي لا تستوجب غزو اجنبي بجيوش مدججة بالسلاح و العتاد لاعادة الأمور الى نصابها كما حدث عندما اجتاح تنظيم ( الدولة الأسلامية ) اجزاء من اراضي الدولة العراقية و احتلها و بسط نفوذه فيها و اقام ( الخليفة ) صلاة الشكر في احد مساجد الموصل .
ها قد عادت قوات التحالف الدولي من جديد و لكن هذه المرة بناء على طلب ملح من الحكومة العراقية لردع ( داعش ) و تدمير قواتها التي عاثت قتلآ و تشريدآ للمواطنين و استجابت ( امريكا ) وحلفائها الغربيين للطلب العراقي بالأشتراك الحربي الجوي و فعلآ بدأت القوات الجوية لدول التحالف بدك مواقع ( داعش ) .
اما ايران و على الرغم من انها استماتت في سبيل الأشتراك مع دول التحالف في الحرب على ( داعش ) الا ان طلبها لم يلق استجابة و لم تسمح لها دول التحالف بالتدخل و بقيت ( ايران ) خارج هذه الحرب تمهيدآ لتحجيم دورها المستقبلي في المنطقة و اعادة تشكيل منظومة جديدة من العلاقات بين انظمة دول المنطقة بعيدآ عن الأستقطاب الأقليمي للدول القوية فيه .
ان هذا الحلف ( الهلال الشيعي ) لو تحقق لكانت دول الخليج العربي الهدف الأول له و التي يسهل اسقاط الأنظمة فيها و الأتيان بأنظمة موالية , و اذا كان ( الحوثيون ) الموالون لأيران في اليمن قد احكموا سيطرتهم عليه فأن الطوق يكون قد احكم شمالآ و جنوبآ فلا داعي للأستغراب اذا ما كانت المساعدات الخليجية تتدفق على ( داعش ) بعلم السلطات او بتسهيل منها و كذلك ان خطورة هكذا تحالف فيه تهديد كبير للدولة العبرية ( أسرائيل ) و كذلك ( الأردن ) صاحب الأنذار الأول و الذي استشعر الخطر مبكرآ لن يكون في مأمن من هذا المحور القوي .
لقد اصبحت المنطقة برمتها في عين العاصفة التي سوف تودي بدولها الى المجهول فكان لا بد من عمل سريع لأيقاف تشكل ( الهلال الشيعي ) فكانت ( داعش ) التي استطاعت في فترة لا تتجاوز اسابيع معدودة من اكتساح اراضي سورية كبيرة و احتلالها و الحاق الهزيمة بخصومها من المنظمات الأسلامية المنافسة لها و بسرعة فائقة اثارت استغراب و تشكيك العديد من المهتمين بالشأن السوري .
بعد ان تؤدي ( داعش ) مهمتها الموكلة بتنفيذها بنجاح يبدأ العد التنازلي لها و الذي على ما يبدو قد بدأ , انها حرب مفتوحة على كل الأحتمالات .