بدأت محاولات البعض في اقحام العراق في دائرة الصراع السوري منذ الأيام الاولى لبداية ذلك النزاع الدموي بما يمثله العراق من موقع جغرافي متميز ملئ بالثروات فهو يتوسط أيران و سوريا وهنا بيت القصيد و رغم ارتباط الحكومة العراقية مع النهج الأيراني و توافقها شبه الكامل مع سياسات الحكومة الأيرانية و بالذات الخارجية منها فأن الموقف من الحكم السوري ظل ممزوجآ بالمرارة من دعم الحكومة السورية للجماعات الأرهابية في سنين قبل الأنتفاضة السورية من تدريب و تسليح و تمويل لتلك الجماعات و ارسالها الى العراق للقيام بعمليات ارهابية ذهب اغلب ضحاياها من المدنيين وان ادعت هذه المجموعات استهدافها القوات الأمريكية المتواجدة آنذاك و هذا ما ولد شعور بالغضب من جانب الشعب العراقي تجاه الحكومة السورية و سياساتها المعادية له و هذا كان بالأمس القريب ولا يمكن نسيانه بهذه السرعة .
رغم محاولات الحكومة العراقية المتكررة و المنذرة من تهديد الجماعات السورية المسلحة للعراق اذا ما اطيح بالنظام السوري و ان هذه الجماعات هي طائفية سوف تستهدف العراق و المواطنين الشيعة بعد الأنتهاء من اسقاط نظام الأسد الا ان كل هذه الأدعاآت لم تجد صدى لها سوى عند فئة قليلة هرعت لحماية المراقد الشيعية في سوريا من تهديدات منظمات القاعدة اما الأغلبية من ابناء الشعب العراقي لم تكن هذه الدعوات لتنسيهم الموقف السوري الداعم بالأمس لنفس هذه الجماعات التي يقاتلها اليوم و ها قد انقلب السحر على الساحر كما يقال . فكان لا بد من اشعار المواطن العراقي ان هناك خطر حقيقي يتهدده فبدأت قصة الأنبار و ( داعش ) و حرب الكر و الفر و التحشيد العسكري و الأعلامي عسى ان تكون هناك استجابة من الشارع العراقي للالتحاق بالمشروع الأيراني في دعم النظام السوري وجعل العراق ممر للامدادات الأيرانية للحكومة السورية و كذلك يكون العراق بما يملكه من ثروات هائلة و كبيرة لتمويل النظام في سوريا و دعمه بالأموال مباشرة كما حدث قبل فترة ليست بالطويلة عندما وجهت الأتهامات للحكومة العراقية بمنح الحكومة السورية مليارات من الدولارات و قد نفت الحكومة العراقية هذا الأمر وقتها , عندما لم تجدي ازمة الأنبار اي نفع في حشد للرأي العراقي العام جرب التهديد في محافظات أخرى مثل ديالى و صلاح الدين ولكن هذا لم ينفع ايضآ فكان لا بد من صدمة عنيفة تضيع معها الأتجاهات و يفقد فيها القدرة على التمييز فكان السقوط المدوي سقوط ( الموصل )
كيف لهذا التنظيم الأجرامي المسمى ( داعش ) كل هذه الأمكانيات الهائلة فهو يقاتل في سوريا لوحده و على جبهتين فهو يحارب النظام السوري بما يملك هذا النظام من الترسانة العسكرية الكبيرة و في الوقت نفسه يقاتل بقية الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري بما لديها من اسلحة و خبرة قتالية و يحقق الأنتصارات الواحدة تلو الأخرى و هو لم يكتف بذلك بل لديه الأمكانات و القدرات ان فتح جبهة جديدة مع العراق و هاهو يحقق الأنتصارات و يحتل محافظات بأكملها و يؤسس حكومات تطبق قوانينه و تقيم شرائعه .
ما هو الهدف من اجتياح المحافظات العراقية هل للأقامة الدولة الأسلامية المزعومة ام هناك اجندات خفية اخرى ؟ فهو يملك من الأراضي ( المحررة ) في سوريا الشئ الكثير و لا يحتاج الى اراضي جديدة سوف تشكل عبأ لا يمكن لعصابة من المجرمين القيام بأدارتها .
ان اكتساح الموصل و عدة مدن اخرى يحقق عدة اهداف في آن واحد و لعدة اطراف وان اول هذه الأهداف هو دخول العراق كطرف اساسي في الأزمة السورية وتشكيل جبهة ثلاثية من العراق و أيران و سوريا وهذا ما بدآ بالتبلور و التشكل و الذي سوف يتهم على انه حلف طائفي يهدد الجميع ويشكل خطرآ لا يمكن القبول به من اطراف دولية عديدة .
مقالات اخرى للكاتب