في سنوات تشديد نظام البعث على منع المراسيم الحسينية , أو الحدِّ منها , نقصد تحديداً سنوات ( 75 - 76 - 1977 م ) إنتشرت ظاهرة ( جفي كدور الطبخ للتمن والقيمة ) من قبل بعض المتملقين للسلطة والمتسلقين والوصوليين , من أصحاب الدرجات الحزبية المتوسطة والمتدنية , كي يحظوا بالتكريم والترفيع حزبياً .
وقد إشتهرت أسماء عدة من هؤلاء في محافظتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة , ما تزال عالقة في أذهاننا إلى اليوم . ولم تمر إلاّ بضع سنوات حتى اشتعلت الحرب العراقية - الإيرانية عام 1980 م , وإذا بمجفي القدور يقعون أسرى حرب لدى إيران .
وصلتنا أخبار من معسكرات الأسر في إيران وقتها , مفادها إن هؤلاء الأسرى تعرضوا إلى إعتداءات وإهانات وتعذيب وانتقام من قبل أشقائهم الأسرى العراقيين , كانت تسبقها دوماً مقدمة : ها ؟ هاي مو إنت اللي جفيت الكدور بطريق كربلاء ؟ لا يا إبن ... الما أدري شنو ! ثم تشتغل الحفلة !
لقد ذهب نظام البعث وحلَّ بديلاً عنه نظام العبث , وإذا بسياسيي الغفلة وأدعياء التديّن المُزيَّف يتسابقون ويتبارزون في شهر محرّم الحرام , ليستعرضوا عضلاتهم في خوط الكدر وضرب التخماخ وثرم البصل واستخدام جفجير حسّون في الخبط ! طبعاً ليس حُبّاً في الإمام الحسين ( ع ) ولا في سبيل الله ( تعاظم شأنه ) لأن مَنْ يفعل ذلك من أجلهما , يفعله بعيداً عن كاميرات التلفاز وعدسات التصوير وبهرجة الحمايات ووو ... إلخ .
ليت الأمر ينتهي عند هذه المشاهِد , بل تعدّاها إلى إستغلال المناسبات الدينية التي ينزل فيها الآلاف أو الملايين إلى الشوارع , وإذا بمخانيث السياسيين من مسلمة الفتح الأميركي يعتلون المنابر أو المنصّات , ليخطبوا في الجماهير , ومرتزقتهم من المصوّرين يصورونهم , ثم يبثون صورهم بطريقة توحي للناس وكأن المشّاية أو المتظاهرين أو النازلين إلى الشوارع من مؤيديهم وأتباعهم ومريديهم !
كذبتم وخسئتم وربّ العزة والعظمة .. ما أنتم إلاّ تجّار حقراء خاسرين بائسين .. ستخسرون الدنيا وإن تمتعتم بها إلى حين , فضلاً عن الآخرة التي لا تؤمنون بها أصلاً .. نعم لا تؤمنون بها , ولو كنتم تؤمنون بها لما خطتّم القدور أمام عدسات التلفاز والكاميرات .
أنتم وجافيي القدور سيّان لا فرق بينكم .. بل إن جافيي القدور أشرف وأزكى وأصدق منكم , لأنهم لا يخافون من أحد , ويعلنون عداءهم للدين والإمام الحسين ( ع ) معاً , بينما أنتم دجالون في وضح النهار , تستخدمون الشعائر الحسينية والدين زلفا .. ألا لعنة الله عليكم , ولننظر كيف سيكون مصيركم أيها الأوغاد الأدعياء .